الحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين في لبنان: بين هاجس التوطين ونزع السلاح
السبت، 07 تموز، 2012
ولدت حكاية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان عشية النكبة العام 1948، حين هاجمت العصابات الصهيونية القرى والبلدات الفلسطينية وارتكبت المجازر فيها، حيث ترك نحو 143000 لاجئ فلسطيني قراهم متجهين الى لبنان، وتوزعوا حينذاك على 12 مخيماً وعدد من التجمعات في مختلف المناطق اللبنانية. في ذلك الوقت أنشأت الامم المتحدة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" لرعاية شؤونهم.
لبنان كان ساهم في صوغ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، وصادق على عدد من المواثيق الدولية منها العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية السنة 1966، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية العام 1966، إضافة الى المعاهدة الدولية للقضاء على كل أشكال التمييز العنصري العام 1965، لكن هذه المواثيق بقيت حبراً على ورق.
64 عاماً حجم المعاناة
يعاني اللاجئون الفلسطينيون من عدم نيلهم حقوقهم المدنية من الدولة اللبنانية، حيث لا يحق للفلسطيني تملك منزل او عقار، ويمنع عنه حق العمل في كل المهن المحترفة، وأيضاً حق الانتساب الى النقابات على اختلافها، علماً أنه يعرض على من يجد عملاً شرعياً دفع رسوم الضمان الاجتماعي من دون الإفادة من خدماته وتعويضاته.
هكذا يعيش اللاجئ الفلسطيني في مخيمات لبنان الـ12، من دون تمتّعه بالخدمات الاجتماعية والإنسانية، أو حتى بحق الانضمام إلى النقابات ومؤسسات الضمان الاجتماعي، علماً أن لبنان كان سباقاً في استقبال اللاجئين على أراضيه وتقديم حسن الضيافة لهم، اذ أنشأ لهم خيماً موقتة في بعض المناطق ليقضوا فيها بضعة أيام، أو ربما أسابيع، من دون العلم أن لجؤهم أصبح شبه أبدي.
رفض التوطين وحرمان من الحقوق
تمسك اللاجئين بإقامتهم في لبنان مرتبط بحق عودتهم إلى فلسطين، لأن لبنان هو شاهد على نكبتهم وتهجيرهم. لذا نرى انه من الضروري أن تقوم الدولة اللبنانية باحتضان الفلسطينيين وتأمين سبل العيش الكريم لهم. فاللاجئون هم في حاجة إلى كل أشكال الرعاية الاجتماعية، من أمن وتعليم وفرص عمل وخدمات صحية، بالإضافة إلى دعم سياسي لمناصرة قضيتهم وتحقيق حلم العودة.
يذكر أن وزير العمل في الحكومة اللبنانية السابقة طراد حمادة كان قدم مشروعاً للحكومة يقضي بمنح الفلسطيني بعض الحقوق المدنية، التي يمكنها أن تخفف من معاناة الفلسطينيين المستمرة، حيث يعانون داخل المخيمات من اكتظاظ السكان وعدم وجود بنى تحتية لائقة، وأيضاً عدم تنظيم شبكات الكهرباء المتشابكة والتي تتسبب بموت بعض اللاجئين في كثير من الأحيان. لكن المشروع لم ينل الرد الايجابي او الموافقة الجزئية، وهذا ما تترجمه اوضاع اللاجئين الصعبة في الوقت الحالي.
تنظيم فوضى المخيمات وتحسين سبل العيش
عدم منح الفلسطيني حقوقه المدنية والاجتماعية يرتبط في شكل مباشر بالتركيبة الطائفية والسياسية القائمة على الساحة اللبنانية، اذ يخلط البعض الحقوق الإنسانية بموضوع التوطين، علماً أن الفلسطينيين أنفسهم يرفضون التوطين ويتمسكون بحق العودة، وأيضاً هناك من يطالب بنزع السلاح من داخل المخيمات مقابل منح بعض الحقوق والتحسينات الاجتماعية، فتولد أمامنا مشكلة كبيرة هي دمج الموضوع الاجتماعي بالشأن السياسي، وهذا ما يناقض الكثير من المواثيق والعهود التي وقّع عليها لبنان.
الفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية في لبنان تسعى الى العمل بكد ومثابرة على خط المطالبة بحقوق اللاجئين، مع خلق جو من الطمأنينة للحكومة اللبنانية والشعب اللبناني بأن مطالب منح الحقوق لن تؤثر سلباً على مبدأ رفض التوطين ولا الأمن اللبناني الداخلي، لأن ما شهده العالم في مسيرة العودة في 15 ايار العام الفائت يؤكد تمسك الشعب الفلسطيني بأرضه ووطنه، مع التأكيد أن الفلسطينيين لا يريدون عودة الحرب الأهلية، وان مفهوم التدخل الفلسطيني في الشأن اللبناني مرفوض، ويحرص الفلسطينيون على أن يكون العيش في المخيمات منظماً ما ببن الدولة اللبنانية والمنظمات والفصائل الفلسطينية.
المصدر: عبد الرحمن عبد الحليم - النهار