مشعل: حماس ماضية في بناء المقاومة المسلّحة بالضفّة
وتمتلك خياراتها بغزّة

الأربعاء، 17 كانونالأول، 2014
أكّد رئيس المكتب السياسيّ لحركة حماس خالد مشعل في حوار
مع "المونيتور" في ذكرى تأسيس الحركة الـ27، أنّ خيارات حماس، في ظلّ
استمرار الحصار على غزّة، كثيرة ومفتوحة، ولا تعني أنّهم ذاهبون إلى حرب جديدة،
لأنّهم ليسوا هواة حروب، لكنّ الحركة لن تتوقّف عن بناء المقاومة المسلّحة في
الضفّة الغربيّة، وهي معنيّة بتطوير المقاومة فيها وتفعيلها.
وحذّر مشعل خلال لقائه مع "المونيتور" الذي
تمّ عبر "سكايب" بين غزّة والدوحة، من تصعيد أمنيّ وعسكريّ إسرائيليّ
عشيّة الانتخابات المبكرة، قد تكون ساحته غزّة أو مواقع أخرى، بما يخدم أجندة رئيس
الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو، مبدياً اطمئنان حماس لعدم وصول الظواهر
الإسلاميّة المتشدّدة إلى الساحة الفلسطينيّة، لأنّ حماس حركة وسطيّة معتدلة.
المونيتور: يبدو أنّ العلاقة بين حماس وفتح وصلت إلى
طريق مسدود، في ما يتعلّق بإدارة غزّة، كيف يمكن حلّ الوضع الحاليّ المتوتّر في
شأن حكومة الوحدة، وهل سيتمّ التمديد لها؟
مشعل: مشهد المصالحة غير مرضٍ ومتعثّر، وهو شيء مؤلم
ومؤسف، ونعلم أنّ العامل الخارجيّ أساسيّ في إفشال المصالحة، ووضع العراقيل
أمامها، والرغبة في إبقائنا في مربّع الانقسام.
لكن لا توجد قطيعة مع فتح، لأنّها شريكة حماس في الحيّاة
السياسية الفلسطينيّة. نحن مختلفون في جملة من القضايا، وحريصون على العلاقات
المشتركة، وإزالة التوتّر سريعاً، وفي حاجة إلى ترتيب البيت الفلسطينيّ عبر صناديق
الاقتراع، في منظّمة التحرير والسلطة والمجلس التشريعيّ على قاعدة الشراكة. وفي
خصوص مستقبل الحكومة، فهذه تفاصيل يمكن بحثها مع فتح، سواء بتمديدها أم تعديلها،
ويجب أن تقوم حكومة التوافق الحاليّة بمهامها، لأنّها قابلة للتغيير، لكن ليس من
طرف واحد، بل من الكلّ الفلسطينيّ.
المونيتور: لم تنفّذ إسرائيل شروط اتّفاق وقف إطلاق
النار، وعلى رأسها فتح المعابر والسماح بدخول موادّ البناء، ما هي الخطوات التي قد
تستعدّ حماس إلى القيام بها إزاء ذلك؟
مشعل: شهدت مجمل التهدئات التي جرت في السنوات السابقة،
تذبذباً في الالتزام الإسرائيليّ، سرعان ما تنصّل الجانب الإسرائيليّ منها بعد
أسابيعها الأولى، بمحاولته فرض قواعد النار، لكنّ حماس أثبتت أنّ يدها دائماً على
الزناد، ولا تتخلّى عن خياراتها وحقوقها.
بعد الحرب على غزّة، قد توجد تغيّرات في المنطقة تغري
العدوّ بالتنصّل من التزامات التهدئة، وجاءت ظروف حالت دون استئناف الجولة الثانية
من مفاوضاتها، لكنّ حماس تتابع استحقاقات التهدئة ودعوة الوسيط المصريّ إلى
متابعتها مع الاحتلال. ولو لم تحدث لقاءات حاليّاً، فإنّه لا يعفي العدو، ونطالب
الوسيط بالضغط عليه لإلزامه، على الرغم من أنّنا لا نراهن على الالتزام
الإسرائيليّ.
خيارات حماس مفتوحة، ولا يعني أنّنا ذاهبون إلى حرب
جديدة، فنحن لم نختر الحروب السابقة، وإنّما فرضت علينا، ونحن لسنا من هواتها،
لأنّنا حريصون على شعبنا، لكن من حقّ غزّة أن يكسر الحصار عنها، وتسرّع عمليّة
الإعمار فيها، ومن حقّها وجود الميناء والمطار لديها.
المونيتور: كانت حماس صريحة حول الأحداث الأخيرة في
القدس، هل تحاول التحريض على انتفاضة دينيّة في القدس والضفّة الغربيّة؟
مشعل: حماس مستعدّة إلى التوافق الفلسطينيّ على
استراتيجيّتنا النضاليّة بكلّ أبعاد المقاومة وأشكالها المسلّحة والشعبيّة، في
الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة أو مناطق الشتات. وإلى حين الاتّفاق على ذلك، لن
توقف حماس برامجها المعروفة، وستظلّ متمسّكة بالمقاومة المسلّحة.
لن تتوقّف حماس عن بناء المقاومة في الضفّة المحتلّة،
وهي معنيّة بتطوير المقاومة الشعبيّة فيها وتفعيلها، على الرغم من التنسيق الأمنيّ
الذي يواجهنا. وقد رأينا الفعل الفلسطينيّ في القدس، حين جاء بطريقة مفاجئة، ممّا
يعني أنّ شعبنا لديه مخزوناً لا يتوقّف، وقدرة إبداعية تفاجئ الجميع دائماً.
المونيتور: تتّجه إسرائيل صوب الانتخابات، مع احتمال
كبير لفوز أحزاب اليمين المتطرّف، ماذا تتوقّعون من الانتخابات، وكيف سيكون
تأثيرها على الفلسطينيّين؟
مشعل: يشكّل موسم الانتخابات الإسرائيليّة المقبلة خطراً
حقيقيّاً، والمطلوب المزيد من الوعي واليقظة، لأنّ تجربتنا مريرة مع الانتخابات
الإسرائيليّة، وحماس لا تراهن على فوز أحد بعينه، فكلّ ما تفرزه صناديق الاقتراع
هي قيادة صهيونيّة معادية، تريد شطب الحقوق الفلسطينيّة.
لكن أهمّ تجليّات التنافس الانتخابيّ الإسرائيليّ يكمن
في ثلاثة أمور، أوّلها في القدس حيث فعّل الإسرائيليّون مخطّطاتهم لحسم معركة
الأقصى، وثانيها في الاستيطان، وقد نشهد مزيداً من سرقة الأراضي، وثالثها في
التصعيد الأمنيّ والعسكريّ، وقد تكون ساحته غزّة أو مواقع أخرى، بما يخدم أجندة
رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
المونيتور: شهدت جماعات الإسلام السياسيّ التابعة
للإخوان المسلمين، كحركة النهضة، تراجعاً في شعبيّتها ونفوذها في المنطقة، بينما
تستمرّ الجماعات الجهاديّة بالنموّ، أين ترون حماس في هذه المعادلة؟ هل ستصبح أكثر
اعتدالاً لاجتذاب الشريحة الأكبر من الشارع العربيّ، أم ستميل إلى الإسلام المتشدّد
في ضوء الظاهرة الجهاديّة؟
مشعل: تدفع السياسات التي تتّبعها أطراف دوليّة
وإقليميّة حركات الاعتدال السياسيّ نحو التطرّف، حين ترى عدم وجود مكان لها في
العمليّة السياسيّة، وحماس تعرّضت لذلك عقب انتخابات عام 2006، وكذلك بعض الأطراف
السياسيّة في دول عربيّة عدّة، لكن يجب أن نصّر كقوى سياسيّة مضطهدة على نهج
الاعتدال والوسطيّة، وحقّنا في الشراكة بالقرار، وفق قواعد اللعبة الديمقراطيّة.
يمارس الإسلاميّون شراكة في السياسة مع الآخرين، وليس
على حسابهم، ولا يسعون إلى إقصاء أحد، بعيداً عن لعبة التطرّف أو التشدّد التي تستهوي
بعض القوى الدوليّة والمحليّة، حتّى تجرّنا إلى حروب نحن في غنى عنها، وينبغي أن
نصرّ على نهج الاعتدال والوسطيّة، ولا ندخل في معارك مع أحد.
لا تخشى حماس من هذه الظواهر على الساحة الفلسطينيّة،
لكنّني قلق ممّا يحصل في الدول العربيّة والإسلاميّة.
المونيتور: اتّهم مسؤولون ووسائل إعلام مصريّة حماس
بالتورّط في هجوم أكتوبر الذي أدّى إلى مقتل عشرات الجنود في سيناء، ما هي الخطوات
التي تتّخذها حماس لمنع تنقّل المقاتلين بين غزّة وسيناء؟
مشعل: لم تسئ حماس إلى مصر يوماً، وهي حريصة على علاقتها
مع الأمّة بكلّ مكوّناتها، وعلى العلاقة مع مصر بحكم الجوار والتاريخ المشترك
معها، ومكانتها العربيّة والإسلاميّة. وقد ظلمنا بتوجيه الاتّهامات ضدّنا، وكثيرون
من المسؤولين في مصر حين نراجعهم، يقرّون بحرص حماس على أمنهم القوميّ.
لم تتدخّل حماس في الشأن المصريّ أبداً، وحين طلب منّا
المصريّون أن نساعدهم بما يخدم أمنهم، بادرنا بكلّ قيادتنا السياسيّة ومفاصلنا
الإداريّة، ونرجو أن تتغيّر البيئة الإعلاميّة والسياسيّة التي تحاول الزجّ بحماس
في شؤون مصر.
ما يجري في سيناء شأن داخليّ، لا نتدخّل فيه، ولا نريده
أن يكون على حسابنا، أو يتداخل مع معاناة غزّة، ونتمنّى من مصر فتح معبر رفح في
شكل طبيعيّ، ورفع الحصار عن غزّة. ونؤكّد أنّ حكومة التوافق هي المسؤولة عن
الإشراف على المعبر، ومن الطبيعيّ أن تفتح المعابر، ولن يأتي من غزّة لمصر إلّا
كلّ خير.
المونيتور: ما هو وضع قادة حماس في قطر عقب المصالحة
الخليجيّة، وهل سيطلب من قادتها المغادرة؟
مشعل: تبارك حماس التفاهمات الخليجيّة التي حصلت أخيراً،
لكنّ هذه التفاهمات لا علاقة لها بعلاقة حماس مع أيّ دولة، ولا يوجد انعكاس على
علاقتنا مع قطر نتيجة لها. فالعلاقة مع حماس لم تكن من ملفّات الخلاف في علاقات
قطر بالمنظومة الخليجيّة، ولسنا طرفاً في أيّ خلاف، والعلاقة مع قطر من القوّة
والرسوخ والتفاهم، بما يجعلها بمنأى عن أيّ تقلبّات سلبيّة أو إيجابيّة في
العلاقات الداخليّة.
المونيتور: حافظت تركيا على علاقاتها مع حماس على الرغم
من ضغوط إسرائيل وحلفائها الغربيّين، ما هي حدود العلاقة بين حماس وتركيا، وأيّ
مساعدة تتوقّعون من أنقرة؟
مشعل: العلاقة مع تركيا جيّدة، على الرغم من تحريض
إسرائيل بعد حرب غزّة، نتيجة تحرّك نتنياهو مع المجموعات الصهيونيّة في أوروبّا
وأميركا، للضغط على تركيا وقطر، وتشويه صورتها لدعمها القضيّة الفلسطينيّة، وحرمان
حماس من دعم حضنها العربيّ والإسلاميّ وتأييده لها. لكنّ هذه الأطراف لن تستجيب
لهذا التحريض الرخيص، وحماس ليست قلقة من ذلك.
المونيتور: في خطاب مهرجان انطلاقة حماس اليوم في غزّة،
وجّهت كتائب القسّام شكراً واضحاً إلى إيران، هل يعتبر ذلك من نتائج الزيارة
الأخيرة لوفدكم القياديّ إلى طهران؟
مشعل: لا توجد قطيعة بين حماس وإيران، ولدينا تاريخ طويل
في العلاقة معها، في ما يتعلّق بمقاومة الاحتلال، وتلقّينا دعماً عبر سنوات طويلة
منها. لكن، حدث تباين في الموضوع السوريّ، أثر على بعض جوانب العلاقة، لكنّه لم
يصل إلى درجة القطيعة.
تأتي زيارة وفد حماس إلى إيران في إطار زيادة التواصل
والعلاقات، وزيارتي لإيران ستكون ضمن ترتيباتها الطبيعيّة في وقتها المناسب.
المصدر: Al-Monitor – واشنطن