إعمار غزة.. استحقاق إنساني لم يعد الأهم
الثلاثاء، 21
نيسان، 2015
لم يعد إعمار غزة الأهم على أجندة السياسة الفلسطينية،
وإن كان استحقاقا إنسانيا مهما، لكن من الواضح أنه تراجع لحساب ملفات داخلية ليست أكثر
أهمية منه، على اعتبار أنه يمسّ عشرات آلاف الأسر التي دمّرت منازلها وأصيبت بأضرار
بين كلية وجزئية، خلال العدوان الإسرائيلي الأخير.
وإن كان مردّ هذا التراجع ظروف فلسطينية داخلية
غير مستقرة، وتقلبات في طقس الإقليم، لا تخدم تنفيذ أي خطط أو برامج للشروع فعليا في
إعادة الإعمار، إلا أنه في كلا الأحوال "تراجع غير مبرر" لن يكون في صالح
الفلسطينيين، خصوصا أن المجتمع الدولي والمانحين على وجه التحديد لن يكون بمقدورهم
التعامل جديا مع هذا الملف في ظل اتساع دوائر الخلاف، واستمرار الانقسام.
وأخطر ما في الأمر، أن التراجع الواضح في ملف
إعمار غزة يرافقه تراجع أممي أيضا يفاقم مأساوية الأوضاع، بعدما أعلنت وكالة الأونروا،
الفاعل الرئيسي في إعادة الإعمار، في وقت سابق، تعليق تقديم المساعدات المالية للمدمرة
بيوتهم بغزة أو بدل الإيجار بسبب نقص التمويل، وإن كانت استأنفت البرنامج في وقت لاحق
لكنها اضطرت إلى دفع مساعدات للأسر الأكثر ضررا، وتأجيل الدفع لباقي الفئات، إلى حين
توفّر التمويل.
عدا عن توقف العمل بالآلية الجديدة لإدخال مواد
البناء، الخاصة بالمشاريع القطرية إلى غزة، والتي تنص على إدخال ألف طن من مواد البناء
بشكل يومي، وفق ما أفادت مصادر خاصة لـ""، التي قالت إن الآلية "قيد
النقاش"، ما يعني بالتأكيد توقف العمل بالمشاريع القطرية، وأهمها مشروع الألف
وحدة سكنية، الذي كانت التوقعات في حينه تشي بأن هذه المشاريع ستدفع حكومة التوافق
إلى وضع ملف الإعمار على رأس أولويات زيارتها الثانية إلى غزة.
لكن حدث غير ذلك، حين انسحب الاهتمام إلى بحث
ملف موظفي غزة تحديدا وآليات إدراجهم ضمن السلك المالي للسلطة الفلسطينية، والنقاش
حول الخطة السويسرية، ثم تبادل الاتهامات حد الإغراق حول سعي حركة حماس إلى إقامة كيان
منفصل في غزة؛ الأمر الذي تسبب بدفن ملف الإعمار في تربة الانشغال بملفات أخرى.
ولم يسهم تعيين الحكومة كمال الشرافي منسقا لملف
إعادة إعمار غزة في إعادة هذا الملف إلى الواجهة، ولا يبدو أنه سينجح في ذلك حتى وقت
قريب على ضوء صعوبة هذه المهمة، والخلاف القائم بين الحكومة وحماس حول اللجان التي
شكلتها الأولى، وأهمها لجنة تسليم المعابر، خصوصا أن فتح المعابر جميعها وبشكل كامل،
شرط ضروري لنجاح عملية إعادة الإعمار.
وقد أكد الشرافي في حديث صحافي أن جهوده في عملية
الإعمار ستصطدم بثلاث عقبات، أولها كيفية تذليل العقبات أمام تسلّم الحكومة مهامها
في غزة، وإدارة المعابر الحدودية بصورة مستقلة، والثانية تتمثل في كيفية إدخال التعديلات
الإيجابية على خطة سيري لإدخال مواد البناء، أما الثالثة فتركز على كيفية تحريك وتفعيل
الأموال التي تم التبرع فيها خلال مؤتمر المانحين في القاهرة.
إن استمرار معاناة النازحين والمدمّرة بيوتهم
يمكن أن يكون الدافع لكل الأطراف نحو إعادة ملف الإعمار إلى الواجهة، والتوحد وطنيا
خلف إنجازه بالتوازي مع الملفات الفلسطينية الأخرى، رغم أنه كان الأوْلى تشكيل لجنة
وطنية خاصة بهذا الملف، تكون مهمتها تنفيذ خطة وطنية شاملة، تضع مصلحة الفلسطيني المتضرر
والنازح في جوهر أهدافها.
المصدر: الرسالة نت