القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 13 كانون الأول 2024

تقارير إخبارية

العمال الفلسطينيون في لبنان: واقع صعب بين الأزمة الاقتصادية والحرمان القانوني


الخميس 02 أيار 2024

يحيي العالم في الأول من أيار/ مايو من كل عام، يوم العمال العالمي، الذي يشكل مناسبة للاجئين الفلسطينيين لتذكر نكبتهم الحقوقية، ومعاناة عمالهم في لبنان، وهو أحد أكثر بلدان اللجوء احتواءً للاجئين الفلسطينيين عددياً، وأكثر بلدان اللجوء قضماً لحقوقهم المدنية، ما خلّف عليهم ظروفاً مأساوية، خصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة والمزمنة التي تعصف بلبنان منذ عام 2019، والاستمرار في حرمانهم القانوني من حقوقهم المدنية والاجتماعية.

يوجد في لبنان 12 مخيماً للاجئين الفلسطينيين، ووفقاً لإحصاءات وكالة "أونروا"، حيث بلغ العدد الإجمالي للاجئين الفلسطينيين المسجلين لديها في لبنان 489,292 لاجئاً، يعانون ظروفاً اقتصادية واجتماعية صعبة للغاية، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة والاكتظاظ السكاني وضيق المساحة، فضلاً عن وجود أمراض مزمنة وحرمان من معظم الحقوق.

تأثير الأزمة الاقتصادية على العمال الفلسطينيين في لبنان لا يقتصر فقط على الفقر والبطالة، بل يمتد إلى تدابير منعهم من ممارسة عدد من المهن، حيث يمنع القانون اللبناني 73 مهنة عن اللاجئين الفلسطينيين، ما يجعلهم يعملون في مهن بسيطة، ويعانون قلة الفرص الوظيفية.

وفقًا لوكالة "أونروا"، فإن الأزمة الاقتصادية في لبنان زادت نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر من اللاجئين الفلسطينيين إلى نحو 90 %.

ويعيش العمال الفلسطينيون في لبنان ظروفاً قاسية، حيث يجدون أنفسهم يعملون لساعات طويلة بأجور زهيدة، ويواجهون صعوبات في تحديد أسعار السلع بالعملة المحلية المنخفضة قيمتها.

ومن خلال رصد آراء لعمال فلسطينيين من مختلف القطاعات، نجد أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة تؤثر إلى حد بعيد على جميع العمال الفلسطينيين في لبنان، حيث يعانون من انخفاض الرواتب، وقلة الفرص الوظيفية، والحرمانهم من حقوق العمل والضمان الاجتماعي.

العامل الفلسطيني في لبنان تحول إلى ماكنة تعمل من أجل قوت اليوم

المدير التنفيذي لجمعية التأهيل المجتمعي أحمد داوود علّق لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، قائلاً: إن يوم العمال العالمي يجب أن يكون فرصة لصون حقوق العمال واحترام جهودهم، وتقدير العامل من خلال احترام ساعات عمله وتكريس حقوقه.

ويردف داوود واصفاً حال اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وعمالهم في ظل الأزمة: "نحن نعيش أزمة خانقة جداً، أزمة اقتصادية لم يعشها لبنان من قبل، ولكنها كانت الأقسى والأصعب على العامل الذي استوطنت وعاشت فيه، إذ حولت الأزمة الاقتصادية العامل إلى ماكنة تعمل يومياً ليستطيع تأمين قوت يومه، فلم يعد لديه أفق بسبب غلاء الأسعار وانخفاض الأجور".

ويضيف داوود متوجهاً إلى الحكومة اللبنانية، بأنّ العمالة الفلسطينية لا تأخذ من درب اللبناني، فهي تساعد في الاقتصاد لأن العامل الفلسطيني، لا يعمل لكي يستثمر أمواله في الخارج، بل يعمل ليكرس أمواله في عجلة الاقتصاد اللبناني.

لا يحصل العمال الفلسطينيون في لبنان على ضمان صحي وتأمين لنهاية الخدمة

مهن عديدة يتخرج منها لاجئون فلسطينيون، ولا يستطيعون الحصول على عمل، نظراً لإدراجها ضمن المهن الممنوعة، ومنها مهنة التمريض.

يقول مدير مستوصف العناية الطبي في مخيم البداوي شمالي لبنان صبحي ياسين: إنّ الكثير من الطلاب تخرجوا من مدرسة التمريض، ولكنهم لم يجدوا وظيفة، لأن الوظائف في لبنان أصبحت قليلة، إضافة إلى قلة المستشفيات التي توظف الفلسطيني، والمخيمات مهما استوعبت مراكزها من ممرضين، إلا أنه يبقى عدد كبير لا يجدون وظائف، هؤلاء يجب أن ينظر إليهم بعين الاهتمام من خلال تأمين فرص العمل، وضمان حقوقهم وتعويض نهاية الخدمة، إضافة إلى تأمين الضمان الصحي لهم".

أمّا "عبد الشولي" وهو ممرض متطوع في مستشفى صفد التابع للهلال الأحمر الفلسطيني، يشير إلى صعوبة الحصول على فرص عمل للفلسطينيين في لبنان، خصوصاً في المهن التي تتطلب تأمين حقوق العمال وتعويض نهاية الخدمة والضمان الصحي.

ويضيف الشولي، أن العديد من الطلاب الفلسطينيين يتخرجون من مدارس التمريض، ولا يجدون وظائف بسبب قلة الفرص الوظيفية وقلة المستشفيات التي توظفهم.

وفي ظل تزايد الضغوطات الاقتصادية في لبنان، يتجلى واقع العمال الفلسطينيين في ظروف مأساوية تتراوح بين البطالة والأجور المتدنية وقلة فرص العمل.

ويشير عامل في مؤسسة "آلكون" لتصنيع الألمنيوم الستانلس إلى الضغوطات التي يواجهها، حيث أن ارتفاع سعر الدولار أثر بشكل كبير على دخله، ما يجعله مضطراً للعمل لساعات إضافية لتأمين قوت يومه ودعم عائلته.

كما يشتكي العامل الفلسطيني، من عدم حصوله على حقوق العمل، وتقليل الأجور بشكل كبير منذ بداية الأزمة الاقتصادية.

وفقاً لعامل آخر في المؤسسة نفسها، قال: إنّه كان يتقاضى مبلغ 25 ألف ليرة لبنانية بدل عمل يومي قبل الأزمة اللبنانية، وكانت تعادل ما قيمته 18 دولاراً، ولكن الآن لا يتجاوز دخله الـ 10 دولارات يومياً، وأشار إلى أن العمال الجدد لا يحصلون على أكثر من 20 دولاراً في الأسبوع.

أجور زهيدة واتهامات لأصحاب العمل باستغلال العمال

حتى عامل البناء الفلسطيني في لبنان، يشتكي أيضاً من الأجور المتدنية وعدم استقرار العمل، حيث يعمل بشكل يومي، ولكن يواجه تقلبات كبيرة في الأجر، ويعاني عدم كفاية مدخوله لتلبية احتياجاته الأساسية.

وأشار أحد عمال البناء، لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، أنّ أجره لا يتعدى الـ 12 دولاراً أميركياً في الأسبوع ولا تكفيه هذه الأجرة لشراء جرة غاز لبيته، مؤكداً "استغلال أصحاب العمل للاجئين الفلسطينيين"، بحسب وصفه.

وكذلك الأمر مع عامل الدهان وليد سليمان، الذي قال لموقنا: إنّه "قبل عام 2019 وبداية الأزمة الاقتصادية كان العمل جيد نسبة ما، كنت أعمل بشكل يومي إلى حد ما، ومع بداية الأزمة الاقتصادية أثرت كثيرًا على عملي في الدهان".

ولفت سليمان إلى أنه في السابق عندما كان يحصل لقاء عمله على مبلغ 200 ألف ليرة لبنانية كانت تكفيه تقريباً لنصف شهر، أما الآن فحصوله على 10 مليون ليرة لبنانية خلال أسبوع لقاء عمله وتعبه لا تكفيه بسبب غلاء السلع.

وفيما يتعلق بالعمال الحاصلين على تعليم عالي، فإن الأوضاع لا تختلف كثيراً، حيث تجد خريجة علم النفس اللاجئة رهام حسن، مثلاً – كغيرها من آلاف الخريجين الفلسطينيين-صعوبة في العثور على عمل في تخصصها، ما يدفعها إلى الاعتماد على مشاريع مؤقتة لتوفير لقمة العيش، حسبما قالت لبوابة اللاجئين الفلسطينيين.

أمّا الشاب رامي الحديري، فاضطر إلى ترك وظيفته في شركة لبنانية لإنشاء مشروع خاص، وهو واقع الكثير من العمال الذين يجدون في ريادة الأعمال فرصة لزيادة دخلهم، لكن حتى هذه الفرص تتضاءل بسبب تدهور الو ضع الاقتصادي.

ولفت حيدري، إلى أنه في السابق عندما كان يعمل في الشركة كان يحصل على راتب شهري حوالي ألف دولار أميركي، إلا أنه الآن لا يحصل على أكثر من 300 دولار أميركي في مشروعه.

ويطالب العمال الفلسطينيون في لبنان بتوفير فرص عمل وتحسين الظروف المعيشية، وضمان حقوقهم الوظيفية والاجتماعية، لكي يتمكنوا من العيش بكرامة وتوفير لقمة العيش لأسرهم في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يواجهونها.