القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

تداعيات الدور السعودي السري في القدس.. علاقته بصفقة القرن والدعم الصهيوني لذلك



سارة سويلم || الأردن - شبكة لاجئ نت

من الواضح أن مساعي السعودية لوضع موطئ قدم لها في أوقاف القدس المحتلة لم تتوقف رغم ما يردده البعض عن غياب هذا المخطط عن أجندة الرياض، فهاهي تسعى بقوة لكسب نقاط جديدة بصدد القضية الفلسطينية، لكنها ليست متعلقة بحلحلة القضية أو الانتصار لإرادة الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية، بل بوضع نفوذ لها داخل الحرم القدسي وهذه المساعي كُشف النطاق عنها  بعد التسريبات التي نشرتها صحيفة "إسرائيل اليوم" الإسرائيلية والمقربة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بخصوص موافقة الاردن بمنح السعودية دورا في ادارة المسجد الاقصى المبارك يتساءل مراقبون عن مغزى هذه التسريبات.

وزعمت الصحيفة ان الاردن وافق على هذه الخطوة من اجل مواجهة الدور التركي المتزايد في الاقصى والقدس على حد تعبيرها.

الا ان مدير عام الاوقاف الاسلامية العامة وشؤون المسجد الاقصى عزام الخطيب نفى صحة هذه الاخبار ووصفها بانها (افلام محروقة تهدف للتشويش وتشتيت الموقف الاردني الفلسطيني). ويعزز كلامه نفي السفارة التركية في العاصمة الاردنية عمان للتسريبات وقالت في بيان صادر عنها (ان ما جاء في الاعلام الاسرائيلي ليس إلا إشاعة تهدف إلى تشتيت الأنظار عن الاستعدادات للضم الذي يتعارض مع القانون الدولي ) وتابعت السفارة (تدعم تركيا بقوة دور الأردن في حماية الأماكن المقدسة ونؤمن بأن الأردن يقوم بتحمل مسؤوليته على أفضل وجه).

ومن ناحيته نوه الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص الى ان خطورة مشاركة السعودية للأردن في دورها بمدينة القدس المحتلة (تتشعب إلى ثلاثة جوانب؛ الأول أن الدور الأردني في القدس نتج عن عرف دولي أقر به الاحتلال وأقرت به دول العالم، بعد احتلال شرق القدس عام 1967، وبما أن سلطات الاحتلال مارسته وقبلت به وكذلك دول العالم فهو دور يتمتع بالمشروعية الدولية) واوضح ان (أي دور لأية دولة عربية أو إسلامية أخرى سواء كانت السعودية أو غيرها لن يتمتع بمثل هذه المشروعية وسيكون خاضعا لمبدأ سيادة الدول وسيأتي عبر موافقة صهيونية عليه، وهذا ما يجعل الكيان الصهيوني شريكا في الإدارة القانونية للأقصى بشكل أوتوماتيكي).


واضاف أن الجانب الثاني هو كون (الأردن من الناحية السياسية دولة جوار لفلسطين وقضية القدس محل اهتمام شعبي وتواصل مع أهلها بل واتصال بصري مباشر من جبال الأردن وتلاله، وهذا الواقع الأردني عامل محدد تضطر عمان لأخذه في الاعتبار عند حساب موازين القوى، وهي مضطرة لأخذه في الحسبان حتى في استجابتها للضغوط الخارجية، وهذا عنصر يفرض محدودية التنازلات وصعوبة إخراجها، وهو ليس حاضرا في السعودية أو في أي دولة عربية أخرى، ما يجعل عنصر الردع الداخلي في حال الاستجابة للضغوط الخارجية أقل).

اما الجانب الثالث بحسب ابحيص  المحاولات المختلفة التي تسعى لإعطاء السعودية دورا تشارك فيه الاردن في ادارة شؤون الاقصى تأتي في سياق التفريط والتمهيد لتطبيق صفقة القرن وليس استجابة لحاجة موضوعية في القدس المحتلة ما يجعل تلك المحاولات خطرا يجب إحباطه).

وعبر ابحيص عن اعتقاده بان ما جاء في صحيفة "إسرائيل اليوم" هي (عمل سياسي مقصود لإيصال رسائل سياسية أكثر مما هو خبر إعلامي؛ تقول للأردن إن السعودية معها الولايات المتحدة تدعمها للحصول على دور في القدس، أما أنتم فليس لكم إلا نحن لنضمن دوركم؛ وهدف ذلك دفع الأردن إلى مزيد من التنسيق مع الصهاينة في شأن الأقصى).

‫التساؤل الذي يدور على ألسنة البعض مع تسريبات "يسرائيل هيوم": ما علاقة المخطط السعودي بصفقة القرن؟ وللإجابة عن هذا السؤال يجدر العودة إلى الـ28 من يناير الماضي، حين أعلن ترامب تفاصيل صفقة القرن، التي تضمنت إضفاء الشرعية على الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بجانب فرض الهيمنة على غور الأردن ومساحات كبيرة من الضفة.لكن.. لم تضمن الصفقة أي إشارة لمصير القدس وإدارة الأماكن المقدسة بها، التي بقيت تحت السيادة الأردنية منذ احتلالها عام 1967، وطيلة السنوات الماضية فشل الجانب الإسرائيلي في إيجاد مدخل له للاشتراك في إدارة تلك المقدسات، وهي الثغرة التي طالما حاول الإسرائيليون سدها لسنوات طويلة‬.

وهكذا ظلت الأماكن المقدسة بالقدس خارج الصفقة، على الأقل من الناحية النظرية، حتى جاءت الصحيفة العبرية لتقلب الطاولة رأسًا على عقب وتميط اللثام عن المخطط السعودي لتحقيق حلم الإسرائيليين في إدارة الأماكن المقدسة بما يعبد الطريق أمامهم نحو تسريع هدفهم لإضفاء البعد اليهودي على تلك المقدسات في محاولة لسلبه وتجريد الفلسطينيين من حقوقهم التاريخية والدينية فيها.. ورغم غموض المشهد بشأن مدى دخول هذه الخطوة حيز التنفيذ، فضلًا عن غياب التفاصيل حيال طبيعة الدور السعودي المقترح، ومدى تجنبه لتهديد السيادة الأردنية‬.

ورغم التشكيك ايضا بكلام الصحيفة الا ان التوجهات السعودية للتقارب مع اسرائيل من اجل ارضاء الادارة الامريكية لا تخفى على احد واخرها كان مسلسل "أم هارون" الذي بثته فضائية mbc التي تملكها السعودية ومحاكمة عشرات الفلسطينيين والاردنيين بتهمة دعم القضية الفلسطينية. 

لذا فإن مجرد التفكير في السير في هذا الطريق يضع القضية الفلسطينية في مأزق حقيقي ويسقط الشعارات الرنانة التي طالما زعمتها الرياض بشأن دعمها لحقوق الشعب الفلسطيني.