اقتحامات الأقصى... حراك سياسي وغياب فعل ميداني في الضفة
الأربعاء، 16 أيلول، 2015
لم تنجح
القيادة الفلسطينية، رداً على الاقتحامات العنيفة من الاحتلال للمسجد الأقصى، سوى بإصدار
الإدانات والتصريحات الإعلامية، فيما يغيب الحراك الجماهيري عن الضفة الغربية المحتلة.
وإلى جانب بيانات الشجب والإدانة التي بثتها القيادة على مدار الأيام الثلاثة الماضية،
يقوم الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالاتصال بالزعماء والملوك العرب، لبلورة موقف ضد
الاحتلال، لم تفلح جامعة الدول العربية في بلورته أو القيام بفعل يتجاوز إصدار البيانات
والتهديد والتنديد الإعلامي.
وتلقى
عباس أمس اتصالاً من رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل، تركز الحديث
خلاله حول كيفية التصدي لمخططات الاحتلال واعتداءاته المتصاعدة على القدس والمسجد الأقصى،
وممارساته الخطيرة لفرض التقسيم الزماني على المسجد بالأمر الواقع. وتناول الحديث الهاتفي
بين مشعل وعباس، وفق بيان لـ"حماس"، أهمية مواجهة كل ما يتعرض له المسجد
الأقصى، والرد عليه من خلال صف وطني موحد، وسرعة إنجاز المصالحة بكل ملفاتها وتطبيق
ما تم الاتفاق عليه بشأنها.
وأكّد
مشعل لعباس أهمية عقد لقاء عاجل للإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية بمشاركة
الجميع، وذلك من أجل التشاور وتوحيد المواقف، والتوافق على استراتيجية وطنية مشتركة
للتصدي لمخططات استهداف الأقصى وتقسيمه، والإسراع في إنجاز خطوات المصالحة وإنهاء الانقسام
عملياً.
وتكشف
مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، أن عباس طلب من ملك الأردن عبدالله الثاني،
"العمل على دعوة مجلس الأمن الدولي لاجتماع عاجل لبحث ما تقوم به حكومة الاحتلال
من تغيير في الأمر القائم في المسجد الأقصى، عبر فرض التقسيم الزماني والمكاني"،
مؤكدة "أن الملك عبدالله أبدى استعداداً لذلك، لا سيما أن الأردن هي الدولة العربية
الوحيدة في مجلس الأمن حالياً، لكن طلب اجتماع مجلس الأمن يتطلب بحث الأمر مع الدول
العربية والصديقة أولاً"، بحسب المصادر.
وقررت
اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير في اجتماعها يوم أمس الثلاثاء، مواصلة الاتصالات مع
جامعة الدول العربية والأردن ومنظمة التعاون الإسلامي وعدد من الدول الصديقة من أجل
دعوة مجلس الأمن لاجتماع عاجل ولتحمّل مسؤولياته وفقاً لقراراته الخاصة حول وضع القدس،
والضغط على الحكومة الإسرائيلية ودفعها لاحترام القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
وكان
عباس قد دعا إلى قمة إسلامية عاجلة لمواجهة ما تتعرض له المدينة المقدسة، لكن هذه الدعوات
التي يوجهها منذ نحو عامين لم تلق أي استجابة.
ويقول
مستشار عباس للشؤون الدينية محمود الهباش، في تصريحات لـ"العربي الجديد"،
إن "كل الخيارات مفتوحة أمام القيادة الفلسطينية للرد على اقتحامات المسجد الأقصى
المتكررة، وحملة التخريب والإصابات والاعتقالات ضد المسجد وحراسه والمصلين فيه"،
مضيفاً: "نترقب قرارات مهمة في الأفق حول القدس"، رافضاً الإفصاح عن ماهية
هذه القرارات.
وحول
التوجّه لمجلس الأمن إلى عقد جلسة عاجلة وإصدار قرار يطلب من إسرائيل رفع يدها عن المقدّسات
وعدم تغيير الأمر الواقع، يشير الهباش إلى أن "كل شيء ممكن، ولن يكون هناك أي
قرار أو تحرّك حول القدس والمسجد الأقصى من دون الأردن".
من جهته،
يرى المحلل السياسي ومدير مركز القدس علاء الريماوي، أن "بعض الدول العربية، تستطيع
إن أرادت لجم الجنون الإسرائيلي في القدس، لما تملك من أوراق تستطيع عبرها الضغط على
الحكومة الإسرائيلية، ومن بين هذه الدول الأردن ومصر بالإضافة إلى السلطة الفلسطينية،
لكن مواقفها ما زالت دون المستوى المطلوب".
ويعتبر
الريماوي أن "هناك غياباً كبيراً للدور المصري الذي لم تعد الأقصى في حساباته"،
مؤكداً "تزامن التقسيم المكاني للمسجد الأقصى، مع إعلان الخارجية الإسرائيلية
عودة السفير الإسرائيلي لمصر، ورفع مستوى الأداء الدبلوماسي إلى مستويات مرتفعة".
ويشير إلى أن "مركز القدس رصد ارتفاع الانتهاكات بحق الأقصى 300 في المائة، منذ
عودة السفير الإسرائيلي إلى القاهرة".
وحول
الدور الأردني، يعتبر الريماوي أن الأردن أمام هذا الواقع مطالب بجملة من الإجراءات
وعلى رأسها التحرك الدبلوماسي الفوري، عبر استدعاء السفير الإسرائيلي في عمّان وتحذيره
من الإجراءات الإسرائيلية، وسحب السفير في إسرائيل للتعبير عن خطورة الموقف، وربط العلاقة
مع الكيان بما يجري في القدس، وتشكيل لجنة أردنية عالية المستوى، للتواجد في الأقصى
لمتابعة حجم التجاوزات الصهيونية ضد الأقصى.
ويشدد
على أنه "في حال عجز الأردن عن القيام بدوره، فعليه نقل مسؤولية الأقصى لجهات
تستطيع التأثير في هذا الملف من خلال التشاور مع كافة الأطراف الإسلامية والعربية
".
وفي
السياق ذاته، بات غياب رد الفعل والتفاعل في الضفة الغربية على ما يجري في القدس، أمراً
لافتاً، إذ أحجمت الحكومة عن أي قرار لنصرة الأقصى على الصعيد الجماهيري، واقتصرت قراراتها
باجتماعها يوم أمس الثلاثاء على تحديد موعد عطلة العيد، وتحديد تاريخ التوقيت الشتوي
فقط.
ولم
تنجح القوى والفصائل الفلسطينية في رام الله في حشد أكثر من بضع العشرات من المحتجين
لنصرة الأقصى يوم الأحد الماضي، فيما غابت الفصائل الفلسطينية الكبرى أو أحجمت، مثل
حركة "فتح"، عن تنظيم تظاهرات شعبية لنصرة القدس في أي من مدن الضفة الغربية
المحتلة، فيما دعت حركة "حماس" إلى مسيرات لنصرة الأقصى ورفضاً لقرار تقسيمه
يوم الجمعة المقبل.
بينما
يؤكد محللون أن الضفة الغربية النائمة جماهيرياً في ظل غياب قيادة فاعلة تقودها، قد
تستيقظ في أي لحظة على عمليات فردية ثأراً للقدس، كما جرت العادة.
المصدر: العربي
الجديد