القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الخميس 28 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

الذكرى 66 لنكبة فلسطين: ذاكرة تتحدى النسيان.. وأمل بالعودة لا يموت

الذكرى 66 لنكبة فلسطين: ذاكرة تتحدى النسيان.. وأمل بالعودة لا يموت


أعد الملف - د. إبراهيم عباس

النكبة مصطلح يرتبط بالأحداث والمآسي التي شهدتها فلسطين عام 1948 عندما اضطر أكثر من 750 ألف فلسطيني إلى النزوح من ديارهم تحت وطأة المذابح وقيام دولة "إسرائيل” المصطنعة على أراضيهم المغتصبة بنيران أسلحة العصابات الصهيونية، الذين أصبح العديد من قادتها فيما بعد رؤساء وزراء لهذه الدولة المصطنعة. ويعني المصطلح أيضًا هدم الغزاة الصهاينة أكثر من 500 قرية فلسطينية، ومعظم المعالم السياسية والاقتصادية والحضارية للمجتمع الفلسطيني عام 1948م، إلى جانب محاولات محو الهوية الفلسطينية.

ونظرًا لما تمثله هذه الذكرى من أهمية للشعب الفلسطيني وللأمة العربية والإسلامية بأسرها، ومن خطورة -في ذات الوقت- على "إسرائيل” باعتبارها ناقوسًا دائمًا يدق في الذاكرة الفلسطينية تحت شعار»كي لا ننسى»، وبما تحمله أيضًا من إصرار على المقاومة والعودة، فقد سنت سلطات الاحتلال قانون النكبة الذي أقره الكنيست في مارس 2011، الذي يحظر على الفلسطينيين في أراضيهم إحياء تلك الذكرى.

ولعل أهم سمة لذكرى النكبة أنها أصبحت وراثية تتوارثها الأجيال جيلًا بعد جيل. كما أن مرور 66 عامًا لم يقلل من آلامها ومرارتها التي يعتبر المخيم والحصار والمذابح والحرمان والإبعاد والتنكيل والأسوار بعضًا من مفرداتها، حيث يستمر نضال هذا الشعب المثابر والمرابط القابض على الجمر لتجاوز مآسي الماضي وإيجاد نهاية لمآسي الحاضر والتطلع نحو المستقبل الذي يتحقق فيه حلم التحرر والاستقلال والعودة.

لماذا الذكرى مختلفة هذا العام؟

66 عامًا ومازالت النكبة مستمرة متمثلة في حصار وتجويع وتدمير مخيم اليرموك وتشريد قاطنيه، وفي حصار غزة التي تعتبر اكبر سجن غير مسقوف في العالم يضم في محيطه 1.8 مليون نسمة مشكلا أعلى نسبة في الكثافة السكانية في العالم، وفي استمرار الاحتلال والاستيطان والتهويد والترانسفير وانتهاكات دولة الاحتلال اليومية للقانون الدولي ولمبادئ حقوق الإنسان.

لكن على خلاف المعتاد، يتم إحياء ذكرى النكبة هذا العام في أجواء مغايرة للأعوام السابقة، حيث سبق الذكرى ببضعة أيام توقيع المصالحة بين فتح وحماس وسط موجة تفاؤل بأن تتحقق المصالحة على أرض الواقع هذه المرة. أحد مؤشرات هذا التفاؤل تتمثل في الاتفاق على أن تتم فعاليات إحياء ذكرى النكبة بالتنسيق بين منظمة التحرير الفلسطينية ممثلة بالعديد من الجهات يأتي على رأسها دائرة شؤون اللاجئين الفلسطينيين وحماس. كما أن توافق الذكرى 66 للنكبة مع العام (2014) الذي حددته الأمم المتحدة للتضامن مع الشعب الفلسطيني يضفي المزيد من الأهمية على هذا الحدث.

بداية المأساة

جاءت النكبة خطوة أولى في المخطط الصهيوني متعدد المراحل الذي بدأ مع وضع عراب الحركة الصهيونية تيودور هيرتزل كراسته التي حملت عنوان «الدولة اليهودية» سنة 1886، ثم عقد المؤتمر الصهيوني الأول في بال في السنة التالية، ثم صدور وعد بلفور ووقوع فلسطين تحت السيطرة البريطانية لمدة ثلاثة عقود فيما عرف بفترة الانتداب البريطاني حيث كان الهدف الأساسي للحكومة البريطانية تنفيذ وعد بلفور بفتح باب فلسطين للهجرة اليهودية على مصراعيه وتسهيل سيطرتهم على الأراضي الفلسطينية.

ويمكن الاستدلال على ملامح المخطط الصهيوني للاستيلاء على فلسطين وتحويلها إلى وطن قومي لليهود منذ نهاية القرن التاسع عشر، فقد كتب تيودور هيرتزل عام 1895 في مذكراته التي كشف عنها الغطاء كاملا عام 1960 - أي بعد 65 عاما من وفاته - أن الدولة اليهودية تعني في مفهومه وخططه احتلال الأرض والاستيلاء على الممتلكات الخاصة وطرد السكان الحاليين إلى الدول العربية المجاورة، على أن يتم تنفيذ هذه الخطة بهدوء وسرية. ولم يكن هيرتزل ليجرؤ على التصريح بذلك علنا في ذلك الوقت. وكان يؤمن بأن "إسرائيل” ستكون قاعدة للثقافة الأوروبية في آسيا، وأن اليهود سيحضرون معهم النظام والنظافة والثقافة الراقية إلى المنطقة. وكان يدرك أيضًا في ذلك الوقت مدى المعاناة التي سيلقاها الفلسطينيون من جراء التطهير العرقي الذي سيواجهونه والذي أظهرت الوثائق الصهيونية أنه واقع لا محالة (وهو ما حدث بالفعل من خلال المذابح الصهيونية عام 1948 التي أرغمت الأهالي على الهجرة).

ووضع هيرتزل الأدوات الرئيسة لتحقيق المخطط أو المشروع الصهيوني (جمعية يهودية للإعداد السياسي والعلمي - وكالة يهودية للتنفيذ العملي - و»براءة» من الدول الكبرى أو من إحداها للمضي قدمًا في المشروع.

وسرعان ما بدأ التنفيذ العملي للمشروع بإنشاء مؤسسات شراء الأراضي وبناء المستوطنات جنبًا إلى جنب مع إنشاء المؤسسات العسكرية لحماية المهاجرين الجدد.

وبالرغم من أن الهجرة الصهيونية الأولى إلى فلسطين حدثت مع بداية العقد الثامن من القرن التاسع عشر تحت اسم (بيلو) على إثر موجة اضطهاد اليهود التي تعرضوا إليها في روسيا إثر محاولتهم اغتيال قيصرها اسكندر الثاني، فيما عرف بمذبحة كتشنيف، أي قبل ظهور كتاب هيرتزل وعقد مؤتمر بال، حيث أسس أولئك المهاجرون ثلاث مستوطنات (ريشون لتسيون- زخرون يعقوب (زمارين) - وزروش بينا)، إلا أن تلك المستوطنات كانت تفتقر إلى الدعم الاقتصادي والأمني. ورغم إنشاء المزيد من المستوطنات الأخرى في تلك الفترة، خاصة في السهول الساحلية، إلا أن حركة الاستيطان المنظم لم تبدأ إلا بعد أن بدأت المؤسسات الصهيونية - وفي مقدمتها الصندوق القومي اليهودي والوكالة اليهودية- تعمل بشكل رسمي في فلسطين. ورغم أن الباب العالي كان يحظر شراء اليهود الأراضي في فلسطين ويمنع الاستيطان، إلا أن الأموال اليهودية استطاعت إلغاء هذا الحظرمن خلال الرشاوى التي كانوا يقدمونها لكبار الموظفين العثمانيين. لكن يمكن القول دون أدنى مواربة إن وعد بلفور الصادر عام 1917 شكل محطة رئيسة في تاريخ الاستيطان الصهيوني في فلسطين. كما أنه أمكن ملاحظة أن الأموال والخبرات الصناعية اليهودية بدأت تتدفق على فلسطين منذ بداية الانتداب. وبعد أن كانت رؤوس الأموال العربية عام 1928 تمتلك 65 % من المؤسسات الصناعية، انخفضت هذه النسبة إلى 29 % سنة 1939 لصالح الصناعة اليهودية المدعمة. وشملت الصناعة اليهودية 80 فرعًا مختلفًا، في حين اقتصرت الصناعة الفلسطينية على 19 فرعًا فقط. وفي غضون تلك الفترة نشطت الصهيونية في إنشاء المعاهد والمؤسسات التعليمية والصناعية مثل معهد وايزمان (1934).

ذاكرة حية

لعل الحقيقة الأكبر في قضية اللاجئين التي لا سبيل إلى إنكارها أو تجاهلها هي بطلان المقولة الصهيونية :»الكبار يموتون والصغار ينسون» . فصحيح الكبار يموتون لكن الصغار يتمسكون أكثر بفلسطين وقدسها وثراها ويحتفظون بإرث الآباء والأجداد: كواشين ملكية أراضيهم ومفاتيح دورهم التي طرد منها الآباء والأجداد قبل 66 عامًا، ولا ينسون حكايات الآباء وروايات الأجداد عن الأرض والدار والبيارة والبحر والجبل والوادي والبيدر ومواسم الحصاد، والكروم وأشجار الزيتون والبرتقال، وأغاني الثورة وعرس الشهيد. وهم يؤمنون منذ نعومة أظفارهم بحتمية العودة مهما طال الزمان.

والحقيقة تقول: إن كل المحاولات والحروب والجرائم الإسرائيلية طوال تلك الحقبة لم تلغِ وجود الشعب الفلسطيني وتراثه وعاداته وتقاليده وأغانيه ورقصاته الشعبية التي نقلها معه إلى المنافي، ولم تثنه عن المطالبة بحقه في العودة إلى الوطن. كما أن محاولة الصهاينة محو فلسطين من الخارطة الدولية لم تجد فتيلًا لأن خريطة فلسطين التاريخية مرسومة في قلب وضمير وذاكرة كافة أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة وداخل الخط الأخضر وفي المنافي.

والحقيقة تقول أيضًا: إن اللاجئين الذين أجبروا على النزوح من ديارهم عام 1948 بالقوة الغاشمة تضاعفت أعدادهم ثماني مرات، وهم الذين أوقدوا شعلة المقاومة في المخيمات الفلسطينية وفجروا الثورات والانتفاضات الفلسطينية هم وإخوانهم أهالي الضفة والقطاع وعرب 48 وجعلوا القضية الفلسطينية حية في الضمير العالمي رغم المحاولات الصهيونية لطمسها وتغييبها عن مسرح السياسة الدولية بشتى الوسائل.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن البراميل المتفجرة التي يستخدمها النظام السوري ضد شعبه تعتبر اختراعًا صهيونيًا استخدمه الصهاينة في حرب 48 ضد الشعب الفلسطيني، وهو ما أثبته الصحفي البريطاني المخضرم دافيد هيرست عبر مقال عثر عليه كتبه أحد ضباط الجيش الإسرائيلي لمجلة البحرية الأمريكية تطرق فيه إلى أحد أنجح الأسلحة التي استخدمها الصهاينة في حرب 48 وهي قنابل البراميل المتفجرة (ديمبيبلي، الفلسطينيون، ص69).

ولعل مذبحة دير ياسين تقدم أكبر شهادة على أسلوب المذابح ومنهج الإبادة الجماعية الذي اتبعته العصابات الصهيونية ضد الفلسطينيين لإجبارهم على النزوح من ديارهم. ومن حسن الحظ أنه جرى توثيق تلك المذبحة من قبل شاهد عيان لتشكل تلك المذبحة وثيقة دامغة للإرهاب الصهيوني ضد المدنيين الأبرياء الذي مارسته "إسرائيل” خلال تلك الحرب. يقول جوناثان ديمبيبلي في كتابه «الفلسطينيون»ص79 (النسخة الإنجليزية): وصل مندوب الصليب الأحمر الدولي في فلسطين جاك دي رينيه إلى القرية الصغيرة دير ياسين التي تقع على مقربة من القدس، حيث قوبل بمفرزة من أعضاء منظمة الأرجون الذين كانوا جميعهم من صغار الشباب من الجنسين، وبعضهم لم يكن ليتجاوز فترة المراهقة، وكانوا مسلحين حتى الأسنان بالمسدسات والبنادق الأوتوماتيكية والقنابل اليدوية، ويقبضون بأيديهم على خناجر ما تزال تقطر منها الدماء. وقد شاهد دي رينيه فتاة منهم تطل من عينيها النظرات الإجرامية، وقد أقبلت نحوه لتريه خنجرها الذي كانت تختال به والدماء ما تزال رطبة عليه، وأخذت تلوح به متباهية بالنصر. وقد استطاع المسيو رينيه أن يهرب حيًا بتقريره الرسمي عن المذبحة في ذلك اليوم (9/4/1948)، وكان ذلك من حسن حظه. ولخص الجناة جريمتهم الشنعاء للمسيو دي رينيه ببرود شديد بأنهم كانوا مشغولين طيلة الوقت في عملية إبادة سكان هذه القرية. وفي تجوله في أحد منازل القرية لمعاينة آثار الجريمة وجد بعض الجثث الباردة، بحيث يمكن الاستدلال على أن الضحايا قتلوا برصاص البنادق الأوتوماتيكية، ثم ألقيت عليهم القنابل اليدوية، وتم الإجهاز عليهم والتمثيل بجثثهم باستخدام السكاكين والخناجر. إن أي إنسان يمكنه أن يكتشف ذلك بسهولة. ويضيف دي رينيه:

وفي القرية المجاورة تكرر أمامي نفس المشهد .. وعندما كنت على وشك الانصراف سمعت صوتًا يشبه الأنين .. ونظرت حولي وبحثت بين الجثث لعلي أعثر على مصدر هذا الأنين. وفجأة وجدت قدمًا صغيرة لا تزال دافئة، ووجدت أنها لطفلة في حوالى العاشرة من عمرها أصيبت بقنبلة يدوية مما أدى إلى تهتك جسدها ..لكنها كانت ما تزال فيها بقية من حياة. وفي كل مكان من القرية كانت تتكرر أمامي نفس هذه المشاهد المرعبة. وعلى الرغم من أن 250 ضحية بين رجل وامرأة وطفل جزروا حتى الموت في تلك المذبحة الرهيبة، فإن الناجين القلائل من سكان القرية الذين سارعوا لإبلاغ السلطات البريطانية بما حدث وما شاهدوه، كانوا يعانون من الهستيريا بفعل الصدمة والحزن العميق. ويختتم دي رينيه تقريره بالقول: لقد صفت عائلات بكامل أفرادها كل على حدة، ليطلق أفراد العصابات الصهيونية النار عليهم كأنهم يتدربون على إصابة الهدف. ولقد اغتصبت الفتيات القاصرات، وذبحت أم حامل وشق قاتلها بطنها بسكين الجزار، فسارعت فتاة من أهل القرية نحو الجثة المبقورة محاولة نزع الجنين من بطن الضحية، لكن المجرمون عاجلوها بعدة أعيرة نارية أردتها قتيلة. وكان بعض أفراد العصابات الصهيونية يذبحون ضحاياهم ثم يقطعون جثثهم إربًا بالخناجر الحادة «.

وقد سجلت السلطات البريطانية كل هذه الجرائم، ولاحظ مساعد المفتش العام ريتشارد كتلنج تفصيلات أدق من ذلك مثل قطع أيادي وأصابع الضحايا، وشرم أذانهم لانتزاع الأساور والخواتم والأقراط الذهبية منها.

النكبة والمؤرخون الجدد

المؤرخون الإسرائيليون الجدد هم مجموعة من المؤرخين اتبعت منهجًا جديدًا في التأريخ لأحداث النكبة بشكل خاص وللنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي بشكل عام، وذلك من خلال دحض الرواية الرسمية الإسرائيلية لتلك الأحداث. ويأتي على رأسهم بني موريس الذي يعتبر أول من تعرض لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين من خلال رؤية مغايرة للرؤية الإسرائيلية الرسمية، وذلك عبر كتابه (قيام دولة "إسرائيل” وظهور مشكلة اللاجئين الفلسطينيين). وقد اشتهر العديد من المؤرخين الذين ينتمون إلى هذه المجموعة مثل-أرييه يتسحاقي-توم سيكاف-آفي شليم-إيلان بابي-شلومو ساند وغيرهم.

ويوضح أحد أولئك المؤرخين، وهو المؤرخ العسكري أرييه يتسحاقي أن القوات اليهودية ارتكبت نحو10 مذابح رئيسة في عام 1948-1949 خلال الهجوم العسكري للعصابات الصهيونية حيث سقط في كل مذبحة أكثر من خمسين ضحية، إضافة إلى حدوث حوالى مئة مذبحة على مستوى أصغر لأفراد أو «مجموعات صغيرة».

ووفقًا ليتسحاقي، كان لهذه المذابح (الكبيرة والصغيرة) أثرًا مدمرًا على السكان الفلسطينيين في كل قرية تقريبًا، كما عجلت تلك المذابح بحدوث الهجرة العربية عام 1948 . وتعتبر مذبحة دير ياسين مثالًا لهذه المذابح، كما يعتبر طرد سكان اللد والرملة بقوة السلاح في 12-13/5/1948 مثالًا للترانسفير الذي مارسته العصابات الصهيونية ضد الفلسطينيين في إطار ما يمكن تسميته بأحداث النكبة. وقد استمرت هذه السياسة حتى الآن، وهو ما نراه رؤية العين في القدس الشرقية.

ويتطرق جوناثان ديمبيبلي في كتابه «الفلسطينيون» إلى رواية يتسحاقي حول المجازر الصهيونية بقوله ص88-89 :»استخدمت العصابات الصهيونية عدة وسائل لطرد السكان الفلسطينيين. وفي الأشهر الأولى من الحرب نفذت عصابتي الهاجاناه والبالماخ عشرات المذابح ضد أهالي القرى الفلسطينية من خلال مداهمة القرية أولًا، ثم نسف أكبر عدد ممكن من المنازل، حيث يتم في خضم تلك العمليات قتل العديد من الشيوخ والنساء والأطفال، خاصة إذا كان هناك مقاومة .

حق العودة

لأن اللاجئين الفلسطينيين هم أصحاب الأرض الشرعيون وسكانها الأصليون، فمن الطبيعي أن يتمسكوا بحق العودة إلى تلك الأرض، وأن يرفضوا مشروعات التوطين والوطن البديل على الرغم من المعاناة والمجازر والإرهاب والعنصرية والتدمير والتجويع والحصار الذي تمارسه دول الاحتلال ضدهم منذ 66 عامًا.

ويعتبر حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وتعويضهم عن الخسائر والأضرار التي لحقت بهم وبممتلكاتهم وفق ما نص عليه القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 11/12/ 1947 حق شخصي وأساسي وطبيعي لا يسقط بالتقادم ولا تجوز فيه - كما يقول خبير القانون الدولي د.حنا عيسى- الإنابة أو التنازل، لأنه نابع من حرمة الملكية الخاصة وحق المواطن في وطنه، ولأنه أيضًا حق جماعي انطلاقًا من حق الشعوب في تقرير مصيرها. وتقع مسؤولية تنفيذه على عاتق الأمم المتحدة، وهي مسؤولية وثيقة الارتباط ليس بالقرار 194 فقط، وإنما أيضًا بالقرارات الأخرى ذات الصلة، وفي مقدمتها القراران 181 وقرار مجلس الأمن 237 لسنة 1967 الذي يدعو "إسرائيل” إلى تسهيل عودة الموجة الثانية من اللاجئين الفلسطينيين نتيجة حرب يونيو /حزيران 1967.

كما أن قرارات الشرعية الدولية حول فلسطين لها صفة إلزامية تجاه "إسرائيل” أكثر من أي دولة أخرى في العالم، لأن قيام دولة "إسرائيل” - كما هو معروف- استند على قرار التقسيم 181 لسنة 1947 وتعهدها بعد تأسيسها بتنفيذ القرار إلى جانب القرار 194، وبالتالي فإنها ملزمة أكثر من غيرها من الدول في تنفيذ قرارات الأمم المتحدة.

حق العودة للاجئين الفلسطينيين وأبنائهم وأحفادهم ممن ولدوا في المنافي وتعويضهم عن أملاكهم ومعاناتهم، ليس فقط باعتباره حقًا قانونيًا أكده القرار 194، وإنما أيضًا كحالة معنوية وأخلاقية تفرض نفسها بقوة ولا يمكن التغاضي عنها من قبل المجتمع الدولي.

وينبغي التوقف عند القرار 194 نظرًا لأهميته بما يشكله من آلية الحل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، فهو ينص وكما يذكر الباحث في العلاقات الدولية م. نهاد الخطيب صراحة في مادته الحادية عشرة على وجوب سماح الجمعية العامة للأمم المتحدة « بالعودة في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر عندما يكون من الواجب وفقًا لمبادئ القانون الدولي أن يعوض عن ذلك الفقدان من الضرر من قبل الحكومات والسلطات المسؤولة». وفي المادة اللاحقة يشير القرار إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة «تصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق لتسهيل إعادة اللاجئين وتوطينهم من جديد وإعادة تأهيلهم الاقتصادي والاجتماعي وكذلك دفع التعويضات وبالمحافظة على الاتصال الوثيق بمدير إغاثة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين ومن خلاله بالهيئات والوكالات المتخصصة المناسبة في منظمة الأمم المتحدة». وهو ما يعني بكل الوضوح أنه يقع على عاتق الجمعية العامة للأمم المتحدة إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين ودفع تعويضات عن الأضرار لمن يريد العودة، والتنفيذ الفوري للعودة والتعويض وعدم ربطة بالاتفاق على حل نهائي للمسألة الفلسطينية.

تجدر الإشارة هنا أن "إسرائيل” تعتبر أكثر دول العالم التي صدرت ضدها قرارات عن الأمم المتحدة بسبب انتهاكاتها المتواصلة لحقوق الشعب الفلسطيني وللمعاهدات والمواثيق والأعراف الدولية. ويكفي القول بهذا الصدد إنه من بين 175 قرارًا صادر عن مجلس الأمن الدولي حتى العام 1990، كان هناك 97 قرارًا ضد إسرائيل، وإنه من بين 690 قرارًا صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تم التصويت عليها حتى ذلك العام كان هناك 429 قرارًا ضدها.

ورغم ما تشكله قضية حق العودة من أهمية بالنسبة للشعب الفلسطيني باعتبارها أحد المحاور الرئيسة في جوهر الصراع الراهن، إلا إنها تجد تجاهلًا وتعتيمًا متعمدًا من قبل الإعلام الغربي، ولا تجد أدنى اهتمام في الأخبار والتحليلات الأمريكية.

مؤشرات هامة

طبقًا لجهاز الإحصاء الفلسطيني سيتساوى عدد السكان الفلسطينيين واليهود مع نهاية عام 2016، حيث سيبلغ ما يقارب 6.4 مليون، وذلك فيما لو بقيت معدلات النمو السائدة حاليًا. وستصبح نسبة السكان اليهود حوالى 48.9 % من السكان بحلول نهاية عام 2020، حيث سيصل عددهم إلى نحو 6.9 مليون يهودي؛ مقابل 7.2 مليون فلسطيني.

وتبيّن المعطيات الإحصائية أن نسبة اللاجئين بين الفلسطينيين تصل ما يزيد عن نصف عدد الفلسطينيين بالعالم بقليل؛ فحسب سجلات وكالة الغوث في الأول من كانون الثاني عام 2013: بلغ عدد اللاجئين في الأردن وسوريا ولبنان والأراضي الفلسطينية حوالى 5.3 مليون لاجئ فلسطيني مسجل، يتوزعون بواقع 40 % في الأردن، و10% في سوريا، و9 % في لبنان، وفي الضفة الغربية 17%، وقطاع غزة 24 %، يعيش حوالى ثلثهم في 59 مخيمًا، تتوزع بواقع 10 مخيمات في الأردن، و10 في سوريا، و12 مخيمًا في لبنان و19 مخيمًا في الضفة الغربية، و8 مخيمات في قطاع غزة.

المصدر: المدينة