القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

ندوة لـ "مؤسسة الحريري" في يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني:

ندوة لـ "مؤسسة الحريري" في يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني:
"التراث المسيحي ـ الإسلامي في عهدة الدولة الفلسطينية في اليونسكو"
 

الخميس، 01 كانون الأول، 2011

بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، نظمت مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة ندوة بعنوان "التراث المسيحي الإسلامي في عهدة الدولة الفلسطينية في اليونيسكو"، في قاعة ثانوية رفيق الحريري في صيدا.

شارك في الندوة: راعي ابرشية صيدا ودير القمر للروم الملكيين الكاثوليك المطران ايلي حداد، السيد هاني فحص، ممثل الأمين التنفيذي للإسكوا رئيس قسم النزاعات والقضايا الناشئة فيها طارق العلمي، امين عام اللجنة الوطنية لليونسكو سلوى السنيورة بعاصيري، الوزير السابق طارق متري، مستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس الوزير في السلطة الفلسطينية صبري صيدم وسفيرة اليونسكو للنوايا الحسنة النائب بهية الحريري. حضر الندوة مفتي صيدا واقضيتها الشيخ سليم سوسان، ممثل الرئيس فؤاد السنيورة طارق بعاصيري، رئيس بلدية صيدا محمد السعودي، القائم بأعمال السفارة الفلسطينية في لبنان السفير أشرف دبور والقنصل في السفارة محمود الاسدي، امين سر حركة فتح وفصائل منظمة التحرير في لبنان فتحي ابو العردات، منسق عام تيار المستقبل في صيدا والجنوب ناصر حمود وممثلو قوى وفاعليات.

بعد النشيدين اللبناني والفلسطيني، تحدثت الحريري فقالت: "ان هذا اليوم التضامني العالمي مع الشعب الفلسطيني بحضور هذه الفاعليات يؤكد ان صيدا وفلسطين هما قلب واحد وقضية واحدة. فلسطين الكلمة الأهم والأعظم والأكبر والأكثر حضوراً وتداولاً وانتماءً وحباً وعداء ونكباتٍ وانتصاراتٍ، وإرادةً وعزماً وأحلاماً وآلاماً وثقةً بالذات وضرباً للطموحات. إنّها فلسطين الكلمة التي تختصر تاريخَنا العربي الحديث منذ أن تبلورت إرادات الإستقلال والتّغيير والنّهوض وبناء الدولة الحديثة ".

أضافت :"جُرح فلسطين الدامي مع مواكب الإستقلال يلتئم في هذه الأيام مع إعلان فلسطين دولةً كاملة العضوية في اليونيسكو بتأييد من مئة وسبع دول ليكون يوم الحادي والثلاثين من تشرين الأول من العام 2011 أولى ثمرات الرّبيع العربي الذي يصنعه شباب العرب في كلّ السّاحات تأكيداً على الإستقلال والحرية والعدالة واحترام حقوق الإنسان وإطلاق عجلة الحياة الديمقراطية المستدامة التي لا يختصرها أحدٌ ولا يلغي مفاعيلَها أحدٌ ولا يضطهد إراداتها أحدٌ، ولا ينفرد بمقدّراتها أحدٌ إنّه زمن كلّ الأفراد العرب وكلّ الأفكار العربية إنّه زمن السّعي نحو الأفضل إنّه زمن ما ينفع النّاس، عموم النّاس إنّه الزمن الذي يقرّر فيه النّاس كلّ الناس، ما هو الخطأ وما هو الصواب فهنيئاً للشّعب الفلسطيني الشّقيق الذي عشنا وإيّاه أيام المر وأيام الجهاد وصنعنا معاً أحلام النصر والتّحرير والعودة وإنّنا إذ نرحب بكم جميعاً ليس للتّضامن مع الشّعب الفلسطيني بل لتشهدوا في صيدا كيف يكون التّضامن مع الشّعب الفلسطيني هماً يومياً مزروعاً في القلب والوجدان له مكان الصدارة في كلّ شأنٍ واهتمام حتى بلوغهم شطّ الأمان في إقامة دولتهم وعاصمتها القدس الشّريف حاضنة المسيحية والإسلام منذ بزوغ فجر المسيحية والإسلام وهي منارة كلّ المسيحيين والمسلمين في كلّ مكان وفي كلّ زمان ".

وقال العلمي: "احتفالنا اليوم له طابع مختلف مع التحولات الهائلة التي شهدتها المنطقة العربية والعالم أجمع. لكن مع كل هذه التحولات، تبقى ازدواجية المعايير واقعاً لا يتغير بالنسبة للشعب الفلسطيني وكافة حقوقه، بما فيها حق هذا الشعب في تقرير مصيره. وعلى الرغم من السعي المستمر وبكافة الاشكال منذ عام 1948 للتحرر وتحصيل الحقوق الأساسية والبديهية التي تضمنها المعايير والأعراف والقوانين الدولية، بل والتي تؤكدها عشرات ومئات القرارات الصادرة عن اكثر من هيئة اممية ودولية، لم يقابل سعي الشعب الفلسطيني هذا بالدعم الدولي الذي لاقته او تلاقيه شعوب اخرى في منطقتنا اليوم، بل وعلى العكس، جابهه الكثيرون بالتشويه والتضليل والشجب من الناحية السياسية وبتبرير القمع والقتل والهدم والحصار، أو غض النظر عنه في احسن الاحوال".

واضاف: "كان عام 2011 مختلفا. فبدا واضحا خلال هذا العام ان القبول والصمت الدوليين تجاه الاستثناء الاسرائيلي قد بدأ فعليا بالإنحسار في عدد كبير من الدول. لكن السياسات الاسرائيلية في فلسطين تستمر في انتهاك القوانين والأعراف الانسانية، وقد وصف مقرر الأمم المتحدة الخاص لحقوق الانسان في الأرض الفلسطينية المحتلة هذه السياسات بالتطهير العرقي والفصل العنصري والاجرام والاستعمار.. وفوق هذا كله يعتبر النظام الاسرائيلي أن قرارات الأمم المتحدة من مجلس الأمن والجمعية العامة هي الزامية لغيره واختيارية له. ويتحدث عن دول مارقة وهو اكثر من خرق قرارات صادرة عن الأمم المتحدة الخيار امامنا واضح، بل لا خيار امامنا كامم متحدة وكمجتمع دولي وكحضارة انسانية الا ان نسعى جميعا وبشتى الوسائل لإلغاء هذا الاستثناء الاسرائيلي ليكون الجميع تحت القانون ولينال كل ذي حق حقه. وحينها فقط يحل السلام على الأرض المقدسة وفي منطقتنا".

وتحدثت السنيورة بعاصيري فقالت: "لقد اختار الشعب الفلسطيني مسارب عدة للدفاع عن قضيته إلا أنه وجد في المحصلة ان السبيل الأفضل هو السعي للفوز بالتضامن الإنساني مع حقوقه، ومن أعلى المنابر الدولية. طرح أحقيته بدولة كاملة العضوية في اليونيسكو، بإعتبار ان اليونيسكو هي الرمز لكل ما يسعى الفلسطيني أن يستظل بفيئه، الفكر الحر والمساواة والديمقراطية والعدالة والإنصاف. وبإعتبار ان اليونيسكو هي الحاضنة للتراث العالمي كإرث إنساني يشهد على إسهامات الشعوب وحضاراتها، ويوثق في الوقت عينه لأصولها والمرجعيات. دافع عن مطلبه قائلاً أن طلب العضوية ليس تحدياً لأحد بل هو إزالة للظلم التاريخي الذي لحق به، وهو تعبير عن الإلتزام بقيم اليونيسكو، ومعبر للإسهام في صنع السلام العالمي، وهو أيضاً ضمانة لحماية التراث المسيحي الإسلامي من التدمير والتشويه وتزييف الحقائق لقد استعان الشعب الفلسطيني بلغة الوجدان الإنساني ليخاطب الدول الأعضاء في اليونيسكو، مذكراً بدوره المأمول في إطار دولة كاملة العضوية في اليونيسكو. دولة تلتزم بقيم اليونيسكو ومبادئها. ودولة تصون التراث المسيحي-الإسلامي في فلسطين بما هو عليه من إرث إنساني مشترك مهدد بالاستباحة والضياع. ومن باب التضامن الصادق تجاوبت الأغلبية الساحقة للأعضاء مع الطلب المحق. إنه التضامن إذاً ولئن بدا عصياً لبعض الوقت، سيبقى الطريق الأجدى للحق والحقيقة وللعيش معاً بسلام".

وقال حداد: "نتطلع اليوم بشغف الى قرار اليونسكو ونعتبره نقطة تحول في مسار التاريخ القديم والحديث، فهل ينطوي هذا القرار على وعي عالمي بشأن شعب عانى ما عاناه من ظلم وتحد وتهجير ومن ابشع انواع العداء البشري؟. وكم نرجو أن يكون هذا القرار فاتحة لقرارات مشابهة على أعلى الصعد الدولية. وان قمة الحديث عن فلسطين يمر بالقدس، هناك موقع التراث العريق في القدم، المسيحي والاسلامي. انها الحضارة الحقيقية وهي شرق اوسطية بامتياز، فالمسيحية وحدها حضارة والاسلام وحده حضارة والمسيحية والاسلام معا حضارة تعكس الماضي بكل أبعاده، ولكنها تعكس ايضا لوحة المستقبل، لوحة محورها الدين في خدمة المجتمعات والعيش المشترك والمسؤولية المشتركة والتطور والنمو على كل الأصعدة".

وقال فحص: "ان فلسطين التي تألقت في اليونسكو هي فلسطين التي وصلت الى وعي الشعوب ووجدانها وحركة انتاج المعرفة لدى مبدعيها ومفكريها، فاستجابت حكومات كثيرة متناغمة مع شعوبها وكابرت الديناصورات متفارقة مع شعوبها، ولكنه انتصار. وقد تزامن ذلك مع الخطاب التاريخي للرئيس محمود عباس مؤشرا على أن فلسطين سوف تستكمل خطوة ابي عمار لتنتقل عاجلاً أم آجلاً من موقع المراقبة الى العضوية الكاملة بعدما صارت عضواً حساساً وفاعلاً في منظومة الثقافة الكونية. والسؤال : هل كان لهذا الانجاز ان يتم بهذه الصورة ولهذا الرجاء ان ينعقد وكانه آت لا محالة، لولا ما فهمه العالم من معنى فلسطين في حركة الشباب العربي نحو الحرية؟".

وتحدث متري فقال: يضفي انضمام فلسطين إلى عضوية اليونيسكو في تشرين الأول الماضي معنى متجدداً للمواجهة الثقافية والأخلاقية مع مغتصبي حقوق الشعب الفلسطيني ومؤيديهم ومعهم الساكتين على الظلم بذرائع متنوعة. وفي هذا الانضمام اقدار لفلسطين لجهة إدراج مواقع لها على لائحة التراث العالمي، والمقترح منها تسعة عشر بدءا من مدينة بيت لحم. ويستتبع ذلك مسؤولية دولية في حماية هذه المواقع والعناية بالحفاظ عليها او ترميمها. ورغم ان الاضطلاع الأممي بهذه المسؤولية سيصطدم من دون ادنى شك بمعارضة إسرائيلية "ميدانية" إذا جاز التعبير، فإنه يفتح الباب امام بعض التغيير في موازين القوى المعنوية والقانونية والسياسية انطلاقاً من ابراز العلاقة الوثيقة بين فلسطينية التراث الفلسطيني وكونيته بآن معاً. لن اتابع في هذه المداخلة القصيرة مناقشة مظاهر تعثر عمل اليونيسكو وأسبابه، يكفي التذكير بما هو معروف لجهة تداخل المسائل القانونية والمصالح السياسية والإمكانات المالية في عمل اليونيسكو مما يقتضي خطة منسجمة على الصعد الثلاثة. ويتطلب ذلك وعياً لا تشوش فيه لضرورة الإستناد إلى مجموعة من الركائز سأكتفي بذكر بعضها :أولها التأليف بين هويات القدس المتعددة، فهي إسلامية ومسيحية وفلسطينية وعربية وعالمية في آن معاً. فلا يطغى إبراز إسلاميتها على رسوخ شخصيتها المسيحية. ولا يجنح التشديد على عروبتها إلى تجاوز فلسطينيتها. ولا تنسينا محليتها أنها تراث للبشرية جمعاء. وثانيها الجهر بإستحالة فصل القدس عن فلسطين ومقدساتها، عن الشعب الذي يعيش فيها أو يتحدر منها. ولا بد من التشديد المستمر على وصل القدس بفلسطين وهي منها بمنزلة القلب، والتذكير بأن المقدسات تستمر حية بالمقدسيين الذين يقيمون فيها عبادة لله، فلا تغدو متاحف فيما هي بيوت للدعاء. فبين وقت وآخر يظهر ميل بعض الجهات الدولية والمؤسسات الدينية إلى تداول صيغ للحفاظ على الوضع القائم للأماكن الدينية، وضمان حريات العبادة والانتقال. وثالثها استنهاض الهمم العربية انطلاقاً من المعرفة الحقيقية والدقيقة بما يصيب المدينة المقدسة وأهلها والتي هي المدخل لعمل تضامني حقيقي لا يتوقف عند عاطفة تحركها هواجس تجمل الأشياء عوض الاهتمام بتفاصيلها. ورابعها وضع تصور العمل المشترك بين المسلمين والمسيحيين، في العالم العربي وخارجه دفاعاً عن القدس ونصرة لأهلها".

كلمة دولة فلسطين القاها صيدم فقال: "نحن كفلسطينيين نعتبر أننا قد حسمنا معركة تاريخ ومعركة الفكر والثقافة بأن فزنا بعضوية اليونسكو، لكننا بهمة لبنان ان شاء الله قريبا سنحسم معركة الجغرافيا عندما نحظى بعضوية فلسطين دولة كاملة السيادة في الأمم المتحدة.امام عظمة الشعب اللبناني، اقول اننا نريد مدرسة رفيق الحريري في فلسطين ونريد مدرسة لبنان في فلسطين حتى نوطن حب لبنان فينا ونوطن العروبة فينا ونوطن الأصالة فينا. اشعر بالاعتزاز بأننا في صرح علمي وأن لبنان يعلمنا المعرفة كما يعلمنا النضال، فادعوا لنا بلم الشمل وقفوا الى جانبنا وادعوا للشعب الفلسطيني بالوحدة والاتحاد". ثم اهدى صيدم الى الحريري مجسما لمقعد فلسطين في الأمم المتحدة على غصن من زيتون القدس.

ووزع خلال الندوة كتيب اعدته مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة بالمناسبة يحمل عنوان الندوة نفسها ويتضمن : تهنئة من مؤسسة الحريري للشعب الفلسطيني الشقيق والشعوب المسيحية والاسلامية في العالم بالدولة الفلسطينية في اليونسكو، وشكر وتقدير من المؤسسة للدول الداعمة للحق الفلسطيني ولمنظمة اليونسكو. كما يتضمن الكتيب اعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 29 تشرين الثاني من كل عام يوما دوليا للتضامن مع الشعب الفلسطيني.

ويعرض الكتيب لائحة بالمواقع الأثرية والتراثية الاسلامية والمسيحية في فلسطين والمواقع التاريخية الإسلامية والمسيحية في القدس، والمقترح حمايتها من قبل اليونسكو وادراج بعضها على لائحة التراث العالمي.

المصدر: جريدة المستقبل