أندية المخيمات قدمت نموذجاً مميزاً في الرياضة الأردنية
العودة/عمان
قدمت أندية المخيمات في الأردن نموذجاً طيباً ومميزاً في الرياضة، وأثرت بمسيرتها الطويلة كرة القدم الأردنية، وأسهمت في إيصالها إلى ما وصلت إليه في الوقت الحالي، وأقصد هنا المنافسة على إحدى بطاقتي التأهل إلى نهائيات كأس العالم في البرازيل عام 2014. هذه الأندية التي تعتمد على موارد مالية بسيطة، فعلت ما لم تفعله أخرى تملك إمكانات مالية ضخمة من ناحية الموارد المالية، ويكفيها فخراً أنها خرّجت لاعبين، ولا تزال، خدموا الرياضة الأردنية، وخصوصاً في لعبة كرة القدم، من دون إغفال دورها الحيوي في ألعاب كرة السلة والكرة الطائرة والملاكمة.
ولا يخفى على أحد أن هذه الأندية عانت وذاقت الأمرّين، حتى استطاعت أن تفرض حضورها القوي في الأردن، مستندة في ذلك إلى رغبة الإداريين في تسطير تاريخ مشرق، ودعم لامحدود من جماهيرها الوفية.
وترسم هذه الأندية في مخليتها أن تحصل على الشهرة المطلوبة ، واضعة نصب عينيها خطة عمل طويلة المدى تضمن ديمومة الإنجازات والبطولات.
أندية المخيمات في الأردن متعددة، الغالبية العظمى منها في عمّان، وهناك أخرى تنتشر في محافظات المملكة، إلا أن نادي الوحدات الرياضي الثقافي الاجتماعي، المهتم برعاية نشاط الفتيان الأيتام، يبقى صاحب الشعبية الأولى في الأردن، متفوقاً على أندية سبقته في التأسيس، والسبب أن القاعدة الجماهيرية الضخمة التي يمتلكها يتمناها أي نادٍ آخر، وهي سرّ من أسرار النجاح.
الحديث عن الوحدات بوصفه واحداً من أعرق الأندية الأردنية يأتي في سياق ما قدمه من بطولات، بداية من تاريخ تأسيسه في سنة 1956، إضافة إلى الكمّ الهائل من اللاعبين الذين قدمهم إلى المنتخبات الوطنية، والأهم خوض عدد من نجومه تجارب احترافية كبيرة في الوطن العربي.
للتذكير فقط، في العام الجاري يمتلك "الأخضر" وهو أحد ألقاب هذا النادي الذي يقبع في مخيم الوحدات، أربعة لاعبين ضمن صفوف المنتخب الوطني الأول، هم: عامر شفيع، محمد الدميري، باسم فتحي وعبد الله ذيب، والأهم أن هؤلاء جميعهم لاعبون أساسيون ومؤثرون. كذلك يضم منتخب الشباب الأردني المقبل على المشاركة في النهائيات الآسيوية المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم للشباب تسعة لاعبين، هم: محمد أبو نبهان، منذر رجا، رجائي عايد، سمير رجا، صالح راتب، فراس شلباية، أحمد سريوة، ليث البشتاوي وبلال قويدر.
يشار كذلك إلى أن المنتخب الرديف يملك في صفوفه لاعبين رائعين، هما المدافع طارق خطاب والمهاجم منذر أبو عمارة. وما يزيد من حضور هذا النادي المتواضع مادياً رغبة هيئته الإدارية في التغلب على كافة العوائق والانطلاق نحو بناء منجزات مهمة لهذا الصرح الرياضي الكبير.
نترك الوحدات ونتحدث عن نادٍ آخر لا يبتعد عنه كثيراً، هو شقيقه البقعة؛ إذ حظي الأخير بعد عناء بمشاركة خارجية في بطولة كأس الأندية العربية، وسيبدأ المشوار خلال الشهر المقبل. ويعيش البقعة ظروفاً صعبة تتمثل في تأخير تسلم لاعبيه الرواتب، الأمر هذا يحتم على إدارة النادي إيجاد البدائل اللازمة خوفاً من الوصول إلى طريق مسدود، ومع هذا يقدم الفريق الملقب بـ"الحصان الأسود" مستويات كبيرة في بطولتي دوري المحترفين وكأس الأردن، على الرغم من أن صفوفه لا تزخر بلاعبين مشهورين على المستوى الخارجي، إلا أن الموجودين هم من قبيل عدنان عدوس ومحمد عبد الحليم والسوريين محمد الرفاعي وياسر عكرة.
ويُعَدّ البقعة قديم التأسيس؛ إذ تأسّس عام 1968، ولا توجد في سجله أي بطولة محلية، حاله حال شباب الحسين الذي يقبع في مخيم الحسين، والواصل حديثاً إلى دوري المحترفين بعد هبوطه للدرجة الأولى، ولا يقدم الأخير أداءً مقنعاً، وخاصة أن معظم لاعبيه من الشباب وصفوفه خالية من لاعبي الخبرة المطلوبين دائماً في الفرق.
وتبقى أندية الكرمل والجليل من إربد، سوف ومخيم غزة من جرش، الوحدة واتحاد الطالبية من مأدبا العودة وحطين من الزرقاء، ممثلة حقيقية للمخيمات، لكنها لا تتمتع بتلك الشهرة التي تحظى بها أندية الوحدات والبقعة وشباب الحسين، وهي تمارس أنشطتها كالمعتاد، ولا تركز فقط على الرياضة وألعابها المختلفة، بل تحظى فيها النشاطات الاجتماعية والثقافية ولجان الفتيان الأيتام باهتمام كبير، وخاصة أنها لا تقل شأناً عن الرياضة، وهي أنشطة تحظى بمتابعة جماهيرية كبيرة، والأهم من ذلك أن هذه الأندية تقام فيها احتفالات بالمناسبات الوطنية الفلسطينية، ويُستضاف فيها مغنّون وشعراء وأصحاب كلمات حرة للحديث عنها، ما يذكّر الناس بقضية العرب والمسلمين الأولى، وهي القضية الفلسطينية.
المصدر: مجلة العودة، العدد الـ62