الصليب الأحمر:
إعمار غزة «صفر» والمؤسسات الدولية لا تقدم
المطلوب
الإثنين، 13 تموز، 2015
قالت اللجنة الدولية للصليب
الأحمر إن "الجمود" الحاصل في إعادة إعمار قطاع غزة عقب العدوان الإسرائيلي
الأخير صيف عام 2014 يشكل "صفر كبير"، لكنها رفضت الإشارة مباشرةً إلى تورط
"إسرائيل" بذلك.
وقال رئيس بعثة الصليب الأحمر
"ممادو سو" خلال حوار مُطوَل مع وكالة "صفا" في الذكرى السنوية
الأولى للعدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، إن الوضع الإنساني في القطاع يشهد تدهورًا
مستمرًا، منتقدا أن الكثير من المنظمات الدولية الإغاثية لا تُقدم خدماتها بالشكل المطلوب.
وأكد سو في أول مقابلة مع
وسيلة إعلام محلية له منذ توليه منصبه، أن الصليب الأحمر ليست بصدد تقليص خدماتها على
الإطلاق، مشددا على أن "تقليص العمليات والميزانيات الخاصة بمنظمات دولية أخرى
من شأنه أن يُثقل كاهلنا".
وقال معقبا على الأوضاع
في غزة "حينما يسألني أحدهم عن حالة الإعمار في غزة فإنني أجيب عادةً بـالصفر
الكبير، فهو يُمثل الواقع الحقيقي لتلك العملية الجامدة".
وأضاف "هذا الصفر يرمز
إلى عدد المنازل التي أعيد بناؤها (بعد العدوان)، والذي خلًف آلاف الضحايا التي تنتظر
مصيرها".
ولم يُشِر رئيس البعثة خلال
الحوار إلى تورط "إسرائيل" بشكلٍ مباشر في تعطيل عملية الإعمار؛ إلا أنه
وصفها بـ"السلطات المعنية".
وقال بهذا الصدد "أنا
هنا لن ألقي باللوم على طرفٍ مُحدد، لكن على (إسرائيل) الالتزام بواجباتها أيضًا باعتبار
أن غزة لا زالت تحت احتلال".
"وضع إنساني
متدهور"
وذكر "سو" أن
العديد من القطاعات الحيوية والبنية التحتية في منطقة سكانية شديدة الازدحام مثل غزة
كانت على حافة الانهيار قبل العدوان لتجيء حربًا استمرت لـ51 يومًا لتضاعف التدهور
الحاصل أصلاً في تلك القطاعات.
وأضاف أن البطؤ الشديد لعملية
إعادة الإعمار خلَف توقفًا تامًا في توفر فرص العمل للعديد من القطاعات المهنية التي
يعتمد عليها سكان غزة في إنعاش حياتهم.
وأكد رئيس البعثة الدولية
في غزة أن السكان هنا بحاجة ماسة إلى الأمل والحياة ومنحهم الفرصة للعيش في حياةٍ كريمة،
قائلاً إن الفلسطينيين يتمتعون بقدرٍ كبير من الإنتاج طالما مُنحوا الفرصة لإثبات نجاحاتهم".
وأشار إلى أن الحرب التي
شهدتها غزة أثرت بشكلٍ بالغ على المواطنين الذين باتوا أكثر فقرًا وأقل قدرةً على التأقلم
مع حياتهم اليومية واحتياجاتهم المعيشية.
"اتهامات
وأخطاء"
وأقرَ "سو" بحدوث
"أخطاء" و"صدق اتهامات" حُسبت على الصليب الأحمر خلال فترة العدوان،
قائلاً إن "الخطأ وقع خلال العمليات العسكرية وهو ما قلل من سقف التوقعات الإنسانية
التي انتظرها أهالي غزة من الصليب الأحمر".
وتمثلت الاتهامات آنذاك
بـ"تجاهل نداءات الاستغاثة" المتمثلة في "المكالمات الهاتفية والنداءات"
من المواطنين في حيي الشجاعية والزنة شرق القطاع اللذان قصفتهما قوات الاحتلال بعشرات
القذائف المدفعية ما أدى لاستشهاد وإصابة العشرات.
وأوضح أن منطقة صغيرة كقطاع
غزة تعرضت لهجمات هائلة من الأرض والبحر والجو، قائلا: إن ما حدث من خطأ وقع أثناء
سقوط الصواريخ على تلك المناطق، فحتى نحن فقدنا زميلين خلال العمل".
وأضاف "أن الخطأُ في
ذلك الحين من شأنه أن يعلمنا درسًا؛ فقد تعلمنا من كل يوم مرَ علينا من أيام الحرب
وأجرينا تقييمًا لتجنب ما حدث مجددًا".
وذكر رئيس البعثة الدولية
أن من ضمن المهام التي وُصم فيها الصليب الأحمر بالفشل هي "أننا لم نخرج لوسائل
الأعلام"، فقد أدنَا الكثير من الخروقات التي حدثت في ذلك الوقت، وأذكر جيدًا
أن رئيس اللجنة الدولية قال بكل حزم "أوقفوا الحرب".
"فقدان
التعاطف"
وفي هذا الصدد، يقول
"سو" إن القضية الفلسطينية عمومًا وغزة على وجه الخصوص لطالما كانت في قلب
الاهتمام العالمي، لكنها لم تعد كذلك في المشهد السياسي العالمي الحالي.
وأوضح أن ما يحدث في دول
الجوار كاليمن وسوريا والعراق وليبيا أثر بشكل بالغ على التعاطف مع الفلسطينيين.
وقال: "غزة تستحوذ
على الاهتمام العالمي طوال فترة وقوعها تحت النار؛ إلا أن ذلك يتلاشى فور وقف إطلاق
النار أو حتى إزاحة عدسات المصورين عما يحدث من تدهور للوضع هناك".
"واجب مصري"
وفي سياق الحوار أشار المسئول
الدولي إلى الدور المصري المتمثل أخلاقيًا وبحكم الجوار الجغرافي في جعل عملية الإعمار
تمر بسلاسة أكبر "من خلال ضرورة منح تسهيلات لصالح عملية الإعمار، بالإضافة إلى
المجتمع الدولي الذي يتوجب عليه أيضًا الإيفاء بالتزاماته لصالح تلك العملية البالغة
الأهمية".
وأوضح أن السلطات المصرية
أو الفلسطينية أو الإسرائيلية يتخذون قرارات وفقًا لأمنهم وسيادتهم الدولية. وقال:
"إننا نطلعهم على الحالة الحقيقية على الأرض عبر تقرير يتم إشراكهم فيه بشكلٍ
غير علني، عدا عن المسائل القانونية والسياسية المتعلقة بآلية معبر رفح والتي تقع خارج
إطار عمل الصليب الأحمر".
"الأسرى
والمفقودين"
وفي سياق الحديث عن الأسرى
والمفقودين، أكد " سو" أن عائلات من الفلسطينيين في غزة والإسرائيليين تقدمت
للجنة للحصول على معلومات عن أبنائهم المفقودين، بعيد انتهاء الحرب الماضية.
وحول دور لجنته في ملف مفقودي
عدوان 2014، قال: "نعم لدينا دور، وهذا من روح عمل الصليب الأحمر، وقد تسلمنا
طلبات من عائلات فلسطينية وإسرائيلية لتوفير معلومات حول أبنائهم المفقودين في كلا
الجانبين".
وتابع قائلاً: "ما
أود إرساله من رسالة للعائلات من الجانبين أننا نفعل كل ما في وسعنا لراحة بالهم وللحصول
على معلومات عن أبنائهم لكننا لا نستطيع التحدث أكثر من هذا حول هذا الملف نتيجة لحساسيته".
وحول تقييم الوضع الإنساني
العام للأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال، أكد مدير البعثة الدولية أن "الحوار
غير العلني" بخصوصهم هو سيد الموقف دائمًا مع السلطات الإسرائيلية.
ولفت إلى أن اللجنة الدولية
تتابع أوضاع الأسرى على شكل حالاتٍ فردية، وأنها تعقب ذلك بالخروج للعلن "لو تطلب
الأمر".
وفيما يتعلق بالإهمال الطبي
الذي يتعرض له الأسرى في سجون الاحتلال، أكد "سو" أن طبيب الصليب الأحمر
الذي يزور الأسرى المرضى لا يقدم العلاج، باعتبار أن تلك المهمة تقع على عاتق سلطات
الاحتلال.
ولفت إلى أن مطالبة الصليب
الأحمر سابقًا لتوضيح ظروف أسر الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط" لم تكن تستوجب
بالضرورة استيضاحًا آخرًا حول أسير فلسطيني؛ معللاً ذلك بأنه لن يكون عدلاً وسيكون
خلطًا للعمل، "من منطلق أن العمل يكون بناءً على متابعة حالات فردية".
المصدر: وكالة صفا