القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 29 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

المقدسي أبو خالد صامد في الأقصى مع كاميرته الفورية

المقدسي أبو خالد صامد في الأقصى مع كاميرته الفورية


الأربعاء، 22 نيسان، 2015

يتخذُ مكاناً يجلسُ فيه منذ أكثر من 30 سنة في إحدى زوايا المسجد الأقصى المبارك، يحمل آلة التصوير الفوري الخاصة به، ويجلس على كرسيّه، ويراقب المصلين من بعيد، يذهب للصلاة كلما سمع الأذان ثم يعود إلى زاويته المميزة فهي معروفة بأنها مكان العم "أبو خالد" أبو سنينة.

"أبو خالد" الرجل المقدسي الستيني، الذي وُلد في الأقصى وسكن جواره، وسرى حبُّه في روحه وروح أولاده الاثني عشر، لا يمكن أن يترك هذا المكان، رغم أن التكنولوجيا حاربتْه، وحرمتْه من ممارسة هوايته في التصوير، وهي ليست هواية فقط وإنما مهنته التي يعيل منها نفسه وأسرته.

ذكريات جميلة

آلة التصوير التي يحملها "أبو خالد" هي للتصوير الفوري، تترك ذكرياتٍ جميلة في نفوس أصحابها، يصوّرها خلال دقائق مقابل مبلغ بسيط جداً، فتخرج الصورة مع القبة الذهبية "قبة الصخرة المشرفة"، إلا أن الناس أصبحوا يصوّرون نفسَهم بنفسهِم، وبالتالي لن يقوم "أبو خالد" بمهمّته وعمله وحبه للتصوير.

راقبناه من بعيد، ورأينا ما في نفسه من ألم كلما مرّ أحدهم وصور نفسه بـ"عصا السيلفي" أو بهاتفه الشخصي، ويفرح كثيراً إن طلب أحد منه أن يصوّره سواء وحده أو مع عائلته، فتجد الابتسامة قد رُسمت على وجهه، وهم يقتربون منه لأخذ الصورة ويبدأون بالضحك على أنفسهم، أحدهم يبكي، والآخر مُغمض العينين، وآخر يهرب من الصورة في آخر لحظة فيظهر نصف جسده.

يقول "أبو خالد" لـ"قدس برس": "أحب عملي كثيراً، لكن في هذا الوقت لا يوجد عمل؛ ففي السنوات الأخيرة، اجتاحت التكنولوجيا العصر، وأصبح كل شخص يحمل كاميرا رقمية خاصة به يصوّر بها عائلته وكل ما يريده، ثم اجتاحت الهواتف الذكية الأسواق ليستطيع المرء تصوير نفسه بنفسه".

ويضيف أن لا أحد يطلب منه التقاط صورة فوتوغرافية فورية إلا قلة من الناس، مع أنها تترك ذكريات عميقة، وقال في معرض دفاعه عن مهنته إن "صورة الهاتف قد تُحذف بالخطأ، أو قد يصيب الهاتف نفسه فايروس يحرمك أجمل الذكريات التي التقطتها طيلة أعوام، أما الصورة الفوتوغرافية فهي بين يديك دائماً، وستبقى عندك في صندوقك مدى العمر".

«الأقصى حياتي»

وفي رده على سؤال "قدس برس" حول تغيير مكانه من الأقصى لمكان آخر علّه يجد من يقدّر صورته المميزة؛ قال: "لا يمكنني أن أترك الأقصى وأعمل في مكان آخر، فالأقصى حياتي، والحمد لله أنا لا أطلب المال، فالرزق على الله".

وأثناء إجراء المقابلة، طلبت سيدة ومعها أطفالها من العم "أبو خالد" أن يصورها، فطلب منهم التقدم الواحد تلو الآخر، وبتوجيهات منه، كي يلتقط الصورة التي يراها مناسبة، وبعد الانتهاء أخذوا صورهم، وارتسمت على وجوههم ابتسامة أسعدت قلب "أبو خالد".

وعندما سألنا والدتهم لمَ لمْ تصوري أبناءك بنفسك بهاتفك؟ قالت: جميعنا نحمل هواتف ذكية إلا أن الصورة الفوتوغرافية تسعدني أكثر وستبقى ذكرى للأطفال حتى يكبروا، خاصة أننا لا نأتي يومياً؛ فنحن من طمرة (من الأراضي المحتلة عام 1948).

"أبو خالد" أبو سنينة سيبقى رمزاً من رموز الأقصى، فأحبَّهُ الأقصى قبل أن يحبّه الناس والحرّاس والزوار، ورغم أن التكنولوجيا ظلمتْه إلا أنه يصرّ دائماً على التواجد رغم قلة عمله، فهو يشعر بالراحة في تواجده في هذا المكان "الطاهر" على حد وصفه.

وبحسب تقديرات فإن "أبوخالد" هو آخر من تبقى من هؤلاء الذين مارسوا لنحو ثلاثة عقود من الزمن، مهنة التصوير الفوري في الأماكن السياحية، تلك المهنة التي سادت ثم بادت بعد تطور وسائل التصوير وحفظ الصور.

المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام