القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

"حماس" وحيدة في الحملة على "الفساد" في "الأونروا" - أنيس محسن

المنظمة الدولية تنفي الاتهامات.. والفصائل والمجتمع المدني ينفضون أيديهم
"حماس" وحيدة في الحملة على "الفساد" في "الأونروا"

أنيس محسن

تبدو حركة "حماس" وحيدة في حملتها على ما تقول إنه "فساد" و"محسوبيات" في وكالة غوث وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا). وفيما تنفي المنظمة الدولية التهم الموجهة إليها، فإن الفصائل الفلسطينية وهيئات المجتمع المدني لا تشارك "حماس" في حملتها تلك.

وتؤكد الحركة، بلسان مسؤول "مكتب شؤون اللاجئين" ياسر عزام والمدير التنفيذي للمؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) محمود حنفي ومسؤول العلاقات العامة في المؤسسة محمد الشولي، أن الحملة على "الفساد" وعلى مدير "الأونروا" في لبنان سلفاتوري لومباردو، مستمرة الى ان يتوقف الأخير عن عرقلة القيام بالإصلاحات المطلوبة، كما يقول عزام.

ويضيف، "المسألة ليست شخصية مع لومباردو، انما هدف الحملة تصحيح مسار "الاونروا". اجتمعنا 12 مرة مع لومباردو، وناقشنا حالات موثقة، ووصلنا الى مناقشة التفاصيل، لكن في النهاية كان يتهرب من وضع الحلول. وهذا ما كان أكده ايضا المسؤولان في "شاهد" حنفي والشولي.

مديرة قسم الإعلام في "الأونروا" - مكتب لبنان، هدى سمرا صعيبي، تؤكد أن "السيد لومباردو يؤمن بالحوار وبسياسة الباب المفتوح والشفافية. وعلى الرغم من كل الحملات، فإن هذه السياسة ستتواصل". وتضيف: "بعض الأحيان يطلب من السيد لومباردو او المسؤولين الاخرين تقديم اجابات على بعض الأسئلة، فيما هناك قوانين لا يمكن لهؤلاء تجاوزها، ومعلومات تعد سرية لا يمكن افشاؤها وفق قوانين واجراءات "الأونروا"، لكن السائلين لا يتفهمون هذه المسألة.

وبشأن التهم الموجهة الى "الأونروا" تقول إنها "تتعامل بجدية مع أي اتهامات بالفساد سواء في التوظيف او المشتريات او اي شيء آخر، لكن اي اتهامات يجب ان تكون مقرونة بوثائق واثباتات. الجزء الأكبر من تلك التي تصلنا غير موثقة وبالتالي ليس لها مصداقية، وهي على شكل اسئلة واتهامات عامة حول بعض التعيينات والاجراءات في الوكالة. الوظائف الشاغرة يعلن عنها وتجري امتحانات لشغلها ومن ينجح ويثبت كفاءة يوظف. فهناك نظام مكتمل وشفاف بشأن التوظيف".

وتعقيبا على اتهام توجهه "شاهد" بأن مرتبات الموظفين الأجانب عالية جدا وبعضهم يعمل في غير تخصصه، تقول صعيبي"عدد الموظفين الأجانب في الأونروا 7 فقط: المدير (لومباردو) ونائباه و4 في وظائف أخرى، ورواتبهم تأتي من نيويورك مباشرة ومن خارج جدول الرواتب لمكتب لبنان وبالتالي من خارج موازنة اقليم لبنان. أما الأجانب الآخرون فيعملون في مشاريع محددة ممولة من خارج الموازنة، مثل مشروع إعمار نهر البارد، ومرتباتهم من المشروع نفسه وتوظيفهم يتم بالاتفاق مع الجهة المانحة. وهناك نوع آخر من الأجانب في الأونروا يعملون كمتطوعين من دون أي مرتبات او حتى مصروفات تقع على كاهل الأونروا".

وتشير إلى أنه "يعمل مع السيد لومباردو نائبان هما روجر ديفيس المشرف على تنفيذ برامج: التربية والتعليم، الصحة، الشؤون الإجتماعية، والهندسة وتحسين المخيمات. والنائب الثاني هو روبرت هيرت المشرف على خدمات الإدارة والتوظيف والخدمات اللوجستية. وبالنسبة الى برنامج التربية والتعليم، يتم وضعه مركزيا ويحوّل إلينا من المكتب الرئيسي في عمّان ويشرف مكتب "الأونروا" في لبنان على تنفيذه".

ويقول مسؤولو "حماس" في المقابل، ان "الموظفين الذين ندافع عنهم لا نعرفهم كلهم"، ويؤكدون أن "الإقصاء الوظيفي يتم لمقربين من حماس التي تمثل أكثر من 60% من الشعب الفلسطيني". ويسوق عزام وحنفي في هذا السياق عددا كبيرا من الأمثلة وبالتواريخ والأسماء عبر تقارير سلمت الى الوكالة كل الحالات الواردة فيها مثبتة ومؤكدة.

ويضرب حنفي مثلا عن موظف وجه اليه انذار لأنه كان ينشد في مناسبات معينة وليس في اي من ادارات او مقرات "الأونروا" وخارج وقت الدوام، بذريعة ان قوانين الوكالة تمنع العمل في المجال السياسي للموظفين، فيما رئيس موظفي "الأونروا" موسى النمر وهو من "فتح" مثبت استخدامه كمبيوترات "الأونروا" لإصدار بيانات، وقد راجعناهم بذلك فتم فقط لفت نظره. وهناك اشخاص آخرون من تنظيمات اخرى يوزعون بيانات خاصة ايضا ولا احد يتعرض لهم".

لكن صعيبي تؤكد: "نحن لا نسأل عن انتماء المتقدم للوظيفة او ميوله، ما يعنينا الكفاءة ونجاح المتقدم في الامتحان".

النشاطات الصيفية

وبالإضافة الى "الفساد" في عملية التوظيف والمشتريات التي يؤكد المسؤولون في "حماس" و"شاهد" توثيقها، فهم يشيرون إلى النشاطات الصيفية، التي يقول الشولي انه رصد لها نحو 3 ملايين دولار، فيما الحاجة ماسة، على الرغم من اهمية الترفيه، الى تدعيم برنامجي الصحة والمنح الدراسية.

ويوضح ناشط في المجتمع المدني أنه" تم الإعتراض في البداية على وجود الـ YMCA ضمن البرنامج، لكن عندما ابلغوا أنه يمكن لمؤسسة "نبع" الفلسطينية أن تشرف على النشاطات، قالوا إن الأمر يتصل بوضع الأونروا ككل وليس بالنشاطات الصيفية".

ويقول عزام، في الملف ذاته، "اكتشفنا ان قبعات وقمصان طبع عليها العلم الأميركي كي يرتديها المشاركون في النشاطات داخل المخيمات، وهذا استفزاز للفلسطينيين".

وفي هذا الشأن، تقول صعيبي ان "النشاطات الصيفية ترفيهية وتعليمية للأطفال الفلسطينيين في المخيمات حيث يفتقدون الى المساحات الخضراء وساحات اللعب. والترفيه للأطفال لا يتعارض مع التعليم، كون البرامج تأخذ في الحسبان المسألة التربوية. والبرنامج هذا يقلل من امكانية خروج الأطفال الى الشوارع خلال الفرصة المدرسية".

وتأسف "لإقدام بعض الأطراف على اقفال مدارسنا ومنع النشاطات الصيفية، وحرمان الأطفال هناك من حقهم في الترفيه". وتضيف: "من اقدم على اقفال المدارس لم يأخذ في الإعتبار ايضا ان اللاجئين يدعمون النشاطات. ففي العام الماضي استفاد 6 آلاف تلميذ من النشاط، وهذا العام تسجل 8 آلاف". وتوضح ان "النشاطات في منطقة صور استأنفت لكن في صيدا لم تستأنف بعد".

وتشرح آلية تمويل النشاط وتقول "إنه ممول من خارج موازنة الأونروا، وتنفذه مؤسسة "نبع" وجمعية ـYMCA، وتم اختيارهما لتنفيذ المشروع بعدما تقدما بالعرض الأفضل".

وتلفت الى أن "الولايات المتحدة هي التي تمول النشاط هذا، وهي ثاني أكبر المانحين للأونروا بعد الإتحاد الأوروبي، ووضع شعار الممول ليس شيئا جديدا وكل المشاريع الممولة سواء للأونروا أو غيرها يتم التعامل معها بهذا الشكل". وتتابع: "هناك ممولون لهذه النشاطات، وهي تأتي في إطار ما يسمى EARMARKED FUND المرصودة لنشاطات معينة ولا يمكن للأونروا استخدام التمويل في برامج اخرى، مثل برنامج تحسين البنى التحتية في المخيمات الذي يموله وينفذه الإتحاد الأوروبي وغيره من البرامج". وتضيف: "نحن نضع أمام الجهات المانحة مشاريع تتناول احتياجات اللاجئين والأولويات، والمانحون يختارون البرنامج الذي يودون تبنيه، فيمولونه ويمكن ان ينفذوه".

وتشير الى ان "المشاريع التي نضعها في سلم الأولويات حاليا ونقدمها للمانحين هي: الصحة وخصوصا استشفاء الحالات المستعصية، اعادة تأهيل المساكن والبنى التحتية، ايجاد فرص عمل وتحسين مستوى عمالة اللاجئين في لبنان، اعادة إعمار البارد، تحسين الواقع المعيشي وتخفيف حدة الفقر التي اظهرها المسح الإقتصادي ـ الإجتماعي الذي نفذته الجمعية الأميركية في بيروت بالشراكة مع "الأونروا".

وتؤكد ان "الأونروا تتفهم وتقدر كل مطالب اللاجئين لأن المعاناة كبيرة. وعلى الرغم من كل ما نقدمه، نعي ان المطلوب اكثر لا سيما في الحاجات الأساسية للاجئين التي وضعناها في اولوية اهتمامنا، ونحن نأمل بتعاون مشترك وكبير كي نتمكن من تأمين التمويل للمشاريع التي نتقدم بها للمانحين. ونأمل الابتعاد عن الاتهامات والمسائل الشخصية التي يمكن ان تؤثر على التمويل".

الفصائل وهيئات المجتمع

وبشأن عدم مشاركة الفصائل في الحملة، يقول عزام، انه "صدر بيان من فصائل منظمة التحرير ضد الحملة على "الأونروا، وهم بالأساس خارج الحملة ولم يتم التنسيق معهم". ويضيف: "عقدت فصائل التحالف اجتماعا بغياب مسؤول حركة حماس في لبنان علي بركة، وزعموا انهم لم يبلغوا مسبقا بالحملة على الأونروا وانها لم تقر من قبل الجميع". ويؤكد ان "حماس ترفض ذلك وتختلف مع فصائل التحالف. كأفراد، فإن مسؤولي الفصائل في لبنان يؤكدون لنا وقوفهم معنا، لكن كقيادة مركزية لا يوافقون على الحملة. حماس مستاءة ولا تستبعد أن تكون هناك محاولة للإستفراد بها".

ويتابع عزام: "الجميع يدرك حجم الفساد في الأونروا، لكنهم يركزون في عملهم على الموظفين لمصالح ذاتية ولا يأخذون بالاعتبار مصالح الشعب. كلهم يتذرعون في مسألة عدم مشاركتهم في التحرك ضد الفساد في الأونروا بأن الحملة تخاض ضد لومباردو شخصيا". ولم يستبعد عزام أن يكون لومباردو ينسق مع مسؤولي الفصائل في محاولة استفراد "حماس"، مشيرا إلى أن العقيد منير المقدح والقوى الإسلامية تشارك "حماس" في هذه الحملة.

وفيما ينتقد مسؤول في أحد فصائل منظمة التحرير، بعض تصرفات "الأونروا"، إلا أنه يعتبر مضمون حملة "حماس" محاولة للهيمنة على مفاصل المنظمة الدولية، خصوصا ما يتصل منها بإدارة المخيمات وبالتوظيف.

وفضلا عن العتب "الحمساوي" على الفصائل، هناك عتب على منظمات وهيئات مدنية وأهلية، اذ يقول حنفي والشولي، ان "معظم منظمات وهيئات المجتمع المدني التي لم تدعم الحملة مستفيدة بشكل او آخر من الأونروا. هناك 4 جمعيات من المجتمع المدني مسيطرة على مشاريع الأونروا، بما فيها النشاطات الصيفية والمنح الدراسية".

مدير المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان غسان عبدالله، يؤكد وجود بعض "الملاحظات على أداء الأونروا لكنها لا ترقى الى ما تتحدث عنه الحملة المثارة". وينفي أي صله لمنظمته ولغالبية منظمات وهيئات المجتمع المدني الفلسطيني التي "لا علم لها ولم تشترك بالحملة ولم توقع على أي بيان يتناول هذا الموضوع".

الناشط الحقوقي جابر أبو هواش، يرى أن أي حملة يجب ان توجه نحو سياسات "الأونروا" وليس نحو أشخاص بعينهم. ويلاحظ أن خدمات "الأونروا" شهدت تحسنا متصاعدا خلال الأعوام الأخيرة، وأكبر دليل على ذلك نسب النجاح المرتفعة في امتحانات شهادتي الإعدادي والبكالوريا الثانية الرسمية. وهناك ايضا تحسن كبير في موضوع الصحة والإستشفاء، اذ رفعت موازنة الاستشفاء بنسبة كبيرة، واصبحت التحويلات للمستشفيات اكثر سهولة. ويعتبر بالتالي، ان الحملة قائمة على مصالح شخصية ضيقة ولا تصب لا في مصلحة اللاجئين ولا تسهم في تحسين أداء "الأونروا".

المصدر: جريدة المستقبل اللبنانية