«القوة الأمنية» في مخيم البرج الشمالي.. بين الأمل والتخوف (1/2)
خاص – لاجئ نت
فاطمة الحداد – برج الشمالي
تعود أسباب تشكيل القوة الأمنية إلى تراكمات كثيرة أدت إلى إيجاد هكذا قوة أمنية، فغياب القوة الرادعة يوجد بيئة خصبة للمشاكل ونموها. فبعد حل الكفاح المسلح أصبح لازماً إيجاد قوة جامعة للحفاظ على الأمن والسلامة العامة ضمن إطار جامع للقوى والأحزاب الفلسطينية.
الواقع الاجتماعي والاقتصادي يزيد الحاجة لجهة تضبط الأمن وتحافظ على الاستقرار، فضيق المساحة إلى جانب الزيادة السكانية تولد حالات ضغط يجري تفريغها عن طريق شجارات متعمدة في كثير من الأحيان. كما أن الوضع الاقتصادي المتردي وخصوصاً لدى الشباب يزيد من فرص نشوب نزاعات بينهم، فضلاً عن انحلال الأخلاق لبعض الشباب الذين يلجأون إلى الكحول والمخدرات، حسبما يرى محمود الجمعة «أبو وسيم» عضو التحرك الشعبي داخل مخيم البرج الشمالي.
كما أن زيادة الشجارات واللجوء إلى استخدام الآلات الحادة والسلاح، وخصوصاً بعد شجار رمضان الذي أدى إلى جرح ما يقارب 18 شخصاً بين خفيفة ومتوسطة، وبعد أن بقيت الأوضاع متوترة لمدة غير قليلة، وبعد أن تحول الشجار إلى شرخ عرقي داخل المخيم حتى بات البعض يحاول الابتعاد عن دخول حارات الطرف الآخر. هذا الشجار كان أبرز الأسباب التي دفعت للحديث عن تشكيل قوة رادعة جامعة فهي مطلب فصائلي وشعبي بحسب ما صرح المسؤول السياسي لحركة حماس في مخيم البرج الشمالي محمود طه.
دور القوة الأمنية وأهميتها
يبرز دور القوة الأمنية وفقاً لعدنان قاسم مسؤول اللجنة الأهلية، في الحفاظ على سلامة أرواح سكان المخيم، والممتلكات العامة والخاصة. وكذلك محاربة ظواهر الفساد التي باتت تنتشر وبوتيرة عالية، بالإضافة الى الدور المعنوي في الشعور بالأمان والاستقرار.
فيما تكمن أهمية وجود مثل هذه القوة داخل المخيم في الإصرار على بقائها وتطويرها لأنها تساهم في الحفاظ على الأمن الاجتماعي. وإيجاد جوّ من الراحة وسط سكان المخيم لأنها قوة جامعة للأطراف كافة. والحد من المشكلات المتزايدة بسبب الوضع المعيشي للاجئين داخل المخيم.
التشكيل والهيكلية
تشكلت القوة الأمنية في مخيم البرج الشمالي بعد حل الكفاح المسلح بقرار من السلطة الفلسطينية بثلاثة أشهر، لذلك تشكلت القوة الأمنية. بعد لقاء فصائل العمل الوطني والإسلامي والفعاليات في مخيم البرج الشمالي في 8 آب والذي كان أحد بنود اللقاء «العمل بشكل جدي وسريع لتشكيل قوة أمنية بمشاركة جميع الفصائل لحفظ الأمن الاجتماعي في المخيم».
ويقول الجمعة «أبو وسيم» إنهم كتحرك شعبي: بادرنا لدعوة الفصائل للقاء لتحمل مسؤولياتهم تجاه المخيم والشعب الفلسطيني بصفتهم الممثل للاجئين. قدمنا ورقة عمل تضم خطة وبرنامج عمل حول القوة الأمنية ولاقت الترحيب.
وتتشكل القوة الأمنية من بعض فصائل المنظمة وبعض فصائل التحالف وحركة فتح، فهي تضم 30 فرداً ما بين ضابط وعسكري من أفراد الأمن الوطني وفقاً للسيد عدنان قاسم مسؤول اللجنة الأهلية، غير أن معظم قوى التحالف تشارك كغطاء سياسي، وتدعم القوة الأمنية معنوياً وتشارك في حل معظم المشاكل التي تحصل في المخيم ولها دور مهم في المتابعات، وممكن أن يكون له دور في المستقبل بتغطية بعض حاجات القوة الأمنية، وفصائل قوى التحالف تشارك في اجتماعات لقاء الفصائل الدوري، وتأمين الغطاء السياسي اللازم لها.
مشاركة حركة حماس ضمن القوة الأمنية ليس بالأفراد، وإنما بالتنسيق ومتابعة حل المشاكل على الأرض لتسهيل عملها، وتعمل مع باقي فصائل التحالف كغطاء سياسي للقوة ومواكبة سير عملها ومشاركتها بحل المشاكل، كما أفادنا محمود طه المسؤول السياسي للحركة في مخيم البرج الشمالي. وأضاف أن الحركة تتواجد لحل النزاعات وهي مطلعة على ما يجري داخل المخيم من إشكالات وغيرها وطريقة حلها ضمن تنسيق تام مع القوة الأمنية.
صلاحياتها
فيما لا يزال الدعم المادي مقتصراً على فصائل المنظمة كون أفراد القوة الأمنية منها. فإن صلاحيات القوة الأمنية ستكون محدودة داخل المخيم، وهي كما قال قاسم: معالجة المشكلات الأمنية داخل المخيم بما لا يخالف أنظمة وقوانين الساحة اللبنانية، وحبس المذنب 48 ساعة كحد أقصى، لجهة تأديب الفرد في الإشكالات البسيطة، وتسليم المطلوبين من المخيم للدولة اللبنانية بالتوافق مع الفصائل والفعاليات.
أما ما يخص شرعيتها فقد كان أفراد الكفاح المسلح مطالبين بتسليم أنفسهم للجيش اللبناني إذا استخدموا سلطتهم، لذلك تسعى القوة الأمنية اليوم لأخذ غطاء سياسي من قبل الدولة والأحزاب اللبنانية في الجنوب لتتمكن من القيام بواجبها، فاستقرار المخيمات ضمان لاستقرار جواره.
أعطت القوة الأمنية، يردف قاسم، نموذجاً من العدالة والمساواة بعد رفع جميع الفصائل الغطاء عن المخالفين، وأوجدت رادعاً نفسياً لدى الناس، وبذلك خفت المشكلات. وشكلت مرجعية للناس لفض الخلافات العائلية والفردية. وتساهم في إلقاء القبض على من يرتكب جرماً وتنسق مع القوى الأمنية اللبنانية وتنفذ التبليغات وتطبقها.
غير أن الخلاف السياسي لا يزال أحد معوقات تسارُع تشكيل القوة الأمنية بالشكل النهائي، فهي تتطور بشكل بسيط وبطيء بسبب الانقسام السياسي الحاصل، غير أن الجميع متفائلون من هذه الخطوة التي يمكن أن تساهم في تماسك البيت الفلسطيني حيث يمثل قرار تشكيل القوة الأمنية ميثاق شرف تلتزم به كافة الأطراف الفلسطينية.
في الحلقة الثانية:
كيف ينظر أهل المخيم إلى مشروع القوة الأمنية؟