القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

هيئة مراقبة الأونروا

هيئة مراقبة الأونروا

عماد عبد الحميد الفالوجي

"كل شيء خاضع للرقابة الشعبية"، والشعب يريد مراقبة كل شيء حتى يطمئن على حاضره ومستقبله، لن ينجو أحد من المراقبة الشعبية، هكذا هو شعار المرحلة، ولن ينجو أحد من هذه الرقابة لأنها بالتأكيد ستقود يوما ما إلى المساءلة ثم المحاكمة ثم القرار، وكل من يسائله الشعب هو بالتأكيد خاسر حتى لو ثبتت براءته لأنه لا يمكن إرضاء كل فئات الشعب ولا يمكن الإحاطة بأهداف كل واحد منهم ولا يمكن التأكد أنه دائما المصلحة العامة هي المحرك لبعض من يريد التحرك، ولذلك كل من يقع تحت طائلة مساءلة الشعب فهو متهم حتى لو ثبتت براءته، ولكن عندما يتعلق الأمر بالحقوق الثابتة الغير مختلف حولها فهناك أسس ومبادئ لابد من الالتزام والتمسك بها، مثلما يحدث هذه الأيام مع وكالة الغوث "الأونروا"، والحديث حول التقليصات التي تقوم بها في مستوى خدماتها أو تغيير اسمها، بالرغم أنه في لقاء خاص مع الأخ عدنان أبو حسنة – الناطق الإعلامي للأونروا – قال أن الاسم الجديد وهو "وكالة الأمم المتحدة للاجئي فلسطين" يحمل أبعادا سياسية قد تخدم القضية الفلسطينية وكان من المتوقع أن تعترض عليه (إسرائيل) وليس الفلسطينيون وهو ليس اسما جديدا فقد مضى على استخدامه مدة ليست قصيرة، ولكن لماذا تثار الضجة حوله الآن؟ هذا سؤال موجه إلى أصحابه، ولكن بدون شك هناك حالة من التخوف والشك نابعة من الموقف الدولي المتخاذل والمتهاون تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين والتلاعب في استخدام الألفاظ والمصطلحات لإيجاد حل عادل لإنهاء هذه المعاناة حسب ما ورد في قرارات الأمم المتحدة ذاتها، ولذلك فإن كل تحرك دولي تجاه هذه القضية يقابله تحرك شعبي أساسه انعدام الثقة مع المجتمع الدولي تجاه قضية اللاجئين، وكذلك الحال بالنسبة لتقديم الخدمات لا يكاد يصدق أحد أن المشكلة هي انعدام الموارد المالية ولكن خلف أي خطوة قرار سياسي موجه تجاه اللاجئين.

ولكن هل استمرار العلاقة بين ممثلي الشعب ووكالة الأونروا يجب أن تستمر بهذه الطريقة القائمة على أساس الفعل ورد الفعل، واستمرار سياسة الشك والاتهام هي السائدة؟ أم لابد من التعامل مع هذه الوكالة الدولية التي أنشأت من أجل الحفاظ وخدمة قضية اللاجئين وإبقاءها على قيد الحياة وتحمل المجتمع الدولي مسئولياته تجاهها بحكم أنه السبب الرئيس في وجودها من خلال دعمه الظالم للكيان الإسرائيلي وعدم استخدام وسائل الضغط لإجباره على الالتزام بقرارات الشرعية الدولية كما يحدث في مناطق كثيرة من هذا العالم، ومن هنا كان لابد أن يرتقي الفعل الفلسطيني ويرتقي لوضع الخطط لمواجهة الحقائق وليس مجرد ردود أفعال، ويجب بعيدا عن أسلوب الإثارة أو كسب المواقف والثرثرة التي لا تقدم ولا تأخر، وكذلك بعيدا عن افتعال معارك ومواجهات هدفها إبراز لبعض العضلات – المنهكة أصلا – لابد من تشكيل جسما فاعلا هادئا ولكنه قويا، وموضوعيا لكنه مطلع على كل الحقائق ويتعامل بكل جدية مستندا على ما يملكه من قوة الحق المستندة على القناعة الشعبية بضرورة الحفاظ على كل ما تم إنجازه وعدم التنازل عن أي حق له.

ومن هنا كان الإعلان بالأمس الأربعاء 10-8-2011 عن تأسيس "هيئة مراقبة الأونروا"، وهو بمثابة جسم شعبي عام يضم ممثلي المؤسسات المدنية والشعبية ولجان اللاجئين وشخصيات أكاديمية، هدفه تنظيم الفعل الفلسطيني بشكل هاديء وموضوعي مستند على الحقائق في متابعة أداء تنفيذ الأونروا لخدماتها الموكلة بها في كافة المجالات وملاحقة أي قصور في أدائها وتزويد المهتمين في شئون اللاجئين الفلسطينيين بحقيقة الإجراءات التي تقوم بها الأونروا والشبهات التي ينتابها إضافة إلى تنبيه المسئولين في الأونروا إلى نقاط الضعف والأخطاء في الأداء وإصدار تقرير نصف سنوي حول أداء عمل الأونروا، وهي بالتأكيد لا تسعي للمواجهة مع أي طرف بل عامل مساعد ينهض بهذه المهمة ومساندا لوكالة الأونروا للقيام بواجبها بكل مهنية وموضوعية.

إن تشكيل هذه الهيئة لهذه الأهداف هو خدمة كبيرة مشتركة سواء للاجئين وطمأنتهم على حقوقهم وكذلك لمؤسسة الأونروا لأنها بحاجة إلى مثل هذا الجسم الهاديء والقوي والفاعل لتعلم مسبقا عن خلل يحدث قد لا تكون تقصده أو قد يقوم بعض المغرضين بتفصيل تقارير غير صحيحة تؤدي إلى قرارات غير صحيحة ومن ثم إلى إشكاليات لا يستفيد منها أحد، ومن هنا فإن هذا الجسم إذا أحسن الأداء كما ورد في البيان التأسيسي له سيكون خطوة متقدمة في تنظيم العلاقة الهشة بين الأونروا وجسم اللاجئين الفلسطينيين على أساس من التفاهم والحرص على استمرار عمل الأونروا في تقديم خدماتها على أكمل وجه، وأن يتحمل المجتمع الفلسطيني دوره الحقيقي في المتابعة والمراقبة ليكون مطمئنا على حاضره ومستقبله، ومطلعا عبر ممثليه على الحقائق وليس الشبهات أو الإشاعات، وعندها يمكن أن يتم مناقشة كل قضية تخص وكالة الأونروا بكل شفافية وموضوعية وبقلب مفتوح لخدمة قضية اللاجئين الفلسطينيين إلى أن يتم حل هذه القضية وهو عودة هؤلاء اللاجئين إلى ديارهم التي أخرجوا منها.