وقف تمويل الأونروا: ترامب يريد توطين اللاجئين
الفلسطينيين

الثلاثاء، 04 أيلول، 2018
بعد تقليص المساعدات الأميركية لوكالة الأمم المتحدة
لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، إلى 60 مليون دولار، في العام 2017،
أعلنت وزارة الخارجية الأميركية قطع مساعدات بلادها المالية بالكامل عن الأونروا، لكونها
لا تريد أن "تتحمل القسم الكبير من عبء الأونروا بمفردها". فأميركا تأتي
على رأس قائمة الدول الممولة لها، إذ بلغ حجم المساعدات الأميركية في العام 2016 نحو
380 مليون دولار من أصل مجموع حجم الدعم الدولي في العام نفسه، الذي وصل إلى نحو مليار
و100 مليون دولار.
القرار الاميركي الجديد سيكون له تداعيات إنسانية
وسياسية كارثية، وفق القيادات الفلسطينية. فأمين سر حركة فتح وفصائل منظمة التحرير
الفلسطينية في لبنان فتحي أبو العردات اعتبر في حديث إلى "المدن" أن للقرار
تداعيات خطيرة على حياة أكثر من 5 مليون و800 ألف لاجئ فلسطيني موزعين بين لبنان وسوريا
والأردن وغزة والضفة الغربية. فعلى المستوى الإنساني هناك أكثر من 3 مليون حالة صحية
تستقبلها المستشفيات والمستوصفات في دول الشتات. وهناك مئات آلاف التلاميذ الذين يتعلمون
في مدارس الأونروا سيبقون بدون تعليم في حال لم تعمل الدول على سدّ العجز الحالي. وتشغّل
الوكالة أكثر من 30 ألف فلسطيني، وتسهم في تقديم المساعدات العينية المباشرة لآلاف
العائلات الأكثر فقراً، وفق أبو العردات.
سيكون للقرار تداعيات على الدول المضيفة، التي لا
تسطيع أن تسد العجز الذي سيخلفه قرار وقف المساعدات الاميركية. ففي لبنان، على سبيل
المثال، هناك أكثر من 250 ألف تلميذ سيحرمون من التعليم، لاسيما أن المساعدات التي
تقدمها الأونروا تكفي فقط لنهاية شهر أيلول 2018. هذا فضلاً عن وجود أكثر من 70 ألف
عائلة فقيرة تتلقى المساعدات المادية والعينية، والتمويل الذي يتلقاه نحو 30 مركزاً
للرعاية الصحية. فهل يستطيع لبنان أو غيره من الدول المضيفة تحمّل تبعات هذا القرار
الاميركي؟ يسأل أبو العردات.
بدوره أكّد المسؤول الإعلامي في حركة حماس رأفت
المرّة أن القرار الأميركي الجديد هو سياسي في الدرجة الأولى ويستهدف قضية اللاجئين
الفلسطينيين وحق العودة، وصولاً إلى شطبها بالكامل. فعدا عن التداعيات الإنسانية والاجتماعية
التي ستطاول اللاجئين في دول الشتات، تسعى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى
استهداف قضية الإنسان الفلسطيني وشطب حق العودة لأكثر من 7 مليون لاجئ في العالم عبر
اقفال وكالة الغوث المسؤولة عن رعاية اللاجئين.
لا يضع المرّة القرار الأميركي الجديد في إطار الضغط
على الفلسطينيين لكسب مزيد من التنازلات، بل الهدف منه إنهاء القضية الفلسطينية برمّتها.
فقد بدأت المساعي الاميركية لحسم كل القضايا المتعلقة بالحل النهائي، والتي كانت مؤجلة
على طاولة المفاوضات بين الحكومتين الفلسطينية والإسرائيلية، بقرار تحويل القدس عاصمة
لدولة الكيان الصهيوني. وها هي تستكمل اليوم في قرار تصفية قضية عودة اللاجئين عبر
قرار وقف المساعدات. أضاف المرة أن اميركا هي الممول الأساسي للأونروا، وسيؤدي قرار
وقف المساعدات إلى عجز مالي كبير. قد تلجأ الأونروا إلى ممولين جدد، لكن لا أحد يعلم
كيف سينتهي الأمر، فبعض الدول ستتأثر بالقرار الاميركي والضغوط التي تمارس عليها وقد
تلجأ بدورها إلى وقف المساعدات.
هو قرار بمثابة حرب يشنها الرئيس الأميركي على الشعب
الفلسطيني لحرمانه من حق العودة وتقرير المصير. وهو أيضاً بمثابة حرب لإخضاع الدول
المضيفة لتوطين اللاجئين الفلسطينيين، كما تجمع القيادات الفلسطينية. وبينما يحمّل
المرّة المسؤولية إلى السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير لكونها قبلت بوضع قضايا الحل
النهائي على طاولة المفاوضات، ما افقد الموقف الفلسطيني القوة، أكّد أبو العردات أن
هدف القرار، على المستوى السياسي، شطب قضية اللاجئين، ما استدعى رداً فلسطينياً مباشراً.
فثمة اجتماعات تنسيقية مع القيادات السياسية في الدول المضيفة بدأت في لبنان والأردن
على مستوى وزارات الخارجية. وسيصار إلى دعوة إلى اجتماع لوزراء الخارجية العرب لبحث
تداعيات القرار والطلب من جميع الدول سد العجز الناتج عن القرار الاميركي. فليس من
حق أي فرد أن يلغي وكالة انشئت بقرار من الامم المتحدة في العام 1948، كما أكّد أبو
العردات قاصداً الرئيس الأميركي ترامب.
المصدر: وليد حسين - المدن