القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

تقارير إخبارية

من تل الزعتر إلى غزة: 49 عاماً من المجازر تروي قصة الصمود الفلسطيني


بيروت – لاحئ نت|| الثلاثاء، 12 آب، 2025

تحل اليوم الذكرى التاسعة والأربعون لمجزرة مخيم تل الزعتر، التي وقعت في 12 أب "أغسطس" 1976. لا يزال هذا التاريخ يمثل جرحًا غائرًا في الذاكرة الفلسطينية، حيث تحول المخيم إلى رمز للصمود الأسطوري في وجه حصار وحشي أعقبه إبادة جماعية. تُعتبر هذه المذبحة "نكبة أخرى" للشعب الفلسطيني، وهي تحمل اليوم أصداء مؤلمة لما يتعرض له أهل غزة من قصف وحصار.

أحداث تل الزعتر: حصار وإبادة وحشية

بدأت فصول المأساة مع اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975، عندما أصبح مخيم تل الزعتر، رمز المقاومة الفلسطينية في شمال بيروت، هدفاً للميليشيات اللبنانية المسيحية المارونية. في يناير 1976، فُرض حصار خانق على المخيم، حُرم خلاله السكان من الغذاء والماء والدواء.

في 22 يونيو 1976، بدأ هجوم عسكري واسع النطاق على المخيم استمر 52 يوماً. تشير التقديرات إلى أن أكثر من 55 ألف قذيفة سقطت على المخيم المكتظ، مما أدى إلى تدميره بالكامل. ومع انهيار دفاعاته، جرى التوصل إلى اتفاق لإخلاء المدنيين، لكن هذا الاتفاق كان فخاً. ففي 12 أغسطس 1976، وهو يوم سقوط المخيم، تعرض اللاجئون وهم يغادرون المخيم عزلاً من السلاح لإطلاق نار عشوائي، أعقبه دخول الميليشيات وارتكاب مجزرة مروعة.

أسفرت المذبحة عن استشهاد 4280 شخصاً، غالبيتهم من المدنيين، بينهم نساء وأطفال وشيوخ. كما وثقت شهادات الناجين عمليات تنكيل وحشية بالجثث، لتبقى هذه الأرقام والقصص شاهدة على فظاعة ما حدث.

الأهداف والنتائج: من التطهير إلى التشريد

كان الهدف من وراء مجزرة تل الزعتر واضحاً: تفكيك الوجود الفلسطيني المسلح والسياسي في لبنان، والقضاء على مخيم كان يمثل أيقونة الصمود والهوية. بعد المذبحة، قامت الجرافات بتسوية المخيم بالأرض، ومنع اللاجئون من العودة إليه حتى يومنا هذا، مما أدى إلى تشريد سكانه في مناطق مختلفة من لبنان.

لقد نجحت المجزرة في تحقيق أهدافها بتدمير المخيم ككيان جغرافي، لكنها فشلت في كسر إرادة الشعب الفلسطيني، حيث بقي تل الزعتر رمزاً حياً للمقاومة في الذاكرة الجماعية.

تل الزعتر وغزة: التاريخ يعيد نفسه

في الذكرى الـ 49 لمجزرة تل الزعتر، يستحضر الفلسطينيون المعاناة نفسها التي يعيشها أهلهم في قطاع غزة اليوم. فبين الأحداث في المخيم عام 1976 وما يحدث في غزة حالياً، هناك قواسم مشتركة مؤلمة:

الحصار: تعرض تل الزعتر لحصار خانق، تماماً كما يواجه قطاع غزة حصاراً شاملاً لسنوات طويلة.

القصف العشوائي: القصف المكثف الذي دمر مخيم تل الزعتر يشبه القصف الوحشي الذي يضرب غزة، مستهدفاً المدنيين والبنية التحتية.

التشريد: بعد تل الزعتر، تشرد سكانه. واليوم، يتعرض مئات الآلاف من سكان غزة للتهجير القسري.

تؤكد هذه الأحداث أن القضية الفلسطينية تتعرض لمخطط ممنهج، يتغير فيه الفاعلون والمكان، لكن الهدف يبقى واحداً: محاولة إنهاء الوجود الفلسطيني وكسر إرادة الصمود. لقد أصبح تل الزعتر وغزة وجهين لعملة واحدة، تروي قصة شعب مصمم على الحياة والمقاومة حتى تحقيق التحرر والعودة.