القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

إسلاميو عين الحلوة: ارحمونا من تهمة النصرة

إسلاميو عين الحلوة: ارحمونا من تهمة النصرة


الإثنين، 06 أيار، 2013

يتذمر مخيم عين الحلوة من أي كلام عن دخول تنظيم القاعدة وجبهة النصرة إليه لتحويله إلى منطلق للجهاد في سوريا وقتال حزب الله في لبنان. مع ذلك، سجل قبل يومين خروج جديد لشبان منه للقتال في سوريا. لكن القوى الإسلامية تُصرّ على أن قرار الجهاد محدود وفردي، ما دامت لم تعلن بنفسها التعبئة الجهادية العامة..

عند مدخل مخيم عين الحلوة الرئيسي، تخضع السيارات وركابها للتفتيش والتدقيق في الأوراق الثبوتية عند حاجز الجيش اللبناني. لكن الإجراءات الأمنية لا تطبق على المارة. رجال ونساء وشبان يدخلون ويخرجون أمام مرأى الجنود من دون أن يتبادل الطرفان كلمة واحدة. هذا المشهد يتكرر في الأحوال العادية، عند الحواجز الأربعة التي تنتشر حول المخيم من جوانبه كافة. لكن يفترض أنه عبر أحد تلك الحواجز، دخل «قياديون وعناصر ينتمون إلى القاعدة من جنسيات مختلفة قبل شهرين»، بحسب معلومات وصلت لأجهزة أمنية لبنانية. ومن هناك أيضاً، يفترض «دخول وخروج المقاتلين من جبهة النصرة ومن أبناء المخيم ومن الفلسطينيين ـــ السوريين، من سوريا وإلىها لقتال النظام»، بحسب المعلومات نفسها، وآخرها ما سجل فجر الثلاثاء الفائت، عن خروج مجموعة من أبناء المخيم، من بينهم قياديون بارزون في ما يسمى بقايا فتح الإسلام وجند الشام (محمد الدوخي الملقب بخردق وهيثم الشعبي ومحمد العارفي). فيما يحكى عن خروج قريب لمجموعات أخرى. المعلومات بنظر الأجهزة قابلة للتصديق «في ظل إعلان الإنتربول الدولي عن وجود 36 مليون جواز سفر مزور يتنقل أصحابها المطلوبون بين دول العالم. جزء من هؤلاء مرتبط بالقاعدة والجماعات المصنفة «إرهابية»، يدخلون لبنان عبر المطار وغيره من المعابر الشرعية»، بحسب مصدر أمني. فلم العجب «لو دخل بعضهم إلى مخيم عين الحلوة؟»، يتساءل مصدر أمني.

سيراً على الأقدام، نبدأ رحلة البحث عن الجهاديين. في الشارع الفوقاني لا تسجل حركة استثنائية. المحالّ وبسطات الخضر والشبان العاطلون من العمل وحراس مقارّ الفصائل الفلسطينية المختلفة بكامل عتادهم، يختصرون ملامح الشارع. في الزاروب المؤدي إلى حيّ الطوارئ حيث يتمركز ما يسمى بقايا فتح الإسلام وجند الشام، الحركة عادية أيضاً. البعض لفت نظرنا إلى أننا تحت الشمس لن نعثر على شيء، مشيرين إلى ظهور مقنعين مسلحين يتجولون في الأحياء تحت جنح الظلام. لكنهم «ليسوا جهاديين، بل منخرطون في تصفية حسابات داخلية مع مجموعات في فتح وسواها». في الشارع التحتاني المحسوب على القوى الإسلامية، لا يختلف المشهد كثيراً باستثناء رايات «لا إله إلا الله». تستوقف الزائر زحمة لاجئين من سوريا أمام مسجد النور، حيث مقر قائد الحركة الإسلامية المجاهدة الشيخ جمال خطاب الذي ورد ذكره في التقارير المفترضة عن وجود القاعدة وجبهة النصرة في المخيم، في إشارة إلى روضة البهاء التابعة له، حيث يُؤوي عائلات لاجئة، والتي تردد أن القيادي الأصولي، بلال البدر، يستخدمها لتجنيد اللاجئين الشبان وتدريبهم بهدف إرسالهم للقتال في سوريا. باب حديدي فقط يفصل مكتب خطاب عن الشارع العام. وحيداً يجلس الرجل المطلوب قضائياً للدولة اللبنانية والمتهم برعايته للجهاديين الجدد. يهزأ من الاتهامات التي تطاول روضته، مشيراً إلى البعد الجغرافي بينها وبين مقر البدر «الذي لو أراد زيارتها لقتل قبل أن يصل إليها بسبب انتشار مراكز خصومه في الطريق إليها». يصطحبنا إلى الروضة ومركزين آخرين يديرهما للاطلاع على «أسلوبه في الجهاد من أجل الشعب السوري عبر إيواء اللاجئين ودعمهم». لا ينكر خطاب خروج عدد قليل من الشبان من المخيم للقتال في سوريا، «قياساً إلى عدد سكانه الذي يفوق المئة ألف». يؤكد أن خروجهم «بشكل فردي لا ينعكس على المخيم ككل، ولا سيما أن القوى الإسلامية لم تعلن التعبئة والجهاد» يقول. وإن كان يرفض إعلان الجهاد في سوريا «لأن الأَولى إرسال المجاهدين إلى فلسطين»، لا يفاجأ خطاب بخيار هؤلاء الشبان؛ إذ «يكفي أن يتابعوا وسائل الإعلام ومواقع الإنترنت المعبّأة ليتخذوا قراراً كهذا». تواصل خطاب الدائم مع حزب الله، يوفر له فرصة نصح قيادييه بإعادة النظر بالتدخل في الأزمة السورية. وجهاً لوجه، يقول لهم إنهم «أخطاوا وفتحوا المجال لمجموعات في لبنان لكي تعلن الجهاد في سوريا كرد فعل طبيعي على تدخلهم الذي يشبه تدخل الثورة الفلسطينية بالحرب الأهلية اللبنانية، عندما انحرفت بوصلتهم عن فلسطين». يفسر الرجل سبب «كيل اتهامات القاعدة والنصرة على المخيم، بالمشروع الصهيوني الهادف إلى إزالة عين الحلوة عن الخريطة، لكونه عاصمة الشتات الفلسطيني. فيعمد إلى افتعال أزمات أمنية وإرهابية تجبر أبناء المخيم على الهجرة».

في بداية 2007، تحسس خطاب خطر فتح الإسلام. مع القوى الإسلامية في المخيم، تواصل مع الجيش اللبناني والرئيس نبيه بري والنائبة بهية الحريري لاحتواء ما قد يحصل، عارضاً تولي مفاوضات مع «فتح الإسلام» لإخراج التنظيم الجديد من لبنان. فلماذا لا يتحسس خطراً مماثلاً الآن؟ «لأن أهل مكة أدرى بشعابها»، يجيب، لافتاً إلى أن عناصر فتح الإسلام لم يكونوا من أبناء المخيمات. ويدرك أن «أياً من أبناء عين الحلوة سيُكشَف غيابه سريعاً؛ لأن المخيم ضيق والناس يعرف بعضهم بعضاً ويتنبهون لوجود غرباء بينهم، وهو «ما لا يلحظ حالياً» كما يؤكد. علماً أن عدداً ممن عاد من «رحلة الجهاد السورية» قبل أشهر، حظي باحتفالات شعبية من بعض الأطراف فرحاً بعودتهم سالمين غانمين.

وإذا كان خطاب قد أُقحِم في رواية النصرة والقاعدة عبر روضته، إلا أن أبو طارق السعدي، القيادي في عصبة الأنصار، أُدخِل الرواية ذاتها من خلال ارتباطه بالقاعدة والتجربة الجهادية للعصبة في العراق.

يجزم السعدي بأن لا عناصر للقاعدة والنصرة قد دخلت إلى عين الحلوة؛ لأنها إن فكرت بالأمر، يجب أن تدخل من بابه الشخصي. فهو لديه «دم مشترك مع القاعدة»، في إشارة إلى عناصر العصبة العشرة الذين سقطوا في مقاومة الاحتلال الأميركي للعراق. ويؤكد أن الاستقصاءات الميدانية التي يجريها للتحقق من التقارير الأمنية اللبنانية عن وجود القاعدة والنصرة لا توصل إلى شيء. وهنا، يستغرب «كثافة التقارير المثقلة بالمعلومات والاتهامات من دون أن يلقى القبض على أيٍّ من العناصر المفترضة أو يتم إحباط مخطط تخريبي وإرهابي يُعَدّ له ضد الشيعة تحديداً، كما يهول منذ أشهر».

يبدي السعدي احترامه للشبان الذين يتوجهون للقتال في سوريا، و«إن بحالات غير منضبطة». لكنه يستاء من الذين يعودون من الجهاد بعد فترة وجيزة، «ما يعني أن نيتهم ليست جهاداً خالصاً، بل استعراض وشمة هوا». ويغضب أيضاً من قياديين ورجال دين داخل المخيم وخارجه «يريدون أن يقاتلوا بأولاد العالم من عين الحلوة». وتحت هذا الإطار، يندرج الشيخ أحمد الأسير على سبيل المثال، الذي نُقِل عنه اعتماده على العصبة لتقاتل عنه في أي مواجهة يخوضها. وفيما يربط الكثيرون تدخل عين الحلوة بالقتال في سوريا بموقف العصبة التي وضعتها الولايات المتحدة الأميركية على لائحة الإرهاب بعد أحداث 11 أيلول، استناداً إلى كونها العصب العسكري للقوى الإسلامية في المخيم، يؤكد السعدي أن العصبة لن ترسل مقاتلين إلى سوريا؛ «لأن التدخل في هذه المعركة يُعَدّ تراجعاً لمسيرتها الجهادية ضد إسرائيل وأميركا». أما «في ما لو وقع عدوان خارجي على سوريا، فيصبح الجهاد واجباً» يقول.

الدولة وحزب الله

قبل أشهر، وُزِّعت بيانات في عين الحلوة تهاجم القوى الإسلامية الفلسطينية، ولا سيما خطاب والسعدي والمسؤول الإعلامي لعصبة الأنصار أبو شريف عقل، بسبب تواصلهم مع حزب الله والجيش اللبناني. يدرك الثلاثي أن هذا التواصل «يصبّ في مصلحة المخيم وليس لغايات شخصية». من هنا، لم يتوانوا عن تحييد الشيخ أحمد الأسير عن أبناء المخيم، وتحييد أنفسهم عن الصراعات الداخلية اللبنانية. هذا الأداء جعل منهم مرجعاً فلسطينياً ولبنانياً، ومنحهم وسام «تجنيب البلاد إراقة الدماء بقدرتهم على إنهاء اعتصام الأسير المفتوح». استحقاق الأسير وقبله المصالحة مع فتح وبعدها التواصل الدائم مع الحزب، دليلان يقدمهما السعدي لدحض الاتهامات التي تكال للمخيم بمشاركته في حرب ضد الجيش أو الشيعة. ويستغرب زجّ العصبة تحديداً، بمخطط الفتنة السنية ـــ الشيعية بعد أن استطاع التأثير على أبو مصعب الزرقاوي في ذروة الفتنة المذهبية في العراق، حيث نقل عنه في خطبته الأخيرة قبل مقتله قوله (نحن في العراق وعيوننا وقلوبنا في بيت المقدس). أصل العلاقة مع الدولة هو اللواء عباس إبراهيم عندما كان رئيساً لفرع مخابرات الجنوب في الجيش في عام 2007. حينها قرر كسر الحاجز مع المخيم من خلال خطّاب والسعدي تحديداً. زارهما ودعاهما لزيارته في صيدا التي وطآها للمرة الأولى منذ نحو عقدين. من هنا، يأسف لرفع حاجز آخر يجعل من المخيم بأكمله مطلوباً لدى الدولة على غراره هو وخطاب.

المصدر: آمال خليل - جريدة الأخبار، 04-5-2013