القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

تقارير إخبارية

تحذير مبطّن أم تمهيد للكارثة؟ تصريح «كلاوس» يكشف ملامح تقليص خدمات «الأونروا» تدريجياً في لبنان


بيروت- لاجئ نت|| الإثنين، 11 آب، 2025

يواجه اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، الذين يتجاوز عددهم الـ 200 ألف، مستقبلاً مجهولاً في ظل أزمة تمويل غير مسبوقة تضرب وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). ففي تحذير صارخ، أعلنت مديرة عمليات الأونروا في لبنان، دوروثي كلاوس، أن استمرارية تقديم الخدمات الأساسية باتت مهددة بشكل جدي، وأن الوكالة لن تتمكن من مواصلة عملياتها إلا لشهرين إضافيين، أغسطس وسبتمبر، إذا لم تصل جميع المساهمات المتعهد بها في وقتها المحدد.

هذا التصريح لم يعد مجرد إعلان إداري، بل هو بمثابة جرس إنذار سياسي وإنساني، يثير تساؤلات حول الأهداف الحقيقية وراء هذه الأزمة المتجددة. فبينما تؤكد الأونروا أن المشكلة هي "نقص في التمويل"، يرى العديد من المراقبين أنها قد تكون جزءًا من خطة دولية ممنهجة تهدف إلى تقليص دور الوكالة، وصولاً إلى تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين برمتها.

تاريخ من الأزمات... ومسار سياسي مشبوه

ليست هذه المرة الأولى التي تواجه فيها الأونروا أزمة مالية. فمنذ سنوات، تعاني الوكالة من فجوات تمويلية متزايدة، لكن الأزمة الحالية تأخذ أبعاداً أخطر. ويربط محللون بين هذه الأزمة وبين "صفقة القرن" ومحاولات بعض القوى الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، إنهاء عمل الوكالة. فمنذ عام 2018، قامت الإدارة الأمريكية بوقف تمويلها بالكامل، مما شكل ضربة قاسية لميزانية الأونروا، وتبعتها ضغوط على دول مانحة أخرى.

الهدف، وفقًا لهؤلاء المحللين، هو تجريد اللاجئ الفلسطيني من "صفته السياسية"، وتحويله إلى مجرد "حالة إنسانية" يمكن استيعابها في الدول المضيفة أو دمجها في المجتمع الدولي، وبالتالي إسقاط حق العودة الذي نصت عليه قرارات الأمم المتحدة. فالأونروا، في نظرهم، ليست مجرد مزود خدمات، بل هي الشاهد الحي والرمز الدائم على النكبة.

تداعيات كارثية على الواقع اللبناني

الوضع في لبنان تحديداً يكتسب خطورة مضاعفة، وذلك لعدة أسباب:

1. غياب البديل: لا يوجد أي بديل رسمي لبناني أو دولي لخدمات الأونروا، التي تغطي قطاعات حيوية مثل التعليم، والصحة، والإغاثة، والبنية التحتية في المخيمات. أي توقف لهذه الخدمات سيعني كارثة إنسانية حقيقية.

2. أوضاع اقتصادية متدهورة: يعيش اللاجئون الفلسطينيون في لبنان ظروفًا اقتصادية خانقة، حيث ترتفع معدلات البطالة والفقر بشكل كبير. أي تقليص للخدمات سيؤدي إلى تدهور الوضع بشكل أكبر، وقد يدفع إلى انفجار اجتماعي داخل المخيمات التي تعاني أصلاً من الاكتظاظ.

3. دور الأونروا السياسي: في لبنان، حيث تمنع القوانين المحلية اللاجئين الفلسطينيين من العمل في العديد من المهن، وتفرض عليهم قيوداً على التملك، تمثل الأونروا المظلة الأممية التي تحمي حقوقهم وتساعدهم على الصمود. فتقويض الأونروا يعني تجريد اللاجئين من هذه المظلة، وتركهم في مواجهة مصير مجهول.

مسؤولية دولية ومحلية

تتطلب هذه الأزمة تحركاً عاجلاً من عدة أطراف:

• الدول المانحة: يجب على الدول المانحة، خاصة الأوروبية، تحمل مسؤولياتها والوفاء بتعهداتها المالية للأونروا لضمان استمرار عملها.

• القيادة الفلسطينية: هناك دعوات متزايدة لحراك سياسي فلسطيني موحد للضغط على المجتمع الدولي وإحباط أي مساعٍ لإنهاء دور الوكالة.

• المجتمع المدني واللاجئون: لا يزال الحراك الشعبي السلمي يمثل قوة ضغط هامة، حيث يمكن للتظاهرات والتحركات الشعبية أن ترفع الوعي بخطورة الأزمة وتجبر صانعي القرار على التحرك.

إن تقليص خدمات الأونروا ليس مجرد مسألة أرقام مالية، بل هو هجوم مباشر على الهوية الفلسطينية، وتهديد لحق العودة، ومحاولة لتصفية القضية الفلسطينية من البوابة الخلفية. فهل سينهض المجتمع الدولي بمسؤولياته أم سنكون أمام مرحلة تصفية صامتة لقضية اللاجئين؟