الثلاثاء، 19 أيلول 2023
انتهت جولة جديدة من الاشتباكات المسلحة في
مخيّم عين الحلوة للّاجئين الفلسطينيين، قرب مدينة صيدا، في جنوب لبنان.
وشهد المخيم اشتباكات متصاعدة بدأت في 29
يوليو/ تموز، وانتهت آخر جولاتها في 14 سبتمبر/أيلول
وكشف وقف إطلاق النار الأخير، كما بعد كل جولة
من الصراع، عن المزيد من الأضرار الجسيمة داخل المخيّم الذي يعدّ الأكبر والأكثر
كثافة سكانية في لبنان.
ولا تقتصر الأضرار على الأوضاع الاقتصادية
وتدمير المنازل ونزوح عدد كبير من سكّان المخيم، فالأحداث الأمنية الأخيرة هدّدت
مصير العام الدراسي لآلاف التلامذة الفلسطينين.
وكان من المفترض أن تستقبل المدارس الخاصة
بوكالة الأمم المتحدة لتشغيل وغوث اللاجئين الفلسطينيين - الأونروا - طلّابها في
مبانيها داخل المخيم، في بداية شهر أكتوبر/تشرين الأول.
لكنّ الاشتباكات حوّلت الأبنية الدراسية إلى
ثكنات عسكرية للفصائل المسلّحة المتقاتلة، وأدّت إلى أضرار في المنشآت سيحتاج
تأهيلها إلى الكثير من الوقت والمال.
هدنات هشة
منذ بدء جولات الاشتباك قبل أسابيع، أعلن وقف
إطلاق النار داخل المخيم أكثر من مرة، مع الاتفاق على تسليم المطلوبين عن
الاغتيالات إلى السلطات اللبنانية.
واشتدت المعارك بين حركة "فتح" و"مجموعات
إسلامية متشددة" بعد اغتيال مسؤول بارز في "فتح" داخل المخيم يدعى
العميد محمد العرموشي.
أصدرت وكالة الأونروا قراراً في 17 أغسطس/آب،
بتعليق خدماتها داخل المخيم اعتراضاً على تواجد المسلحين في المدارس التابعة لها،
مطالبة بإخلاء المسلحين لمنشآتها.
وبعد وقف إطلاق النار، طلب لم يغادر المسلحون
مباني الوكالة الأممية، ولم تبادر أي جهة إلى تسليم المطلوبين، ما أدى إلى فشل
جميع الهدنات السابقة.
عاد سكان المخيم في الأيام التي تلت وقف إطلاق
النار الأخير لتفقد منازلهم والأضرار. لكن معظمهم فضّل عدم البقاء داخل المخيم
خوفاً من تجدد القتال.
قال مسؤول "الجبهة الديمقراطية" في
عين الحلوة فؤاد عثمان، في اليوم التالي على وقف الاشتباكات، إنّ خوف أبناء المخيم
من البقاء، يعزّزه انتهاكات وقف إطلاق النار المتكررة في الجولات السابقة.
وأكّد عثمان أن الناس تعود للاطمئنان على
ممتلكاتها وتخرج. وأضاف قائلاً "لكن الذين ليس لديهم مكان يقيمون فيه خارج
المخيّم، أو الذين يتواجدون في أماكن سيئة، بدأوا بالعودة إلى بيتوهم في المخيّم.
عام دراسي في خبر كان
لم ينفذ طلب الأونروا بإخلاء منشآتها، ومع مرور
الوقت واستمرار الاشتباكات، أصبح من الصعب على الوكالة استقبال التلامذة في مدارس
المخيم، حتى وإن غادرها المسلحون في وقت قريب.
ذلك ما اضطر الوكالة إلى الإعلان عن خطة لتوزيع
طلابها البالغ عددهم 5900 تلميذ على مدارس خارج المخيم.
لكن تنفيذ هذه الخطة دونه تعقيدات وصعوبات
تتمثل في عوامل عدة:
• تأمين وسائل نقل
خارج المخيم.
• احتساب الوقت
والمسافة لخروج الطالب ودخوله إلى المخيم المكتظ سكانياً.
• تنظيم جدولين
مختلفين للدراسة، لإيجاد حلّ بشأن عدد الطلاب الكبير، بعد توزيع الطلاب من داخل
المخيم على المدارس خارجه.
• تنظيم مسألة
دخول وخروج التلامذة يومياً على حواجز الجيش اللبناني الموجودة على مداخل المخيم.
ولكن، كما أشرنا سابقاً، وبعد وقت قصير على
إعلان الأونروا الاتجاه لتأمين استقبال التلامذة في مدارس خارج المخيم، تجددت
الاشتباكات في المخيم، ما زاد من حركة النزوح، وخروج سكان المخيم للاحتماء في
مدارس ومنشآت الوكالة خارجه.
وبعد وقف إطلاق النار، أصدرت وكالة الأونروا
بياناً في 15 سبتمبر/ أيلول، أشارت فيه إلى أنها "لم تتمكن من الوصول إلى
المخيم منذ يوم الجمعة 8 سبتمبر/ أيلول، وستستأنف الأونروا خدماتها في المخيم
بمجرد اعتباره مكاناً آمناً للعمل فيه".
وفي ما يخص العام الدراسي أكدت الوكالة النظر
"في الحلول الممكنة لضمان حق الأطفال الأساسي في التعليم"، دون إضافة
المزيد من التفاصيل.
وناشدت الأونروا في بيان سابق المساعدة في
الحصول على مبلغ 15.5 مليون دولار للاستجابة للاحتياجات الناتجة عن الصراع في
الجولة الأولى من الاشتباكات.
"الأزمة الحقيقية تبدأ الآن"
مسؤول "الجبهة الديمقراطية" فؤاد
عثمان، هو عضو لجنة العمل الفلسطيني المشترك التي كانت تعمل على خط تهدئة الأوضاع
الأمنية في المخيم، خلال الاشتباكات الأخيرة.
قال لبي بي سي نيوز عربي، إنه رافق عائلة دخلت
"بالدموع"، لتفقد منزلها المتضرر داخل المخيّم.
وأشار إلى أنّ "أهل عين الحلوة كانوا
يعيشون قبل هذه الاشتباكات، أوضاعاً اقتصادية مأساوية وحالة اجتماعية سيئة بسبب
انهيار قيمة العملة (اللبنانية) وبسبب البطالة وحرمان الفلسطيني من حق العمل
وتقليص خدمات الأونروا".
وأضاف قائلاً: "لكن كان هناك جزء يعيش
بسبب العمل ولو استطاع تأمين الحد الأدنى من 100 إلى 150 دولار في الشهر، لكن
الاشتباكات الأخيرة أخرجت الناس من منازلها وهي لا تمتلك الحد الأدنى للعيش".
الأونروا تعلّق خدماتها في مخيم عين الحلوة
بلبنان احتجاجا على انتشار المسلحين
وقال عثمان إن "الأزمة الحقيقية تبدأ
الآن". موضحاً أن "المصيبة الكبرى هي حين يعود الفلسطيني إلى منزله بعد
وقف إطلاق النار ويجد منزله مدمراً أو محروقاً، وهو لا يملك الحد الأدنى لإعادة
تأهيله".
وأكدّ أن هناك أن "عدداً كبيراً من البيوت
احترقت" نتيجة تبادل إطلاق النار والقذائف.
ورأى أن مصير العام الدراسي "مجهول".
وأنّ "الأونروا لن تستطيع استقبال الطلاب قبل شهرين ثلاثة، فمدارسها تحتاج
إلى صيانة".
وأشار عثمان إلى أن العامل النفسي لدى تلامذة
المخيم في ظلّ ما عانوه، أو في ظلّ خطة بديلة للتعلّم خارج المخيّم، لن يكون
عاملاً مساعداً.