
الإثنين، 16
حزيران، 2025
يُعاني سكان
مخيم برج الشمالي للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان من مشكلة متفاقمة تتمثل في
امتلاء المقبرة الوحيدة بالمخيم، مما يُعيق دفن موتاهم. فإلى جانب التحديات
الاقتصادية والمعيشية العديدة التي يواجهونها، باتت هذه الأزمة تشكل عبئًا إضافيًا
على حوالي 22 ألف لاجئ يعيشون في المخيم، والذين هُجّر معظمهم من قرى شمال فلسطين
عام 1948.
تُشكل المقبرة
الحالية، التي كانت هبة من رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل أكثر من عشرين عامًا،
المساحة الوحيدة المتاحة للدفن. ومع عدم وجود مساحة كافية الآن، اضطر الأهالي في
السابق إلى اللجوء إلى مقبرة تجمع المعشوق في مدينة صور، والتي تبعد حوالي
كيلومترين عن المخيم، لكنها أيضًا أُغلقت بشكل كامل مؤخرًا.
جهود متكررة
لحل الأزمة باءت بالفشل
أفاد الأهالي
أن محاولاتهم لشراء قطعة أرض مجاورة للمقبرة القائمة باءت بالفشل. كما لم تُكلّل
جهود الفصائل الفلسطينية مع الدولة اللبنانية لإيجاد قطعة أرض جديدة بالنجاح، مما
أعاد مشكلة المقبرة لتتصدر أولويات المخيم.
يقول محمود
الجمعة، أحد سكان المخيم، إنهم تواصلوا مع العديد من الشخصيات المؤثرة ومسؤول
اللجان الشعبية في لبنان آنذاك، عبد المنعم عوض، الذي أكد لهم سهولة حل القضية.
كما أملوا في حل المشكلة عبر رئيس دائرة شؤون اللاجئين أحمد أبو هولي، لكن
"الأحداث جاءت معاكسة لرغباتنا".
مبادرات ذاتية
وأمل في دعم المنظمات
في ظل غياب
الحلول الرسمية، أطلق أهالي المخيم مؤخرًا مبادرة لجمع التبرعات من السكان ومن
المغتربين من أبناء المخيم، بهدف شراء قطعة أرض جديدة. وقد تم تشكيل لجان على
مستوى الأحياء لدعم هذه المبادرة.
وفي سياق
متصل، تلقى الأهالي إبلاغًا من منظمة التحرير الفلسطينية بأن السفير الفلسطيني في
لبنان، أشرف دبور، سيبادر إلى رصد مبلغ مالي للمساهمة في مشروع المقبرة. ومع ذلك،
يرى الأهالي أن المبلغ غير كافٍ، ويُنتظر التواصل مع "الداخل الفلسطيني"
لاستيفاء المبلغ المطلوب. يعرب الأهالي عن أملهم في تحقيق هذا الهدف المنشود
للتخفيف من معاناتهم.
معاناة مضاعفة
في أفقر المخيمات
يُعد مخيم برج
الشمالي من أفقر المخيمات الفلسطينية في لبنان، حيث تتجاوز نسبة الفقر فيه 70%.
ويعتمد ثلثا سكانه على الزراعة والبناء كمصادر للرزق، فيما تعتمد العديد من
العائلات على التحويلات المالية من الأقارب في الخارج.
يُشير أبو
محمد، عضو اللجنة الشعبية في المخيم، إلى أن المخيم يضم حوالي 22 ألف نسمة على
مساحة كيلومتر مربع واحد فقط، بالإضافة إلى حوالي ثلاثة آلاف لاجئ فلسطيني نازح من
سوريا. ويؤكد أن مشكلة دفن الموتى ليست بجديدة، محذرًا من أن المقبرة قد تمتلئ
بشكل كامل خلال شهرين.
وقد تم رفض
اقتراح سابق لشراء قطعة أرض تابعة لمنظمة التحرير بسبب بعدها عن المخيم. وفي الوقت
الحالي، تُطرح فكرة شراء قطعة أرض تقع في وادٍ بالقرب من المخيم وتبلغ مساحتها
حوالي 11 دونمًا، حيث لا يمكن البناء عليها. وقد تواصل الأهالي مع السفارة
الفلسطينية ومع قيادة رام الله للحصول على وعود بشراء هذه الأرض، ولكن لم يتمكنوا
من تحقيق ذلك بعد.
"بدأنا
جمع التبرعات، لكننا لم نستطع جمع المبلغ كاملاً"، يقول أبو محمد، مضيفًا:
"وعدنا بأن تدفع معنا المنظمة ثمن قطعة الأرض، لكننا لم نحصل على المبلغ،
وبدأ موضوع المقبرة يتفاقم ولم نعد نعلم ماذا سنفعل".