يقع تجمع الهمشري في مدينة صيدا المسمى ((مشاريع الهبة)) القريب من منطقة الفيلات المشرفة على مدينة صيدا، ويعتبر من أهم التجمعات الفلسطينية. قبل تأسيس التجمع على يد الحاج مصطفى مطر رحمه الله تعالى سنة 1997، كما يفيدنا مختار المنطقة "الحاج حسن شناعة، أبو العبد"، كانت الأرض ملعباً فيها بعض شجر الزيتون تخص السادة نقولا خوري وأبو كامل يونس والشركة العالمية للإعمار.

يقطن فيه حوالي 250 عائلة فلسطينية أتوا من مناطق متعددة من لبنان: صور وصيدا وسيروب وتجمع البركسات ومخيم عين الحلوة والبقاع. ومن أهم العائلات في هذا التجمع: قدورة، شناعة، صباح، صياح، حجير، حبلي، قرص، لهيب، الحسن وغيرهم.. للتجمع لجنة خاصة تضم 30 عضواً أخذت على عاتقها القيام بكل ما يلزم ساهرة على راحة أهله.

ومنذ تأسيس التجمع تم إنجاز عدة أعمال طورت من مستوى التجمع، فقد تم مدّ أنابيب مياه للشرب وتوصيل كابلات الهاتف ووضع لمبات إنارة تسهّل على أهله الحركة الليلية. وقد تمّ كل هذا بالتعاون مع بلدية المية ومية. كما تم حفر بئر ارتوازي في المنطقة ورصف الطريق بالحجارة. والشكر موصول لحركة المقاومة الإسلامية - حماس والمساعدات النروجية اللتين قامتا بتزفيت الطريق وتشجيره وتحسينه وفتح مجاري الصرف الصحي للتجمع.

ولقد عانى هذا التجمع كغيره من التجمعات الفلسطينية في صيدا من الإهمال والتخلي، بحيث كان يعتمد في معظم أشغاله على جهد سكانه وتبرعاتهم. وفيما يلي إطلالة على وضع هذا التجمع من النواحي الصحية والاجتماعية والدينية والاقتصادية والتعليمية.

· الحالة الاجتماعية

رغم مرارة البعد وقسوة الهجرة عن أرض الوطن، ترى الفلسطيني في هذا التجمع محافظاً على ما تعلمه وتربى عليه من الآباء والأجداد في أرض فلسطين. ومن هذه العادات التزاوج المتبادل ومشاركة الأخ أخاه في فرحته وكذلك في حزنه، فتراه يشاطره الفرحة بالزفة والدبكة والإنشاد، وغالبية هذه الأفراح تكون إسلامية خالصة. وكذلك اللكنة الفلسطينية الأصيلة تراها غالبة على لهجة أهالي هذا التجمع رغم أنه يقوم في وسط لبناني، وفي أبنية متقاربة، علماً أنّ هناك عائلات لبنانية أيضاً تسكن في هذا التجمع.

· الحالة الصحية

يعتمد أهل تجمع الهبة اعتماداً كلياً على وكالة الغوث الأنروا، حالهم كحال إخوانهم اللاجئين في شتى أنحاء لبنان، يتوزعون على عيادتي مخيم عين الحلوة وعيادة صيدا المركزية التي تحولهم في حالة العمليات إلى مستشفى الهمشري التابع للهلال الأحمر الفلسطيني، وفي حال عدم قدرة مستشفى الهمشري على تغطية أي عملية يراجع اللاجئ الأنروا لتحويله إلى مستشفى متخصص، فإما ان توافق الأنروا على ذلك، وإما أن يطرق أبواب الجمعيات للمساعدة من أجل إنقاذ مريضه، ومنهم من يموت قبل أن تأتي المساعدة كما حصل مع الكثير وخاصة مع مرضى القلب المفتوح.

الحالة الدينية

تُقام في التجمع الصلوات الخمس والجمعة والأعياد في مسجد الهبة، وينشط رواد المسجد ولجنته في دورات للناشئة يربونهم فيها على مبادئ الإسلام السمحة صيفاً وشتاء، وذلك بإشراف جمعية رابطة شباب المساجد وبرعاية دائرة الأوقاف الإسلامية. وقد تعوّد أهالي تجمع الهبة كل عام على تخريج أبنائهم عند انتهاء كل دورة صيفية، وذلك من خلال حفل كبير يجتمع عليه أهل الحي. كما ويوجد في المسجد قاعة كبيرة تم إنشاؤها برعاية جمعية الإصلاح للعمل الخيري وتحفيظ القرآن الكريم، وتقام فيها المحاضرات الدورية والندوات والسهرات الثقافية التي تزيد من مخزون أهالي التجمع العلمي. كما تقام في المسجد وقاعته دروس نسائية على مدار السنة يلقيها مشايخ من رابطة علماء فلسطين. وقد بات التزام الشباب وحجاب الفتيات في هذا التجمع ظاهرة محمودة وواضحة للعيان.

· الحالة الاقتصادية

يزاول أهالي تجمع الهبة المهن التي تسمح لهم الدولة اللبنانية العمل بها، فهم لا يزيد حالهم عن أي إنسان فلسطيني يعاني الأمرين من قضية العمل وقانون العمل. فمن أهم المهن التي يزاولها أهالي تجمع الهبــة مهن النجارة، الميكانيك، الميني ماركت، بيع الخضار، ومهنة التعليم.. إلخ. وهذا يدل على ضعف وتدني المستوى الاقتصادي لأهل التجمع.

· الحالة التعليمية

يسجل أهالي تجمع الهبة أولادهم في المدارس التابعة للأنروا، وهم موزعون على مدارس السموع وحطين في مخيم عين الحلوة ومدرستي صفد وعسقلان في مخيم المية ومية. وحالهم كحال إخوانهم في الشتات، سلاحهم الأساسي لاسترجاع حقهم المسلوب هو العلم والدين، ((فبالعلم والمعرفة نجاهد وندافع عن أرضنا ونستعيدها)) كما قال الطالب في مدرسة صفد إبراهيم حسن شناعة. والذي يميز المنطقة ويجعلها محطَ رحالِ كثيرٍ من الطلاب الفلسطينين وجود معهد النروجية الذي يدرب أبناء الشعب الفلسطيني الذين أنهوا المرحلة الثانوية على اختصاصات عديدة من أهمها: إدارة الأعمال، والتجارة وإدارة المكاتب. ويقوم على إدارة المعهد ثلة من الأساتذة الكرام وعلى رأسهم الأستاذ عبد حجير، وقد سجل المعهد مستوى مرتفعاً من النتائج على مدى أعوام منذ تأسيسه حتى اليوم.

عقبات

· الحالة الرياضيّة:

يوجد في التجمع ملعب لكرة القدم "ملعب الشّهيد عبد العزيز الرنتيسي"، تقام فيه مباريات كرويّة كل فترة من تنظيم المؤسسة الفلسطينيّة للشّباب والرياضة. ويعتبر متنفساً لأولاد التجمع حيث يلعبون فيه ويمرحون في أوقات العطل والفراغ.

· في القلب غصّة:

رغم كل ما تم ذكره من أمور إيجابية في تجمع الهبة، إلا أن التجمع يحتاج لرعاية واهتمام دائمين يقع معظمها على عاتق البلدية، وعلى نواب مدينة صيدا الأكارم من أجل مستوى أفضل من الخدمات لهذا التجمع. إلا أن أخطر القضايا الإنسانية في هذا التجمع هو منع حق التملك، حيث أن معظم أصحاب البيوت فيه لم يحصلوا على سند التمليك قبل منع حق التملك في العام 2000، وبالتالي فإنهم لا يعتبرون مالكين حقيقيين لهذه البيوت، الأمر الذي يدخلهم في دوامة الملك والتصرف والتسجيل والإرث.. ولعل هذه المشكلة هي من أعقد المشاكل التي يعاني منها الفلسطينيون تجمعات وأفراداً، فهل لهذا النفق من ضوء أو بصيص أمل؟؟!!