القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

اللاجئون.. ستة عقود ونصف من الانتظار المؤلم ولا يزالون يحلمون بالعودة يوماً ما

اللاجئون.. ستة عقود ونصف من الانتظار المؤلم ولا يزالون يحلمون بالعودة يوماً ما


غزة- سيد إسماعيل

عندما خرجوا من القرى والمدن الفلسطينية عام 1948 كانوا يعتقدون بأن المسألة لن تتجاوز "بضعة أيام"، ظانين بأن الجيوش العربية ستقوم بطرد العصابات الصهيونية إلى خارج فلسطين، إلا أن "هذه الأيام" تحولت إلى "عقود" متواصلة من العذاب والانتظار الطويل. وبعد خمسة وستين عاماً من تهجيرهم، تحاول العديد من الأطراف تصفية قضيتهم لإدراكهم بأنها "الركن الأساسي" في القضية الفلسطينية، حيث إن أحد المعلقين على القضية الفلسطينية قال: "لولا قضية اللاجئين، لما كانت قضية فلسطين حية بهذا القدر".

محللان سياسيان استطلعت "فلسطين" آراءهما يؤكدان هنا على أنه لا يوجد حل عادل حتى هذه اللحظة لقضية اللاجئين، وأن الأمر المشرق الوحيد في كافة معطيات هذه الأزمة الصعبة أن اللاجئين لا يزالون متمسكين بحقهم في العودة برغم كل شيء. فيما يؤكد أحدهما بأن حل هذه القضية لن يتم إلا من خلال تحقيق أمرين: الأول هو تشكيل قيادة فلسطينية تتولى قيادة الشعب الفلسطيني وكافة فئاته وأفراده، أما الآخر فهو القيام بثورة فلسطينية شاملة طويلة الأمد، يتم التخطيط والإعداد لها بشكل ممتاز كي تؤتي ثمارها.

"لب قضية فلسطين"

"إن قضية اللاجئين هي "لب" القضية الفلسطينية، مما يعني أن حدوث أي تنازلات عن حق العودة، أو "التواطؤ" والوصول إلى تسويات لا تتضمن إنهاء معاناتهم لن ينهي الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، بل على العكس تماماً: ستزيدها تأججاً واشتعالاً.."، بهذه الكلمات بدأ المختص في الشئون الفلسطينية، طلال عوكل حديثه لـ"فلسطين".

ويتابع بالقول: "إن العديد من الأطراف العربية والدولية بل وحتى داخل القيادة الفلسطينية ذاتها تحاول تصفية هذه القضية من خلال طرح "أشباه حلول"، على غرار السماح للاجئين بالعودة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة فقط، أو تقديم تعويضات لهم. لكن ما لا تدركه كل هذه الأطراف بأن اللاجئين على الرغم من مرور 65 عاماً لا يزالون متمسكين بحق العودة، حتى لو مر عشرة أضعاف هذه المدة، وحصلوا خلالها على عشر جنسيات مختلفة فلن يقبلوا بغير فلسطين وطناً".

إن الكوارث التي تعرض لها اللاجئون الفلسطينيون بشكل عام في الدول العربية – كما يقول عوكل- تعكس حالة الأمة العربية من التفكك والضعف والذل والصراع المستعر بالمنطقة.

ويضيف: "لقد دفع اللاجئون الفلسطينيون بالأردن الثمن عام 1970 خلال المواجهات التي جرت بين المقاومة الفلسطينية والجيش الأردني، كما دفع نظراؤهم الثمن خلال الحرب الأهلية اللبنانية واجتياح لبنان من قبل (إسرائيل)، ثم دفع الفلسطينيون بالكويت ثمناً باهظاً خلال اجتياح الجيش العراقي لها، وكذلك بالأراضي العراقية مع احتلالها عبر الغزو الأمريكي عام 2003، وأخيراً في سوريا التي قتل فيها حتى الآن 1500 لاجئ فلسطيني، فيما تشرد الباقون في مختلف بقاع الأرض طلباً للأمن والأمان".

ويتمم عوكل قائلاً: "إن ما يتم القيام به من تنكيل ضد اللاجئين الفلسطينيين ليس اعتباطياً، بل هو أمر مخطط له بهدف إبقائهم بشكل مستمر تحت حالة ضغط هائل وفي ظروف عصيبة كي يقبلوا بأي حل يقدم لهم: التوطين بالدول العربية على سبيل المثال، أو ترحيلهم إلى دول بعيدة عن دول الطوق العربية كما حدث مع فلسطينيي العراق الذين تم إرسال قسم منهم إلى البرازيل. هؤلاء تتحمل القيادة الفلسطينية بشكل مباشر مسئوليتهم لأنها لم تقم بما يجب لحمياتهم كي يستمروا في صمودهم".

شرطان لنيل "حق العودة"

يقول الكاتب والمحلل السياسي، ياسر الزعاترة: "لا يوجد حل قريب لمشكلة اللاجئين، وأن من يعتقد بأن إمكانية نيل حق العودة للاجئين من القرى والمدن التي هجروا منها ممكنة من خلال المفاوضات وعملية التسوية القائمة حالياً فهو واهم".

وتابع بالقول لـ"فلسطين": "لا يوجد تسويات عادلة تلوح في الأفق لحل هذه المعضلة المزمنة – أي قضية اللاجئين الفلسطينيين- كما أن الشرعية الدولية وحدها لا تكفي كي ننال حقوقنا. ينبغي أن نقولها بشكل واضح وعلني لجميع الأطراف: لا بد من حركة مقاومة وطنية شاملة تقوم بكافة أشكال النضال من أجل دحر الاحتلال عن كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة".

وينوه الزعاترة إلى غياب وجود قيادة فلسطينية واعية وقوية تقود الشعب الفلسطيني بكامله عبر معركة شاملة طويلة الأمد إلى الانتصار على الاحتلال، وتحقيق حلم العودة لملايين اللاجئين الفلسطينيين الموزعين على قارات العالم الست.

ويبين أن السلطة الفلسطينية قد عجزت عن إيجاد حل لهذه القضية مع الجانب الإسرائيلي الذي تتفق جميع أطرافه من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار على رفض عودة اللاجئين إلى الأراضي المحتلة عام 1948.

ويواصل الزعاترة: "من خلال ما تسرب من الوثائق السرية للمفاوضات مع السلطة الفلسطينية، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت وافق على عودة 10 آلاف لاجئ فقط إلى الأراضي المحتلة عام 48، من أصل 10 ملايين لاجئ! أما رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة، ووزيرة العدل الحالية، تسيبي ليفني قالت بأن ما قاله أولمرت هو رأيه الشخصي وأن عدد من سيعود من اللاجئين هو "صفر"! مما يعني حرفياً أن حل هذه القضية لن يأتِ أبداً بالتسوية" .

ويكمل الكاتب والمحلل السياسي بالقول:"إن الحديث عن عودة اللاجئين في ظل الظروف الراهنة مستحيل عملياً، ما لم يحدث متغيران رئيسان: وجود قيادة فلسطينية قوية قادرة على النهوض بالشعب الفلسطيني، أما الشرط الثاني فهو الإعداد لثورة شاملة بشكل منظم تماماً، تكون على مستوى كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة، لتستمر على المدى البعيد. بغير حدوث هذين المتغيرين فإنني أستطيع الجزم بأن حق العودة لن يتحقق أبداً للاجئين الفلسطينيين..".

فلسطين أون لاين