إفلاس «الأونروا» تمهيداً
لإغلاقها، وبدء توطين اللاجئين
الثلاثاء، 04 أيلول،
2018
إن وقف الدعم الامريكي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين
الفلسطينيين (الاونروا) لم يأتي عن عبث، فالإدارة الامريكية ماضية بخطوات ممنهجة لتصفية
القضية الفلسطينية بدءً بالقدس وانتهاءً بتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين.
والمساعي الأمريكية تمثلت
على الشكل التالي:
1- تسعى الإدارة الامريكية إلى انهاء قضية اللاجئين
الفلسطينيين وتوطينهم في اماكن تواجدهم وذلك من خلال تقديم اغراءات اقتصادية وعسكرية، فقد عرضت واشنطن منح الفلسطينيين حاملي الوثيقة
المصرية، الذين ينتشرون في مصر وعدد من الدول العربية، الجنسية المصرية مقابل بنود
عدة؛ منها:
■ الإفراج عن المعونة الأميركية
(غير العسكرية) للقاهرة.
■ تقديم مساعدات جديدة
تحسن الواقع الاقتصادي المصري،
■ تسهيل حصول القاهرة على
الدفعات التالية من قرض «البنك الدولي».
■ وكان لافتاً تزامن ذلك
مع توقيع وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، يوم الجمعة الماضي، على مستندات تسمح
بإرسال مساعدات عسكرية إلى مصر بنحو 1.2 مليار دولار (هذه مستمرة ولم تتوقف).
■ والتعهد للحكومة المصرية
بـ 195 مليون دولار إضافية من موازنة 2017، بعدما كانت واشنطن قد قلصت مساعداتها للقاهرة
السنة الماضية بنحو 96 مليون دولار وأجلت صرف الـ 195 مليوناً بدعوى أن البلاد «لم
تحرز تقدماً على صعيد احترام حقوق الإنسان والمعايير الديموقراطية».
يشار إلى أن عدد الفلسطينيين ممن يحملون الوثيقة المصرية لا يتخطى مئة ألف،
بعدما كانوا حتى عام 1969 نحو 33 ألفاً.
2- مصادر فلسطينية سياسية كشفت لـ«الأخبار» أن
«معلومات مؤكدة وصلت الى حركة حماس تفيد بمساعٍ للإدارة الأميركية مع عدد من الدول
العربية، وخاصة الأردن ومصر، على مبدأ التسهيلات الاقتصادية مقابل قبول هاتين الدولتين
اللتين تعانيان أزمات خانقة لإنهاء ملف اللاجئين»، في وقت تتقاطع فيه التقارير الإسرائيلية
مع هذا المضمون، بإشارتها إلى أن واشنطن ستسمح لدول الخليج بتقديم تمويل إلى «الأونروا»
هذا العام بشروط؛ منها الموافقة على إعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني، والتقليص المتتابع،
وصولاً إلى إنهاء الوكالة.
3- المصادر أوضحت أن هذه العروض قُدّمت إلى البلدين
خلال زيارات أجراها مسؤولون مقربون من الرئيس دونالد ترامب خلال الشهور الأخيرة، في
إشارة إلى الجولة التي أجراها مستشار ترامب وصهره، جاريد كوشنير، والموفد الخاص للمفاوضات
الدولية جيسون غرينبلات، وشملت إسرائيل ومصر والأردن وقطر والسعودية. وهكذا يكتمل حل
«إشكالية» اللاجئين ــــ بعد خطوة الاعتراف بالقدس «عاصمة لإسرائيل» ــــ عبر عرقلة
عمل «الأونروا» تمهيداً لإقفالها، وإلغاء صفة لاجئ عن أبناء اللاجئين وأحفادهم، ثم
إيجاد حل خارجي ونهائي للاجئين عبر توطينهم في أماكن سكنهم من الدول التي ستقبل ذلك،
وإعادة توطين من هم خارجها عبر مؤسسات الأمم المتحدة في دول أخرى، على أن يكون التمويل
خليجياً، كما تنقل المصادر ذاتها.
4- في لبنان ، يتحدّث رئيس «لجنة الحوار اللبناني
ـــــ الفلسطيني»، الوزير السابق حسن منيمنة، فيقول أنّ قرار الإدارة الأميركية وقف
تمويل «الأونروا» له انعكاسان؛ الأول عامّ، «يتعلّق بالتضييق على الأونروا بهدف إيقافها،
وإلغاء حقّ العودة للفلسطينيين، والدفع نحو توطينهم في البلدان حيث يوجدون». أما الثاني،
فسيكون على «واقع عيش الفلسطينيين في لبنان». يرى منيمنة أنّه «إذا» دخل المشروع الأميركي
حيّز التنفيذ، «فسيرتد ذلك سلباً على التقديمات الاجتماعية التي تؤمنها الأونروا لجمهور
فلسطيني واسع سيُحرم من مصدر العيش، ما سيؤدي إلى كوارث. من هنا، تظهر مصلحة لبنان
الأولى في الدفاع عن الأونروا».
5- لا يمكن أن نغفل عن الزيارة الامريكية الاخيرة
على تخوم مخيم عين الحلوة فبحسب المصادر يوم الجمعة الفائت، حطّت طوافتان عسكريتان
في مدينة رفيق الحريري الرياضية في صيدا. كانت الأولى تنقل وفداً عسكرياً أميركياً،
مع مسؤولٍ في السفارة الأميركية في بيروت، أما الثانية فكانت للمؤازرة. بمواكبة أمنية
مُشدّدة، انتقل الوفد إلى ثكنة زغيب العسكرية، حيث عقد اجتماعاً مع كبار الضباط في
الجيش اللبناني، واستخبارات الجيش في منطقة الجنوب. بعد ذلك، انتقل الوفد الأميركي،
برفقة ضباط أميركيين، إلى منطقة سيروب المُطلّة على مخيم عين الحلوة وهي ليست هذه المرّة
الأولى التي «يزور» فيها وفد عسكري أميركي مُحيط عين الحلوة، بل المرّة الثالثة خلال
عامٍ واحد. مصادر فلسطينية ربطت بين الزيارة الأخيرة للوفد الأميركي، والزيارة التي
قام بها قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال جوزف فوتال، قبل قرابة أربعة
أشهر، حين اجتمع أيضاً في ثكنة زغيب مع كبار الضباط في الجيش، و«حقّق» معهم وقتها في
أوضاع المُخيم، والأحياء التي يتمركز فيها المطلوبون، وأعدادهم، والإجراءات المُتبعة
من قبل القوى الأمنية على مداخل المُخيم.
6- تربط مصادر صيداوية بين الزيارات الأميركية ومُخطط
واشنطن تجاه القضية الفلسطينية، وإلغاء وكالة «الأونروا»، وتُعيد إلى الأذهان «المُخطط
القديم بجرف هذا المُخيّم، بالتزامن مع التوطين وإلغاء حقّ العودة».