الأسير الهشلمون..
المؤبّد والإصابة يضاعفها المنزل المهدد
الخميس، 27 آب، 2015
لم يتبق شيء من ذكريات ولا
أثاث عائلة الأسير ماهر حمدي الهشلمون داخل منزله بضاحية الزيتون في مدينة الخليل جنوب
الضّفة الغربية، سوى لافتة صغيرة عُلّقت على مدخل شقّته السّكنية، تحمل اسمه، تركتها
العائلة قبل أن تخلي منزلها قبل بضعة شهور.
وكان نجلها نفذ عملية دهس
وطعن مزدوجة في إحدى مستوطنات "جوش عتصيون" جنوب الضّفة الغربية، أسفرت عن
قتل مستوطنة وإصابة آخرين، وأصيب خلالها بستّ رصاصات لكنّه قُدّرت له النجاة.
واعتقل الاحتلال الهشلمون
وأصدر بحقّه حكما بالسّجن المؤبّد وعشرات الأعوام، فيما كان تخوّف العائلة من هدم منزلها
في موضعه، عقب تلقيها قرارا عسكريا يقضي بهدم المنزل المتوسّط عمارة سكنية تضمّ عشرة
شقق سكنية، الأمر الذي يضاعف مخاوف العائلات المجاورة شققها لشقّة الهشلمون من قرار
الهدم، ما دفعها إلى تقديم التماس عبر الجهات الرّسمية الفلسطينية لمحكمة الاحتلال
العليا لوقف قرار الهدم.
وحضرت إلى المنزل زوجة الهشلمون
بهية النتشة التي تقيم في منزل عائلتها، لتسلّم قرار الإفراج الذي سلّمه جيش الاحتلال
للجيران، وسط حالة من الألم التي عبّرت عنها في حديثها لوكالة "صفا" قائلة
"لا يفهم معاناتي اليوم إلّا من لديه أسرة وعائلة وأطفال..."، موضحة أنّ
أثاث المنزل جرى نقله في مكان، في الوقت الذي تقيم فيه وطفليها في بيت أهلها، بينما
يقبع زوجها في الاعتقال، وبات منزل العائلة خاليا من كلّ شيء.
وتتابع: لدينا الكثير من
الذكريات في هذا المكان.. ولا يمكن نسيانها أبدا، لكنّ ما يسلّيها أنّ زوجها ما يزال
حيّا، وأنّه تمكن من تجاوز مرحلة الخطر عقب إصابته بعدّة رصاصات أثناء تنفيذه للعملية،
مشيرة إلى أنّ ما يهمّها فقط سلامة زوجها وتحقّق حلمها بأن يعود من جديد إلى أحضان
العائلة في صفقة تبادل للأسرى بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال، وتعتبر المنزل شيئا
ثانويا يمكن استبداله.
لكنّ الأربعيني يحيى أبو
سنينة الذي يملك شقّتين أسفل وفوق منزل عائلة الهشلمون، لا يبرح عددا من الأوراق والكتب
التي يقول إنّه وجّهها إلى محافظ الخليل وعدد من الجهات الحقوقية المحلية، علّها ترفع
التماسا إلى محكمة الاحتلال العليا للاعتراض على قرار الهدم الذي يعتقد أنّه يتسبب
في ضرر فادح قد يلحق شقّتيه التي يسكنهما مع عدد من أفراد عائلته.
يقول أبو سنينة الذي سلّمه
جنود الاحتلال القرار "حضرت في تمام السّاعة الثانية فجرا قوّة عسكرية كبيرة إلى
منزل عائلة الهشلمون، وألصقوا قرار الهدم باللغتين العبرية والعربية وخارطة على باب
المنزل، قبل أن أستفسر منهم عن الأمر، فسلّموني القرار وصوّروه بين يدي، وطلبوا إبلاغه
للعائلة".
ويبين بأنّ جيش الاحتلال
كرّر اقتحام منزل عائلة الهشلمون خلال الشهور الماضية، وأجرى عمليات مسح لغرفه وأروقته،
قبل تسليمهم قرار الهدم الذي يمهلهم (24) ساعة للاعتراض لدى قائد جيش الاحتلال بالضّفة
الغربية.
ويرى أنّ أخطارا حقيقية
تعيشها شقق ومنازل العائلات المقيمة سواء في العمارة السكنية التي توجد بها شقّة الأسير
الهشلمون أو في المنازل والبنايات المجاورة، مطالبا بضرورة العمل الجاد من كافّة الجهات
لتجنيب الجميع أخطار وتداعيات عملية الهدم.
من جانبه، يرى الناشط في
مجال حقوق الإنسان هشام الشرباتي في حديثه لوكالة "صف" أنّ ما قرّره الاحتلال
من هدم لمنزل الأسير الهشلمون، يعبّر عن تمسّك الاحتلال بقرار بائد كانت تستخدمه دولة
الانتداب البريطانية وألغته بعدما أنهت انتدابها لفلسطين.
ويرى أنّ هدم البيت هو عقاب
لأسرة ماهر، وقد يكون عقاب لجيرانه، لأنّ البيت هو جزء من مبنى، وبالتالي هذا يندرج
تحت إطار العقوبات الجماعية التي والتي تشكل مخالفة للقانون الدّولي الانساني.
ويبين بأنّ أجهزة الاحتلال
القضائية تضفي صبغة قانونية على ممارسات غير قانونية يقوم بها جيش الاحتلال، وبالتالي
لا أتوقع أن يتراجع الجيش الاسرائيلي عن الخطوة التي شرع فيها بإغلاق البيت واستملاكه،
لكنّه يتوقع في الوقت ذاته أن يجري اتّخاذ بعض الاجراءات التي تتعلق بتخفيف الأضرار
على الجيران، لكنّ التجربة تؤكّد أن الجيش لن يتراجع عن الأمر، وهذا بالتأكيد سيترك
أضرار على الجيران.
وفي تعقيب الشرباتي على
ما نصّ عليه القرار باستملاك الجيش الاسرائيلي للمنزل وهدمه، يوضح بأنّ هذه صيغة عامة
تستخدم في حالة البيوت التي تتعلق بمقاومين، وهي تنطبق أكثر على البيوت القائمة بذاتها،
وتعني أنّه لا يسمح لأصحاب البيت ببنائه من جديد في حال جرى هدمه، واعتبار البيت من
أملاك جيش الاحتلال وبالتالي لا يحقّ لأصحابه إعادة البناء في نفس المكان.
المصدر: وكالة صفا