القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

منى يونس شاهد على ذاكرة صبرا وشاتيلا

منى يونس شاهد على ذاكرة صبرا وشاتيلا


الخميس، 03 تشرينالأول، 2013

يبيدون شعبا ولكنّهم لا يمحون ذاكرة، فالكبار يموتون والصغار لن ينسوا، ومن جيل لجيل تبقى الذاكرة حيّة، وهذا ما يهابه الصهاينة فيحاولون أن يبيدوا شعبا في أي أرض يحلّون عليها.... مجزرة صبرا وشاتيلا شاهد لن يموت للظلم الذي يحلّ بالفلسطينيين، وشهداؤها تنبض عروقهم في الأرض، وتحث مَن في الأرض على المطالبة بحقهم وحق عوائلهم، وأحياء ذكراهم لكي تعلم الأجيال كلّها مَن أباد العائلات وقتل البراءة والطفولة ورمّل النساء ويتّم الأطفال.

منى يونس مواليد 1964 واحدة ممن حدثتها والدتها عن هول ما رأت وعانت في أيام الغضب الأسود من مجزرة صبرا وشاتيلا، منى من سكان صبرا وشاتيلا سابقا حيث ترك أهلها المخيم هربا من مجازر أيلول عام 1982 على يد الصهاينة ومليشيات لحد والعملاء والمتواطئين على إبادة شعبٍ تشرّد عن أرضه وما زال يتشرد،ففقدت منى أكثر من نصف عائلتها من الأخوة والأقارب بلمح البصر.. فوصفت لنا منى قائلة " في يوم الثلاثاء من ايلول 1982 دخلت المليشيات على مخيم شاتيلا، فهرع الناس راكضين يصرخون بأنّ هناك مجزرة، لكن أمّ منى لم تستطع ترك المنزل بسبب زوجها يونس ماضي المقعد المصاب بشلل، وصادف في ذلك اليوم بأنّ أخوة منى وأقاربها مجتمعون في نفس المنزل في حي الدوخي وذلك بسبب ذكرى الأربعين لشهادة أختهم التي أستشهدت في بناية الصنايع عام 1982، فما كان للعائلة الاّ أن تختبئ في غرفة واحدة لمدة يومين كاتمين أصواتهم خوفا من أن تسمعهم المليشيات،لكن المليشيات دخلت المنزل وبدأت تطلق النار بشكل عشوائي على الجدران وعلى صور الشهداء المعلّقة على الحائط وشاء القدر أن يعمي ابصارهم عن رؤيتهم. ومساء الخميس بدأ الطفل الموجود مع الأسرة البالغ من العمر عدة أشهر بالبكاء بسبب جوعه لأن الأم من الرعبة نشف من صدرها الحليب، حاولت الأم كتم صوته حتى كادت أن تخنقه خوفا على أفراد العائلة، وهكذا سمع المليشيات الصوت فجرا، وبدأوا بمكبرات الصوت " سلّم تسلم لا نريد قتل احد لا الرجال ولا النساء ولا الأطفال ونحن نريد فقط المخربيين"، وهكذا خرجت العائلة مصدّقة ما تسمع، فخرج محمود وهدى والأم والعمة وزوج الأخت، وغيرهم، فتفاجأ المليشيات من العدد وطلبوا منهم الوقوف: الرجال في جهة والنساء في جهة أخرى، فتداركت الأم خوفها وركضت على طفلها الصغير كي تلفّه بملحفة خوفا من معرفة جنسه. فسألها المجرم هذا بنت ام صبي؟ فقالت له بنت،فشدّها فركض أبنها الكبير أحمد الذي يبلغ 19 عاما على السقيفة وحمل بندقية صيد كي يدافع عن اهله ولكن قتلوه بالرصاص فركض زوج الأخت كي يراه فضربوه بالبلطة على رقبته وأوصى زوجته باولادها وهو يلقط انفاسه الأخيرة، وأحتجزوا ماضي ووالده ومحمد وحسن وابو محمد الدوخي وابو صالح الطيطي وصالح الطيطي ومحمود سعد وزوج العمة، أما النساء ذهبن برفقة المليشيات الى المدينة الرياضية حيث كانوا يدفنون النساء احياء، فطلبت الجدة طلبا أخيرا " شربة ماء للطفل قبل قتلهم، فسألها من أين انت؟ فخدعتة وقالت، انا من اسرائيل واتيت الى هنا، فطلب من مجموعته تركهم فركضوا باتجاه الملعب البلدي وبدأوا بأطلاق النار بأتجاههم ووصل من سلم منهم الى منطقة الحمرا، وبقوا على الشارع الى اليوم التالي.

بعد يومين عادوا الى المخيم كي يطمئنّوا على عائلاتهم، فهول ما رأت أمهم بأفراد عائلتها : الأبن محمد الذي يبلغ من العمر أثني عشر عاما تم حرقه بالأسيد،لم تستطع الأم معرفة هويته لتشوهه ولكن عرفته من حذائه، وماضي الأبن الأكبر تمّ رشّه بظهره اثناء هروبه،والأب العاجز كان مرشوشا بثلاثين طلقة في جسده ممددا على السرير، أما صالح الذي كان سيزفّ عريسا في أخر الأسبوع بات شهيدا، والجار الدوخي لقي نفس المصير، اتى أفراد الصليب الأحمر وأخذوا جثث الشهداء كي يدفنوهم بمدافن جماعية.

أماّ الطفل الصغير محمود بعد أن كاد يقع أرضا تلقته أخته قائلة "الله يحميك خيّه" فسمعها أحد المخربين وقال لها: هذا صبي واراد قتله، فقالت له الأم راكضة "أخذت كل شيء فأتركه مقابل المال"، فقال كم المبلغ؟ فأجابت 10000 ل.ل. فنجى محمود من ايدي الطغاة وهكذا كبر محمود معانيا في السنتين الأوائل من إكتئاب نفسي من هول ما رأى وقد تم علاجه وكبر وتعلّم وسافر الى كوبا،بمنحة بعد أن تفوق في دراسته وتعلّم مخبر أسنان وكوّن عائلة جديدة.

مهما مرّ الزمان وتلاشت الحقائق، فالذاكرة شاهدة على هول المجازر بحق الشعب الفلسطيني، فلا يبليها الزمن؟ والذاكرة تحيى طالما هناك من يرفع الصوت..لا ننسى...

المصدر: عبير نوف، صور