القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

الأونروا: اليأس يولد الأمراض في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، ومستويات المعيشة تهوي إلى الحضيض لدى 400 الف شخص

أزمة صحية لا يراها الأطباء بين فلسطينيي لبنان
الأونروا: اليأس يولد الأمراض في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، ومستويات المعيشة تهوي إلى الحضيض لدى 400 الف شخص
لا آمال تلوح في الأفق

الجمعة، 12 تشرين الأول، 2012

أظهر بحث جديد الخسائر الصحية المخفية التي تسببت فيها حياة اللجوء لأكثر من 400 الف فلسطيني. وقد نشرت مجلة لانست الطبية البريطانية سلسلة من الملخصات المأخوذة من اجتماع لباحثين في مجال الصحة العامة، عُقد في بيروت في مارس/آذار 2012 تحت عنوان "تحالف الصحة الفلسطينية ومجلة لانست".

وأوضح ريتشارد هورتون، رئيس تحرير مجلة لانست أن التحالف يهدف إلى "تقوية وتوسيع قدرة العلماء الفلسطينيين على دراسة الوضع الصحي لمواطنيهم، تحضير التقارير حول هذا الموضوع وتقديم المناصرة الضرورية".

وعلى الرغم من أن معظم الأبحاث تدرس الآثار السلبية للعيش في الأرض الفلسطينية المحتلة على الصحة النفسية والجسدية، تدرس العديد من الدراسات أيضاً صحة وسلامة الفلسطينيين الذين يعيشون في لبنان الذي يستضيف اللاجئين الفلسطينيين منذ أكثر من 60 عاماً.

أوضاع معيشية متردية

وطبقاً لإحدى الدراسات التي أجراها باحثون من الجامعة الأميركية في بيروت فإن "القوانين التمييزية وعقود من التهميش" قد تركت اللاجئين الفلسطينيين في لبنان محرومين اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً.

فيعيش أكثر من نصف الفلسطينيين في مخيمات تزداد ازدحاماً حيث "خدمات السكن والمياه والكهرباء والقمامة المقدمة غير لائقة وتساهم في تردي الأوضاع الصحية". ويعاني 42% من 2500 أسرة شملتها الدراسة من تسرب المياه من الجدران أو الأسقف، بينما يعيش 8% منهم في منازل مصنوعة من مواد بناء خطرة مثل الأسبستوس (الزينكو).

وقالت هدى السمرا، مديرة قسم الإعلام في الأونروا في لبنان أن العديد من اللاجئين يعيشون في مساكن تفتقر إلى التهوية وضوء الشمس. ورغم الحاجة إلى إعادة تأهيل حوالى 5 الاف مسكن، تمتلك الوكالة أموالا لإصلاح 730 مسكناً فقط.

وأضافت السمرا أن هناك أيضاً نقص في التمويل اللازم لمعالجة البنية التحتية المتهدمة في أربعة مخيمات من أصل 12 مخيماً. هذا ويستمر عدد سكان المخيمات في الارتفاع ولكن الأرض المخصصة لهم تبقى على ما هي عليه، ما يؤدي إلى ازدحام يجعل مشاكل الصحة العامة تتفاقم.

وقالت السمرا أن "بعض المخيمات تنمو عمودياً وليس أفقياً"، مضيفةً أنه تم تشييد العديد من المباني عشوائياً بدون أساسات سليمة وعلى مقربة شديدة من بعضها.

ووجدت الدراسة أن ثمة رابطا مباشرا بين ظروف السكن المتردية والصحة المتدهورة في صفوف الأفراد الذين شملهم المسح. فكان 31 بالمائة منهم يعانون من أمراض مزمنة و 24 بالمائة يعانون من أمراض حادة في الأشهر الستة الماضية.

الفقر والمرض

وجد الباحثون أيضاً علاقة وثيقة ما بين الفقر واعتلال الصحة. فاللاجئون الفلسطينيون الذين يعيشون في لبنان غير مؤهلين للحصول على الخدمات الاجتماعية بما في ذلك الرعاية الصحية، كما يحظر عليهم العمل في حوالي 50 مهنة.

وقامت الأونروا ومنظمة العمل الدولية بممارسة ضغط على الحكومة اللبنانية لتخفيف القيود على التوظيف من أجل تسهيل حصول اللاجئين على تصاريح عمل، ولكن تعديلات قانون العمل التي تم سنها في أغسطس/اب 2010 ما زالت تنتظر قرار التنفيذ من وزارة العمل.

ووفقاً لدراسة أخرى في سلسلة مجلة لانست قام بها أيضاً باحثون من الجامعة الأميركية في بيروت، يعيش 59 بالمائة من أسر اللاجئين تحت مستوى خط الفقر الوطني، بينما قال 63 بالمائة أنهم يعانون من انعدام في الأمن الغذائي في حين أن 13 بالمائة كانوا يعانون من انعدام حاد في الأمن الغذائي، علماً أن الأفراد وحدهم الذين يعانون من الفقر المدقع -حوالي 13 بالمائة- يمكنهم الحصول على حصص غذائية ومنح مالية صغيرة من الأونروا.

وقالت السمرا أن مزيج سوء التغذية والظروف المعيشية غير الصحية والشعور باليأس يولد جميع أنواع الأمراض. ولكن رغم توفر الرعاية الصحية الأولية مجاناً من خلال عيادات الأونروا، ورغم المعالجة المجانية للمرضى الذين تتم إحالتهم إلى المستشفيات المتعاقدة مع الأونروا، لا تتم تغطية تكاليف الرعاية الصحية المتخصصة سوى جزئياً. ويبقى على اللاجئين المحتاجين إلى جراحة أو علاج معقد أن يسددوا على الأقل نصف قيمة الفاتورة بأنفسهم.

وقالت السمرا في هذا الإطار "هذا تحد كبير بالنسبة لهم. فهم غالباً ما يجدون أنفسهم غير قادرين على تغطية باقي الفاتورة، فتتراكم عليهم الديون التي لا يستطيعون تسديدها أو بكل بساطة يقومون بالامتناع عن تناول العلاج أو إجراء الجراحة".

وتحدثت عن شاب يبلغ من العمر 18 عاماً يحتاج إلى عملية زراعة كبد كلفتها 95 الف دولار، فلا هو ولا الأونروا قادرين على تحمل نفقاتها. وقالت السمرا "لا نستطيع تغطية تكاليفها. ونحن نحاول الآن اللجوء إلى بعض شركات القطاع الخاص لجمع المال اللازم".

الحاجة إلى الرعاية الصحية النفسية

أما التحدي الآخر فيكمن في غياب خدمات الصحة النفسية. فقد وجدت الدراسة التي أجرتها الأونروا عام 2009 ونشرتها مجلة لانست أن الاضطرابات النفسية المرتبطة بالظروف المعيشية الصعبة المزمنة وعدم الاستقرار السياسي الطويل الأمد والعنف والتردد والحيرة كانت كلها مصدر قلق في مجال الصحة العامة بالنسبة للاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون في سوريا والأردن ولبنان. وقد وجدت إحدى الدراسات الأخيرة التي أجرتها الجامعة الأميركية في بيروت أن 55 بالمائة ممن شملهم المسح يعانون من "قلق نفسي".

وتقدم الأونروا خدمات الاستشارة الأساسية فقط وتحيل اللاجئين المحتاجين للدعم النفسي إلى المنظمات غير الحكومية مثل أطباء بلا حدود. وقالت السمرا "نحن نقوم دائماً بإرسال مقترحات مشاريع لخدمات الصحة النفسية إلى الجهات المانحة على أمل أن يتم تمويلها. فهناك حاجة للتمويل".

من جانبه، قال هورتون "هذه البيانات تكشف الأزمة المخفية التي تواجه اللاجئين الفلسطينيين الذين تم إهمال احتياجاتهم الصحية بشدة".

المصدر: ميدل ايست أونلاين-جوهانسبرغ