هكذا تخطى «عين الحلوة» الانزلاق في «الفتنة اللبنانية»

الأربعاء، 26 حزيران، 2013
خرج مخيم عين الحلوة من امتحان «الفتنة اللبنانية» بنجاح.
كل قواه الفاعلة أثبتت أن ما تقوله تفعله. أصرّت مراراً أن المخيم ليس طرفاً في أي
نزاع لبناني ـ لبناني، وبالفعل استطاعت أن تجنبه الوقوع في معركة ليست فلسطين وجهتها
ولا محاربة العدو عقيدتها.
كانوا ثلة من بقايا جند الشام وفتح الإسلام، ممن بدا مصرّاً
على دعم أحمد الأسير، عبر استهداف الجيش وحارة صيدا.
سريعاً، استنفرت الفصائل الإسلامية والوطنية الفلسطينية،
وتحديداً حركة حماس، في مسعى منها للجم «المتهوّرين» ومنع توريط المخيم في أتون الفتنة،
بما يهدد أمنه وأمن جواره، وبما لا يجعله نهر بارد جديداً.
لم يكن مسعى التهدئة سهلاً، فلا مرجعية موحدة لمن يريدون
«الانتقام». لذلك، اعتمد كل طرف على علاقاته الشخصية لإقناع من يستطع بالعدول عن قراره
التفجيري.
وبالفعل نجحت هذه المساعي، التي تولتها تحديداً القوى الإسلامية
أي «حماس» و«عصبة الانصار» و«الحركة الإسلامية المجاهدة» بقيادة جمال خطاب وحركة «الجهاد
الإسلامي»، في لجم ردّ الفعل منذ بداية الاشتباكات في عبرا عند الثانية من بعد ظهر
الأحد وحتى منتصف الليل. كما أسفرت وسائل الإقناع الشرعية والفكرية عن ثني عدد لا بأس
به من المتحمّسين عن قراراتهم.
منتصف الليل، تبين أن ثمة من لم يقتنع بما قدم من حجج لمنع
إقحام المخيم في معركة ليست معركته. أفلتت مجموعتان بقيادة هيثم ومحمد الشعبي وبلال
بدر وأطلقتا النار على حاجز الجيش في منطقة التعمير.
في هذا المرحلة تغيّرت الأولويات. لم يعد الجهد الذي قامت
به الفصائل الفلسطينية كافياً. صار المطلوب خطة عاجلة لإنهاء المعركة التي فتحت قبل
أن تتوسّع ويصبح من الصعب ضبطها.
من جهة الجيش، لم يتأخّر الرد، فأطلق ما بين 20 و30 قذيفة
ناحية المخيم، أدت إلى مقتل شخصين وإصابة 11.
كان الردّ عنيفاً بحسب قائد شهداء الأقصى اللواء منير المقدح،
الذي شارك في مساعي التهدئة، مؤكداً أنه كان ينبغي حصر المعركة في مكانها أي في منطقة
التعمير والطوارئ.
جولة الاجتماعات الجديدة استمرّت من منتصف ليل الأحد وحتى
صباح الاثنين. لم تعد النقاشات مفيدة، صار المطلوب التحرك على الأرض. صار الجهد الرئيسي
مطلوباً من القوى الاسلامية تحديداً لما لها من علاقة مع المسلحين. وبالفعل، استدعي
عدد من هؤلاء إلى لقاءات، أعيد فيها إجراء حوارات فكرية وشرعية وسياسية مكثفة، فاقتنعوا
في نهايتها بضرورة وقف إطلاق النار.
بعد ذلك، بدأ التواصل مع الأحزاب اللبنانية ورئيس فرع مخابرات
الجيش في الجنوب علي شحرور لوقف إطلاق النار، والذي استمر حتى اتصل رئيس المكتب السياسي
لحماس خالد مشعل بالرئيس نبيه بري، مؤكداً له السيطرة على الموقف في المخيم، ومتمنّياً
عليه دعوة الجيش، في المقابل، إلى إيقاف إطلاق النار.. وهكذا كان.
بعد أن هدأت المعركة، صار بالإمكان الانتقال إلى المرحلة
الثانية المتمثلة بسحب المسلحين من الشارع، والتي تولاها بشكل خاص كل من أحمد عبد الهادي،
الذي كان له الفضل الرئيس في ضبط الوضع في المخيم، وأبو أحمد فضل عن «حماس»، إضافة
إلى خطاب.
لم تنته اللقاءات التنسيقية في المخيم. وآخرها جرى مساء أمس
بين الفصائل الوطنية والفلسطينية. أراد هؤلاء تقييم ما شهده عين الحلوة خلال اليومين
الماضيين. كما أعادوا تأكيد أولوية حماية أمنه وأمن محيطه.
ولتأكيد دور حماس في ضبط الوضع، اتصل رئيس الحكومة المستقيلة
نجيب ميقاتي بمشعل شاكراً جهوده لتحييد المخيمات عن الأحداث اللبنانية، ومثنياً على
دوره في وقف إطلاق النار في محيط عين الحلوة.
المصدر: ايلي الفرزلي - السفير