القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

تقارير إخبارية

وقف تمويل الأونروا يبعثر أوراق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان


الثلاثاء، 6 شباط، 2024

يعيش اللاجئون الفلسطينيون في لبنان حالة من عدم الاستقرار والقلق، بعد تعليق دول غربية تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ما أثار مخاوف كبيرة حول تأثير هذا القرار على حياتهم وظروفهم المعيشية.

وفي التاسع والعشرين من يناير الماضي، قال وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب إن "قطع بعض الدول التمويل عن الأونروا خطأ تاريخي سيشكل تهديدا للأمن الإقليمي”.

ويعيش اللاجئون الفلسطينيون في لبنان ظروفا صعبة، حيث يواجهون تحديات كبيرة في مجالات السكن والتعليم والرعاية الصحية، ما يجعل توقف تمويل الأونروا يعزز هذه التحديات، ويترك اللاجئين بدون دعم أساسي، ويضعهم في ظرف صعب يتطلب تفعيل جهودا دولية ومحلية لتخفيف الآثار الإنسانية والاقتصادية لهذا القرار.

وتزعم "إسرائيل” أن 12 من موظفي الأونروا البالغ عددهم 13 ألفا في غزة، شاركوا في هجمات حركة حماس على مستوطنات إسرائيلية محاذية للقطاع في السابع من أكتوبر 2023، فيما أعلنت الوكالة أنها تجري تحقيقا بهذه المزاعم.

ومنذ السادس والعشرين من يناير الماضي، جرى تعليق تمويل الأونروا من جانب 18 دولة: الولايات المتحدة وكندا وأستراليا واليابان وإيطاليا وبريطانيا وفنلندا وألمانيا وهولندا وفرنسا وسويسرا والنمسا والسويد ونيوزيلاند وأيسلندا ورومانيا وإستونيا والاتحاد الأوروبي، وفقا للأمم المتحدة.

الهدف تصفية القضية

يقول الباحث في التنمية الاجتماعية – الاقتصادية الفلسطينية ماهر أبوعيسى إن "قرار وقف التمويل هو سياسي ويهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية”.

وأوضح أبوعيسى أن "تصفية القضية تقوم على 3 ركائز، إنهاء الأونروا والتطبيع والتهجير القسري، وهذا ما شاهدناه في غزة، وهو نموذج لما حدث في 1948، ولكن بشكل متقدم”.

ولفت إلى أن "إسرائيل ضغطت على هذه الدول لتصفية القضية الفلسطينية، لأن الأونروا تعتبر الشاهد الحي على القضية الفلسطينية، وهي مرجع توثيقي للمستندات التي تبرهن على أن الشعب الفلسطيني له الأحقية في فلسطين”.

وأشار إلى "احتمال نجاح "إسرائيل” في إنهاء الأونروا، وضرب عصبها الأساسي وهو الدعم المالي، إذ إن قطع التمويل يشكل خطرا على استمراريتها”.

وأوضح أن الوكالة الأممية "تقدم خدمات لحوالي 5 ملايين لاجئ فلسطيني، وعدد الوظائف في الأونروا حوالي 30 ألف وظيفة في قطاع التعليم، والتدريب المهني والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية والمشاريع الصغيرة”.

وأشار إلى أنها "تقوم بأعمال تحسين البنى التحتية للمخيمات، وتساهم في الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي”.

كما اعتبر أن "الأونروا ليست فقط مزودة، إنما هي أيضا رمز للهوية الفلسطينية وناقل الهوية عبر الأجيال”.

وأكد وجود "خطر حقيقي، يتمثل في وجود ملفات اللاجئين الفلسطينيين وأرشيفهم في إحدى الدول الأوروبية (لم يسمها)، وهذا يشكل خطرا على هذه المحفوظات كالتلف أو السرقة أو إخفائها، ما يسبب ضياع حقوق الشعب الفلسطيني”.

كارثة للفلسطينيين في لبنان

يعرب اللاجئ الفلسطيني محمد الحاج (70 عاما)، من مخيم برج البراجنة في بيروت، عن مخاوفه من قرار تعليق التمويل، لأنه يؤدي إلى "تأثيرات سلبية بالقطاعين التعليمي والصحي بشكل كبير”.

وأضاف الحاج أن "الأونروا تعطينا كل 3 أشهر 50 دولارا للشخص الواحد، ونحن خمسة أشخاص نعيش في البيت وهذا المبلغ (250 دولارا) لا يتناسب مع غلاء الأسعار في لبنان”.

وفي حيرة من أمره تساءل "الحياة صعبة وكارثية في لبنان، فكيف إذا توقفت مساعدات الأونروا، لاسيما أن اللاجئ الفلسطيني بحسب القوانين اللبنانية لا يحق له التملك أو العمل”.

وفاقمت الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان منذ عام 2019، معاناة اللاجئين الفلسطينيين الذين يكابدون البؤس وآلام اللجوء وارتفاع نسبة الفقر والبطالة.

ويمنع القانون اللبناني الأجانب، بمن فيهم اللاجئون الفلسطينيون، من العمل بأكثر من 70 مهنة كالطب والصيدلة والهندسة والمحاماة ورئاسة تحرير الصحف وغيرها، إلا أنها باتت متاحة لهم بموجب القرار الجديد. وأصدر وزير العمل اللبناني مصطفى بيرم نهاية 2021 قرارا يسمح للاجئين الفلسطينيين بمزاولة المهن المحصورة باللبنانيين فقط.

ومن جانبه، رأى اللاجئ محمود الحاج (30 عاما) أن "في حال توقف دعم الأونروا للشعب الفلسطيني في لبنان، فسوف يتأثر الشعب والقضية معا، وسيصبح الوضع كارثيا داخل المخيمات”.

واعتبر أن "توقف دعم الأونروا يعني إنهاء الشعب الفلسطيني وتوطينه، ونحن لا نريد أن ننتهي، ولا نريد التوطين، بل نريد العودة إلى فلسطين”.

وأكد اللاجئ أن "إسرائيل تريد إنهاء القضية الفلسطينية بالمؤامرة مع الولايات المتحدة وبريطانيا”.

العيش صعب دون الأونروا

تقول اللاجئة فاطمة الخطيب (50 عاما)، إن "الأونروا هي العصب الأساسي للشعب الفلسطيني التي حملت قضيته إلى حين العودة، ونحن ننتظر ذلك ومازلنا نحمل مفاتيح منازلنا لنعود إلى أرضنا”.

ولفتت إلى أن "لبنان يعاني ضائقة مالية وأزمة اقتصادية، ولا نستطيع العمل بأكثر من 70 مهنة بحسب القوانين اللبنانية”.

وبمفاجأة من العيار الثقيل، قالت الخطيب "ليسمحوا لنا بالذهاب إلى غزة لنعيش بمخيمات أفضل من هنا، لأننا في لبنان لا يحق لنا العمل”.

وأكدت أن "الأونروا إذا توقفت، فإن أولادي لا يستطيعون الذهاب إلى مدارس الأونروا، لأنني لا أستطيع تسجيلهم في مدارس خاصة (لبنانية)، ولن يقتصر الأمر على ذلك، بل هناك الطبابة والمستوصفات والبنى التحتية في المخيمات”.

وضع معيشي صعب

بحسب أحدث إحصاء لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، فإن العدد الإجمالي للاجئي فلسطين المسجلين لديها في لبنان بلغ 489 ألفا و292 لاجئا، فيما أجرت الحكومة اللبنانية، ممثلة في لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، في 2017 إحصاء خلص إلى وجود 174 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان.

وكانت الأونروا تشرف على 16 مخيما رسميا للاجئين الفلسطينيين في لبنان، لكن جرى تدمير 3 منها أثناء الحرب الأهلية (1975 – 1990) وتحديدا بين 1974 و1976.

والمخيمات الثلاثة المدمرة هي: مخيم النبطية (جنوب)، ومخيما دكوانة (تل الزعتر) وجسر الباشا في العاصمة بيروت، فيما يوجد مخيم رابع هو مخيم جرود في بعلبك، تم نقل سكانه إلى مخيم الرشيدية في منطقة صور (جنوب).

ويقيم أكثر من نصف اللاجئين في 12 مخيما منظما ومعترفا بها لدى الأونروا، وذلك على أمل تنفيذ حق العودة إلى فلسطين، وللحفاظ على الهوية الفلسطينية وتعزيز الروابط الثقافية والاجتماعية بين اللاجئين.

ولا يدخل الجيش أو القوى الأمنية اللبنانية إلى المخيمات، بموجب اتفاقية القاهرة لعام 1969، التي أوكلت مهمة حفظ الأمن داخل المخيمات إلى منظمة التحرير الفلسطينية، بينما يفرض الجيش اللبناني إجراءات مشددة حولها.

وتخضع المخيمات لمراقبة مُحكمة من الجيش والأجهزة اللبنانية الأخرى التي ترصد حركة الداخلين والخارجين منها عبر حواجز ونقاط تفتيش تحيط بالمخيمات.

وهذه المخيمات هي: عين الحلوة (جنوب شرق صيدا)، والمية ومية (شرق صيدا)، والرشيدية (جنوب صور)، والبرج الشمالي (شرق صور)، والبص (مدخل صور)، وبرج البراجنة (بيروت)، وضبية (شرق بيروت)، ومار إلياس (جنوب غرب بيروت)، وشاتيلا (وسط بيروت)، ونهر البارد والبداوي (شمال طرابلس)، ويفل (بعلبك).