القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

الدكتور محسن صالح يتحدث عن بداية وتطور حركة حماس

الدكتور محسن صالح يتحدث عن بداية وتطور حركة حماس
 

الإثنين، 26 كانون الأول، 2011

بمناسبة ذكرى الانطلاقة الـ 24 لحركة المقاومة الإسلامية حماس قامت «شبكة فلسطيت للحوار» بإجراء لقاء مع الدكتور محسن محمد صالح، مدير عام مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، ليحدثنا عن بدايات وتطور حركة حماس، وأهم المحطات والمراحل التي مرت بها..

السؤال الأول: عندما نقارن وضع حماس الحالي ومواقفها مع حماس قبل 24 عاماً، ما هي أبرز المتغيرات؟

حماس بعد أربعة وعشرين عاما هي الآن حركة أكثر قوة أكثر نضجا أكثر شعبية أكثر علاقات عربية ودولية وأكثر خبرة في التعامل السياسي وأيضا أكثر خبرة في الجوانب العسكرية والأمنية والميدانية والعمل الخيري والاجتماعي، وبالتالي حماس حققت قفزات كبيرة وأصبحت حقيقة أساسية في المشروع الوطني الفلسطيني وأصبحت رقم صعب لا يمكن تجاوزه وأصبحت تتمتع بشعبية كبيرة في داخل فلسطين وفي خارجها وفي الوضع الطبيعي الحالي ضمن الخريطة السياسية الفلسطينية حماس إلى جانب فتح يمثلان القوتان الأكبر في المنظومة السياسية الفلسطينية، وبالتالي حماس الآن بالتأكيد حققت قفزات نوعية كبيرة خلال أربعة وعشرين عاما جعلتها في موقع متقدم عندما نقارن بين 87 و2011.

السؤال الثاني: البعض يتهم حماس بأنها تسير على خطى حركة فتح في القبول بالتسوية لكن بشكل مبطن، والبعض يتهمها بأنها لا تحمل مشروع حقيقي وواقعي، هل في رأيك تملك حماس تصوراً للسنوات القادمة؟ وهل تملك مشروعاً واقعياً طويل الأمد؟ وما هي ملامح هذا المشروع.

حماس بشكل أساسي حركة إسلامية أيديولوجية عقائدية تستند إلى الإسلام في رؤيتها وفي منهجها وفي احتكامها للأمور وبالتالي المرجعية الإسلامية وخطوطها الحمراء تمثل الخطوط الحمراء أيضا بالنسبة لحماس وبالتالي لا تستجيب حماس للضغوط المرتبطة بضغط الواقع أو ما يسمى بالبراغمتية السياسية إذا تعارض الأمر مع المرجعية الإسلامية ولذلك هناك الفرق الجوهري هنا مرتبط بن التعامل البراغماتي الواقعي إذا تعارض مثلا مع قضايا سياسية كموضوع الاعتراف بالكيان الإسرائيلي نجد أن حماس لا تعترف مهما كانت الظروف ومهما كانت الأسباب ومهما كان الثمن لا تتنازل عن أي جزء من فلسطين بأي شكل من الأشكال وبالتالي هناك جانب لا يمكن لحماس أن تتجاوزه بحجة الواقعية أو البراغمتية السياسية، أما أن حماس حركة تتسم بالمرونة والتعامل مع الواقع وتتكيف معه وفق مقتضياته دون أن يمس ذلك ثوابتها الإسلامية فهذا موجود وهذا صحيح وهذا حقيقي وهذا جزء طبيعي من التفاعل مع حركة الحياة وإدارة المشروع الوطني الفلسطيني بشكل يستطيع أن ينطلق من الواقع لتغييره وليس للاستسلام لهذا الواقع، في هذا الإطار سوف نلاحظ أن موضوع الواقعية أو موضوع (السؤال يتحدث هنا عن موضوع القبول بالتسوية) القبول هو كان مرتبط ليس بقبول التسوية بمعنى التسوية النهائية التي تؤدي إلى اعتراف بحق لليهود أو للكيان الإسرائيلي على جزء من أرض فلسطين، وإنما مرتبط بالوصول إلى المشترك المشروع الوطني الفلسطيني في أنه لا مانع من إقامة دولة فلسطينية على الأرض المحتلة سنة 1967 دون أن يؤدي ذلك إلى الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود أو في تملك الأرض المحتلة سنة 1948 وهي عملية فرضية بمعنى أن القوى الفلسطينية عندما ناقشت هذا الموضوع، قالت لها ماذا لو وافق الإسرائيليون على ذلك هل لديكم مانع إذا انسحب الإسرائيليون من الأرض المحتلة سنة 67 وحققنا دولة فلسطينية هناك؟ هنا حماس لم تقل أنها تمانع من ذلك هي ليس لديها مانع من أن يحقق المشروع الوطني الفلسطيني إنجازا بتحرير جزء من الأرض دون أن يتسبب ذلك بالتنازل عن باقي الأرض، هذا جانب، إستراتيجية حماس بالشكل الذي هي موجودة فيه قائمة على الصمود وعلى تفعيل قوى المقاومة على الأرض وقائمة على توسيع دائرة الصراع مع العدو الصهيوني ضمن الإمكانات المتاحة، تركز حماس على تفعيل خط المقاومة وعلى تفعيل تثبيت الشعب الفلسطيني على أرضه وتعتقد أن الكيان الإسرائيلي لا يستطيع أن يملك أسباب القوة والبقاء إلى الأبد كما أن حالة الضعف العربي والفلسطيني والإسلامي لن تستمر كذلك إلى الأبد وبالتالي إذا تحدثنا في الإستراتيجية فالتغيرات التي يحدث فيها التحول في المشروع الوطني الفلسطيني باتجاه أكثر قوة وباتجاه أكثر دعم للمقاومة والتغيرات التي تحدث في الواقع العربي وخصوصا في الفضاء الإستراتيجي المحيط بفلسطين بما يدعم مشروع المقاومة وكل ما يتعلق بالإشكالات المرتبطة أيضا بالمشروع الصهيوني وفي نضوب الهجرة الصهيونية وحالات الضعف الأخرى في المشروع الصهيوني التي لا مجال الآن لذكرها كلها تؤكد أن إستراتيجية أو معادلة القوة في المنطقة لن تستمر كما هي إلى الأبد وأن التحولات التي تشهدها المنطقة ستؤدي بالتأكيد إلى تغيير موازين القوة على المدى البعيد خصوصا في حالة تحول الفضاءات الإستراتيجية المحيطة بفلسطين إلى فضاءات متحدة وقوية وداعمة لحق المقاومة ولتحرير فلسطين.

السؤال الثالث: هل أنت متفائل بنجاح المصالحة الفلسطينية؟ وهل تعتقد أن السلطة من الممكن أن تخاطر وتنجز شراكة حقيقية مع حماس؟

أنا دائما متفائل وأعتبر أن الوحدة الفلسطينية هي أساس عملية استنهاض الشعب الفلسطيني بشكل إيجابي بحيث أن طاقاته يتم تركيزها ويتم تفريغها بالاتجاه الصحيح وهو مقاومة العدو، لكن هناك مشكلة مرتبطة بطريقة تحقيق مشروع وطني تحت الاحتلال وهناك مشكلة مرتبطة بإمكانات عمل سلطة وطنية حقيقية تقوم بعملية إصلاح وتغيير وهي أيضا تحت الاحتلال بمعنى أن الاحتلال هو الذي يملك مدخلات ومخرجات هذه السلطة الحدود والاستيراد والتصدير ويتحكم بالأموال ويستطيع تدمير البنى التحتية ويستطيع اعتقال القيادات هنا يصعب من الناحية العملية أن تتم عملية تغيير وإصلاح وتطوير لأي بنى ذات مشروع وطني فلسطيني حقيقي يستهدف إنهاء الاحتلال بينما هو تحت الاحتلال ثم تجد بعد ذلك أن الاحتلال يرضى ويتعامل معه ويسكت عليه وبالتالي الذي أنا غير متفائل فيه هو إمكانات تنفيذ الاتفاق بشكل حقيقي يخدم المشروع الوطني الفلسطيني مئة بالمئة في الأماكن التي يسيطر عليها الاحتلال الإسرائيلي باعتبار أنه طرف سيتدخل لإفساد أي عملية وطنية تستهدف إنهاء الاحتلال أو إنهاء احتلاله وأيضا تستهدف تقديم أولويات السلطة الوطنية، تنهي الاحتلال وليس إبقائها إلى سلطة وظيفية تخدم أغراض الاحتلال، هنا سيكون مكمن الصعوبة في عملية تطبيق عملية المصالحة ولذلك إذا كنت متفائلا وإذا كان هناك أمر جاد فأنا أتوقع المجالات على الأقل المرتبطة بترتيب البيت الفلسطيني وخصوصا منظمة التحرير الفلسطينية يمكن أن تتقدم خطوات جيدة إلى الأمام وما يتعلق بترتيب أولويات ترتيب البيت الفلسطيني، أما الخطوات المرتبطة بتغيير الوضع عمل انتخابات حقيقية في الضفة الغربية وعمل إصلاحات للأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وإنهاء الشراكة مع الاحتلال وبناء مشروع وطني فلسطيني يؤدي إلى بناء دولة في الضفة الغربية بالإضافة إلى قطاع غزة كلها سوف تواجه مصاعب حقيقية لأن الاحتلال سيتدخل في عملية صناعة القرار وفي التأثير وفي التغيير، وبالتالي أنا أظن من المهم إعادة التفكير بين فتح وحماس وكافة القوى الفلسطينية ليس فقط في كيفية إجراء الانتخابات وإدارة الحكومة وإنما في تغيير المعادلة التي تقوم عليها السلطة وفق اشتراطات أوسلو وفق اشتراطات الكيان الإسرائيلي والأمريكان.

السؤال الرابع: البعض يقيم تجربة حماس في حكم غزة بالفشل لأن الحركة عجزت عن توفير الحياة الاقتصادية الكريمة للناس، ويقولون أن القول بأن الحركة تمت محاربتها هي مجرد شماعة يعلق عليها الفشل. فما رأيك؟

هنا دائما عندما نحكم على أي شيء نسأل عن الظروف الموضوعية والذاتية التي من خلالها نحكم على الأشياء نحن في قطاع غزة لسنا أمام دولة ذات إمكانات كبيرة لسنا أمام دولة مفتوحة الحدود وإنما نحن أمام قطاع غزة الذي يسكنه مليون وخمسمائة وستين ألف إنسان في ثلاثمائة وثلاثة وستين كيلومتر مربع محاصرين تماما بالكيان الإسرائيلي وفي الجزء الآخر في الجنوب هناك تعاهدات مابين الجانب المصري والجانب الإسرائيلي تلزمه بشكل معين في حركة الأشياء وحركة الناس والبضائع وبالتالي نحن تعامل مع حكم تحت الحصار وفي ظرف استثنائي لا يمكن محاسبته كما تحاسب الدول والأنظمة والحكومات، فضلا على أنه ليس فقط موضوع حدود وإنما موضوع الاغتيالات وموضوع منع البضائع والتموين وتدمير البنى التحتية... كلها يقوم بها العدو الصهيوني طوال الفترة الماضية وبالتالي نحن الآن أمام كيان طبيعته أنه كيان مقاوم أنه كيان في حالة استثنائية يريد أن يعبر عن إرادة الشعب الفلسطيني وعزته وكرامته ويريد أن يثبت للإسرائيليين وللأمريكان ولكل من يشارك في الحصار أنه لن يكسر إرادة هذا الشعب وبالتالي إذا كان الموضوع موضوع حياة اقتصادية فبالتأكيد وضع قطاع غزة في لحظة من اللحظات أو في كثير من الفترات مابين خيار أن تأخذ لقم الخبز ومابين أن تفقد كرامتك، يوضع الإنسان بين خيارين لقمة الخبز ومابين الكرامة سيختار الكرامة وإن كان هو سيسعى أن يأخذ الكرامة مع لقمة الخبز لكن عندما يخير بين أمرين لا ثالث لهما ستون كرامته مقدمة على كل الأشياء، هذه الحالة التي حكمت قطاع غزة وبالتالي هنا لا نحكم على نظام مثلا عربي أو نظام في إفريقيا أو في أسيا أو في أمريكا اللاتينية لديه نفس الظروف، نحن أمام ظرف مختلف ويجب أن يقاس ضمن ذلك ومع ذلك فهذا الحكم استطاع أن يصمد واستطاع أن يثبت واستطاع أن يوفر معظم الحاجات الأساسية للناس بكافة الأشكال المختلفة، هناك اعتماد كبير على الذات في قطاع غزة على الأقل فيما يتعلق بالاحتياجات الأساسية الخضروات وأمور الطعام الأساسية، وبالتالي كان التحدي أن الإسرائيليين أرادوا إسقاط هذا القطاع خلال شهر أو شهرين أو ثلاثة ومع ذلك الآن قطاع غزة في خمس سنوات حتى الآن صامد، صحيح أن هناك معاناة لكن ربما الحالة الاقتصادية التي في قطاع غزة ضمن الحرص والشفافية والعمل الذي تقوم به حكومة قطاع غزة يؤدي أداء متميزا مقارنة بغيره وضمن الظروف التي نعرفها.

السؤال الخامس: فيما لو أجريت الانتخابات التشريعية في موعدها المقرر ما هي توقعاتك بالنسبة لنتائجها؟

من الصعب الآن توقع نتائج الانتخابات التشريعية خصوصا أن الحالة في الضفة الغربية هي حالة استثنائية وهناك مجموعة من الإجراءات الأمنية من قبل السلطة ومن قبل الكيان الإسرائيلي وإغلاق الكثير من المؤسسات والأعمال الخيرية والضبط الأمني والتنسيق بين طرفي الحكم في رام الله والطرف الإسرائيلي هذا لا يعطينا مؤشرات دقيقة وحقيقية عن أي عملية استطلاع يمكن أن نثق بنتائجها، وبالتالي من المبكر لأوانه أن نتحدث عن نتائج محتملة فيما يتعلق بالانتخابات.

السؤال السادس: نريد أن نلقي ضوءاً على بدايات حماس، كيف انتقل الإخوان المسلمين من جماعة دعوية إلى حركة مقاومة؟ وما هي الظروف التي أدت لانطلاق الحركة؟ وكيف تم الاتفاق على إنشائها بين قادة الإخوان المسلمين.

هذا سؤال كبير وطويل، الإخوان المسلمون حركة ارتبط فكرها الأصلي بالجهاد حتى قبل أن تنشأ لها فروع في فلسطين، ونشأت حركة الإخوان في فلسطين أو بداياتها الأولى كانت في أواخر ثلاثينيات القرن العشرين وتربية أبنائها كانت تربية على فكر الجهاد وعندما فروعها الرسمية أكثر من عشرين فرع سنة 1945 هذه الفروع نفسها أعدت وشاركت في عملية المقاومة بمشاركة القوى الفلسطينية المختلفة سواء كان جيش الإنقاذ، أو جيش الجهاد المقدس أو بفروعها نفسها أو بالمشاركة مع الإخوان المسلمين القادمين من مصر وسوريا والأردن والعراق، وبالتالي فهذه المشاركة الجهادية تعود إلى فترة حرب الثمانية وأربعين، الإخوان المسلمون أنفسهم الفلسطينيون أنشئوا تنظيما سريا جهاديا في الفترة مابين 1952 و1955 تقريبا في منطقة قطاع غزة، وهذا التنظيم شارك فيه عناصر عرفت بعد ذلك أمثال " أبو جهاد خليل الوزير، ومحمد يوسف النجار، وكمال عدوان " وكثير من القيادات التي أصبحت بعد ذلك من قيادات حركة فتح، ثم بعد ذلك كانت لهم شراكاتهم في معسكرات الشيوخ في الإخوان المسلمون بين سنة 1968 وسنة 1970، وعندنا أيضا محاولات الإنشاء الأولى البدايات الأولى التي اشتغل عليها الشيخ أحمد ياسين في سنة 1983 والتي كشفت في السنة التالية واعتقل على أساسها الشيخ عليه رحمة الله، ثم انطلاقة حماس سنة 87 وبالتالي موضوع فكر المقاومة والعمل المقاوم لتيار الإخوان المسلمين هو ليس شيئا بدأ سنة 87 وإنما له جذوره وله خلفياته في أصل وفي تفكر وفي عقيدة وفي منهاج الإخوان المسلمين، لكن انطلاقة الـ 87 تميزت بأنها انطلاقة تم الإعداد لها جيدا وتم عمل بنى تحتية شبابية واسعة في الضفة الغربية وقطاع غزة بحيث أن الحركة تستطيع أن تصمد وأن تنمو وأن تستمر وأن تتحمل الضربات وهذا ما حدث فعلا بمعنى أنه لم يكن عملا مستعجلا يتم استئصاله بسرعة وإنما عمل يحفظ شروط بقاؤه وشروط دوامه.

السؤال السابع: لقد تعاملت حماس مع المجتمع الفلسطيني بنخبوية منذ تأسيسها بحيث أنها لم تكن إلا حركة لا يتم الانتماء لها إلا بالتزكية ومسار الإعداد فيها شاق وطويل، هل تخلت حماس عن نخبويتها أمام المد الكبير في شعبيتها؟

يعني كلمة نخبوية قد يكون فيها نوع من الظلم في التعريف للحركة، أي حركة وأي تنظيم جاد ويحترم نفسه يفترض أن يهتم بنوعية وطبيعة أبناءه المنتمين له، وأن يكونوا يمثلوا أفضل النماذج الممكنة والقدوات التي من خلالها يتم تنفيذ عمل جاد ومنهجي منضبط ويمكن من خلاله تحقيق أهداف حقيقية وواقعية، هذا فعل كل التنظيمات في كل الأماكن وفي كل البلدان، لكن النخبوية هل هي فقط اقتصرت فقط على المثقفين، هل اقتصرت مثلا فقط على أساتذة الجامعات، هل اقتصرت فقط على الأغنياء والأثرياء، هنا تكون النخبوية عملا منتقدا، أما أن يكون انتقاء للمتميزين القادرين على العمل والتضحية وتقدم الصفوف وحسن الأداء من كافة طبقات المجتمع سواء كانوا أغنياء وأثرياء أم فقراء كانوا صغار أم كبار شباب وشيوخ، نساء ورجال، كانوا متعلمين، عمال، مهندسين، أطباء..الخ، فهذا التنوع موجود لدى حركة حماس وبالتالي لا نستطيع ونحن نتكلم هنا عن حالة نخبوية منفصلة عن المجتمع، ولكنها حالة لعناصر فاعلة تستطيع أن تتفاعل مع المجتمع بشكل إيجابي دون أن تنعزل عنه وبالتالي لا أظن أن هذا يوضع في الإطار السلبي، أما أن تتوسع الحركة بعد ذلك في أطرها ومناشطها ضمن مثلا أندية ومؤسسات وكذا فأنا أظن أن هذا شيء طبيعي وهي أظنها أنها تقوم بهذا بأشكال مختلفة والله أعلم.

السؤال الثامن: لا شك أن حركة جماهيرية كبيرة كحماس خلال فترات عملها في الساحة الفلسطينية مرت بالعديد من المحطات المهمة... فما هي أكثر المحطات إشراقا في تاريخ الحركة وما هي المحطات الأكثر إيلاما وقسوة في تاريخ الحركة؟؟

من أبرز المحطات التي مرت بها حركة حماس من أكثرها إشراقا هي نفس انطلاقة الانتفاضة المباركة سنة 1987 التي ترتبط بانطلاقة حماس والت حملت عبئها بشكل كبير هذه الحركة في بداياتها الأولى، أيضا هناك حقيقة أماكن كثيرة يمكن الحديث عنها، أيضا من الجوانب المشرقة أيضا الصمود الرائع والبطولي والنموذج الذي قدمه الإخوة في مرج الزهور أنا أظن أن هذا أغلق ملف الإبعاد الفلسطيني عندما رفضوا الإبعاد 415 من قيادات الحركة الإسلامية الفلسطينية سواء من حماس أو من الجهاد الإسلامي صمدوا وفرضوا إرادتهم على الإسرائيلي وحققوا موضوع الرجوع بعد صمود لمدة حوالي عام كان هذا نموذج من النماذج المتميزة، أيضا نموذج كتائب عز الدين القسام وما قدمته من بطولات بأبطالها المتميزين وما قدمته من قصص استشهادهم وعملياتهم سواء كان " عماد عقل " أو " يحي عياش " و" محي الدين الشريف " وغيرهم هي كلها نماذج متميزة لأداء حماس، أيضا انطلاق انتفاضة الأقصى أيضا قدم نموذج آخر كيف أن حماس استعادت قوتها وصمدت وقدمت نماذجها خلال حوالي خمسة سنوات من الانتفاضة وربما حملت عبء أكثر من نصف العمليات الاستشهادية المقاومة التي هزت الاقتصاد والأمن الإسرائيلي، كذلك من الأشياء البطولية الرائعة بالتأكيد صمود حماس في قطاع غزة وحكومتها بالذات في وجه العدوان، الحرب الإسرائيلية ما يسمى بالرصاص المصبوب في نهاية 2008 وبداية 2009، وتقديم نموذج رائع للبطولة وللتضحية وللثبات كل هذه نماذج جميلة ورائعة حقيقة.

من أكثر المحطات إيلاما وقسوة هو ربما ما عانته حركة حماس من اعتقالات واستشهادات لقادتها، اعتقالات واستشهادات الانتفاضة الأولى، استشهاد عماد عقل، استشهاد يحي عياش، محي الدين الشريف، واستشهاد عدد من قادتها في انتفاضة الأقصى أمثال جمال سليم، إسماعيل أبو شنب وشيخ الانتفاضة الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وعدد من قادتها، ومحاولة اغتيال التي تعرض لها خالد مشعل، طرد قيادة حركة حماس من الأردن سنة 99، كلها كانت محطات مؤلمة لها في تاريخها، استشهاد سعيد صيام، كل هذه المحطات تكون مؤلمة لكن في كثير من الأحيان عادة ما تكون هذه المعاناة هي فرصة للانطلاق، وكثيرا ما تتحول الضغوط والاستشهادات إلى منح من خلالها تضخ دماء جديدة في جسم حركة حماس.

السؤال التاسع: إلى أي حد قرب ما يطلق عليه (الربيع العربي) حماس (المشروع الإسلامي في فلسطين) من تحقيق أهدافها؟؟

أنا أظن الربيع العربي إذا كان قدم شيء فهو ما يتعلق بتغيير الفضاءات الإستراتيجية المحيطة بفلسطين، بمعنى أنه في الإطار الإستراتيجي على الأقل الوسيط وبعيد المدى نحن نعرف أن قوة الكيان الصهيوني كانت مرتبطة بضعف ما حوله وشرط بقاءه كان مرتبط بأن ما حوله هو ضعيف ومفكك ومتخلف وبالتالي غير قادر على المواجهة أما عندما يتغير الفضاء الإستراتيجي العربي إلى قوة متحدة ومتماسكة وتنمو في استكمال عدتها العلمية والثقافية والحضارية والعسكرية والتربوية... فإنها سوف تغير شروط ومعادلة الصراع مع العدو الصهيوني بحيث أن المعادلة التي يملكها العدو بسبب تخلف الآخر ستنتهي وستحدث معادلة جديدة تفرض نفسها تعطي فضاء استراتيجي داعم للمقاومة وهذا من أهم ما يكون، وهذا الفضاء الاستراتيجي يحمل بذور التغيير لهزيمة المشروع الصهيوني وهذا جوهر مشروع حماس الذي لا يجعل موضوع الصراع مع العدو مجرد صراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين وإنما يوسعه إلى الدائرة العربية والإسلامية بل والإنسانية.

السؤال العاشر: هل للحركة خطوات لتمكين الفلسطينيين في لبنان من حقوقهم المدنية؟ والى متى يبقى الفلسطينيون في لبنان رهن حالة الشد والجذب بين الأطراف اللبنانية؟

قضية الفلسطينيين في لبنان من القضايا المؤلمة والحقيقة هي رمز لمعاناة الفلسطينيين في الخارج والتي يجب أن تنتهي بأسرع ما يكون لأن الحقوق هي حقوق أساسية مدنية يحصل عليها الفلسطيني في أي مكان في العالم وبالتالي من باب أولى أن يحصل عليها في بلاد عربي مجاور ـ أنا أظن أن هناك خطوات جادة والفصائل الفلسطينية في لبنان تنسق فيما بينها مع القوى مع المستقلين ومع مؤسسات المجتمع المدني للضغط بهذا الاتجاه وهناك بوادر استجابة لدى الطرف اللبناني، لكن يبدو أنه لا يزال هناك حالة بطء في هذا الأمر ويجب أن يستمر الضغط بهذا الاتجاه.

ماذا قدّمت حماس للقضية الفلسطينية؟

هذا إجابته في محاضرة لكن باختصار حماس قدمت نموذج متميز للمقاومة الفلسطينية، حماس أسهمت في وقف مسار التسوية وتراجعها، حماس قدمت نموذج جديد للإنسان الفلسطيني المضحي والمستعد لبذل الغالي والنفيس في سبيل قضيته، حماس أسهمت في تثبيت الشعب الفلسطيني على أرضه وضد المخططات الصهيونية وضد تهويد القدس، حماس أسهمت في توسيع دائرة الاهتمام بالشأن الفلسطيني عربيا وإسلاميا وعالميا، ودائرة الوعي بقضية فلسطين في كل مكان، وحماس أيضا قدمت نماذج متميزة لقيادات ورموز يتميزون بالإخلاص والشفافية والكفاءة العالية والحرص على خدمة الشعب الفلسطيني ويقدموا صورة ناصعة للإنسان الفلسطيني، وحماس أيضا قدمت بديلا آخر عن مسار التسوية وعن مسار التنازلات، هو مسار المقاومة والتمسك بالحقوق وأثبتت ذلك بالجهد وبالدم وبكافة الطرق وبالتالي أنا أظن أن حماس أغنت القضية الفلسطينية، وقدمتها في وقت كانت الحالة الفلسطينية تتراجع.

نصيحة لأبناء حماس في مختلف أماكن تواجدهم.

أنا أنصح الإخوة في حماس أن يلتزموا بالمنهج والرسالة التي اختطوها لأنفسهم، فيحسنوا العلاقة بالله سبحانه وتعالى ويحسنوا تمثيل المشروع الإسلامي لفلسطين في أبهى صوره، وأن يقدموا نموذج للإنسان المضحي الذي يتقدم الصفوف والذي يتميز بخلقه وحسن سلوكه وبعطائه، والذي يقدم ويبذل ولا يسأل عن الأجر أو الثمن، أنصح الإخوة في حماس ألا يستعجلوا قطف الثمار وأن ينشغلوا بالعطاء أكثر من أي شيء آخر وأنصحهم كذلك بألا يبالغوا في تقييم أنفسهم أو في تزكية أنفسهم، وإنما أيضا يمارسوا نوعا من عملية النقد الذاتي لأدائهم ولأعمالهم وأن يكتشفوا مواطن الخلل ويحاولوا ويحرصوا على علاجها وأن يستمعوا للنصح من إخوانهم، وأنصحهم كذلك أن يحرصوا على استيعاب إخوانهم من أبناء الشعب الفلسطيني بل من العرب والمسلمين فقضيتهم أكبر من أن تكون قضية حركة أو فصيل وإنما هي قضية الإسلام والمسلمين وهي قضية الشعب الفلسطيني وقضية الأرض المقدسة وبالتالي على أنصار حماس أن يكبروا بحجم ومستوى المشروع الذي يحملونه حتى يستطيعوا أن يواجهوا مشروع صهيوني عالمي مدعوم من قوى عالمية كما نعلم. ونسأل الله سبحانه وتعالى الإخلاص في القول والعمل.

ما الكلمة التي توجهها لشبكة فلسطين للحوار وأعضائها؟

شبكة فلسطين للحوار هي من أنشط الشبكات والمواقع على الانترنت فأبارك لهم جهودهم وأبارك لهم نشاطهم وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منهم وإن شاء الله إلى المزيد من العمل والعطاء وبارك الله فيكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المصدر: شبكة فلسطين للحوار