القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

الموت يطوي صفحة مُعمّر قاوم الاستيطان ببيت لحم

الموت يطوي صفحة مُعمّر قاوم الاستيطان ببيت لحم
 

لم يكن أمام الحاج إبراهيم عطا الله أي خيار سوى الاستسلام لسكرات الموت، منهياً حياة حافلة بالصمود والثبات والتجذر في أرضه الواقعة بخربة «زكريا» أو «بيت اسكاريا» الواقعة في تجمع «جوش عتصيون» الاستيطاني جنوب محافظة بيت لحم بالضفة الغربية.

وكانت ما يزيد عن المائة عام في حياة المسن، كفيلة بأن تجعل منه أسطورة في المقاومة والتجذر في الأرض وعدم الاستسلام لمخططات التهجير، ليصبح رمزا في الصمود على مستوى محافظة بيت لحم. بينما يعد رحيله نهاية لحقبة من النضال السلمي ورفض للإغراءات والمخططات التهجيرية والاعتداءات الفعلية على الأرض من جانب المستوطنين في التجمع الذي يحوي الآلاف.

وخلال حياته بالخربة القديمة، استطاع المرحوم عطا الله تثبيت مساحات كبيرة من أراضي المواطنين هناك، ناهيك عن خوضه معركة قضائية طويلة في محاكم الاحتلال انتهت باسترجاع ما يقارب من (730 دنماً) من أراضي سكان قريته التي نهبها المستوطنون تحت التهديد والقوة.

كما رفض عطا الله مساومات الاحتلال وعروضاته المادّية الباهظة مقابل إخلاء قريته ورحيله عنها لتترك فريسة لوحوش الاستيطان.

عطا الله في سطور

ولد عطا الله أيام الاحتلال البريطاني لفلسطين عام 1910م، في الوقت الذي سكن مع عائلته بأرضه في الخربة، بينما وصل أعداد قاطنيها آنذاك نحو الألف نسمة، اضطر غالبيتهم لهجرانها بعد حرب (67)، بينما أصر وأبناؤه على عدم الخروج مهما كلف الأمر من ثمن، ليتكاثروا ويبلغ تعدادهم الآن نحو (500 نسمة).

وحينما بدأ الاحتلال ببناء مستوطناته في تجمع «جوش عتصيون» قضمت عمليات التوسع والاستيطان مساحات كبيرة من أراضي القرية التي عيّن المرحوم نفسه حارسا عليها، ليصادر ما يقارب (730 دنما) ويتبقى له القليل ليواصل صموده في بيته المسقوف بالزينكو، بسبب منع الاحتلال عمليات البناء ورفض منح التراخيص لأية أنشطة حياتية بالبلدة.

ورفض عطا الله مساومات وزير جيش الاحتلال في السبعينيات موشيه ديان الذي استدعاه لمكتبه في «تل أبيب»، وعرض عليه استبدال مكان سكنه بقريته زكريا إلى مكان آخر ببيت لحم أو الخليل، مقابل مبالغ مالية كبيرة، لكنه رفض العرض بشكل قاطع، وأشار إلى أنه فوجئ بعدها باعتداءات كبيرة وهجمات متواصلة نفذها المستوطنون عليه، استمرت شهوراً متواصلة، ولم تتوقف حتى هذه اللحظة.

كما هدم الاحتلال مئذنة مسجد الخربة والعديد من المنازل في المنطقة، بينما ما زالت الخربة عرضة لاعتداءات وهجمات قطعان المستوطنين الشرسة.

استرجاع للأرض

وكانت وكالة «صفا» زارت المتوفّى قبيل عام ونصف، وشرح تفاصيل استرجاعه لما يقارب (730 دنماً) من أراضي قريته، بعد صراع طويل مع محاكم الاحتلال الإسرائيلي، استمر نحو (40 عاماً).

وقال حينها «أشعر بالسعادة الغامرة والفرح الشديد بالقرار، آملاً أن لا أغادر هذه الحياة قبل أن أعود لفلاحتها من جديد»، مشيراً إلى أنه كان يعتصر حزناً وألماً مع كل عملية بناء أو توسع أو تكاثر للمستوطنين على الأرض في المستوطنات التي تؤّرق خاصرة قريته.

وأنهى الموت ذكريات الحاج عطا الله مع أجداده مع الأرض، قبل أن يعرف الاحتلال لها سبيلاً، وكان قد أشار إلى أن الأرض على شكل حقول خضراء، جرى تقسيمها بين أجداده لزراعتها وتعميرها، وأوضح أنها كانت تزرع بشتى الأصناف من الخضار والفاكهة، واشتهرت بالعنب والخوخ، شأنها شأن بقية المناطق المجاورة.

وتعرضت محاصيل القرية ومزروعاتها لهجمات المستوطنين، حيث أحرقها المستوطنون لأكثر من مرة، وأطلقوا الكلاب المسعورة على المزارعين العاملين بحقولهم، بينما يصر السكان حتى اللحظة على زراعة أرضهم، ويعيشون على ما تدره من إنتاج يسير من أجل الحياة.

حالة فريدة

من جانبه، رأى الناشط في المقاومة الشعبية حسن بريجية لوكالة «صفا» أن الحاج إبراهيم مثّل حالة فريدة من نوعها في الصمود، في وقت كانت من الصعوبة بمكان على السكان الصمود في وجه هجمات الاحتلال الاستيطانية الشرسة.

وأضاف «ملك المرحوم كوشان طابو تركي بأحقيته وملكيته في أراضي الخربة، بينما رفض البيع أو الرحيل عن أرضه، وصمد في الحصار المتكرر الذي تفرضه المستوطنات اليهودية عليه وتحكمها بالمياه والكهرباء وكامل حياته».

وتابع بريجية «رغم عدم امتلاكه لأي من مقومات الحياة إلا أن الحاج رفض البيع أو المبادلة أو كل الأساليب التي حاولت الإدارة المدنية وسلطات الاحتلال الدخول إليها وبقي صامدا ومحافظا على الأرض».

وبين أن اسم خربة بيت اسكاريا أو زكريا مقرون باسم الحاج إبراهيم، موضحًا أن «الخربة هي عبارة عن الحج إبراهيم وهو من ثبتها وبناها، وهو ورفض مؤامرات الطابور الخامس حينها، لأنه كان على يقين بالنصر ورزقه الله حسن الخاتمة، بموته داخل أرضه دون قبوله الرحي»

المصدر: وكالة صفا الإخبارية