القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأحد 24 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

المخيمات الفلسطينية في لبنان..كيف حال "رمضانها"؟!

المخيمات الفلسطينية في لبنان..كيف حال "رمضانها"؟!
 

الأحد، 28 آب، 2011

في المخيم الضيقة أزقته، يكون الليل شديد الظلمة، فقناديل الشوارع الخافتة بالكاد تُظهر ما تحتها، وأضواء المنازل التي تُغطيها الستائر والشبابيك محجوبة حدَّ الاختفاء..والأصوات التي تطرقُ صمتَ الليل نادرة، حتى إذا اقتربت الثانية فجراً، يضيء الشارع "مُباغتا" القطط التي "تسرحُ" في ظلامه، وتُصبح الأصوات أقوى، ويخترق "أذن الليل" صوتٌ مع وقعِ الطبل بلحنٍ محبب يقول: " يا مؤمنين بالله، يا موحدين لله قوموا كفاية نوم..هي الحياة كم يوم!! بالصلاة والصوم يرضى علينا الله.. يا مؤمنين بالله، يا صايمين رمضان... باب السما مفتوح لطالب الغفران، وربنا في علاه قريب من اللي دعاه"..

"قوموا كفاية نوم"

"البص" أحد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، يحتفظ رغم أنف التغيير بعاداته الرمضانية الخاصة، حتى وإن صارت العادات "فكرة" تواكب التطور، فالمسحراتي موجود ولكنه لم يعد شخصًا، بل أصبحوا مجموعة، ورسائل التهنئة والمشاعر الطيبة بين الناس موجودة، حتى وإن كانت تختزل برسائل الجوال بدلاً من الطرق المباشرة، كذلك عادة تبادل الأطباق هي ذاتها على الرغم من أن الأطباق أصبحت أصغر وما فيها هو طعام "غريب" عن أبناء المخيم، فبالعادة يكون واحداً من أطباق "الشيف" رمزي!.

أحد أبناء عائلة الشرقاوي الفلسطينية، يعمل مدرسا للغة العربية وهو من مخيم البص في لبنان، ويُدعى أدهم، حيث شرحَ لـ"فلسطين" في "حوارٍ شيق" بعض العادات الرمضانية في مخيمه، والمخيمات المجاورة، التي تتشابه فيها الأحداث حدّ التطابق.

وقال: "ليلة ثبوت الهلال تزدان المخيمات بالفوانيس الورقية، ويُهنئ الجميع بعضهم، ويتزاور الجيران، وإن عجزوا عن الزيارات يتبادلون رسائل الجوال، خاصة فئة الشباب كحال أي مواطن عربي عادي".

ما يشتاق له اللاجئ الفلسطيني في رمضان، طعامه و"اللمّة" التي تصاحبه إذ وصفَ الشرقاوي ذلكَ قائلاً: " الطبق الرئيسي لأغلب اللاجئين في لبنان هو الفتوش والشوربة والبطاطا المقلية، ناهيك عن الأطباق التي تتفنّن النساء في صنعها، فرادى أو جماعات"، متابعاً: "عزائم الشهر بين العائلات والجيران هي أشد ما يميز المخيم، ويؤكد على ارتباطه الأصيل بالقرى، إذ يجتمع ثلاثة أو أربعة جيران على مائدة واحدة عليها أصناف عديدة من الطعام أعدته نساء العائلات جميعا".

ولا تخفى عن المخيمات، حركة الأحزاب السياسية التي تدعو طوال الشهر لإفطارات جماعية، وغالبا تكون لمنتسبيها وبعض العائلات الفقيرة والمعوزة وفقَ الشرقاوي.

ما لا يمكن الإغفال عنه في المخيمات، هو بقاء مهنة المسحراتي، التي تجاوزت الفرد الواحد وصارَ ممتهنوها "جماعة" تبعا للشرقاوي الذي قال: "بعض الفرق الرياضية تأخذ على عاتقها مهمة إيقاظ الناس للسحور، فيحملون "الدربكّة" –الطبلة- ويجوبون الشوارع مرددين: "قوموا كفاية نوم..هي الحياة كم يوم"، بالإضافة إلى الأناشيد الدينية والمدائح النبوية، فيخرج الأطفال لمشاركتهم النشيد الذي يحفظونه عن ظهر قلب".

المساجد تفيض "مؤقتا"

وفي المخيمات الضيقة، تزدان المساجد بمصليها، خاصة في صلاتي العشاء والتراويح، إلا أنها للأسف تشتاق إليهم كلما أخذت أيام الشهر بالتراجع، وعن ذلك قال الشرقاوي: " في بداية الشهر تزدحم المساجد بالمصلين، ولكن مع نهايته لا يبقى فيها غيرَ من تعودت عليه قبلَ رمضان".

وأضاف: "في العشر الأواخر يقبل الناس على شراء ثياب العيد، وتلجأ العائلات إلى المحلات التجارية في المخيم، وهي عادة لا تعرض الكثير من المنتجات نظراً للأوضاع الاقتصادية السيئة للتجار والمشترين على حد سواء"، مستدركاً: "في المخيمات القريبة من المدن يشتري الناس ملابس العيد من أسواق المدينة التي تزخر بما تفتقر له المخيمات".

السابق ذكره عن فقر محلات المخيم، والمشترين يعود سببه إلى حرمان اللاجئ الفلسطيني من قرابة الثمانين وظيفة في لبنان، وما يترتب عليه من معدلات بطالة مرتفعة، وسوء أوضاع اقتصادية بالمقابل، خاصة وأنَّ بعض المؤسسات الخاصة توظف الفلسطيني الكفؤ لـ"تستغله"، بحيث يعمل بالراتب فقط، دون ضمان اجتماعي أو صحي أو تعويض نهاية الخدمة، تبعا للشرقاوي.

اللاجئون "قلوبهم" على بعض، إلا أن المؤسسات الخدماتية والاجتماعية يغيب دورها في رمضان، ومساعداتها "تنعدم" تبعًا للشرقاوي الذي أردف: "تقدم الأونروا مساعدات تعرف بالشئون، كحال أي مخيمٍ في فلسطين وخارجها، عدا ذلك لا تهتم المؤسسات الحكومية أو غيرها باللاجئ، وفي بعض الأوقات توزع الحركات الإسلامية اللحوم مرتين في السنة على المواطنين، مرة في شهر رمضان، لكن الأمر غير ثابت دائما".

الدكاكين الصغيرة في المخيمات، تنتشر بكثرة، وهي تستقطب الأطفال بعدَ الإفطار، كذلك فإن من أسوأ العادات على الإطلاق في المخيمات الفلسطينية بالمجمل والتي انتقدها الشرقاوي، هو انتشار "النرجيلة" أو ما تعرف بالشيشة، ويشربها أهل المخيمات في لبنان، شيوخاً ونساء وشباباً.

عدا ذلك، فرمضان المخيمات الفلسطينية في لبنان، تشتاق له العائلات كثيرا، ورغم ما يعانونه من تهميش فيه وفي "غيره" من الأشهر، إلا أن له وقعا طيبا عليهم.

المصدر: صحيفة فلسطين