الدولة ومصير فلسطين التاريخية
الجمعة، 23 أيلول، 2011
يطرح توجه الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة لطلب عضوية كاملة لدولتهم جملة تساؤلات تتعلق بأراضي 48 وملفيْ اللاجئين والمصالحة.
وبينما يرى خبير قانوني أن الاعتراف بدولة على حدود 1967 دون قيود، يعني تلقائيا استبعاد فلسطين التاريخية وتجاهل حق اللاجئين في العودة، يرى سياسيون أن الواقع لن يتغير لأن إسرائيل لن تعطي شيئا.
ويتوقع فريق من المحللين عودة ملف المصالحة إلى الصدارة بعد انتهاء ملف التوجه إلى الأمم المتحدة، لكن آخرين يرون أنه لن يتأثر كثيرا لعمق خلافات الفصائل أصلا.
تغيير ومخاطر
ويرى الخبير القانوني رئيس لجنة صياغة الدستور الفلسطيني سابقا أحمد الخالدي أن التوجه الأممي من شأنه أن يحدث تغييرا كبيرا في المشروع الوطني من حيث الأرض وإقليم الدولة.
وقال إن محور المشروع الوطني كان التمسك بفلسطين التاريخية، لكن المشروع الحالي يتنازل عن أكثر من ثلاثة أرباع فلسطين "وبالتالي فقدان حقوق أساسية أهمها حق العودة إلى أراضي عام 1948".
وقال إن مستقبل قضية اللاجئين يعتمد على صيغة القرار الأممي "فقد أشارت قرارات سابقة إلى القرارين 181 و194، وإذا لم يتضمن القرار القادم هذه الإشارة فهنا الخطورة على ضياع هذا الحق".
ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة بير زيت باسم الزبيدي إن المسعى لن يؤثر فعليا على أرض الواقع "لأن إسرائيل لن تعطي شيئا ولو بالحدود الدنيا التي يريدها (الرئيس الفلسطيني محمود) عباس".
وقال إن المعارضة تعتقد أن تحقق الدولة يعني التنازل عن حقوق كثيرة جدا ليس فقط في فلسطين جغرافيا، وإنما عن الحقوق الوطنية وخاصة قضية اللاجئين وحقهم في العودة.
ويؤيد قيادي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عبد العليم دعنا التوجه الأممي، لكنه يرى "ثغرات كثيرة" أبرزها الذهاب بالأدوات نفسها (الشخوص) التي فاوضت إسرائيل لأكثر من 20 عاما وفشلت، والذهاب قبل توحيد الشعب الفلسطيني.
وعبر عن خشيته من الحصول على العضوية الكاملة مقابل التنازل عن حق العودة "الجسر الذي يوصلنا لفلسطين التاريخية".
فتح وحماس
أما حركة التحرير الفلسطينية (فتح) فاعتبرت التوجه انعكاسا لإجماع فلسطيني ودعم أكثر من 5.5 مليارات إنسان و130 دولة بما فيها الدول العربية والإسلامية ودول عظمى، مطالبة المنتقدين خاصة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بأن "تنحاز بشكل كامل للأغلبية الساحقة من أبناء الشعب الفلسطيني".
ورفض الناطق باسمها أسامة القواسمي المخاوف على حق العودة، وقال إن القيادة الفلسطينية حصلت على قرار الاعتراف بالكيان الفلسطيني ومنظمة التحرير سابقا دون إلغاء القرار 194.
لكن القيادي والنائب عن حماس خالد طافش يرى الاعتراف بإسرائيل على أراضي 48 ليس جديدا، فقد أقرته سابقا منظمة التحرير, واتهم أطرافا فلسطينية بالسعي لشطب حق العودة.
المصالحة
وحول تأثيرات الاعتراف المحتمل بالدولة على علاقة الفصائل وملف المصالحة، يقول الخالدي إن الانقسام والصراع مرشح للتصاعد، ولم يستبعد تدخل الاحتلال والولايات المتحدة لتعميقه لتحويل الصراع إلى الداخل، خاصة مع وجود فريق يؤمن بالمفاوضات وآخر يؤمن بالمقاومة وسيلة لاستعادة الحقوق.
أما الزبيدي فيرى المواقف الأيديولوجية والسياسية والحسابات الكبرى متباينة بين الفصائل "فهناك من يرى أن الدولة هي نهاية المطاف مقابل من يعتقد أنها مجرد بداية لتحرير كامل فلسطين".
وأضاف أن محمود عباس عندما ينتهي من ملف الأمم المتحدة، سيجد نفسه أمام مفاوضاتٍ ليست بالشكل الذي يريده و"سيكون عليه أن يفعل شيئا وهو المصالحة".
لكنه مع ذلك لا ينصح بالتفاؤل "لأن عيون القيادة الفلسطينية ستكون على مفاوضات قادمة وأي مفاوضات سيكون من أهم شروطها ألا تتحرك المصالحة للأمام".
وخلاف سابقيه يرى دعنا أن حصول فلسطين على العضوية "سيساهم إلى حد كبير في الوحدة" وحتى "حماس -رغم انتقادها لتوجه عباس- معنية بحصول فلسطين على عضوية الأمم المتحدة".
وفي حين يؤكد القواسمي أن المصالحة ستبقى أولوية قصوى لدى قيادة فتح، يقول طافش إنه كان من المفترض إنجازها قبل التوجه إلى هيئة الأمم المتحدة.
المصدر: عوض الرجوب - الجزيرة