القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

ثورة اللاجئين الفلسطينيين

ثورة اللاجئين الفلسطينيين

عبد الستار قاسم

لا نكاد نسمع همسا بثورة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وسوريا والأردن. جماهير الأمة العربية تخرج بجرأة وشجاعة مدافعة عن حقوقها، ومن أجل إقامة زعامة منبثقة منها وعنها، والمخيمات الفلسطينية لا تحرك ساكنا على الرغم من أنها الخاسر الأكبر من اتفاق أوسلو وما انبثق عنه من اتفاقات، والخاسر الأكبر من غياب منظمة التحرير الفلسطينية واستيلاء بعض الأشخاص غير الشرعيين عليها.

اتفاق أوسلو عبارة عن نفي للحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني وعلى رأسها حق العودة، ومجالس منظمة التحرير الفلسطينية القائمة الآن غير شرعية لأنها أخلّت بالتعليمات واللوائح الداخلية، ولأن القائمين عليها وقعوا اتفاقيات غير شرعية من زاوية الميثاق الوطني الفلسطيني.

تتعرض القضية الفلسطينية للذبح على أيدي من يدعون الدفاع عنها، ومن واجب كل فلسطيني سواء داخل فلسطين أو خارجها أن يقف مدافعا عن الحق، وألا يسمح أبدا بالتفريط بحقوق شعب يعاني على مدى مئة عام. وقد رأى الجميع من خلال التجربة والواقع أن حلم الدولة ليس إلا مجرد راتب وسيارة وامتيازات لبعض الأشخاص، والأرض الحرة لم تعد إلا هدفا للاستيطان.

هناك استياء عام في فلسطين المحتلة، لكن فلسطينيي الأرض المحتلة عام 1948 يعانون من الكثير من الهموم التي تحول بينهم وبين الانطلاق نحو فجر فلسطيني جديد. أما فلسطينيو الأرض المحتلة عام 1967 فيعانون من أمرين هما قمع السلطة الفلسطينية، ووقوف الاحتلال لهم بالمرصاد. أحيانا نرى بعض الجماهير المحتشدة تأييدا للسلطة والسيد رئيس السلطة، لكن هؤلاء عبارة عن موظفين يجرّون إلى التظاهر جرا تحت وطأة الراتب والمصالح الخاصة. هذا لا يعني أن الناس في الأرض المحتلة عام 1967 قد يئسوا واستسلموا لأوسلو والفساد، واقتناعي أن رغبتهم في تغيير الأحوال تتصاعد.

لكن يبقى من المهم أن تتحرك جماهير الشعب الفلسطيني في المخيمات مطالبة بإسقاط أوسلو، وبتشكيل منظمة تحرير جديدة وفق ميثاق وطني فلسطيني جديد يعكس آمال وتطلعات الشعب الفلسطيني. أن تتحرك في اليرموك والوحدات وعين الحلوة والرشيدية والحسين وإدلب، وكل المخيمات الفلسطينية. لا يجوز أن تبقى جماهير المخيمات متخلفة عن جماهير الأمة، ومطلوب من مخيمات أرض الشام ان تتصدر العمل النضالي نحو تصحيح الأوضاع الفلسطينية.

لقد خرجت جماهير الأمة بدافع غيرتها الوطنية الصادقة، وأبقت الأحزاب تلهث خلفها، واعتدنا تاريخيا أن تكون جماهير الشعب الفلسطيني في المقدمة.

هناك من يظن أن فلسطين هي الضفة الغربية وغزة، وأن شعب فلسطين محصور بهما. أرض فلسطين أوسع بكثير من ذلك، والشعب في الضفة الغربية وغزة يساوي حوالى ثلث الشعب الفلسطيني. أصحاب هذه الظنون يحاولون حصر القرار الفلسطيني بالضفة الغربية وغزة، وكأن باقي الشعب الفلسطيني لا دور له في صناعة القرار الفلسطيني، واتخاذ القرار.

الضفة الغربية وغزة تعيشان أوضاعا استثنائية تؤثر سلباً على عملية النهوض الفلسطيني، ويبقى لزاماً على باقي قطاعات الشعب أن تحمل الراية وتعيد للساحة الفلسطينية الحياة والروح الجهادية الحقّة نحو انتزاع الحقوق الوطنية. الشعب في الضفة الغربية وغزة ليس مستكينا ولا متخاذلا، وسيأتي اليوم الذي يعيد الشعب لنفسه عزته وكرامته، ويعود فيه إلى خندق المواجهة مع العدو الصهيوني. والمشكلة الأكبر تكمن الآن في الضفة الغربية التي تعترف سلطتها بإسرائيل، وتنسق أمنيا معها، ويقودها أناس صنع بعضهم الاحتلال وأميركا.

إنها مسؤولية الشعب الفلسطيني في مخيمات التشريد أن يتحرك من أجل التأكيد على الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني. إنه من المنتظر أن يتطور حراك فلسطيني في المخيمات ضد هذا الوضع الفلسطيني المتردي، ومن أجل صياغة منظمة تحرير جديدة تمثل الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده.

مطلوب من شعبنا في المخيمات أن يبدأ حركة نضالية واسعة من أجل صياغة ميثاق وطني جديد، ومن أجل إعادة تشكيل مجلس وطني فلسطيني لا يعترف بالعدو، ولا يتنازل عن حقوق الشعب.

من المتوقع أن تبدأ عمليات احتجاج في المخيمات، وأن تبدأ اجتماعات جماهيرية واسعة تطالب بإسقاط أوسلو، وتشكيل حالة فلسطينية جديدة.

هناك فصائل في المخيمات، لكن يبدو أن كل فصيل ارتضى لنفسه زاوية معينة لتكون موطن سيادته الخاصة، وأدار ظهره للقضية الفلسطينية. إنها مسؤولية الشعب في المخيمات أن ينهي حالة التشرذم الفصائلي هذه، وأن يصر على وحدة الشعب. أما الفصيل الذي يريد مواجهة إسرائيل فإنه يحرص على سرية سلاحه، ولا يستعمله لأغراض قبلية فصائلية ضيقة تضر ولا تنفع.

الأمة العربية تنهض، ونهوضها سيفرض نفسه على القضية الفلسطينية، فهل يبقى الشعب الفلسطيني في المؤخرة، أم ينهض ليكون في طليعة الثوار الرافضين للاستسلام والخنوع؟ نحن شعب أبي عظيم، لا نقبل الظلم والعار، والراية التي بأيدينا لا يمكن أن تسقط.