القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

سناء سلمة تعانق والدها للمرة الأولى: أُسر وهي رضيعة... فخرج ليحمل طفليها

سناء سلمة تعانق والدها للمرة الأولى: أُسر وهي رضيعة... فخرج ليحمل طفليها

الأربعاء، 19 تشرين الأول، 2011

لم تكن سناء حسن سلمة تظن أنها يوما سترى الوالد الذي حكم بالسجن مدى الحياة. كان الأمل موجودا، والمعنويات مرتفعة، لكن الحقيقة كانت أن الأب لن يخرج، لا سيما ان اسمه أدرج مرات عديدة في صفقات سابقة، لكن في اللحظات الأخيرة كان يشطب، وتشطب معه آمال عائلة غادرها وكان له فيها ابن وابنة عمرهما 19 يوما، وعاد إليها، أمس ليجدها، فيها حفيدان بعمر سنتين، وزوجة لابنه ما زالت عروسا.

«السفير» التقت ابنته سناء. الفتاة لم تتمكن من كبت فرحتها. فانفجرت في الكلام والضحك والبكاء. وراحت كلماتها تتناثر وتنطق حروفا معدودة «أحبك ابي، احبك أبي».

تقول سناء لـ«السفير»: «اليوم لا يمكن لأحد أن يتفهم مشاعري، إني فرحة، غاضبة، حزينة، متألمة، إني كتلة من المشاعر المختلطة، فأنا في حياتي لم أفرح، لم أذق طعم الفرح، فأبي لا أعرفه، وهو لا يعرفني. عمليا نحن كنا مجرد أجساد تتحرك وترى بعضها بعضا من خلف الزجاج. لم نعش مع الوالد كعائلة. اليوم فقط سنتمكن من ذلك».

وأضافت «عشت لحظات كثيرة كنت في حاجة إلى أن يكون إلى جانبي، لكن الله لم يشأ. تزوجت ولم أفرح لأنه كان بعيدا. مرت أعياد كثيرة وهو بعيد. لم تكن سوى أيام عادية، اليوم فقط يوم عيدي، ويوم ميلادي، ويوم بعثي للحياة من جديد، لأن أبي أخيرا أصبح إلى جانبي».

بالأرقام يبدو المشهد من حول عائلة الأسير حسن سلمة مثيرا، فابنه وابنته كان عمرهما 19 يوما حين اعتقل، واليوم عمرهما تسعة وعشرون عاما ونصف العام، أما الزوجة فقد كان عمرها 19 عاما حين اعتقل واليوم اقتربت من الخمسين. شقيقه شكري كان عمره 13 عاما واليوم عمره نحو 43. الأب كان عمره 45 عاما واليوم عمره 74 عاما والأم تقريبا الشيء نفسه.

وكان سلمة قد اعتقل عام 1982 وحكم بالسجن مدى الحياة بتهمة قتل مستوطن. وقبل إطلاق سراحه كان سالم سادس أقدم أسير فلسطيني في سجون الاحتلال.

وقال سلمة لـ«السفير»: «لقد سجنت وكان ولداي طفلين، واليوم ها أنا أخرج وأحمل حفيدي بين يدي، إنها لحظة لا توصف، ومشاعري حاليا غريبة، لا أقدر أن أوضحها، إني مذهول».

لم يكن سلمة قادرا على الحديث أكثر. وجهه شاحب بعض الشيء، واحمرار عينه يظهر أنه لم ينم على الأقل في ليلة الإفراج. الرجل كان هادئا جدا، لم تظهر على وجهه الملتحي سوى ابتسامة توحي بأنه فقد الكثير الكثير، لدرجة ربما لم يعد بإمكانه الوثوق بأن المستقبل فيه ما يكفي لتعويض ما فات.

ابنه علي كان يخفي دموعا، كان لا يستطيع الكلام كثيرا، فهو الآخر لم يعرف أبيه سوى في الصور، وفي السجن، حين زاره المرة الاخيرة قبل 11 عاما، وبعدها حرم من الزيارة.

يقول علي لـ«السفير»: «لا أستطيع أن أتحدث الكثير عن والدي فأنا لا أعرفه، لقد عشت لحظات عمري كلها بحلوها ومرها من دون أن أشاركه فيها، ومع ذلك كنت أراسله وأشاوره عن بعد، لكنّي الآن أخيرا معه، وسأحتضنه».

علي الذي تزوج منذ أقل من شهر يرى أن حياته استعادت بهجتها من جديد، فكل الأيام التي مضت «كانت مظلمة» ولا يمكن اعتبارها أياما عادية لطفل ظل يشتاق لأبيه.

الزوجة التي صبرت نحو 30 عاما بانتظار زوجها، اعتبرت أن الأيام التي مرت كلها مجرد «ذكرى»، وهي اليوم تعيش من جديد. تقول لـ«السفير»: «حين غادر ترك لي ابنا وابنة عمرهما 19 يوما، واليوم عاد إلي وقد زاد عمر أحفادي عن العامين. أقول له إن وجودنا كله، سببه صبرك، وإرادتك، ومعنوياتك المرتفعة التي شحنتنا بها».

شكري شقيق حسن، كان أكثر انضباطا حين سألته «السفير» عن حياة أخيه... فشكري التقى شقيقه في السجن، وقد رآه كثيرا وحدثه كثيرا. يقول «كنت متأكدا من أن أخي سيعود لنا، كان الوقت طويلا، وكانت الأيام مرة، لكنها اليوم تحلو من جديد، ونأمل أن تبعث الحياة لأهل بقية الأسرى في سجون الاحتلال، فهناك ما زال نحو خمسة آلاف أسير لا بد أن يأتي يوم ويتحررون».

المصدر: جريدة السفير