البيوت المؤقتة.. بديل المشردين في ظل غياب الإعمار
الإربعاء، 18 شباط، 2015
"الحاجة أم الاختراع"
هذا هو المثل الشعبي الذي أخذ به مئات الفلسطينيين وهم يبحثون عن بدائل توفر لهم المأوى
في ظل تعطل ملف إعمار ما دمره الاحتلال الصهيوني.
فالمواطن يوسف أبو شريتح (33 عاماً)، لجأ إلى إقامة
منزل بسيط من الخشب ليؤويه مع أفراد أسرته.
وقال أبو شريتح إنه لجأ إلى إقامة هذا المنزل الصغير
من القطع الخشبية التي يطلق عليها "المشطاح" عبر تجميعها وتثبيتها في بعض
على شكل جدران ثم إحاطتها بالنايلون المقوى من كل الجهات بما فيها السقف الذي أعد على
شكل هرمي.
بيوت خشبية
نجاح المواطن أبو شريتح في بناء المنزل في شهر نوفمبر/
تشرين ثان الماضي، وبتكلفة قليلة نسبياً (ألفي دولار تختلف حسب حجم المنزل وعدد الغرف)
دفع جيرانه من أصحاب المنازل المدمرة إلى الاستعانة به في إقامة منازل مماثلة شمال
شرقي قطاع غزة، حتى بات هناك حي كامل من البيوت الخشبية أطلق عليه أصحابه "حي
إسطنبول" تأسياً بأحياء تركية تعتمد الأخشاب في إقامة المنازل.
وقالت أم حسن أبو عيسى إن المنازل الخشبية
"ليست الحل المثالي، لكنها أفضل من البقاء في الخيام أو مراكز الإيواء"،
مضيفة "يكفي أنها تسترنا وتجمع شملنا".
وكانت قوات الاحتلال دمرت قرابة 60 ألف وحدة سكنية
خلال الحرب على غزة 2014 مقابل 35,550 منزل تم تدميرها خلال الحربين السابقتين.
بيوت حديدية
وإلى جانب البيوت الخشبية تنتشر أيضاً ما تعرف بالبيوت
الحديدية "الكرفانات"؛ حيث قُدمت العديد من الجهات الداعمة من أبرزها الهيئة
العربية الدولية لإعمار غزة.
ففي بلدة خزاعة أقيم حيّان من البيوت الحديدية آوت
عشرات العائلات، لكنها لم تسلم من النقد والمشاكل.
وتقول الحاجة أم أحمد النجار: "سلمونا غرفة
من الحديد فيها منافعها لا تكفي عددنا، وكدنا نموت فيها بسبب ماسّ كهربائي، فضلاً عن
غرقها من مياه الأمطار".
وكان حي الكرافانات في بلدة خزاعة تعرض للغرق عدة
مرات، ما دفع الأهالي لتشكيل فرق متطوعين للإنقاذ السريع، فضلاً عن إحاطة الكرفانات
بالنايلون والجلد المقوى وإحاطة البيوت المؤقتة بأكياس من الرمل لمنع تدفق المياه.
بيوت بلاستيكية
مواطنون آخرون اختاروا أشياء أبسط من البيوت الخشبية
والحديدية كمأوى لهم، فيما الجميع يتطلع إلى أن هذه كلها حلول مؤقتة بانتظار حل الإعمار
الرسمي. فالمواطن محمد أبو هداف اختار أن يقيم في قوس حديدي مكسو بالنايلون (من أقواس
الدفيئات الزراعي).
وقال أبو هداف: "لم نستلم كرفانا حديديا، ولا
أستطيع استئجار منزل، ولا بديل أمامي فوجدت أن أفضل شيء مؤقت وأقله تكلفة هو هذا القوس
حيث قمت بتقسيمه من الداخل".
أما أنور أبو العز؛ فأقام هو الآخر بيتاً من قوس
بلاستيكي، ولكنه شيّد الجدار الخارجي من بقايا الحجارة التي هدمت من منزله، فيما قسمه
من الداخل بألواح رقيقة من "الجبس والأبلكاج".
وقال: "نحاول أن نتعايش مع الواقع الصعب خاصة
في ظل عدم توفر رواتب"، مشدداً على أنه لا بديل عن الإعمار خاصة أننا نعاني عند
كل شتاء".
وفي حي الفراحين بعبسان الكبيرة، اختار عدد من السكان
استحضار الماضي الأليم إبان الهجرة؛ فنصبوا خيامهم قرب منازلهم المدمرة.
ويقول المواطن عدنان أبو دقة الذي ذاق مرارة هدم
المنزل للمرة الثانية إنه لم يجد خياراً إلا نصب الخيمة مع باقي أقاربه وجيرانه للإقامة
المؤقتة فيها.
ويضيف: "خلال الأجواء العاصفة عانينا بشدة،
واضطررت لإخلائها لمنزل أحد الأقارب"، لافتاً إلى أنه يستعد للانتقال إلى منزل
خشبي أقامه في المنطقة.
وتبقى البيوت المؤقتة خيار المواطنين في ظل جمود
ملف الإعمار، فيما لسان حال الجميع: متى ينتهي هذا الوضع الأليم، دون أن يخفوا مخاوفهم
من تحول المؤقت إلى دائم، وعيونهم ترنو إلى أجدادهم المهجرين الذين اعتقدوا أنهم سيعودون
سريعاً فتأخرت عودتهم إلى اليوم.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام