القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

الفلسطينيون بين نعي حل الدولتين وإقامة فلسطين في "أرخبيل" في الضفة

الفلسطينيون بين نعي حل الدولتين وإقامة فلسطين في "أرخبيل" في الضفة

الإثنين، 28 كانونالثاني، 2013

تظهر الصور الجوية الحديثة للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 أن المستوطنات المنتشرة فيها والممتدة شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً أنه لم يبق منها سوى «أرخبيل» من التجمعات السكانية المتناثرة وغير المتصلة التي لا يمكن جمعها في دولة واحدة.

وتسيطر السلطة الفلسطينية التي اعترفت بها الأمم المتحدة أخيراً دولة مراقبة في الجمعية العامة، على 40 في المئة من مساحة الضفة البالغة مساحتها الكلية أقل من ستة آلاف كيلومتر مربع فقط، بينما تسيطر إسرائيل على 60 في المئة منها، بما فيها القدس الشرقية.

واتبعت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، منذ احتلال هذه الأراضي عام 1967، سياسة استيطانية تقوم على إغراقها بالمستوطنات على نحو تصعب معه إقامة دولة فلسطينية مترابطة فيها ذات يوم. وسرعت حكومة بنيامين نتانياهو اليمينية البناء والتوسع الاستيطاني بصورة غير مسبوقة في الأعوام الأربعة الأخيرة من حكمها بهدف إنهاء حل الدولتين، وهو ما يجعل الكثيرين يتوقعون من حكومة جديدة بقيادة نتانياهو أن تواصل في السنوات الأربع المقبلة ما بدأته الحكومة السابقة.

وقال الخبير في شؤون الاستيطان الدكتور جاد اسحق إن حكومة نتانياهو قامت العام الماضي وحده ببناء 14 ألف وحدة استيطانية جديدة، ما يعني إسكان 60 ألف مستوطن جديد، بعد استكمال هذه المباني، إلى جانب 650 ألف مستوطن سابق في الضفة. وأضاف أن عدد المستوطنين ارتفع في السنوات الأربع الأخيرة من حكم نتانياهو بـ 120 ألف مستوطن جديد.

وأقرت حكومة نتانياهو بناء نحو 15 ألف وحدة استيطانية جديدة بعد تصويت الأمم المتحدة على الاعتراف بدولة فلسطين في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وتركزت هذه الوحدات في مستوطنات حول مدينة القدس الشرقية بهدف عزلها بصورة تامة عن الضفة. وتضمنت هذه الخطط بناء مستوطنة جديدة شرقي مدينة القدس تسمى «أي - 1» تربط المدينة مع المدينة الاستيطانية «معاليه أدوميم» التي تمتد إلى مشارف البحر الميت شرقاً، وتقطع وسط الدولة الفلسطينية، وتنهي التواصل بين شطريها الشمالي والجنوبي.

وواصلت حكومة نتانياهو البناء في قلب الضفة في السنوات الأربع الماضية، إلى جانب القدس، بهدف ملء المناطق الفارغة التي تشكل أفق توسع التجمعات السكانية في الدولة الفلسطينية. وتبين خرائط معهد البحوث التطبيقية الذي يديره اسحق أن الـ 40 من مساحة الضفة الواقعة تحت إدارة السلطة هي تجمعات سكانية مكتظة يعيش فيها 2.6 مليون فلسطيني، وأن الـ 60 في المئة التي تسيطر عليها إسرائيل هي المساحة التي تجعل من إقامة الدولة ممكنة. وقال اسحق: «المساحة التي تسيطر عليها إسرائيل، وتبني فيها المستوطنات، تضم مقومات الدولة الفلسطينية المستقبلية، ففيها 78 في المئة من المحميات الطبيعية، و90 في المئة من الأحراش، و48 من آبار المياه، ونحو 50 في المئة من الطرق». وأقامت إسرائيل 179 مستوطنة و243 بؤرة استيطانية تتوسع تدريجاً وتتحول إلى مستوطنات كبيرة.

وقال عضو الوفد الفلسطيني المفاوض الدكتور محمد اشتية إن حزب «ليكود» الذي يعكف على تشكيل الحكومة الجديدة لا يؤمن بحل الدولتين، وإنما بما يسميه «وحدة أرض إسرائيل الكاملة»، ما يعني أنه سيواصل العمل في السنوات المقبلة لإنهاء حل الدولتين. وأضاف: «منذ مقتل رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق رابين إلى اليوم وهم (ليكود) يعملون على قتل حل الدولتين».

وأضاف: «إسرائيل أقامت على الأرض بنية تحتية للفصل العنصري وليس لإقامة دولة فلسطينية، فالطرق أقيمت في اتجاه شرق - غرب وليس شمال - جنوب بهدف ربط المستوطنات مع إسرائيل غرباً».

وكشف اشتية للمرة الأولى أن رئيس الوفد الإسرائيلي المفاوض اسحق مولخو أبلغ الوفد الفلسطيني في مفاوضات عمان الاستكشافية العام الماضي، أن الحدود بين الدولتين يجب أن تقوم على أساس التوزيع الديموغرافي، وأحواض المياه، والمناطق الأثرية، والطرق التي تربط المستوطنات مع بعضها، وتربطها مع إسرائيل. وقال اشتية: «عملياً تصبح الضفة 11 بقعة غير متصلة».

واقترحت الحكومة الإسرائيلية على السلطة العام الماضي إقامة دولة فلسطينية ذات حدود موقتة على مساحة تساوي 55 في الضفة، لكن القيادة الفلسطينية رفضت هذا الاقتراح بسبب عدم توقف الاستيطان، إلى جانب خشيتها من تحوله إلى حل دائم تضم فيه إسرائيل عملياً 45 في المئة في مساحة الضفة، بما فيها القدس الشرقية.

ويتوقع المراقبون أن تواصل الحكومة الإسرائيلية الجديدة الاستيطان حتى لو ضمت عدداً من أحزاب الوسط، مثل حزب «يوجد مستقبل» الذي يؤمن ببقاء القدس موحدة عاصمة لدولة إسرائيل. وقال اشتية: «إذا تواصل الاستيطان بهذه الوتيرة في عهد الحكومة الإسرائيلية الجديدة، فإننا نعلن من هذا اليوم وفاة حل الدولتين والانزلاق إلى واقع دولة التمييز العنصري».

المصدر: الحياة، لندن - محمد يونس