القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

تقارير إخبارية

المحامون والمهندسون والأطباء والصيادلة الفلسطينيون محرومون من العمل في لبنان

المحامون والمهندسون والأطباء والصيادلة الفلسطينيون محرومون من العمل في لبنان
المحامي يعمل مدرّساً والمهندس «فورمن» أو سائقاً والطبيب ممرضاً والصيدلي موظفاً
من يكسر العرف بأن من يتخرّج من جامعة لا يُسمح له العمل في بلدها؟
لماذا يدفعون ذوي المهن الحرة المتخصصين للتوقيع بأسماء غيرهم
 

قبل 62 عاماً احتل العدو الإسرائيلي فلسطين، وطرد وهجّر أهلها الحقيقيين في منتصف العام 1948، حيث لجأ قسم منهم قسراً إلى لبنان وعلى عدة دفعات. وتفاوتت طريقة تعاطي الدولة اللبنانية و«الأونروا» بين من يُعترف بهم من لاجئين نزحوا في العام 1948 وصولاً إلى العام 1958، ومن نزح بعد إحتلال قطاع غزة في العام 1967، وكذلك من عُرف بفاقدي الأوراق الثبوتية..

يتوزع الفلسطينيون في لبنان على مخيماتٍ تسلمت «الأونروا» الإشراف عليها بعد إنشائها منتصف العام 1949، فبقي منها 12 مخيماً ودمرت 3 مخيمات، ووجدت تجمعات سكانية جديدة، مع عدم وجود إحصاء دقيق عن العدد الحقيقي، وإن كانت إحصاءات «الأونروا» تُشير إلى حوالى 450 ألف نسمة، بعضهم حصل على الجنسية اللبنانية أو جنسيات أجنبية وعلى عدة مراحل، والبعض الآخر لا يحمل أوراقاً ثبوتية أو هاجر إلى خارج لبنان..

الفلسطينيون في لبنان واقعون بين مطرقة مقولة ومشاريع التوطين المتعددة النغمات، وبين آمال العودة غير البادية في الأفق، ويعانون واقعاً معيشياً وإجتماعياً صعباً مع استمرار حرمانهم من الحقوق الإنسانية والإجتماعية والمدنية والسياسية في لبنان، ولم يعد لهم حق تملك شقة الذي كان معمولاً به إلى ما قبل 10 سنوات، فضلاً عن الواقع الصحي والتعليمي المتردي، وتقليص «الأونروا» لخدماتها، وإكتظاظ ما يُسمى بمساكن بأهلها، وأيضاً في ظل إصرار البعض على التعاطي مع الملف الفلسطيني من الزاوية الأمنية، ووصف المخيمات بـ «الجزر الأمنية»?.

بتاريخ 17 آب 2010 صدر عن مجلس النواب اللبناني قرار بإجازة العمل، ولكن اعتبرها البعض أنها لم تحدث أي تغيير إيجابي في حياتهم، بل هي خطوة «راوح مكانك»، فيما اعتبرها آخرون بالخطوة الأولية التي يُمكن البناء عليها فيما لو استكملت بخطوات أخرى باتجاه منح الفلسطينيين حق العمل غير المشروط أو مقيد بإجازة عمل أو يعتبر ذلك من الإشتراطات والممنوعات..

ولقد انتظر الفلسطينيون كل هذه السنوات «ترياق» رفع الإجحاف عنهم، ولكن فوجئوا بإقتصارالقرار على حق العمل، وعدم السماح لهم العمل بالمهن الحرة، مع استمرار حرمانهم من الحقوق الإنسانية والإجتماعية والمدنية والسياسية، ولم يعد لهم حق تملك شقة الذي كان معمولاً به الى ما قبل 10 سنوات وما زال محروماً من توريثها لأولاده، ورغم ذلك لم يوطن الفلسطيني خلال 50 عاماً..
 
 
لقد شكّل اقتصار الإقرار على حق العمل صدمة لازدواجية تعاطي غالبية أطياف المجتمع اللبناني الممثلة في المجلس النيابي مع الحقوق الفلسطينية، فتتبنى الحقوق خلال اللقاءات المغلقة، وتتخذ مواقف مغايرة لدى اعلان مواقفها، وهو ما أدى الى تسوية سياسية وعدم المعالجة الجذرية كمسألة حقوقية، حيث اعتبر ما أقر.. بين انجاز شكلي وخطوة منقوصة، ولكن على طريق الألف ميل؟

ولكن، لماذا التلطي خلف مقولة أن اقرار الحقوق الفلسطينية يؤدي الى التوطين، علماً بأن مختلف القيادات والقوى الفلسطينية على مختلف مشاربها، أجمعت على أن الفلسطيني لن يُشكل خطراً على لبنان، وترى أن اقرار حقوقه عبر قوانين في مجلس النواب اللبناني، هو المدخل الطبيعي السليم لتحسين العلاقات اللبنانية - الفلسطينية، لأن ذلك يُساعد على الصمود ومواجهة مشاريع التوطين أو التشتيت، أو أن يكون له وطن بديل عن فلسطين، لأنه ضيف مؤقت في لبنان الى حين العودة الى وطنه فلسطين وفقاً للقرار الدولي 194..

وأليس ضمان العيش الكريم للفلسطينيين يُطمئن اللبنانيين، ويواجه محاولات المجموعات الإرهابية المتطرفة التغلغل داخل المخيمات، حيث يستوجب مواجهة هذه المجموعات تعاوناً لبنانياً وفلسطينياً، وتعزيز العلاقات الفلسطينية - الفلسطينية..

وما تغيّر بشأن المهن التي سمح العمل بها شرط الحصول على إجازة عمل (فقط إعطاء إجازة العمل بشكل مجاني)، وهي من المهن التي تعتبر من الأعمال الشاقة»، والتي كان يعمل بها اللاجئون الفلسطينيون لحاجة السوق المحلية لهذه العمالة..

بل أكثر من ذلك، من يجد عملاً في المهن الحرة مثل المهندس أو الطبيب أو الصيدلي أو المحامي الفلسطيني، ولكنه يوقع باسم غيره، لأن توقيعه غير معترف به..

وكثيراً ما لا يجد عملاً في ذات تخصصه، فيضطر الى العمل في مهنة آخرى، فالمحامي يعمل مدرّساً، والطبيب ممرضاً، والصيدلي موظفاً، والمهندس «فورمن» أو سائقاً أو بائعاً..
 

رئيس «الإتحاد العام للمحامين الفلسطينيين» – فرع لبنان عضو المجلس الوطني المحامي صبحي ضاهر، لفت الى «أنه مضى على معاناة شعبنا الفلسطيني في لبنان أكثر من ستة عقود وهو يعاني من حرمان مضاعف، حرمان من الوطن وحرمان من حقوقه المدنية والاجتماعية والسياسية والتي كفلتها له القوانين والاتفاقات المحلية والمواثيق والمعاهدات الإقليمية والدولية».

وأضاف: إن تنظيم العلاقة اللبنانية - الفلسطينية مرّ بمراحل ومحطات شُكِّلت خلالها لجان فلسطينية - لبنانية وورشات عمل أقيمت، ومذكرات أُعدت ورُفعت حسب الأصول القانونية إلا أنها لم تجد طريقها للتنفيذ. إلا منذ مدة، حيث أقر مجلس النواب حق العمل للفلسطيني في بعض المهن مشروطاً بالحصول على اذن عمل ومنع الفلسطيني مرة اخرى من مزاولة المهن الحرة «الطب، الهندسة والصيدلة....».

وتابع: لقد وصلت إلى نقطة لم يعد فيها اللاجئ الفلسطيني في لبنان قادراً على مواجهة مستلزمات الحياة اليومية والتي تجاوزت المقاييس الدولية المتعارف عليها. خاصة إن للتصريحات الإيجابية لعدد كبير من المسؤولين اللبنانيين وبعض النُّخب اللبنانية فيما يتعلق بمنح اللاجئين الفلسطينيين الحقوق الأساسية، إضافة لموقف الفصائل الفلسطينية كافة والأحزاب اللبنانية ومنظمات المجتمع المدني الفلسطيني واللبناني بالتوحد والقناعة الكاملة بمنح الحقوق كاملة».
ودعا ضاهر الى «تبني نظرة حقوقية تنطلق أساساً من الحق في الكرامة البشرية الذي تتفرع عنه كافة حقوق الإنسان الإنسانية، حق العمل، حق التملك، الحق في الصحة، الحق في التعليم، الحق في حرية التنقل والتعبير وتشكيل الجمعيات والمؤسسات، ويجب النظر إلى هذه الحقوق كوحدة متكاملة على الرغم من أولوية بعض الحقوق في المرحلة الراهنة كحق العمل والتملك».
وشدد على «ضرورة تطبيق القرارات العربية بشأن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وكذلك الدستور اللبناني حيث مقدمته في الفقرة «ب» تقول على ان «لبنان بلد عربي الهوية والإنتماء، وهو عضو عامل ومؤسس في جامعة الدول العربية، ويلتزم مواثيقها.. كما هو عضو مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة، وملتزم ميثاقها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتجسِّد الدولة هذه المبادئ في جميع الحقول والمجالات دون استثناء».

وأضاف: يقتضي التنويه بادئ ذي بدء أن اجتهاد المجلس الدستوري اللبناني قد استقر على اعتبار مقدمة الدستور جزءاً لا يتجزأ منه وتتمتع بقيمة دستورية كاملة، ومن هذا الإجتهاد القرار رقم 1/99 والقرار رقم 2/97 حيث جاء فيهما: «بما أن المبادئ الواردة في مقدمة الدستور تعتبر جزءاً لا يتجزأ منه وتتمتع بقيمة دستورية شأنها في ذلك شأن أحكام الدستور».

ولفت ضاهر الى «بروتوكول الدار البيضاء الصادر في أيلول من العام 1965 والذي تطرق الى حق اللاجئين الفلسطينيين في البلدان العربية ومنها لبنان «مع الاحتفاظ بجنسيتهم الفلسطينية، يكون للفلسطينيين المقيمين حالياً في أراضي.. الحق في العمل والاستخدام أسوة بالمواطنين».

وأشار الى «أن الاعلان العالمي لحقوق الانسان قد اعطى الانسان بشكل عام حقوقا اساسية ولبنان هو إحدى الدول التي صاغت هذا الاعلان ،»لكل شخص الحق في العمل وله حرية اختياره بشروط عادلة، ومرضية، كما له الحق الحماية من البطالة...».

وطالب ضاهر «بصدور تشريع يمنح بموجبه حق العمل للاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان والمسجلين رسمياً في دوائر الأمن العام اللبناني. تنفيذاً للبيان الوزاري للحكومة اللبنانية في المادة 11 والتي جاء فيها: تؤكد الحكومة اللبنانية التزامها بأحكام الدستور لجهة رفض التوطين وتتمسك بحق اللاجئين في العودة إلى ديارهم مما يستدعي القيام بحملة سياسية ودبلوماسية من أجل إحقاق هذا الحق وتعزيز الموقف اللبناني الرافض للتوطين وتحميل المجتمع الدولي مسؤولية عدم عودة الفلسطينيين إلى ديارهم».

ولفت الى أوضاع المخيمات الصعبة وقال: إن المخيمات الفلسطينية تستثنى من خدمات البنى التحتية كالماء والكهرباء والهاتف والطرق، مما يؤثر سلباً على مختلف جوانب الحياة اليومية للاجئين الفلسطينيين ويحرمهم من مظاهر التقدم الحضاري والرقي الإنساني ومن بيئة نظيفة معافاة التي يحق للمجتمع الفلسطيني التمتع بها. والعمل على زيادة المساحة الجغرافية الأفقية كي تستوعب الزيادة السكانية الطبيعية.

وعن اللاجئين فاقدي الأوراق الثبوتية قال ضاهر: لما كانت حرب حزيران 1967 قد أضافت مأساة جديدة إلى أبناء شعبنا الفلسطيني منهم من دخل إلى لبنان بصورة قانونية إما بجواز سفر أو وثيقة مصرية أو أردنية أو غيرها ولم يجددوا أوراقهم الثبوتية بعد انتهائها لأسباب سياسية من بلد الإصدار، فتقطَّعت بهم السُبل في لبنان ولم يتمكنوا من حيازة أوراق قانونية سواءً لناحية الإقامة في لبنان أو أوراق ثبوتية للزواج أو شهادة ميلاد أو وثيقة سفر مما يوجب إيجاد حل جماعي إنقاذاً لهم ولأولادهم من الضياع بدون هوية أو جنسية أو أي أوراق ثبوتية?تعرِّف عن شخصياتهم وهؤلاء لا يتجاوز عددهم 4000 لاجئ حيث يتعرض الكثير منهم لحالات اعتقال، ناهيك عن صعوبة الإنتقال للعمل وتأمين العيش الكريم. لذلك نأمل إيجاد حل دائم لهذه المشكلة الإنسانية باستكمال تسجيلهم ومنحهم حق الإقامة أسوة بغيرهم من اللاجئين الفلسطينيين.
 
رئيس «الاتحاد العام للمهندسين الفلسطينيين» - فرع لبنان المهندس منعم عوض، أشار الى «أن العدد الفعلي للمهندسين الفلسطينيين في لبنان بشتى اختصاصاته يقدّر بحوالى 800 مهندس، يتواجد منهم في لبنان 450 مهندساً والباقي يعمل في الخارج».
وأوضح أنه «حتى العام 1981 كان يحق لكل مهندس فلسطيني الانتساب للنقابة في بيروت وطرابلس إذا كان لديه إذن بمزاولة مهنة من وزارة العمل، وفي حزيران من العام 1981 انتسب للنقابتين أكثر من 150 مهندساً فلسطينياً دفعة واحدة، مما أحدث خللاً بالعرف النقابي المعمول به، وهو مقابل كل 10 مهندسين لبنانيين ينتسبون الى النقابة، هناك مهندس فلسطيني واحد. وقد أوقف حينها الإنتساب لسنتين حتى يخرجوا من الخلل. ولكن في العام 1983 - أي في الحكومة التي ترأّسها المرحوم شفيق الوزان، صدر مرسوم بمنع الفلسطيني من مزاولة أكثر من 70 مهنة، و?ناءً عليه تم إيقاف إذن مزاولة المهنة من وزارة العمل، ومنذ ذلك الحين ممنوع انتساب فلسطيني الى نقابة المهندسين في بيروت، لكن بالنسبة الى نقابة المهندسين في طرابلس، وحتى الآن يحق للمهندس الفلسطيني الإنتساب للنقابة إذا كان لديه إذن مزاولة عمل».
وقال: إن عدد المهندسين الفلسطينيين المنتسبين ويمارسون العمل الآن لا يتعدّى 70 مهندساً في نقابتي بيروت وطرابلس، وربما يخطر على البال سؤال، كيف أن المنتسبين في العام 1981 كانوا أكثر من 150 مهندساً، والآن لا يتعدّون 70، فالسبب أن قانون النقابة يلغي انتساب المهندس إذا لم يدفع اشتراكات لسنتين متتاليتين، وهذا ما حصل.
 
وأضاف: إن نسبة المهندسين الذين يزاولون مهنة الهندسة مقارنة بالمجموع الكلّي للخريجين الفلسطينيين تتجاوز 80٪، لأن نسبة المهندسين العاطلين عن العمل هذه الأيام لا تتعدّى 20٪.
 

وألمح الى «أن نسبة المهندسين الذين يُمارسون مهناً أخرى غير الهندسة، قدّرت بحوالى 30٪، وخصوصاً التخصصات التي ليس لها سوق عمل مثل المهندس الميكانيكي، الآلات الزراعية والمهندس الكيميائي ومهندس الآلات الطبية. أما التخصصات الأخرى مثل: المهندس المدني، المهندس الميكانيكي، المهندس الكهربائي، الكومبيوتر والعمارة، فإن سوق العمل يطلبه».

وختم عوض بالقول: إن «الاتحاد العام للمهندسين الفلسطينيين» - فرع لبنان، كما الاتحادات الأخرى، يشارك بكل الفعاليات والنشاطات لمطالبة الحكومة اللبنانية والمجلس النيابي إقرار الحقوق المدنية، ونتمنى على كل القوى السياسية مهما اختلفت في السياسة أن تكون موحّدة حول الحقوق المدنية. ونعتبر الخطوة التي تم اتخاذها هي بداية لا بد من الإستمرار بها الى أن نصل الى إقرار الحقوق المدنية للاجئ الفلسطيني المقيم في لبنان، والذي لا يُعتبر عبئاً على الدولة، لأنه ينتج ويصرف إنتاجه في البلد، بل أكثر من ذلك، فإن المغتربين من اللاجئ?ن الفلسطينيين يحولون جزءاً كبيراً من أموالهم الى لبنان.

عضو المكتب السياسي لـ «جبهة النضال الشعبي الفلسطيني» المهندس أبو خالد الشمال، اعتبر «أن مشروع إقرار حق العمل في مجلس النواب، مشروع منقوص لا يفي بحاجة الشعب الفلسطيني، ولا يلبّي طموحاتنا، ويبقي حالة التمييز موجودة، ويواصل الشعب وقواه السياسية وقوى المجتمع المدني تحركاتهم من أجل إقرار الحقوق المدنية والاجتماعية، بما فيها حق التملّك، ولقد كنا ضحيّة التجاذبات السياسية الداخلية والحسابات الطائفية».

ورأى بأن «المشروع الذي وافق عليه مجلس النواب بشأن حق العمل، لا يُشكّل الحد الأدنى، ولا يمت بأي صلة لما كان يطرحه الفلسطيني والقوى السياسية حول حقوقهم الإجتماعية والمدنية، ونعتبره أمراً بسيطاً في مواجهة سياسة الحرمان المتواصلة من قبل الدولة اللبنانية، تجاه 400 ألف فلسطيني يعيشون في لبنان قصراً، منذ أكثر من 62 عاماً، رغم عشرات المذكرات التي قدّمت والتحركات الجماهيرية، وما قُدّم من مشاريع لأحزاب لكن دون جدوى».

واستطرد الشمال: تمخّض الجبل فولد فأراً، فبعد كل هذا الجهد العسير، والنضال الطويل، عبر هذه السنوات من الحرمان الذي عاشه الشعب الفلسطيني في لبنان، فقد أبقى هذا المشروع على حالة التمييز من خلال إجازة العمل، وتجاهل حقوق العاملين في المهن الحرة دون أي مبرر قانوني، إضافة الى تجاهله حق التملّك وغيرها من الحقوق التي ما زالت تشكّل عاملاً ضاغطاً على شعبنا في لبنان.

وشدد على «أن هذا المشروع هو حصيلة النقاشات التي جرت في لجنة الإدارة والعدل ومع وزير العمل، حيث قدّمت معطيات ومعلومات مغلوطة وغير صحيحة حول العمالة الفلسطينية، كان الهدف منها إبقاء الحرمان سيفاً مسلّطاً فوق رقاب العمّال الفلسطينيين، لكن كان على مجلس النواب رفض ذلك، والعمل على تصحيح الخلل، برفض توصيات لجنة الإدارة والعدل، وإقرار الحقوق المدنية والاجتماعية كاملة دون تجزئة، وخصوصاً حق العمل والتملّك والضمان الصحي والاجتماعي وغيرها من الحقوق».

وختم الشمال: يجب أن نعترف إننا وقعنا في فخ التجاذبات الداخلية اللبنانية، والإصطفافات الطائفية المرفوضة من قبلنا، لأننا لسنا طائفيين، ولسنا طائفة محسوبة على أحد وضد أحد، بل إننا نناضل من أجل حق عودتنا الى أرضنا وممتلكاتنا في فلسطين، رافضين كل مشاريع التوطين أو أية مشاريع أخرى تعيق حق شعبنا في عودته الى أرضه وممتلكاته، وأؤكد إننا سنواصل تحركاتنا مع جميع القوى الحليفة والصديقة اللبنانية الداعمة لحقوق شعبنا المدنية والاجتماعية، لاقرارها كاملة دون انتقاص، لأن إقرار هذه الحقوق هي دعم فعلي لمقوّمات الصمود الاجتم?عي لشعبنا ونضالنا من أجل حق العودة الى أرضنا.
رئيس «الاتحاد العام للأطباء والصيادلة الفلسطينيين» - فرع لبنان الدكتور محمد حمّاد، استغرب «الخطوة الخجولة بإقرار حقوق العمل للفلسطينيين، حيث كنا ننتظر أن يتم إقرار الحقوق الإنسانية وحقوقنا كأطباء وصيادلة، فمن غير الممكن أن يكون 300 طبيب و50 صيدلياً موزعين على كل الأراضي اللبنانية، عقبة في وجه الأخوة اللبنانيين، أو أن منح وإقرار الحقوق الإنسانية للاجئين ستمنعهم من العودة الى وطنهم فلسطين، أو ستكون مدخلاً الى توطينهم، وكأننا نحن من يفرض التوطين وبيدنا القرار».
 
وطالب «الرؤساء العماد ميشال سليمان ونبيه بري وسعد الحريري ووزارة الصحة العامة ونقابة الأطباء ونقابة الصيادلة وجميع الأحزاب الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني، العمل على إعطاء الأطباء والصيادلة الفلسطينيين إذن مزاولة المهنة».
 
واستطرد: فقد كان بالإمكان إعطاء إذن مزاولة المهنة لخرّيجي الجامعة اللبنانية، وهذا عرف في كل دول العالم، فمن غير الجائز أن يدرس الإنسان في دولة ولا يسمح له العمل فيها.
 
وختم الدكتور حمّاد مناشداً «نقابتي الأطباء والصيادلة في لبنان، استثناء الطبيب والصيدلي الفلسطيني والسماح له بالعمل حتى يتمكّن من العيش الكريم الى حين عودتنا الى أرض الوطن فلسطين».
 

مهندس يبيع ألبسة مستعملة

خلال تجوالنا في المخيمات الفلسطينية في لبنان، نشاهد شباباً وأطفالاً يعملون في محلات «حدادة وبويا السيارات» أو النجارة، وهي محلات بسيطة. من حيث المعدات، تعتمد على «شطارة ومهنية» هؤلاء الشباب.

عند مفرق الشارع التحتاني لمخيم عين الحلوة، وفي نقطة تفصلُ ما بين حدوده مع مخيم الطوارئ وتعمير عين الحلوة، لم يجد أبو علي (في العقد الخامس من عمره)، والذي حاز على شهادة الهندسة، مكاناً ليعمل به بالشهادة الذي اكتسبها بعرق الجبين، نتيجة كده وتعبه ودراسته، اقتطع ذووه اللقمة عن أفراد العائلة ليكمل إبنهم دراسة الهندسة ويتخرج مهندساً لعله ينتشلهم من الفقر، ولكن ضاقت السبل به، فلم يجد إلا أن أفتتح محلاً لبيع الألبسة المستعملة «حتى أتمكن من تأمين لقمة العيش لي ولعائلتي، فأحصل على ما قيمته بين 10–15 ألف ليرة لبناني?، تساعدني في تأمين الحد الأدنى من العيش بكرامة وطبعاً الحد الأدنى للفقراء والمعدومين الذين مثل حالنا أبسط الطعام والمشرب، أما اللباس الجديد وغيره من الكماليات، فلا نستطيع شرائها» – فأنا أؤمّن لقمة العيش لأسرتي»..

واستطرد «أبو علي»: هذه حياتنا، صعوبة في العيش، حرمان من الحقوق الإجتماعية والإنسانية والمدنية، هذه العوامل تغلق أفق المستقبل أمام شبابنا الذي يقف قلقاً على مستقبله، ولكن بصيص الأمل في تغيّر أحوالنا هو إصرارنا على حقنا في العودة إلى وطننا فلسطين، ولا شيء غير العودة إلى الوطن يُمكن أن يعيد لنا الأمل.

يعمل لإعالة عائلته
الفتى محمد خليل (13 عاماً - يعمل في محل دهان السيارات في تجمع بستان القدس «بستان اليهودي» سابقاً، ترك المدرسة من الصف السادس إبتدائي حتى يُساعد والده لتأمين لقمة العيش في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة)، فيقول: نحن عائلة كبيرة ومستلزمات الحياة ومتطلباتها عديدة وكبيرة، هو الوحيد الذي يعمل ويقدم مستلزماتنا الحياتية، ولكنه يقف عاجزاً أمام ضغط الحياة ومصاريف البيت، إخوتي جميعهم في المدارس، أما أنا فتركت المدرسة والعمل لكي أساعد والدي وأسرتي من جهة، وأتعلم «صنعة» (مهنة) تكون ضمانةً لي في المستقبل.
 

يستطرد الفتى محمد خليل عن أسباب عدم متابعة تحصيله العلمي بالقول: إذا تعلمت وأكملت دراستي وتخرجت من الجامعة، فإنني لا أجد عملاً لي بالشهادة الجامعية التي أحملها وهناك أمثلة كثيرة موجودة بيننا في المخيم، فمئات الشباب الذين تخرجوا من الجامعات أو المعاهد لا يعملون بالشهادات التي يحملونها، إنهم يعملون بالبناء والباطون «أشغال شاقة»، تصور لو أنهم إختصروا الطريق وتعلموا مهنة - (أن أحبوا ذلك أم لا فهذا قدرنا كفلسطينيين لاجئين مقتلعين من أرضنا) – فيكونوا قد اختصروا المسافة ووفروا شقاء أفراد عائلاتهم، الذين عملوا ليلاً ونهاراً واقترضوا الأموال لكي يؤمنوا لهم فرصة إكمال تحصيلهم العلمي. أنا أختصر هذه المسافة وأدخل معترك الشقاء والعمل «الأعمال الشاقة» مبكراً.

ويختم الفتى محمد: كم أحب أن أكون كباقي الأطفال في المدرسة أتعلم وألعب وأحقق أحلامي الكثيرة..

المصدر: هيثم زعيتر، جريدة اللواء