القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

هل وقع الفلسطينيون في لبنان ضحية منافسة طائفية؟

هل وقع الفلسطينيون في لبنان ضحية منافسة طائفية؟


الأحد، 21 تموز، 2019

واصل آلاف اللاجئين الفلسطينيين احتجاجاتهم في المخيمات الفلسطينية وحولها لمطالبة الحكومة اللبنانية بإنهاء شرط الحصول على تصريح عمل قبل العمل في وظيفة.

التفاصيل:

اندلعت الاحتجاجات المكثفة بعد إغلاق شركتين تجاريتين مملوكتين لفلسطينيين الأسبوع الماضي، إذ دعا المتظاهرون الحكومة إلى إعادة النظر في قمعها للعمال غير اللبنانيين الذين لا يحملون وثائق.

يقول منتقدون إن الإجراءات الأخيرة لوزارة العمل اللبنانية تأتي ضمن حملة موجهة ضد اللاجئين السوريين لإجبارهم على العودة إلى ديارهم.

وزير العمل اللبناني كميل أبو سليمان قال إن وزارته تعمل على إنفاذ القوانين التي تنظم وجود العمال الأجانب في البلاد ونفت استهداف الفلسطينيين. لكن اللاجئين الفلسطينيين يخشون من أن تؤدي هذه الخطوة إلى الإضرار أكثر بفرص العمل لديهم.

اعتمدت الحكومة اللبنانية سياسة طويلة الأمد تمنع العمال الفلسطينيين من العمل في عشرات المهن ضمن سياسة طويلة الأمد لثنيهم عن البقاء في البلاد.

جهود لإنهاء الأزمة:

تجري السلطة الفلسطينية في رام الله محادثات مع الحكومة اللبنانية لحل القضية.

حركة حماس، التي تدير قطاع غزة المحاصر، أرسلت أيضا وفدا رفيع المستوى إلى العاصمة اللبنانية بيروت يوم الجمعة للقاء رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري.

قال مسؤولون فلسطينيون إن الحكومة اللبنانية تتجه نحو حل يرضي جميع الأطراف.

بعد الاجتماع مع الحريري، قال عزت الرشق، القيادي في حركة حماس، إن الوفد الفلسطيني توصل إلى تفاهم مع رئيس الوزراء.

الرشق قال للجزيرة "أبلغ الحريري الوفد الفلسطيني أن الحكومة اللبنانية ستتخذ عدة خطوات لتؤكد للاجئين الفلسطينيين أنهم لن يعاملوا معاملة العمال الأجانب".

لم يصدر تصريح رسمي عن الحريري عقب الاجتماعي، لكن مصادر حضرت الاجتماع مع الحريري نقلت عنه قوله إن وضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان لا ينبغي المس به، وأن مجلس الوزراء اللبناني سوف يصدر قرارات تنفيذية لإصلاح أوضاع الفلسطينيين.

حسن منيمنة، وزير التعليم اللبناني السابق، حث الجانبين على التوصل إلى اتفاق مقبول للطرفين.

منيمنة، الذي يرأس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني التي تشارك في جهود إنهاء الأزمة، قال إن وزير العمل اللبناني كميل أبو سليمان من حقه تنفيذ القوانين اللبنانية، لكنه ربما ليس على دراية بالوضع المعقد للعمال الفلسطينيين.

منيمنة رأى إن مفتاح مطالب الفلسطينيين هو ضمان أن تكون اللوائح الحكومية التي تنظم وجودهم أو توظيفهم في البلاد بيد مجلس الوزراء، وليس وزيرا فردا قد تتأثر قراراته بانتمائه السياسي.

"نظام تمييزي":

يعاني اللاجئون الفلسطينيون في لبنان من طبيعة النظام السياسي اللبناني المعقد القائم على المحاصصة الطائفية، والذي يعتبرهم غرباء على البلاد.

يحصل الفلسطينيون في لبنان، باعتبارهم لاجئين، على مساعدات في التعليم والرعاية الصحية من خلال وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). لكن أحد المظالم الفلسطينية الرئيسية التي ظهرت في الأسابيع الأخيرة كان افتقار الحكومة اللبنانية إلى تصنيف واضح ومناسب للوجود الفلسطيني في البلاد.

يشير القانون اللبناني إلى العمال الفلسطينيين على نطاق واسع بأنهم "عمال أجانب" لكنه يعترف بوضعهم الخاص لأنهم لا يستطيعون العودة إلى فلسطين.

زاهر أبو حمدة، لاجئ وصحفي فلسطيني في لبنان، قال إن تصنيف الفلسطينيين لا يعتبرهم "عمالا أجانب" بشكل كامل ولا "لاجئين" بشكل كامل.

هذا الوضع يترك الباب مفتوحا أمام بعض وزراء الحكومة اللبنانية لاتخاذ إجراءات تعسفية ضدهم بشكل فردي.

أبو حمدة أوضح أن كل توصيف من هذين يمنح الفلسطينيين مجموعة مختلفة من الحقوق والمزايا، لكنهم لا يحصلون على أي منها.

أبو حمدة قال "لدى لبنان نظام سياسي عنصري مفصل بشكل يهدف إلى التمييز ضد الفلسطينيين".

على سبيل المثال، يحق للفلسطينيين، باعتبارهم عمالا أجانب، العيش في أي مكان في لبنان، ولهم حقوق قانونية، ومزايا الضمان الاجتماعي الكاملة بما في ذلك الرعاية الصحية. لكن في الواقع فإنهم ممنوعون من العمل في العديد من المهن التي تنظمها النقابات، بما في ذلك مجالات الطب والقانون والهندسة، وكذلك شغل وظائف سائقي سيارات الأجرة والحلاقين. ولهذا ينتهي المطاف بغالبية العمال الفلسطينيين إلى العمل في وظائف منخفضة الأجر في الزراعة وأعمال البناء، وهي وظائف يتجنبها معظم العمال اللبنانيين.

تبلغ نسبة البطالة بين الفلسطينيين في لبنان حوالي 20٪.

يُحظر على الفلسطينيين أيضا امتلاك العقارات أو وراثة عقارات من أفراد أسرهم.

مشكلة تصريح العمل:

يحتج العمال الفلسطينيون بأن مطلب الحكومة اللبنانية بالحصول على تصاريح عمل أمر غير واقعي ويتجاهل مأزقهم الحقيقي في لبنان.

كي يحصل الفلسطيني على هذا التصريح، يجب عليهم أولاً الحصول على عقد عمل يستلزم تسجيله ضمن برنامج الضمان الاجتماعي الحكومي، وهو برنامج يحظر على الفلسطينيين الحصول على فوائد الرعاية الصحية من إجازة مرضية وغيرها.

هذا الشرط يفتح الباب أيضا أمام المزيد من استغلال أصحاب العمل لحقوقهم، حيث سيتردد أصحاب العمل في توظيف الفلسطينيين الذين لديهم تصريح عمل، لأنهم سيضطرون إلى دفع ضريبة الضمان الاجتماعي التي تبلغ 23٪ عن هؤلاء العمال.

ضحايا منافسة طائفية؟

محللون لبنانيون وفلسطينيون يرون أن الاندفاع المفاجئ لاستهداف العمال الفلسطينيين والسوريين في لبنان يأتي ضمن المنافسة بين الأطراف المسيحية اليمينية في لبنان.

تتركز المنافسة بشكل رئيسي بين التيار الوطني الحر بزعامة وزير الخارجية جبران باسيل وحزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع.

يقول المحللون إن جعجع، وهو زعيم ميليشيا سابق عرف بعداوته للفلسطينيين، يسعى لإضعاف باسيل داخل المجتمع المسيحي اللبناني، حيث يمثل باسيل المنافس الرئيسي لجعجع على رئاسة لبنان.

من هنا جاء تحرك وزير العمل اللبناني، الذي ينتمي لحزب القوات اللبنانية، ضمن مساعي القوات اللبنانية لتكون المعبر عن مصالح المسيحيين في لبنان.

المصدر: الجزيرة مباشر