القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

حمدان لـ"الجزيرة": أميركا ليست قدرا وترامب لن يؤثر علينا

حمدان لـ"الجزيرة": أميركا ليست قدرا وترامب لن يؤثر علينا


الإثنين، 14 تشرين الثاني، 2016

استبعد مسؤول العلاقات الخارجية في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أسامة حمدان، أن يكون لانتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة تأثير على الحركة، وقال في مقابلة للجزيرة نت إن أميركا ليست قدرا وانتخاب ترامب سيؤثر أساسا على من يراهنون على الولايات المتحدة، ونحن لسنا منهم.

كما دعا حمدان إلى إعادة بناء اللحمة الوطنية الفلسطينية وتعزيز المقاومة، وتطرق الحديث إلى علاقات حماس بكل من مصر ولبنان وإيران في ضوء التطورات الراهنة. وتاليا نص الحوار:

كيف ترون واقع القضية الفلسطينية في ظل الواقع العربي الراهن؟

القضية الفلسطينية اليوم تواجه ثلاثة تحديات أساسية، يتمثل أولها في مشروع الاحتلال الصهيوني للاستيلاء على مدينة القدس وطمس هويتها، وهو مشروع ممتد منذ الاحتلال لكنه الآن يأخذ خطوات أكثر حدة وعمقا في تهويد المدينة.

فهنالك مخطط صهيوني للاستيلاء على المسجد الأقصى وتحويله إلى ما يدَّعون أنه الهيكل المنسوب لسليمان عليه السلام. أما التحدي الثاني فهو الأزمة الداخلية الفلسطينية التي ازدادت تعقيدا بعد أن انضافت الخلافات داخل حركة فتح بين أبو مازن ومحمد دحلان إلى الخلافات التي كانت موجودة بينها وبين حماس خلال سنوات خلت.

ويتمثل التحدي الثالث الذي تواجهه القضية الفلسطينية في تداعيات الواقع الذي تعيشه منطقتنا العربية من تغيرات وثورات جعلت القضية الفلسطينية في منزلة متأخرة نسبيا في الهم السياسي العام.

وهذه التحديات الثلاثة يحاول الاحتلال استغلالها لتمرير مخططه القاضي بتصفية القضية الفلسطينية، ولذلك فنحن بحاجة إلى عنوانين: أولهما إعادة بناء اللحمة الوطنية الفلسطينية، وثانيهما تفعيل المقاومة الفلسطينية، لأنها الكفيلة بردع المخططات الصهيونية.

إلى أين وصلت المصالحة، خاصة بعد لقاء محمود عباس وخالد مشعل الأخير بالدوحة؟

المصالحة الفلسطينية متعثرة وهي دون ما كنا نتوقعه ونرجوه بعد اتفاق المصالحة بالقاهرة منذ سنوات. ورغم تأثير العوامل الخارجية السلبي على المصالحة، فإن هنالك عاملا داخليا له تأثيره السلبي هو الآخر، يتمثل في مواقف أبو مازن التي لا تبادر إلى تطبيق ما تم الاتفاق عليه، بل وأحيانا تعرقله.

لقد كان من جملة ما تم النص عليه في اتفاق المصالحة بالقاهرة تشكيل حكومة وحدة وطنية، وإعادة تفعيل دور المجلس التشريعي، وتفعيل لجنة إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، ومن ثم عقد مجلس وطني فلسطيني منتخب، لأن محطة الانتخابات في ذلك مهمة جدا داخل فلسطين وخارجها.

وهذه الإجراءات كلها لا بد أن تصدر بمراسيم، لا يزال أبو مازن يمتنع عن إصدارها حتى الآن.

لذلك قلت إن المصالحة متعثرة، لكن اجتماع الدوحة الأخير خرج بنتيجة نتمنى أن تكون مؤثرة إيجابا، حيث تم الاتفاق مع الجانب القطري على مواصلة مسعاه في دفع المصالحة إلى الأمام، بالتعاون مع الأطراف التي بذلت جهودا سابقة في المصالحة، ولا سيما الجانب المصري.

تبدو الانتخابات البلدية في الأراضي الفلسطينية من عناوين الخلاف بين فتح وحماس، فقد قررت الحكومة تأجيلها مبررة ذلك بالحفاظ على الوحدة الفلسطينية. لماذا رفضت حماس هذا التأجيل؟

تم الاتفاق على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، وانتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني، وكان يفترض أن تجرى هذه الانتخابات بعد تشكيل الحكومة مباشرة.

وبعد عام كامل من تشكيلها اقترحت الحكومة إجراء انتخابات بلدية، وهو اقتراح دون الحد الأدنى، لكننا رغم ذلك قبلنا به.

وعندما شعرت الحكومة أن رياح الانتخابات تجري في اتجاه غير الذي تريده، وأن فريقا غير الذي تسعى لفوزه هو الذي يمكن أن يفوز؛ قامت بتعطيل الانتخابات بحجج لا معنى لها.

ولذلك رفضنا تأجيل الانتخابات واعتبرنا قرار التأجيل تلاعبا سياسيا بها وبالقضاء الذي استخدم لتعطيلها. من المؤسف أن نضطر لقول هذا لكنه الواقع وتلك هي الحقيقية.

وفي هذا السياق، أود أن أؤكد أن حركة حماس عندما اختارت الانتخابات والعمل الديمقراطي في البيئة الفلسطينية الداخلية، كان خيارها هذا إستراتيجيا لا رجعة عنه، ولذلك سنظل مدافعين عن حق الشعب الفلسطيني في انتخاب ممثليه وقيادته، وسنظل متمسكين باحترام ما تفرزه صناديق الاقتراع، أيا كانت نتائجها.

هل تقبل حماس دحلان رئيسا للسلطة الفلسطينية؟

لا أرى أن الأمر مطروح، ولا أعتقد أنه سيترشح، وأظن أن فكرة ترشيحه لنفسه غير واردة، لأنه يعرف أن المزاج الفلسطيني بشكل عام يحتاج قائدا مقبولا من جميع أبناء الشعب الفلسطيني، قائدا يدرك الواقع بعد تجربة عملية التسوية، ويؤمن بأن خيار الصمود والمقاومة هو الخيار الذي يجب أن يعتمد في مواجهة الاحتلال.

بعد فترة طويلة من فراغ موقع الرئاسة في لبنان انتخب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية. ما تأثير ذلك على علاقات حماس بلبنان وعلى أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في هذا البلد؟

هنالك اتصالات قديمة وممتدة بين حماس والتيار الوطني الحر الذي يتزعمه العماد ميشال عون، وقد كنا أول من بادر بتهنئته بانتخابه رئيسا للجمهورية.

وقد أكد العماد ميشال عون في خطاب القسم أنه سيعمل من أجل دعم حق العودة للاجئين الفلسطينيين، ونحن نأمل أن نجد مفاعيل ذلك في عمل حكومات العهد الذي يرأسه من خلال دعم صمود الشعب الفلسطيني في لبنان، وتسهيل حل المشاكل التي تواجهه على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، ودعم المجهود السياسي الفلسطيني الساعي إلى استعادة الحقوق الوطنية الفلسطينية.

العلاقات بين حماس ومصر لا تبدو بخير، ومواقف مصر منذ الانقلاب كانت ضاغطة على غزة التي عانى سكانها من إغلاق شبه دائم لمعبر رفح. ما تأثير ذلك على القطاع وصمود أهله؟

هنالك من حاول أن يربط المشهد الفلسطيني -وبالذات في قطاع غزة- بما يجري من أزمة داخلية مصرية. ونحن كنا واضحين في هذا الموضوع، وقلنا إننا لسنا طرفا في الأزمة الداخلية المصرية، ولسنا مع طرف ضد آخر في هذه الأزمة.

نحن نتمنى أن تتعافى مصر وأن يحقق شعبها ما يصبو إليه، وأن يستقر وضعها، وتعود لدورها الفاعل لصالح قضية فلسطين وقضايا الأمة. وما من شك في أن ما يجري في مصر يعكس نفسه على القضية الفلسطينية وعلى واقع قطاع غزة، وكنا دائما نقول إن الإغلاقات الطويلة، بل شبه الدائمة لا تخدم قضيتنا ولا تخدم الأمن القومي المصري، لأن غزة بصمودها في مواجهة الاحتلال إنما هي خط دفاع حقيقي عن الأمة وعن مصر بالذات.

إن اتصالاتنا لا تزال قائمة مع مصر، وفي الآونة الأخيرة حصلت بعض الانفراجات في موضوع معبر رفح، لكن ليس واضحا ما إذا كانت تلك الانفراجات دائمة أم أنها حالة مؤقتة.

لقد طرحنا رؤية واضحة فيما يتعلق بمعبر رفح تتمحور حول ثلاث نقاط: أولاها أن يتم التعامل معه على أنه معبر عربي عربي، ولا بد أن يبقى مفتوحا بشكل دائم لصالح الشعبين الفلسطيني والمصري.

وثانيتها، إنشاء منطقة اقتصادية حرة في المعبر تسهل التبادل التجاري بين غزة ومصر، وتدفع الفلسطينيين إلى رفع مستوى تبادلهم التجاري مع أشقائهم العرب من خلال مصر، والتخلي تدريجيا عن التبادل الاقتصادي مع الاحتلال.

أما النقطة الثالثة فهي التفاهم الأمني لتجنب أي آثار سلبية لأي علاقة منفتحة بين الجانبين، يمكن أن تؤذي الأمن الفلسطيني أو المصري.

هل تأثرت علاقات حماس وتركيا بعودة الدفء للعلاقات التركية الإسرائيلية؟

علاقاتنا بتركيا سبقت توتر علاقاتها مع إسرائيل بعد حادثة سفينة مرمرة، والخطوة التي اتخذتها تركيا حينها اعتبرناها ردة فعل طبيعية على جريمة ارتكبها الكيان الصهيوني ضد سفينة تركية ومواطنين أتراك.

ونحن حريصون على علاقاتنا مع كل البيئة العربية والإسلامية، وحريصون على أن تكون إيجابية ومتوازنة، ولذلك فعلاقتنا مع تركيا لا تزال قائمة وتتحسن باستمرار، والموقف التركي اليوم أكثر فهما وقربا من الشعب الفلسطيني وهمومه من أي وقت مضى.

ومع ذلك فالمبدأ الثابت هو دعوتنا الدائمة لأشقائنا العرب والمسلمين أن يقطعوا علاقاتهم مع الكيان الصهيوني، وألا يكون هناك أي شكل من أشكال التطبيع معه، لأن المسار الطبيعي للعلاقات هو أن يجد الكيان الصهيوني نفسه معزولا داخل البيئة العربية والإسلامية.

إن المقاطعة سلاح فعال، وهذا ما تؤكده التجارب، وأعتقد أن أهم الخطوات التي أخضعت النظام العنصري في جنوب أفريقيا وأوصلته إلى حافة الانهيار ومن ثم الاستسلام السياسي، هي الحصار الذي تعرض له.

وفرض الحصار على الكيان الصهيوني من شأنه أن يخضعه ولو بعد حين.

كيف ترون علاقتكم بإيران في ظل الاصطفاف الإقليمي الراهن؟

علاقة حماس وإيران عمرها حوالي ربع قرن من الزمن، وهذه العلاقة مثلها مثل علاقاتنا مع أشقائنا العرب والمسلمين لم تكن علاقة اصطفاف داخلي في الإقليم، فلم نكن في يوم من الأيام مع دولة ضد أخرى. والثابت في كل علاقاتنا أنها قائمة على أساس المواجهة مع الكيان الصهيوني، ودعم المقاومة الفلسطينية وصمود الشعب الفلسطيني.

أما بشأن ما يجري في المنطقة فنحن نرى أنه لا بد لمكونات الإقليم الطبيعية أن تتفاهم فيما بينها، وهذا لا يكون بمنطق المغالبة واستعمال السلاح، وإنما من خلال التفاهم على أساس أننا أبناء إقليم واحد، تجمعنا عقيدة واحدة.

وحتى غير المسلمين في مجتمعاتنا هم جزء منا ومن حضارتنا وثقافتنا، ومكون طبيعي في هذه المنطقة وليسوا غرباء. المكون الوحيد غير الطبيعي في منطقتنا هو الكيان الصهيوني، وهو ليس مكونا وإنما حالة طارئة ويجب أن تزول.

إن استخدام القوة لفرض رأي أو موقف أو هيمنة أو سيطرة لن يؤدي إلى الاستقرار بل سيجلب مزيدا من التوتر، ومن يظن أنه يستطيع أن يتمدد على حساب مكونات المنطقة مخطئ، تماما كمن يظن أن افتعال صراعات قائمة على أساس عرقي أو طائفي أو مذهبي يمكن أن تفضي إلى نجاحه.

ما تأثير انتخاب ترامب على الوضع في فلسطين؟

أعتقد أن انتخاب ترامب سيؤثر أساسا على من يراهنون على الولايات المتحدة، ونحن لسنا منهم. نحن ندرك حقيقة أن أميركا هي الدولة العظمى، وهي التي تسيطر على أكثر من نصف اقتصاد العالم، وتهيمن بقوتها العسكرية على كثير من مناطق العالم. لكنها ليست قدرا، والاستعمار القديم الذي كان في زمنه قوة عظمى حاول أن يحتل بلادنا وأرضنا ونجح في ذلك ردحا من الزمن ثم ما لبث أن رحل عن هذه الأرض، وحين تشعر أميركا أن أبناء المنطقة يصنعون قرارهم بأنفسهم ستغير سياستها وتعاطيها مع قضايانا.

المصدر : الجزيرة