«كي لا ننسى صبرا وشاتيلا» في يومه الجنوبي الثاني: زيارة معالم دحر الاحتلال في مليتا ومارون الراس
الجمعة، 16 أيلول، 2011
الإعجاب بشجاعة المقاومين وصبرهم وعزيمتهم، كان السمة الغالبة لانطباعات أعضاء وفد لجنة «كي لا ننسى مجزرة صبرا وشاتيلا» في يومهم الثالث في لبنان أمس. وزار الوفد المؤلف من خمس وأربعين شخصية من الأكاديميين والإعلاميين والناشطين، من جنسيات إيطالية، وفنلندية، وماليزية، وأميركية، وفرنسية، معلم مليتا السياحي في منطقة إقليم التفاح (عدنان طباجة)، وتجول أعضاؤه في أقسامه وأنفاقه. وتوقفوا عند الأعتدة والذخائر الحربية التي غنمها المقاومون من جنود الاحتلال والأسلحة التي استخدموها في مواجهتهم.
وما زاد في إعجاب أعضاء الوفد واستحسانهم مشاهدتهم لفيلم عن نشأة المقاومة، والمواجهات التي خاضتها ضد الاحتلال الإسرائيلي، وشرحاً مصوراً عن معلم مليتا السياحي، بتعليق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، التي استقبلت صورته على الشاشة بتصفيق حار ألهب قلوبهم. ليست المرة الأولى التي تزور فيها رئيسة الوفد ستيفاني ليميتي معلم مليتا ولبنان، لكن قسماً كبيراً من أعضاء الوفد لم يتسنَ له تلك الزيارة في العام الماضي، كما أوضحت، لذلك كان انطباعها بأهمية المقاومة والشعور معها، وأكثر ما يثير ذلك الانطباع فيها، هو الأرض التي سفكت عليها الدماء الغالية من أجل تحريرها من المحتل، وبالرغم من الألم الذي يجسده هذا المكان لكنه مكان لفرحة المقاومين بمواجهتهم للاحتلال الإسرائيلي، ورمزيته إنه مكان لهزيمة إسرائيل. وتكونت لدى مانويلا باليرمي، وهي عضو في قيادة «الحزب الشيوعي الإيطالي» وعضو سابق في مجلس الشيوخ، الراحة النفسية في ذلك المكان، الذي تزوره للمرة الأولى، لأنه يمثل قدوة لكل الأحرار والديمقراطيين في العالم، ويمثل أيضاً كيف أن شعباً مذهلاً ورافضاً للظلم والاحتلال، استطاع تحقيق كرامته وحريته واستقلاله، وهو خير مثال لكل الأحرار في العالم. وتؤكد باليرمي على أنه في السنة المقبلة «سيزور كل الرفاق المشاركون في الحكم المحلي في المقاطعات الإيطالية، هذا المكان والجنوب، لتحقيق أكبر تضامن سياسي مع الشعب اللبناني ومقاومته، أكثر مما هو قائم حالياً داخل المؤسسات الحكومية في إيطاليا».
ويشعر الناشط من أجل الحرية في إيطاليا ألبرتو ماري بالرحمة على الدماء التي سفكت في ذلك المكان، وبالشكر الجزيل للمقاومين الأبطال الذين دحروا الاحتلال الإسرائيلي عن المنطقة، معتبراً أن الشعب اللبناني يستحق أكثر من التضامن الروتيني العادي، وعلى الغرب أن يقوم بإدانة إسرائيل بكل ما أوتي من قوة وعدل. فيما زميلته غورتيا بوناكورسي معجبة كثيراً بالشعب اللبناني، لا سيما الجنوبي، باعتباره قائداً للمقاومة ضد الاحتلال، ولمساندته القضية الفلسطينية.
ويعرب الصحافي بسام صالح عضو قيادة لجنة «كي لا ننسى صبرا وشاتيلا»، عن فخره واعتزازه لتواجده في المنطقة التي زارها مرات عديدة سابقاً، كما يفخر ويعتز بكل المقاومين الذين حموا لبنان وشعبه وآزروا الشعب الفلسطيني في قضيته، وحموا المنطقة من المشروع الإمبريالي الأميركي الصهيوني واستطاعوا إسقاطه.
لم ينسَ أعضاء الوفد شراء تذكارات المقاومة قبل عودتهم من معلم مليتا متوجهين إلى بوابة فاطمة في منطقة مرجعيون ونفوسهم مفعمة بالإعجاب والتقدير للمقاومين الذين سطروا ملاحم البطولات في مليتا والجنوب.
ومن مليتا إلى مارون الراس (علي الصغير)، حيث زار الوفد «حديقة إيران»، بمرافقة وفد من قيادة منطقة الجنوب في «حزب الله». واستمع الوفد المؤلف إلى شروحات من أحد الضباط في «المقاومة الإسلامية»، الذي أطلع أعضاء الوفد على سير المواجهات التي دارت في المنطقة خلال عدوان تموز 2006. كما اطلع الوفد على الأعمال التي جرت في الحديقة، التي يزورونها للمرة الثانية.
وكانت اللجنة، وبالتعاون مع بلدية الغبيري («السفير»)، قد دعت للمشاركة، التاسعة من صباح اليوم، في مناسبة إحياء المجزرة، حيث يقام تجمع وتلقى كلمات في «المركز الثقافي لبلدية الغبيري ـ رسالات»، قرب السفارة الكويتية، وينطلق بعدها الوفد بمسيرة لوضع أكاليل الزهر على أضرحة الشهداء في مدافن شهداء صبرا وشاتيلا. وكانت بلدية الغبيري قد أقامت حفل عشاء تكريما للوفود الأوروبية التي تحيي ذكرى المجزرة في قرية الساحة ـ طريق المطار، حضره رئيس بلدية بانيولي مارك افريغ على رأس وفد فرنسي من مقاطعة بانيولي، ورئيسة وفد اللجنة ليمتي، وسفير فلسطين عبد الله عبد الله، وعضو المجلس السياسي لـ«حزب الله» حسن حدرج، ونائب المسؤول التنظيمي لإقليم بيروت في «حركة أمل» علي خليل، ورئيس «اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية» محمد سعيد الخنسا، ومعاون مسؤول الملف الفلسطيني في المجلس السياسي لـ«حزب الله» الشيخ عطا حمود، وممثلو الفصائل الفلسطينية وأعضاء بلدية الغبيري.
وألقى موريسيو موسيلينو كلمة باسم الوفد الايطالي قال فيها: «نحن مع رئيس بلدية الغبيري نقوم بعملية سياسية متواصلة منذ سنوات، تقودنا إلى عملية تضامن مع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، من اجل إحقاق حقوقهم وإننا شركاء في النضال ضد الصهيونية التي تقوم بقهر شعوب هذه المنطقة». وقدم لوحة تذكارية باسم اللجنة إلى الخنسا. بدوره رحب الخنسا بالوفود، وقال: «إن عملكم في هذا المشروع «لن ننسى صبرا وشاتيلا» عمل كبير، وسيتطور ويتفاعل وتبقى إسرائيل وعملاؤها في موقع الإجرام ضد الإنسانية».
وفي السياق عينه، نظمت «الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين» لمناسبة الذكرى التاسعة والعشرين للمجزرة مسيرة من مخيم شاتيلا في اتجاه المقبرة الجماعية لشهداء صبرا وشاتيلا، وانتهت باعتصام أمام مثوى الشهداء. وتحدث مستشار نقابة الصحافة فؤاد الحركة الذي اعتبر «أن مجزرة صبرا وشاتيلا ستبقى عنوانا للصمود والنضال»، فيما دعا عضو اللجنة المركزية للجبهة أحمد أبو ودو «لإعادة فتح ملف مجزرة صبرا وشاتيلا ومحاكمة مرتكبيها والمخططين لها».
وفي ختام الاعتصام تليت مذكرة موجهة إلى الأمم المتحدة دعت إلى «إعادة فتح ملف المجزرة ومحاكمة من ارتكبها بما يضع حداً للجرائم الإسرائيلية التي ترتكب بحق الشعبين اللبناني والفلسطيني».
المصدر: جريدة السفير اللبنانية