السلطة تحتضر لكنها لن تموت
غزة - مها شهوان
في ظل انسداد افق التسوية وتواصل الازمة المالية التي تعصف بالسلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس ولا سيما في السنوات الأخيرة فإن هناك مؤشرات تؤكد انها في حالة احتضار ولم يتبق لها سوى لفظ أنفاسها الأخيرة لتعلن انهيارها على خطى الأنظمة العربية التي سقطت.
وتعاني السلطة أزمة سياسية ومالية حرمتها دفع رواتب موظفيها بشكل كامل، فقد هدد رئيسها محمود عباس بحلها وإعادة إدارة الضفة إلى (إسرائيل) إذا استمر الجمود في عملية السلام وبناء المستوطنات.
خبراء سياسيون اكدوا أن السلطة تعيش حالة احتضار سياسي ومالي لكن المجتمع الدولي والامريكي لن يسمح بانهيارها من أجل حماية (إسرائيل).
وتعتمد اكثر من 180 الف عائلة فلسطينية على رواتب السلطة وسيعني انهيارها فقدان هذه العائلات مصدر رزقها الوحيد.
صعوبات اقتصادية
استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاسلامية هاني البسوس ذكر أن السلطة تمر في ضائقة مالية وسياسية وتعاني من التعاطي مع القضايا المحلية والدولية، مستبعدا إقدام أبو مازن على حل السلطة.
ولفت إلى أن التهديد بحلها يستهدف الضغط على المجتمع الدولي لدعمها.
واتفق المحلل السياسي سميح حمودة مع البسوس في ان السلطة تعاني من مشكلات وصعوبات اقتصادية وسياسية، متوقعا بقاء الأوضاع كما هي لحين تشكيل حكومة (إسرائيلية) جديدة.
اما الخبير السياسي د. صالح عبد الجواد فاكد ان المفاوضات اوصلت السلطة إلى آفاق سياسية مسدودة.
وفي ظل المعطيات السياسية والمالية التي تودي بالسلطة الى الهاوية فتوقع عبد الجواد عدم انهيارها في الوقت الحالي حيث سيعمل المجتمع الدولي والامريكي والعربي على دعمها بطريقة ما لإنعاشها.
ووافق البسوس سابقه، لافتا إلى أن الاشكالية الحقيقية لدى السلطة هي التوجهات السياسية العامة وامكانية اندلاع انتفاضة ثالثة.
وأوضح أن السلطة في حالة ضعف ولن تستطيع ايقاف الشعب عن محاولاته تفجير انتفاضة ثالثة كون الاجواء مهيأة في ظل توتر علاقتها مع الاحتلال وبالتالي ستصبح في موقف محرج، مشيرا إلى أن رام الله في مأزق حقيقي وعليها العودة للفصائل الفلسطينية والمقاومة.
واستبعد انهيار السلطة لسببين أولهما أن وجودها أصبح حاجة فلسطينية ماسة لوجود الاف العائلات المستفيدة من السلطة، والثاني لأن بقاءها يعتبر مصلحة للاحتلال مما قد يدفع الاخير لتحمل اعباء السلطة السياسية والمالية من اجل أن تبقى لحمايته.
في حين يقول الخبير السياسي حمودة أن السلطة ليست معرضة نهائيا للانهيار لوجود اطراف عديدة تريد بقاءها، مبينا أن الأزمات التي تتعرض لها طارئة ويمكن حلها لاسيما من الجهات المعنية.
المصلحة (الإسرائيلية)
وفي سؤال طرحته "الرسالة" حول المطلوب من السلطة للمحافظة على مكانتها خشية انهيارها
اعتبر حمودة أن المطلوب منها هو القيام بمساع لحل الأزمة المالية، مشيرا الى أن المال العربي لن يأتي دون الحصول على الموافقة الامريكية، ومنوها الى ان السلطة ستحاول الاستفادة من وضعها الدولي وستسعى للحل الدبلوماسي من اجل تعزيز مكانتها في العالم.
اما البسوس فأجاب ردا على نفس السؤال:" عليها بتطبيق اتفاق المصالحة والتأكيد على الوحدة الوطنية والعودة للأمة العربية والفلسطينية والتحلل من اتفاقيات السلام، بالإضافة إلى الابتعاد عن الدول المانحة التي تعطي بتبعات سياسية"، متابعا : صحيح ان السلطة ستصاب بضائقة مالية ولكنها ستتجاوزها بعد ثلاث سنوات وستقدم ما عليها من واجبات وخير مثال حكومة غزة.
وفي حال انهارت السلطة فإن السيناريو المتوقع حدوثه سيكون انتفاضة شعبية كما ذكر البسوس، إلى جانب عودة (إسرائيل) لتطبيق نظام الحاكم العسكري الذي كان موجودا قبل مجيء السلطة حيث سيجري التنسيق معهم بما يخدم المصلحة (الإسرائيلية).
لكن المحلل عبد الجواد يرى انه لا توجد مقومات لوجود مقاومة مسلحة كون الوضع الجيوسياسي لا يسمح بذلك"، مضيفا : الوضع في المنطقة العربية مضطرب لذا سيعمل الجميع على امداد السلطة بالأكسجين لإنعاشها.
بينما اعتبر حمودة انهيار السلطة ليس في صالح الفلسطينيين، حيث ستعم الفوضى التي لا يتقبلها اي مجتمع، منوها الى أن بقاء السلطة افضل من انهيارها كي لا يكون مصيرها كحركة حماس في الضفة التي تتعرض الى ضربات من السلطة و(إسرائيل) في الوقت الذي تتواجد فيه قوى سياسية اخرى وجودها ضعيفا.
يذكر أنها ليست المرة الأولى التي يطلق فيها عباس تهديدات بحل السلطة، لكن وضع السلطة تراجع بشكل خطير في الآونة الأخيرة بسبب أزمة مالية غير مسبوقة اتسع نطاقها بعد أن علقت (إسرائيل) تحويل الرسوم الضريبية التي تجبيها باسم السلطة.