"المركز" يقابل مواطنين من غزة تحت وقع القصف والنيران
أهل غزة صابرون ومتفائلون.. رغـم الألم
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام
أدّى الواقع الصعب الذي يعيشه الفلسطيني منذ فترة إلى أن يكون سياسيًّا لا نقول بالفطرة بل "بالنكبة" وأن يكون قويّ الشكيمة بالواقع المفروض عليه والابتلاءات التي تراكمت في ساحته، ومع ذلك يظلّ محافظًا على رباطة جأشه وتماسكه وتكافله، هذا الذي أكّدته مراحله المختلفة، ناهيكم عن الصورة المشرقة التي كانت في حرب الفرقان مؤخرًا (2008/2009)، وما حجارة السجّيل التي يتلظّى العدو بلهيبها المتشظّى عليه وأبنيته إلا جزءًا من هذه السجالات التي لن تنتهي فصولها إلا بالزوال الحتميّ للاحتلال.
ومن باب نقل الصورة التي يعيشها الفلسطيني في هذه الأجواء، استطلع "المركز الفلسطني للإعلام" آراء المواطنين في قطاع غزة، الذين يقبعون تحت أزيز الطائرات الحربية المجنونة ولهيب القذائف الصهيونية الذكيّة المستغبية، ورغم أجواء الخوف المشوب بالحذر بشكل طبيعي في مثل هذه الظروف إلا أنهم يدركون أن المقاومة هذه المرة قلبت المعادلة وسجّلت إنجازات واضحة وبارزة ألجأت العدوّ لاستجداء التهدئة.
مخاوف من التهدئة!
محمد عزيز محاسب فلسطيني في مؤسسة خاصّة عبر عن خشيته من ألا تأتي التهدئة بالنتائج المرجوّة فلسطينيًّا بعد هذه الدماء والتضحيات، قائلا: "أقول من منطق الحرص والغيرة الشديدة على المقاومة: إنني أخشى أن تفلح الضغوطات التي تمارسها بعض الحكومات العربية والأوروبية في تمييع موقف المقاومة وجعلها ترضخ بالحدّ الأدنى من مطالبها التي أعلنت عنها".
فيما يشاطر المواطن محمد برهوم المقاومة الفلسطينية رغبتها الوطنية في تحقيق الإنجاز من جرّاء هذه التضحيات من موقف القوّة وليس الضعف وعلى أرضية الثبات حتى نهاية المطاف، يقول: "ينبغي أن تفضي هذه التفاهمات حول التهدئة إلى رفع الحصار عن قطاعنا المصابر مرة وللأبد، ينبغي أن تكون هناك ضمانات مصرية تحديدًا ودولية بشكل عام تفرض وتجبر الاحتلال على عدم معاودة الاعتداء والاغتيالات مرّة أخرى، ويكون هذا واضحًا أكثر من المرات السابقة".
من جانبه يؤكد محمد فحجان وهو أحد العاملين في الأجهزة الأمنية أن الوثوق بالاحتلال لا يمكن أن يكون موجودًا في أي فترة زمانية، وأن أبلغ الضمانات على ذلك هو كنس الاحتلال ذاته من أرضنا؛ مرجعًا ذلك إلى التاريخ المرّ مع الكيان الصهيونيّ المليء بغدره ولؤمه ومخالفاته لكل المعاهدات والالتزامات، ويقول: "انظروا للسلطة في رام الله ماذا جنت منه خلال أكثر من عشرين عامًا، إنه يبيعنا السراب، ويعطينا الأوهام ويسوّق علينا منطق النزاهة، ومع ذلك فلا بدّ أن يستريح الشعب؛ فلا يمكن أن تظل هذه الحالة فترة طويلة".
"بدنـا نؤدبهم"
وفي محاورة لطيفة مع أحد الفتيان الذين يلعبون الكرّة رغم هذه الأجواء الصعبة فاجأنا بقوله "لا نريد تهدئة، بدنا نؤدبهم" في إشارة إلى الاحتلال الصهيوني، وعند سؤاله عن السبب أجاب "نريد أن يذوقوا نفس الكأس التي شربنا منها، نريد أن يتعلموا الأدب" هكذا في براءة طفولية وبساطة.
فيما أكّدت حاجّة مسنّة أمام منزلها جوار هؤلاء الفتيان أن مشاهد الدماء والأشلاء الفلسطينية خاصة الطفلين الصغيرين من عائلة حجازي اللذين رأت انتشالهما من تحت الأنقاض جثثًا هامدة يجعلها تدعو باستمرار أن يوفق الله المقاومة والقسام "الله يوفقهم، الله ينصرهم، الله يقطع اليهود، الله ياخد اللي بيساعدهم، وين العرب والمسلمين؟!"
فخورون بالقسام
الطالب محمد جودة المقرّب من حركة فتح أعلن وبصراحة تضامنه التام مع المقاومة بل وعبّر عن إعجابه الشديد بالمفاجآت التي أخرجتها للعلن على شكل رعب حقيقيّ أذاق العدوّ الأمرّين، بل كان سببًا مباشرًا في قلب المعادلة وتغيير وجهتها لصالح المقاومة حيث أضحى ما يزيد على ثلاثة ملايين صهيوني تحت خط نيران المقاومة ورحمتها، ويضيف: "ولعل هذا رسالة واضحة على نجاعة المقاومة وأسلوبها، بل وقدرتها الحقيقية على جعل العدوّ يذعن لها في نهاية المطاف، هذا ما لا نشكّ فيه".
بدورها أعلنت ربّة البيت سناء علي أنها تتابع - كما سائر الفلسطينيين- شاشات التلفزة المختلفة والإذاعات المحليّة بل والانترنت كذلك، في كل ما يتصل بأفعال المقاومة والردود المختلفة حول إنجازاتها على الأرض، معبرة عن حجم سعادتها البالغة والشعور بالفخر الكبير كلما وصلتها رسالة على جوّالها المحمول أن المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتائب القسام ضربت صواريخ غراد على ملاخي واسدود وبئر السبع، أو قصفت حشودًا عسكرية تحيط بالقطاع، أو أرسلت قذائف الرعب عبر فجر 5 وM75 إلى تل الربيع والقدس المحتلّة.
ومن جهتها المسنّة المحنّكة فاطمة محمود - وهي معلّمة متقاعدة - أشادت بتوحد المقاومة في خندق واحد وصدورها عن رأي واحد، منوّهة بالموقف المشرف لحركة حماس أنها رغم كونها الفصيل الأكبر في الساحة ورغم أن كتائبها أعظم الأذرع العسكرية على الأرض، إلا أن حماس رفضت أن تكون اللاعب الذي تكون له الكلمة الفصل في تقرير حالة التهدئة، ورأت أن من إخلاصها ووفائها التزامها بمشورة جميع فصائل المقاومة معها في الميدان.
"نكات ساخرة"
فيما لفت المحاضر الجامعي محمد كلاب إلى أنه رغم الأجواء الصعبة التي يعيشها القطاع إلا أن مساحة كبيرة من النكات الساخرة بالاحتلال وصواريخه وبنك أهدافه أخذت مجالها الرحب والخصب والخيال الواسع على لسان الكثير من أبناء القطاع، عادًّا وذاكرًا بعضها.
وأكّد الأستاذ محمد عوض أن العدو سيخضع في النهاية وسيجثو أمام المقاومة وينحني لها، لافتًا إلى أن الدم الفلسطيني الذي أريد له أن يكون قربانًا على مائدة الانتخابات المقبلة سيكون لعنة حقيقية وأكيدة تلاحق الصهاينة بشكل عام ومساميرَ تدقّ في نعش المستقبل السياسيّ لنتنياهو وزمرته مصّاصة الدماء التي لم تسمع بالأخلاق والقيم إلا في الأحلام وخيالات الإرغون والهاغاناه.
الربيع العربي والوحدة
وشاطره المعنى صلاح عمر - وهو مدرّب في مجال الحاسوب كذلك- بقوله: "إن الربيع العربي أكسبنا قوة، وجعل ظهرنا محميًّا، ذهبت الأيام التي تأتي فيها ليفني أو من شاكلها ليعلنوا الحرب من مصر العروبة التي استحالت مصر 25 يناير، ولم يعد هناك مجال أن تكون المعادلة لصالح العدوّ هذه المرة إذ بدا مرتبكًا مترددًا يستجدي التهدئة ولا يزال" مشيدًا بالزيارات الرسمية التي أعطت أهل القطاع دفعات معنوية مستمرة وعالية، أكدت لهم أنهم ليسوا وحيدين في الميدان.
أما الطالبة منى أبو السعود فقد أكدت أن أفضل ما نقدمه لأنفسنا على مائدة هذا التوحّد العسكريّ منقطع النظير أن يكون هناك توحد سياسي مقابل متمثل في المصالحة الفلسطينية الداخلية، على قواعد وأسس وطنية متينة.