المسجد الإبراهيمي..
الصلاة تحت الحراب
السبت، 04 تموز، 2015
يتحول المسجد الإبراهيمي
في مدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية، في شهر رمضان المبارك، إلى ثكنة عسكرية
"إسرائيلية"، وسط تزاحم آلاف الفلسطينيين المصلين بالمسجد الذي يحظى بقدسية
إسلامية، وتتهدده الأطماع "الإسرائيلية".
وتسيطر "إسرائيل"
على المسجد، وتقسمه إلى قسمين منذ العام 1994، الأول خاص بالمصلين المسلمين والآخر
لليهود، إلا أنها تقوم بفتح المسجد بشقيه أيام الجمعة من شهر رمضان أمام المصلين المسلمين.
وفي صلاة الجمعة تعجّ أروقة
المسجد وممراته وساحات، بالمصلين، الذين قدموا للصلاة فيه من مختلف محافظات الضفة الغربية
المحتلة، وسط إجراءات أمنية "إسرائيلية" مشددة.
يقول المصلي مهند أبو نعمة
(37 عاما)، بينما كان يعتزم دخول المسجد برفقة أطفاله الصغار، "المسجد الإبراهيمي
يعني لي كل شيء، أشد الرحال للصلاة فيه، برفقة أبنائي، أشرح لهم قيمته وقدسيته، وحقنا
فيه".
ويضيف "وجودنا هنا
تأكيد على إسلامية المسجد"، لافتا إلى أن "المستوطنين اليهود ودولتهم يسعون
إلى السيطرة الكاملة عليه".
حواجز صهيونية
ويضطر المصلي حتى يصل المسجد
الإبراهيمي إلى قطع حواجز عسكرية وبوابات إلكترونية ونقاط تفتيش، وتنتشر في أروقته
ومحاريبه وممراته كاميرات مراقبة على مدار اليوم.
ويقع المسجد في البلدة القديمة
من الخليل التي تقع تحت السيطرة "الإسرائيلية"، ويسكنها (البلدة القديمة)
نحو 400 مستوطن يحرسهم 1500 جندي "إسرائيلي".
ويتكئ محمد الزعتري (65
عاما)، على جدار في أحد أروقة المسجد، ويقول لوكالة "الأناضول"، "نحن
هنا في مسجد جد الأنبياء، سيدنا إبراهيم عليه السلام؛ حيث ضريحه وضريح عدد آخر من الأنبياء
وزوجاتهم، كلهم مسلمون، وهذا المسجد إسلامي لا حق فيه لليهود".
ويضيف "أتواجد في المسجد
بشكل شبه يومي؛ دعما لقدسيته وحفاظا عليه من محاولات التهويد الإسرائيلية".
من جهتها؛ تعبر "أم
محمود أبو حديد" عن حزنها، من "الحالة التي وصل إليها المسجد الإبراهيمي
جراء الممارسات الإسرائيلية، وتقسيمه وتدنيسه".
وتقول لـ"الأناضول"
"المسجد الإبراهيمي يحتاج إلى عُمّار على مدار العام، لمواجهة التقسيم الإسرائيلي،
يحتاج إلى جهد كل مسلم وكل مسؤول، لإعماره بالمصلين، والضغط على الاحتلال لإعادة ما
سلبوه من المسجد".
ومنذ 32 عامًا والسيدة
"أبو حديد" من رواد المسجد، ومنذ 24 عامًا تعقد دورات تحفيظ للقرآن في المسجد
للفتيات، وتناشد، في حديثها للأناضول، الفلسطينيين "لدعم المسجد بوجودكم، بحسكم،
وصوتكم، لإعادته كاملا للمسلمين".
تاريخ المسجد
ويعدّ المسجد الإبراهيمي
"رابع أقدم مسجد على الأرض، بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى،
ويعد من أكناف بين المقدس، ويتسع لنحو 12 ألف مصلٍّ عندما يفتح بكافة أجزائه"،
حسب مدير المسجد الإبراهيمي الشيخ منذر أبو هيلات.
ويدحض أبو هيلات، في حديثه
للأناضول، الادعاءات بوجود أحقية للإسرائيليين في المسجد، قائلا "لا دليل لديهم
على أي تاريخ وقدسية لهم في المسجد، هذه ادعاءات فقط، وهم يسيطرون عليه بقوة السلاح،
هم يعلمون أنه إسلامي".
وتسيطر "إسرائيل"
على المسجد وتشطره إلى قسمين؛ الأول خاص بالمسلمين بمساحة 45%، وقسم خاص باليهود بمساحة
55%، ويتم فتحه أمام المسلمين بشقيه 10 أيام في العام فقط، وينسب اسم المسجد إلى النبي
إبراهيم الخليل عليه السلام.
وفي المسجد قبور وأضرحة
للنبي إبراهيم، وللأنبياء إسحاق ويعقوب ويوسف (عليهم السلام)، وعدد من زوجاتهم.
وبحسب دراسات؛ فإن البناء
القديم في المسجد يعود إلى زمن النبي إبراهيم عليه السلام، قبل نحو 4 آلاف عام، فيما
قام الملك "هيرودس" عام 20 قبل الميلاد، بإقامة السور فوق بناء المسجد القديم،
وهو المتواجد حتى اليوم، وحول المبنى إلى كنيسة مسيحية في الزمن الروماني والبيزنطي،
وفي عام 15 للهجرة حوّل المسلمون البناء إلى مسجد.
وطوال العهدين الأموي والعباسي،
ظل مسجدًا إسلاميًّا، حتى حولته "الحروب الصليبية" إلى كاتدرائية لمدة تسعين
عامًا، ثم حرره صلاح الدين الأيوبي سنة 587 للهجرة.
وفي 25 فبراير/شباط
1994، الموافق 15 رمضان 1415 للهجرة، هاجم المستوطن "الإسرائيلي" باروخ غولدشتاين
المصلين في المسجد، وأطلق عليهم النار وهم يؤدون صلاة الفجر، ما تسبب باستشهاد 29 مصليا
وإصابة 15 آخرين، ومنذ ذلك الحين قامت السلطات "الإسرائيلية" بتقسيم المسجد
بين المسلمين واليهود.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام