القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

بحث خطير عن وضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان - رأفت مرّة

بحث خطير عن وضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان
فقراء وعاطلون من العمل ومساكن غير صحية
 

رأفت مرّة/ بيروت

تحدثنا وكتبنا مرات كثيرة عن واقع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وأكدنا في مقالاتنا وأبحاثنا أن اللاجئين الفلسطينيين يعانون أوضاعاً مأساوية للغاية.

كنا نستشف هذه الملاحظات والأحكام من خلال معرفتنا بالواقع، ومعاينتنا العملية الموضوعية الدقيقة.

وأحياناً كثيرة جداً، كنا نستند إلى إحصائيات تجريها مؤسسات ومراكز أبحاث وجامعات.

اليوم ننشر في هذا المقال معطيات تؤكد أن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يعيشون أوضاعاً مزرية للغاية، وأنهم أقرب إلى الأموات منهم إلى الأحياء.

فالأرقام والمعطيات التي نشرتها الأونروا عبر «المسح الأسري الاقتصادي الاجتماعي للاجئين الفلسطينيين في لبنان»، الذي أُجري بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت، تؤكد أن الفلسطينيين في لبنان يعيشون في فقر مدقع، وفي أوضاع مرعبة وحالات مدمّرة، وهنا التفاصيل:

أجرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت في صيف 2010، مسحاً اقتصادياً واجتماعياً للاجئين الفلسطينيين في لبنان شمل عيّنة تمثيلية من 2600 أسرة. يهدف هذا المسح الذي قام الاتحاد الأوروبي بتمويله إلى تحديد الظروف المعيشية للاجئين الفلسطينيين في لبنان. كذلك ستساعد النتائج التي أظهرها المسح وكالة الأونروا على فهم أفضل لمعدلات الفقر ومحدداته، وستقدم كل المؤشرات الضرورية لتنفيذ البرامج على أساس مثبت علمياً. وأتت نتائج المسح على النحو الآتي:

أولاً: معلومات ديموغرافية

• عدد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان يتراوح بين 260000 و 280000.

• نصف السكان دون سن الـ25 سنة.

• متوسط عدد أفراد الأسرة 4.5 أفراد.

• 53% من اللاجئين هم من النساء.

• المعدّل العمري للفلسطينيين هو 30 سنة.

• يعيش ثلثا الفلسطينيين داخل المخيمات، يعيش ثلث الفلسطينيين في التجمعات (ولا سيما في محيط المخيمات).

• يعيش نصف الفلسطينيين في جنوب لبنان (صور وصيدا).

• يعيش خُمس الفلسطينيين في بيروت وخُمسهم الآخر في الشمال.

• يعيش 4% من الفلسطينيين في البقاع (شرق لبنان).

ثانياً: معدلات الفقر

• 6.6% من الفلسطينيين يعانون الفقر الشديد، أي أنهم عاجزون عن تلبية حاجاتهم اليومية الأساسية من الغذاء (مقابل 1.7% في أوساط اللبنانيين).

• 66.4% من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان فقراء، أي أنهم عاجزون عن تلبية الحد الأدنى من حاجاتهم الغذائية وغير الغذائية الضرورية (مقابل 35% في أوساط اللبنانيين).

• الفقر أعلى في أوساط اللاجئين المقيمين داخل المخيمات منه في أوساط اللاجئين المقيمين في التجمّعات.

• أكثر من 81% من اللاجئين الذين يعانون الفقر الشديد يقيمون في صيدا وصور.

• يعيش ثلث الفقراء من اللاجئين في منطقة صور (جنوب لبنان).

ثالثاً: العمل

• 56% من الفلسطينيين عاطلون عن العمل.

• 38% من السكان في سن العمل يعملون.

• ثلثا الفلسطينيين الذين يعملون في وظائف بسيطة (بائعون متجولون وعمال بناء ومزارعون) هم فقراء.

• إنّ العمل يؤثر بنحو محدود على التخفيف من الفقر، إلا أنه يؤثر كثيراً على تخفيف الفقر الشديد.

رابعاً: التعليم

• نصف الشباب الذين هم في سن المرحلة الثانوية من الدراسة (بين 16 و18 سنة) يرتادون المدرسة أو معاهد التدريب المهني.

• إن المعدلات المرتفعة من التسرّب المدرسي والمهارات غير الكافية، فضلاً عن قيود ملحوظة على سوق العمل، تعوق قدرة اللاجئين على إيجاد عمل مناسب.

• يُعدّ التحصيل العلمي مؤشراً جيداً للأسرة، بحيث يؤثر على الوضع الاقتصادي الاجتماعي وعلى الأمن الغذائي لها.

• عندما يكون التحصيل العلمي لرب الأسرة أكثر من الابتدائي، يتراجع معدّل الفقر إلى 60.5%، ويتراجع معدّل الفقر الشديد إلى النصف.

• 8% من اللاجئين الفلسطينيين الذين هم في سن الذهاب إلى المدرسة (بين 7 و15 سنة) لم يرتادوا أي مدرسة في عام 2010.

• 6% من الفلسطينيين يحملون شهادة جامعية (مقابل 20% للبنانيين).

خامساً: الأمن الغذائي

• 15% من الفلسطينيين يعانون فقداناً حاداً للأمن الغذائي، ويحتاجون إلى مساعدة غذائية ملحّة.

• 63% يعانون فقدان الأمن الغذائي إلى حد ما.

• أكثر من ربع الأسر لا يتناولون كميات مناسبة من الفاكهة والخضار واللحوم ومنتجات الحليب.

• لا يحصل ثلث الفلسطينيين على متطلبات الغذاء الأساسية.

• تنتشر بين الفلسطينيين عادات غذائية غير صحية، إذ يتناول 57% منهم الحلويات غالباً، فيما يتناول 68% منهم المشروبات المحلاة على نحو متكرر، ما يزيد من عبء الإصابة بأمراض مزمنة.

سادساً: الصحة

• يعاني حوالى ثلث السكان أمراضاً مزمنة.

• كل الأسر التي تضم في أفرادها مصاباً بإعاقة تعيش في الفقر الشديد.

• 21% ممن شملهم المسح قالوا إنهم يعانون الانهيار العصبي أو القلق أو الكآبة.

• 95% من الفلسطينيين ليس لديهم تأمين صحي (تؤمّن الأونروا الرعاية الصحية الأولية والثانوية للفلسطينيين مجاناً).

• أي إصابة بمرض مستعصٍ قد تدفع بالأسرة إلى الفقر.

سابعاً: السكن وظروف العيش

• 66% من المساكن تعاني مشاكل الرطوبة والنش، ما ينجم عنها أمراض نفسية وأمراض مزمنة.

• معظم المساكن السيئة موجود في الجنوب.

• 8% من الأسر تعيش في مساكن سقفها و/أو جدرانها مصنوعة من الزينكو، الخشب أو الأترنيت.

• 8% من الأسر تعيش في مساكن مكتظة (أكثر من ثلاثة أشخاص في الغرفة الواحدة).

ماذا بعد؟

بعد هذه الأرقام المخيفة، تطرح الأونروا سؤالاً وتجيب عنه، والسؤال هو: كيف ستواجه الأونروا ذلك؟

• ستستعمل الأونروا نتائج هذا المسح كوسيلة أساسية للمناصرة ولزيادة الوعي لدى شركائها، بما في ذلك الجهات المانحة والدولة اللبنانية والمجتمع الأهلي بشأن معاناة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. وتأمل الأونروا من خلال ذلك إظهار الحاجة الماسة بالحصول على المزيد من التمويل لمعالجة بعض المسائل ذات الأولوية التي كشفها المسح.

• سيساعد هذا المسح الأونروا على إعادة تصويب برامجها عموماً، والتأكد من حصول الأكثر فقراً على المساعدات اللازمة؛ وتركيز الموارد على الحد من الفقر والتأكد من استهداف المناطق الجغرافية الأكثر حاجة كأولوية.

• يبقى عمل اللاجئين الفلسطينيين مسألة أساسية ستواصل الأونروا المطالبة بها. إن الوكالة ستدعم عمل الفلسطينيين عبر تعزيز فرص التدريب المهني التي تقدمها للشباب الفلسطيني والسعي إلى إطلاق برنامج لخلق فرص العمل إذا توافر التمويل اللازم لذلك.

• أخيراً، وانطلاقاً من إدراك الأونروا أنها لا تستطيع وحدها معالجة كل هذه المشاكل بجدية، ستسعى الوكالة إلى توسيع علاقات الشراكة التي تربطها بالمنظمات الأخرى وبالدولة اللبنانية، للتأكد من مقاربة التحديات عبر اعتماد نهج مشترك.

ملاحظات على البحث

1- إن البحث يقدّم نتائج مخيفة، حيث تُظهر إلى أي مدى يعيش اللاجئون أوضاعاً إنسانية واجتماعية صعبة.

2- إن الجهة القائمة بالبحث هي جهة دولية، أي منظمة الأونروا، ومنفّذة البحث هي الجامعة الأميركية في بيروت، وبالتالي نحن نفترض أن الأرقام والمعطيات المستخلصة جاءت وفق المعايير العلمية، وبعيدة عن الانحياز.

3- إن البحث يثبت أن عدد اللاجئين الفلسطينيين الفعلي في لبنان هو 260.000 إلى 280.000 وليس 450.000، كما هو مسجّل في وثائق الأونروا، وهذا يعني أن نحو 45% من اللاجئين الفلسطينيين هاجروا من لبنان بسبب العنف والحروب التي استهدفتهم وسياسة الظلم والتجهيل.

وإن تذرُّع اللبنانيين بأن عدد الفلسطينيين هو 450.000 حتى لا يحصلوا على حقوقهم الإنسانية هو تذرّع غير حقيقي ومبالغٌ فيه.

4- يشير البحث إلى أن ثلثي اللاجئين الفلسطينيين الذين يقيمون في لبنان يقطنون المخيمات، وهذا بخلاف باقي مجتمعات اللاجئين في سورية والأردن، وذلك بسبب سياسة التمييز وحالة الفقر، وكذلك بسبب منعهم من امتلاك العقارات.

5- تقول المعطيات إن 66.4% من الفلسطينيين هم فقراء، مقابل 35% من اللبنانيين. ونسبة الفقر المرتفعة تلك تزداد خطورة بسبب عجز الفلسطينيين من العمل والتعليم والحصول على الرعاية الصحية.

6- الرقم المذهل هو أن 56% من اللاجئين عاطلون عن العمل، وهي نسبة مرتفعة جداً، ويزيد من خطورتها أن 65% من العاملين يعملون في مهنٍ بسيطة داخل المخيمات، ومنها الباعة وأصحاب الحرف البسيطة.

7- نلاحظ في البحث معلومة في منتهى الخطورة، هي الارتباط الإيجابي بين التعليم والفقر، إذ تشير الدراسة إلى تحسّن أوضاع العائلات التي عائلها متعلّم، من هنا كانت سياسة التجهيل المتعمّدة في المجتمع.

8- لكن أكثر ما يؤلم في الدراسة هو الحديث عن الواقع الصحي، فكل الأسر التي لديها إعاقة دائمة تعيش في الفقر الشديد، وثلث الأسر فيها أمراض مزمنة، وإصابة أي فرد من أي أسرة بمرض مزمن تدفع الأسرة إلى الفقر الشديد.

بعد هذه المعطيات، المطلوب من جميع القائمين على شؤون اللاجئين دراسة البحث بطريقة معمّقة، والعمل على الاستفادة منه من خلال وضع استراتيجيات للنهوض.
 
المصدر: مجلة العودة العدد الـ41