
تقرير خاص: لاجئ
نت|| الخميس، 10 تموز، 2025
"لا حول
ولا قوة إلا بالله. شو بدها تعمل فينا 50 دولار؟ هاي إبرة بنج، بتسكت الوجع ليومين
وبيرجع تاني يوم أقسى من الأول!"، بهذه الكلمات المريرة تلخص أم محمد، لاجئة
فلسطينية من مخيم برج البراجنة وأم لأربعة أطفال، الواقع الذي تعيشه آلاف الأسر
الفلسطينية في لبنان، بعد إعلان وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)
بدء صرف 50 دولاراً أمريكياً لكل مستفيد من برنامج شبكة الأمان الاجتماعي،
اعتباراً من اليوم الخميس 8 تموز 2025.
الخبر، الذي
أعلنت فيه "الأونروا" عن صرف هذه المساعدات لأكثر من 55 ألف لاجئ
فلسطيني عبر مكاتب OMT، جاء ليعكس حجم التناقض الصارخ بين حجم المساعدة المقدمة وحجم
الكارثة الإنسانية المتفاقمة التي تضرب المخيمات الفلسطينية في لبنان.
واقع مؤلم:
مخيمات تئن تحت خط الفقر
في المخيمات
الفلسطينية المكتظة، حيث لا يرى الأفق بصيص أمل معيشي، تُشير تقارير المنظمات
الدولية، بما في ذلك "الأونروا" نفسها وشركاؤها الإنسانيون، إلى أرقام
صادمة: أكثر من 80% من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يعيشون تحت خط الفقر المدقع.
وترتفع معدلات البطالة لتلامس أرقاماً غير مسبوقة، تفوق 60% بين الشباب
الفلسطينيين، الذين يجدون أبواب العمل موصدة أمامهم بفعل القيود القانونية والأزمة
الاقتصادية اللبنانية المنهارة.
يقول أبو
أحمد، وهو عامل مياومة فقد عمله منذ أشهر في مخيم عين الحلوة: "الخمسين دولار
هذه، لو حسبتها على ثلاثة أشهر، بتطلع أقل من 20 دولار بالشهر. شو بتجيب؟ كيلو سكر
أو كيلو لحمة؟ لا تكفي لإيجار الغرفة الضيقة التي نعيش فيها، ولا لدواء أبنائي
المرضى. هي مجرد مسكن مؤقت، ما بيحل المشكلة الأساسية وهي الجوع والحرمان".
"تقليصات
الأونروا": معاناة تتجدد مع كل بيان
تفاقم الوضع
لا يقتصر على الانهيار الاقتصادي اللبناني، بل يتعداه إلى سياسات
"الأونروا" ذاتها التي يرى اللاجئون أنها تتجه نحو التقليص المستمر
للخدمات. فالمساعدات النقدية، التي كانت تُعد شريان حياة أساسي، باتت تُمنح بقيم
رمزية لا تتناسب مع الغلاء الفاحش. توازياً مع ذلك، تُشير بيانات
"الأونروا" نفسها إلى تحديات جمة تواجهها الوكالة في تأمين التمويل، مما
أدى إلى:
- تقليصات حادة
في الخدمات الصحية: مع تراجع الدعم الحكومي اللبناني وارتفاع تكاليف الطبابة
والدواء، يجد اللاجئون أنفسهم أمام خيارات صعبة بين المرض والعجز عن دفع العلاج.
"كنت أقدر أروح على مستوصف الأونروا وأتعالج، اليوم بيطلبوا مني أدفع جزء
كبير، وأنا معيش"، تقول أم محمد.
- تهديد مستقبل
التعليم: قرارات دمج الصفوف وإغلاق بعض المدارس وعدم توظيف معلمين جدد تُنذر
بكارثة تعليمية لأجيال كاملة. "مدارسنا صارت مكتظة، والأستاذ ما بقدر يعطي كل
طالب حقه. أولادنا عم يضيعوا"، يضيف أبو أحمد بقلق.
- بنية تحتية
متهالكة: لا تزال المخيمات تعاني من بنية تحتية متداعية، شبكات مياه وصرف صحي
قديمة، وأزمة كهرباء مزمنة تُجبر العائلات على دفع مبالغ طائلة للمولدات الخاصة،
في دائرة لا تنتهي من الاستنزاف المالي.
"أين
المسؤولية الدولية؟": نداء اللاجئين يتصاعد
"المسؤولية
مش بس 50 دولار. المسؤولية هي حقنا بالعيش الكريم، حقنا بالعودة، حقنا بالتعليم
والصحة"، يصرخ لاجئ آخر من مخيم عين الحلوة، رافضاً ذكر اسمه خشية التداعيات.
هذه الصرخة تُعبر عن إحباط عميق من المجتمع الدولي الذي يُقدم هذه المساعدات كـ"نقطة
في بحر" من الحرمان المتراكم منذ عقود.
اللاجئون
الفلسطينيون في لبنان يجدون أنفسهم بين مطرقة الواقع اللبناني المنهار وسندان
تقليصات "الأونروا"، وهم يرفضون بشدة أن تُختزل قضيتهم الإنسانية
والسياسية في مجرد دفعات مالية رمزية لا تلامس جوهر معاناتهم. ويبقى السؤال: إلى
متى سيصمدون في ظل هذا الواقع المأساوي؟ وإلى متى سيتجاهل العالم صرخاتهم؟