القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

أطفـال المخيمـات فـي شتـاء الأيـام: «يلـلا بسـرعـة، السمـا عـم بتصـورنـا»

أطفـال المخيمـات فـي شتـاء الأيـام: «يلـلا بسـرعـة، السمـا عـم بتصـورنـا»
 

الثلاثاء، 13 كانون الأول، 2011

داخل إحدى أزقة مخيم برج البراجنة، يقف الطفل عبدو بين أترابه، ويوزّع عليهم المهام. يتوجب على الأول أن يجمع أكبر عدد ممكن من الحطب والمواد القابلة للاشتعال وإحضارها إلى هنا. ويتوجب على الثاني لمّ المعلبات الحديدية الفارغة المرمية أمام محال السمانة. وتبقى مهمة الثالث له، وهي تقتضي سرقة كمية من «الكاز»، لتكتمل عدّة التدفئة.

هي وسيلة ابتكرها أطفال المخيمات الذين يكرهون البقاء في المنزل في أثناء تساقط الأمطار التي تكشف عورة شوارع المخيم، على الرغم من بلوغ مشروع تأهيل البنى التحتية مراحله الأخيرة.

ويحلّ وقت التدفئة بعد ساعة من اللهو واللعب المستمر تحت قطرات الأمطار، والغوص في المياه التي تملأ الأزقة، بعيداً عن أنظار الأمهات.

ولفصل الشتاء وقع خاص في نفوس هؤلاء الأطفال، الذين يجدون في نقمة الشتاء نعمةً وملاذاً للترفيه عن أنفسهم، في ظل غياب أدنى وسائل اللعب داخل المخيم. ويحين موعد ابتكار التدفئة، عادةً، إثر عودة الأولاد من المدرسة إلى منازل يعجز أربابها عن «تشغيل» وسائل المدفأة، بسبب الانقطاع المستمر للكهرباء، وتزايد سعر الغاز.

«نحن منتدفّى تحت سقف الزنكو»، يقول عبدو الذي لا يرحب بوجود الفتيات في أثناء التجمع حول العلبة الحديدية المشتعلة. فبرأيه، «الفتيات لا يحتملن صقيع البرد، بخلاف الصبيان الذين يلعبون كرة القدم تحت المطر».

اليوم، بغض النظر عن تحوّل بعض أزقة المخيم الى أنهار، واختلاط مياه الشتاء بمياه الصرف الصحي نتيجة عدم استيعاب القنوات لها، تعبّر بعض الأمهات عن نقمتهن على فصل الشتاء لأنه يفقدهنّ سيطرتهنّ على أطفالهن، لجهة إبقائهم في المنزل.

«يللا بسرعة، السما عم بتصورنا»، يقول أحمد كلما برقت السماء. ينادي أصدقاءه ويطلب منهم اتخاذ الوضعية المناسبة. يتسمّر هؤلاء تحت المطر، على اعتبار أن السماء تلتقط لهم الصورة. وفي كل مرة، تفشل والدته بثنيه عن عزمه، وإعادته إلى المنزل، على الرغم من الصراخ والمفاوضات.

.. وفي الصباح

يخيّم المشهد المذكور أعلاه على المخيم خلال فترة بعد الظهر. أما في الصباح الباكر من كل يوم عاصف وممطر فيخرج الأطفال من منازلهم متوجهين إلى المدرسة. وبطبيعة «الهندسة المدنية» للمخيم المكتظ بالمنازل في أزقة لا تتسع للسيارات، يضطر الأطفال الى انتظار الحافلة التي تقلّهم الى المدرسة، على باب المخيم. إلا أن اجتياز الطريق من المنزل الى موقع انتظار الحافلة هو أقرب إلى المهمة المستحيلة واليومية. لكن، سرعان ما طوّع الأطفال صعوبة الوضع ليجعلوا من اجتياز المستنقعات المائية مدخلاً للترفيه، وهم يمسكون بمظلاتهم الصغيرة التي بالكاد تحجب أمطار الشتاء عنهم.

تشير مريم، وهي أم لثلاثة أطفال، إلى أنها لم تعد تحبّذ فكرة إرسالهم الى المدرسة في الطقس الماطر. وتعزو السبب في ذلك إلى أن أطفالها يعانون من مرض الرشح طوال فصل الشتاء بسبب تبلّل ثيابهم بفعل الأمطار قبل الوصول الى المدرسة.

ويُشكّل رفع المظلة في المخيم خطراً على حياة الأطفال، في ظل تشابك الأسلاك الكهربائية في فضاء المخيم. ولتجنب اصطدامها بطرف المظلة، يبرز المثل «الحاجة أم الاختراع»، إذ تم استبدال المظلة بالكوفية الفلسطينية، وأحياناً، يضع البعض فوق رؤوسهم علبة من الكرتون تقيهم من مياه الأمطار.

وتبقى الجسور الخشبية الممتدة من زاروب إلى آخر، مدخلاً مميزاً للمتعة إلى يوميات الأطفال. إلا أنهم، مهما تمايلوا على الجسور تجنباً للانزلاق، فقد اعتادوا الوصول الى برّ آمن نسبياً، بمفردهم، ومن دون أن يمسكوا بيد أحد.

المصدر: زينة برجاوي - السفير