الفلسطينيون يستعدون لإحياء
الذكرى الـ37 ليوم الأرض
العودة / ضحى أبو زنط
تصادف الخامس عشر من شهر آذار
من كل عام، مناسبةٌ وطنية بامتياز لدى الفلسطينيين، ولا سيما أولئك الذين يعيشون تحت
وطأة العنصرية الصهيونية داخل فلسطين المحتلة عام 48. إنها ذكرى يوم الأرض.
الفعاليات والاحتفالات والندوات
في معظم التجمعات الفلسطينية في الشتات وداخل فلسطين المحتلة عام 48، إضافة إلى إحيائها
في الضفة وقطاع غزة على حد سواء، حيث تعد تلك الذكرى صفحة بارزة في تاريخ نضال الفلسطينيين،
إذ أعلنوا فيها تمسكهم بأرض آبائهم وأجدادهم، وبهويتهم وحقهم في الدفاع عن وجودهم،
رغم ما يتعرضون له من قمع وإرهاب وتمييز عنصري وعمليات متتالية لاغتصاب الأراضي وهدم
القرى وحرمان أي فرصة للتعبير أو التنظيم، بالإضافة إلى عمليات القتل والإرهاب والتنكيل
التي كانت وما زالت تمارسها السلطات الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني بهدف إبعاده عن
أرضه ووطنه.
و تعود أحداث يوم الأرض إلى
عام 1976، بعدما صادرت السّلطات الإسرائيلية آلاف الدونمات من أراضٍ ذات أغلبية سكانية
فلسطينية مطلقة، وخاصة في الجليل وعرابة وسخنين ودير حنا، وهي القرى التي يطلق عليها
اليوم (مثلث يوم الأرض)، وذلك في نطاق مخطّط تهويد الجليل. فأعلن فل سطينيو 1948، أو
من يسمَّون فلسطينيي الداخل، الإضراب ممثَّلين بلجنة الدفاع عن الأراضي العربية. بعد
الدعوة إلى إعلان الإضراب، سعت سلطات الاحتلال إلى إفشاله، لما يحمله من دلالات تتعلق
بسلوك الأقلية العربية كأقلية قومية حيال قضية وطنية ومدنية من الدرجة الأولى، ألا
وهي قضية الأرض.
وقد عقدت حكومة الاحتلال اجتماعاً
قررت فيه تعزيز قوات الشرطة في القرى والمدن العربية للردّ على الإضراب والتظاهرات،
وحذرت قيادة الهستدروت العمال وهددتهم باتخاذ إجراءات انتقامية ضدهم، وقرر أرباب العمل
في اجتماع لهم في حيفا طرد العمال العر ب من عملهم في حال مشاركتهم بالإضراب.
إلا أن هذه المحاولات والخطط
لإفشال الإضراب باءت بالفشل، وأعلن الإضراب ونُظِّمت مسيرات في المدن العربية في الجليل، ومنطقة المثلث والنقب رداً على إعلان الحكومة
خطة لمصادرة آلاف الدونمات، ونُظّمت تظاهرات عديدة في القرى وال مدن العربية متحدّية
لأوّل مرّة بعد احتلال فلسطين عام 1948 السّلطات الإسرائيليّة. وإثر ذلك، كان للقوات
الإسرائيلية أن ردت رداً قاسياً تجاه هذا التحرك، حيث دخلت بالدبابات والمجنزرات إلى
القرى الفلسطينية، وأعادت احتلالها، فكانت حصيلة الصدامات استشهاد 6 أشخاص، 4 بين صفوف
المدنيين العزل منهم قتلوا برصاص الجيش، واثنان برصاص الشرطة، هم: خير ياسين من عرابة،
ورجا أبو ريا من سخنين، وخضر خلايلة من سخنين، ورأفت الزهيري من نور شمس، وحسن طه من
كفركنا، وخديجة شواهنة من سخنين، وأصيب واعتقل المئات خلال تلك الاشتباكات.
ورغم مطالبة الجماهير العربية
السلطات الإسرائيلية بتأليف لجنة للتحقيق في قيام الجيش والشرطة بقتل مواطنين عُزَّل
يحملون الجنسية الإسرائيلية، إلا أن مطالبهم قوبلت بالرفض التام، بحجة أن الجيش واجه
قوى معادية.
معركة الأرض لم تنته في الثلاثين
من آذار، بل هي مستمرة حت ى يومنا هذا؛ إذ شكلت الأرض، وما زالت، محور الصراع ومركز
قضيتنا، فإذا ما استطعنا الحفاظ على أرضنا ضمنّا بذلك معها بقاءنا أيضاً.
محاولات التهجير مستمرة
بدوره، أوضح مدير مركز القدس
للحقوق الاجتماعية والاقتصادية في القدس زياد الحموري، أنه من خلال متابعتهم للان تهاكات
الإسرائيلية في أراضي الـ67، فإن هذه الانتهاكات تسجل في المركز كل يوم وفي ازدياد
مستمر، في ما يتعلق بالوضع الاقتصادي والسكن
وهدم البيوت ومصادرة الأراضي، فضلاً عن الاعتقالات غير المسبوقة، وخاصة في صفوف الأطفال،
وإن هذه الانتهاكات تأتي وفق خطة مدروسة ل تكثيف المعركة الديموقراطية بينهم وبين الفلسطينيين
ومحاولة الضغط عليهم بشتى الطرق.
يذكر أنه في عام 67 ضمّ الاحتلال
القدس إلى إسرائيل، وعدّها جزءاً لا يتجزأ منها، وفرض المحتلون قوانينهم وأنظمتهم وضرائبهم
على سكانها، وبقي المقدسيون يعَدّون مقيمين لا مواطنين، فليس لهم حقوق المواطن العادي،
لكنهم يلزمون بكل الواجبات باستثناء التجنيد الإجباري، ولا يحق لهم المشاركة في انتخابات
الكنيست، لكن بالمقابل يحق لهم المشاركة في الانتخابات البلدية لكنهم يرفضون ذلك لاعتبارات
سياسية.
وأشار إلى أنه في الأيام الأخيرة
اندلعت اشتبا كات كبيرة في سلوان والعيسوية، اعتُقل في أثنائها أطفال، وصل عددهم إلى
أكثر من 150 طفلاً، في محاولة لكسر المعنويات للفلسطينيين هناك، علماً بأنّ هناك اعتقل
طفل عمره لا يتجاوز عمره ثلاث عشر سنة، أكثر من 13 مرة، في كل مرة تتحجج سلطات الاحتلال
بحجج واهية مثل رشق الحجارة على سلطات الاحتلال وإغلاق الطرق في وجههم.
وقال الحموري إن دورهم كحقوقيين
يتمثل في نشر ممارسات سلطات الاحتلال بحق الفلسطينيين وفضحها، حتى يكون للعالم كله
علم بهذه الانتهاكات، بما فيه الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى التوجه إلى المحاكم الإسرائيلية،
وأضاف : "التوجه إلى المحاكم الإسرائيلية عادة لا يأتي بنتيجة، فهي لا تعطي قضايا
العرب أدنى اعتبار، ما أدى إلى تراكم الأطنان من الأوراق في هذه المحاكم دون النظر
إليها".
وناشد الحموري العالم العربي
والإسلامي ضرورة التدخل لوقف ما يجري من انتهاكات في القدس، وعدم الاك تفاء بدور المتفرج؛
فهناك دور كبير ملقى على أكتافهم للالتفات نحو القدس، وإلا فلن يبقى هناك قدس. كما
أنكر على المجتمع الدولي تجاهله لقضية القدس، على عكس متابعته واهتماماته بقضايا الانتهاكات
التي تجري في شتى بقاع الأرض.
وبمناسبة قرب مرور الذكرى
الـ37 ليوم الأ رض الفلسطيني دعا الحموري إلى عدم النظر إليه وكأنه ذكرى فقط، بل هو
واقع يعاني منه الفلسطينيين في عقر أرضهم، سواء في القدس أو أراضي الـ48 أو الضفة المحتلة.
ففي كل يوم تفقد أرض ويهدم منزل ويعتقل الشبان والأطفال، وبالتالي فهذا اليوم يعد بمثابة
إطار نحاول من خل اله إبراز الصورة الحقيقية للواقع المرير لما يجري على أرضنا والذي
يفرضه الاحتلال منذ زمن بعيد.
وأشار إلى أن هنالك تصميماً
ومحاولة للتحضير لهذا اليوم والتذكير بسقوط العديد من شهداء، أرواحهم كشمعات تذكر الناس
بأن الأرض عزيزة وأن الناس يفدونها بأرواحهم.
وكان ي وم الأرض أول هبة جماعية
للجماهير العربية، تصرفت فيها جماهيرنا بشكل جماعي ومنظم، حركها إحساسها بالخطر، ووجّهها
وعيها لسياسات المصادرة والاقتلاع في الجليل، خصوصاً في منطقة البطوف ومثلث يوم الأرض،
عرابة، دير حنا وسخنين، وفي المثلث والنقب ومحاولات اقتلاع أهلنا هناك ومصادرة أراضيهم.
في هذا اليوم، الذي يُعَدّ تحولاً مهماً في تاريخنا على أرضنا ووطننا.
المصدر: مجلة العودة،
العدد السادس والستون