القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

تقارير إخبارية

التجمعات الفلسطينية بمدينة صور.. الحياة القاسية بكل تفاصيلها


الإثنين، 25 تموز، 2022

في الزقاق تشتم رائحة المعاناة، وضنك الحياة، كل شيء يدلل على ألم اللجوء، ووجع البعد عن الوطن السليب؛ كل شيء يدلل أن الناس يعيشون ما يشبه حياة.

الحاجة أم إبراهيم (75 عامًا) تعيش برفقة نجلها وأبنائه الستة في بيت مغطى بالصفيح، في تجمع المعشوق على ساحل بحر مدينة صور جنوب لبنان.

تتحدث الحاجة، وهي لاجئة من مدينة صفد، عن واقع مرير تعيشه في بيتها، تقول: لا يقينا حر الصيف، ولا زمهرير الشتاء، في الصيف نكون في المنزل كأننا في فرن، وفي الشتاء لا تقينا ألواح الصفيح الأمطار الغزيرة، والرياح العاتية.

تضيف لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": واقعنا في التجمع مرير جدًّا. أونروا لا تعترف بنا، ولا تقوم بالحد الأدنى من مسؤولياتها تجاه معاناتنا".

الحاجة تحنّ للوطن السليب، وتأمل بأن تكحل يومًا عينها برؤية المدينة الأحب إلى قلبها "صفد".

كل العذاب يهون لأجل فلسطين، وهي ضيفة في دولة لبنان، إلى حين يسير قطار العودة مرة واحدة وإلى فلسطين، تصف الحاجة مشاعرها.

توضح أنه لا كهرباء دائمة، ولا مياه، ولا حتى صرف صحي، ولا خدمات تقدمها "أونروا". واقع شديد المرار يحياه الفلسطيني في التجمعات الفلسطينية على ساحل بحر مدينة صور جنوب لبنان.

واقع شديد المرار

علي موسى، نائب مسؤول جهاز العمل الجماهيري في حركة حماس في منطقة صور، يقول لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": لا يختلف واقع التجمعات الفلسطينية عن واقع المخيمات الفلسطينية في لبنان، من حيث الحرمان من الحقوق المدنية والاجتماعية والاقتصادية.

واستدرك بالقول: إنها أكثر تهميشًا؛ لكون أونروا تعد هذه التجمعات ليست من اختصاصها، ولا تقدم لها سوى خدمات مجزوءة فقط بالتعليم والاستشفاء.

أما خدمات تأهيل المنازل، وتحسين البنى التحتية، وتزويد التجمعات بالمياه، وإزالة النفايات، فتقوم بها بعض مؤسسات المجتمع المدني ضمن مشروعات ممولة من جهات دولية مانحة، وكثيرًا ما يكون هناك مساهمة من الأهالي رغم صعوبة الأوضاع الاقتصادية، وفق موسى.

وتتكون التجمعات في مدينة صور بدءًا تجمع المعشوق، وجل البحر، والشبريحا، والبرغلية، والقاسمية، والواسطة، والعيتانية وكفر بدا، وجمجيم، وصولا إلى تجمع عرش عدلون.

يقول موسى في حديثه لـ"المركز" إنه معظم هذه التجمعات تأسست بعد النكبة عام 1948م، إما على أراض مملوكة قدمها أصحابها مؤقتًا لإقامة مساكن لإيواء اللاجئين ظنًّا منهم أن اللجوء لن يطول؛ كتجمع القاسمية الذي يقام جزء كبير منه على أراض مملوكة، ومنها ما أقيم على أراض أميرية تملكها البلديات المجاورة، والبعض يقام على أراض مشاع ملكٍ للدولة اللبنانية.

ويؤكد أن معظم منازل هذه التجمعات تعد منازل مؤقتة سقوفها من الزينكو والصفيح، ويمنع سكانها من تحسينها وتطويرها، ويسمح فقط لبعض المؤسسات الدولية كالصليب الأحمر الدولي، والخدمات الشعبية pard، والمجلس النرويجي للاجئين، بترميم بعض المنازل الآيلة للسقوط.

يقول: يوجد في التجمعات عيادات صحية لأونروا وبدوام جزئي بواقع يومين أو ثلاثة أيام أسبوعيًّا في كل تجمع ضمن ما يطلق عليها مصطلح mobile clinicتقدم الرعاية الصحية الأولية لسكان تلك التجمعات.

ومضى يقول: كما توجد العديد من المدارس الابتدائية والمتوسطة، نذكر منها مدرسة الطنطورة في تجمع المعشوق، ومدرسة قيساريا في الشبريحا، ومدرسة المنصورة في القاسمية، ومدرسة الحولة في كفر بدا، ومدرسة العوجا في تجمع العرش- عدلون.

أما الدراسة الثانوية فتتم في ثانوية دير ياسين في مخيم البص حيث ينتقل إليها الطلاب بباصات وعلى نفقتهم الخاصة، ما يزيد التكاليف على كاهل الأهالي في إطار أوضاع شديدة القسوة.

وعن عمل معظم سكان هذه التجمعات، أشار موسى إلى أن الزراعة في الحقول والبساتين تعد مجال العمل الأوحد، في إطار بطالة وفقر تتجاوز 80%.

ويتحدث نائب مسؤول جهاز العمل الجماهيري في حركة حماس بمنطقة صور، عن أزمات لا تتوقف في التجمعات، قال: إن أبرزها تراكم ونقل النفايات، فضلًا عن النقص في مادة المازوت لتشغيل الآبار، وتحل هذه المشاكل بجهود فردية في سياق تخلي أونروا عن مسؤولياتها تجاههم في هذا الشأن.

اللاجئ الفلسطيني فؤاد محمد، من تجمع جل البحر، يقول لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": إن الأزمة اللبنانية ألقت بظلال ثقيلة جدًّا على العامل الفلسطيني، حيث أدى تآكل قيمة العملة المحلية إلى تدنٍّ شديد في الأجرة التي يتلقاها.

يوضح أنه يتلقى حاليًّا أجرة تعادل 3 دولارات يوميًّا، وهو مبلغ بالكاد يستطيع شراء 3 لترات من البنزين، مؤكدًا أن الحياة أصبحت لا تطاق.

يكمل: لا نستطيع تلبية احتياجات أبنائنا. نموت في اليوم ألف مرة.

ويشير إلى أن أي لاجئ يحتاج للرعاية الطبية أو عملية جراحة فإنه كمن تعرض لزلزال شديد، فالتغطية المالية تكون مجتزأة جدًّا.

ويقدر عدد العائلات القاطنة في التجمعات الفلسطينية في ساحل مدينة صور جنوب لبنان بـ 1750 أسرة، تعيش أوضًاعا قاهرة للغاية.

ويقدّر عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حوالي 463,664 نسمة وفق إحصاءات أونروا للعام 2017، والعدد الأكبر منهم يعيش داخل المخيمات والتجمعات من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال في لبنان؛ حيث يُشّكل اللاجئون الفلسطينيون ما نسبته عُشر سكان لبنان الذي يتراوح تعداده بحوالي 4,7 مليون نسمة، ويعيشون حياة صعبة للغاية بنسب بطالة وفقر شديدة.