القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

منظمة التحرير في زمن التغيير

منظمة التحرير في زمن التغيير

سامي حمود

هبّت عواصف التغيير في الوطن العربي وطالت رياحها رؤوس أعتى الأنظمة وفي مقدمتها نظام زين العابدين ونظام مبارك، ولا تزال رياحها تعصف بنظام القذافي إلى أن تقتلعه لترسو مكانها أنظمة جديدة سلطتها بيد الشعوب وفي الطليعة الشباب؛ محركو ثورات التغيير في الوطن العربي.

الفلسطينيون عموماً واللاجئون العائدون خصوصاً احتفلوا بانتصار تلك الثورات العربية على أنظمتها الهرمة المتسلّطة فوق رقابهم طوال عقود، ورأوا في تلك الثورات أحلامهم وتطلعاتهم في تغيير واقعهم من واقع احتلال ولجوء إلى واقع انتصار وتحرير وعودة.

لكن المخيب في واقع القضية الفلسطينية أن رياح التغيير حان موعدها منذ مدة جاوزت ثمانية عشر عاماً عندما وقعت منظمة التحرير الفسطينية اتفاق أوسلو عام 1993 الذي اعترفت فيه المنظمة "بشرعية" الاحتلال الإسرائيلي ككيان مستقل ذات سيادة على أرض فلسطين التاريخية عام 1948، مقابل الاعتراف بالمنظمة "ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني!!".

وهكذا أصبح حال القضية الفلسطينية في مهب الرياح تعصف بها المفاوضات من مدريد إلى جنيف إلى كامب ديفيد إلى واي ريفر إلى أنابوليس، لتستقر عند أكبر إنجاز حققّه المفاوض الفلسطيني طوال سنوات التفاوض مع الكيان الصهيوني بفضيحة هزّت كبار قادة منظمة التحرير الفلسطينية المتمثلة "بكشف المستور" للوثائق التي عرضتها قناة الجزيرة، والتي تتعلق بتورط القيادة الفلسطينية في منظمة التحرير في عملية التنازل عن الثوابت والمقدسات للشعب الفلسطيني المتمثلة بالقدس واللاجئين والأسرى والمقاومة.

وللأسف لم يستطع أولئك القادة الدفاع عن أنفسهم أمام شعبهم وأصبحوا يتهربون باتهام قناة الجزيرة واعتبار تلك الوثائق ملفّقة ومزيّفة، ولكنهم فشلوا في تكذيب تلك الحقائق الموثوقة عندما ثبت أن تلك الوثائق تم تسريبها من مكتب كبير المفاوضين صائب عريقات بعد إقراره بذلك وإقالته من ذلك المنصب. وبذلك تكون القضية الفلسطينية خسرت أحد "أهم أعمدة" النضال والصراع مع الكيان الصهيوني.

من هنا كان لا بد أن يتساءل الفلسطينيون في الوطن واللجوء والشتات، آما آن لمنظمة التحرير الفلسطينية أن تنفض عن نفسها غبار التفاوض والتنسيق الأمني مع الاحتلال الصهيوني لتعود إلى طريق الوحدة والمقاومة؟ فإن لم تكن قادرة على اغتنام الفرصة الأخيرة لها قبل أن تعصف بها رياح التغيير، فعليها أن تُغيّر اسمها من منظمة التحرير إلى منظمة المفاوضات الفسطينية، لأن الشعب الفلسطيني لن ينتظر أكثر وسيركب رياح التغيير في اختيار مرجعيته التي تمثّل إرادته الحرّة في رفض الاحتلال وعدم التفريط والتمسك بالحقوق والمقاومة.