القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

تقارير إخبارية

معاناة أبناء البارد مستمرة... والمساعدات الدولية لا تلبي الحاجات

ألفا عائلة تقيم في البراكسات والمخازن والشقق ضمن المخيم الجديد
معاناة أبناء البارد مستمرة... والمساعدات الدولية لا تلبي الحاجات
 

الخميس، 22 أيلول، 2011

تترقب الحاجة أم محمد عثمان بفارغ الصبر انتهاء ورش إعادة إعمار الجزء القديم من مخيم نهر البارد، وتحديداً الحيّ الذي كانت تقطن فيه مع عائلتها المؤلفة من سبعة أفراد، وتقف حائرة أمام سائليها في تحديد الأولويات المعيشية التي تفرضها عليها الظروف الحياتية الصعبة التي تواجهها داخل مسكنها المؤقت في أحد المخازن، في المخيم الجديد، الذي كانت انتقلت إليه قبل نحو ثلاث سنوات بعد «مشوار» من النزوح بين مخيم البداوي ومحيطه. لا شي يعوّض أم محمد (65 عاما) عن منزلها في حي صفوري داخل المخيم القديم، وهي التي دخلته في عمر الـ 18 وشاركت زوجها في وضع مداميكه الأساسية، وفي بنائه «حجرا فوق حجر»، قبل أن ينهار بجزئيه العلوي والسفلي ويطمر الركام كل محتوياته.

تقف أم محمد اليوم على شرفة المخزن المطلّ على المخيم القديم، تراقب وتنتظر قراراً يعيدها إلى منزلها الجديد لتلحق بمئات العائلات التي عادت قبل أشهر، وهي التي ملّت من الإقامة في مخزن لا تتجاوز مساحته بعض الأمتار. وسئمت من كثرة الوعود وصُمّت أذناها من الحديث عن التبرعات والمساهمات الدولية والمؤتمرات، التي تعد مع كل مناسبة بهدف الخروج بصيغة تساهم في التخفيف من معاناة اللاجئين. معاناة أم محمد في منزلها المؤقت وتذمرها من الوعود لا يختلف عن أقرانها في المخيم، الذين سمعوا كثيراً عن المساعدات والهبات الدولية. ولم يلمسوا إلا النزر اليسير منها. ولا تغني عائلة أم محمد ولا تعوض عليها خسارتها في منزلها الذي «كلفني مال قارون وحرمني من زوجي لمدة عشرين عاما، كان يتنقل خلالها بين لبنان والخليج لتوفير الأموال لبناء المنزل وتجهيزه».

ثلاثة آلاف عائلة وأكثر، ما تزال تعيش داخل المخيم الجديد وفي محيطه، في ما يسمى البراكسات أو البيوت المؤقتة وفي المخازن. وأفرادها وإن «اعتادوا» على التأقلم مع الأمر الواقع، إلا أن المعالجات تبقى أقل من المرجو، خصوصا بالنسبة للمقيمين في تلك الأماكن، إذ يعيشون ظروفا صعبة، لم تنفع معها كل المناشدات والمؤتمرات الدولية في وضع حدّ نهائي لمشاكلهم، التي تبدأ بظروف إقامتهم ولا تنتهي عند الحاجة الملحة لأبسط مقومات العيش الكريم. فبعد انتهاء المواجهات العسكرية في مخيم البارد، وعودة معظم النازحين إليه بعد أقل من عام تقريبا، بدأت تلوح في الأفق مشكلة تأمين الإقامة لنحو أربعة آلاف عائلة هجّرت من المخيم القديم، جرى استيعاب نحو ألف عائلة منها ضمن البراكسات، التي شيّدت داخل المخيم الجديد، ونحو 800 عائلة وزعت على المخازن والشقق داخل المخيم وفي محيطه، في حين توزعت باقي العائلات على مخيم البداوي ومدينتي البداوي وطرابلس، وبعض مخيمات لبنان. وتولت وكالة «الأونروا» تأمين بدلات الإيجار من المساعدات الدولية التي تحصل عليها، وآخرها كان المبلغ الذي تبرع به الاتحاد الأوروبي ويبلغ 12 مليون يورو، خصص جزء منه لمخيم البارد لاستخدامه في تأمين بدل الإيجار وفي توفير المساعدات الغذائية (الإعاشة).

لكن خلاصة تلك الجهود الدولية، لم تفض إلى النتائج المطلوبة أو تلك التي كان الحديث جار عنها مع بداية الأزمة، حيث ما تزال مشكلة إقامة العائلات النازحة، وتأمين عودتها إلى منازلها بعد الانتهاء من إعمارها تعتبر من العقبات الرئيسية التي يعاني منها الأهالي. وتجد «الأونروا» صعوبة في معالجتها على أكمل وجه، خصوصا مع ما يترتب على ذلك من مسائل تتطلب أموالا إضافية لتغطية كامل نفقاتها، وما يتعلق بمواد التموين، والتي أثيرت كثيراً من قبل النازحين، بعد اضطرار «الأونروا» مرات عدة إلى التخفيف من محتوياتها أو تأخر تسليمها، والإعلان عن نيتها استبدالها بمبالغ مالية، الأمر الذي رفضه النازحون، الذين يخوضون اليوم معركة جديدة تتمثل بسعيهم للحفاظ على تلك الإعانة الشهرية، بعد حديثهم عن توجه «الأونروا» لوقف تسليم الحصص الغذائية لنحو 278 عائلة عادت إلى منازلها في المخيم القديم، وهو ما وضعه متابعون في إطار سعي الوكالة لتخفيف الإنفاق بسبب نقص الأموال وعدم التزام الدول المانحة بتعهداتها.

ويقول ابو عادل لوباني: «انا أقيم مع عائلتي المؤلفة من ستة أولاد ووالدتهم داخل مخزن في المخيم الجديد، وقد انتقلت إليه بعد عودة النازحين قبل نحو ثلاث سنوات، بعدما فقدت الأمل في إيجاد شقة سكنية داخل المخيم الجديد، وكنت أصر على عدم الإقامة خارج المخيم». وأضاف: «لقد تم إجراء بعض التحسينات على المخزن قبل الانتقال اليه، حيث وضع بداخله مرحاض ومطبخ صغير، اقتطعت مساحتهما من مجمل مساحة المخزن التي تبلغ سبعة أمتار في الطول وخمسة أمتار في العرض». وتابع: «أنا أدفع بدل إيجار المخزن في الشهر 250 دولارا أميركيا، وأتقاضى من «الأونروا» 150 فقط. وقد سمعنا كلاما كثيرا عن محاولات لتأمين الأموال لتغطية بدل كامل الإيجار، ولكنها كلها وعود بوعود».

ويلفت مسؤول «الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين» في الشمال أركان بدر إلى أن «بدل الإيجار الذي تقرر منذ بدء الأزمة كان 150 دولاراً أميركياً، لكن ارتفاع أسعار الإيجارات جعل المبلغ غير كاف، و«قد سعينا على خط رفع قيمة البدل ولكن نقص الأموال كان الجواب الذي يأتينا في كل مرة». ويضيف: «المساعدات الدولية التي تصل من وقت لآخر، يتم استخدامها في مجال دفع بدلات الإيجار وتأمين المواد الغذائية وغيرها من الخدمات الضرورية، ولكنها تبقى غير كافية نظرا لحجم المشكلة».

المصدر: عمر ابراهيم – السفير